أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: سيعيش المغاربة والأسبان، الإثنين، أحد أصعب الأيام في حياة شعبي البلدين، إذ من المنتظر أن تواجه الزيارة المرتقبة للملك خوان كارلوس إلى جيبي سبتة ومليلية، حركات احتجاجية واسعة، أبرزها تلك التي ستنفذ أمام السفارة الإسبانية في الرباط، حيث سيعتصم نواب مغاربة، فيما عاد سفير المغرب، أمس السبت، إلى بلاده قصد التشاور، بقرار من الملك محمد السادس.
ويتوقع أن تأخذ هذه الأزمة منحى تصاعديًا، إذ سيعرف، اليوم نفسه، عقد رؤساء الفرق ورؤساء اللجان بمجلس المستشارين اجتماعًا طارئًا لتدارس خلفيات هذه الزيارة، فيما سيعقد مجلس النواب أيضًا جلسة عمومية حول موضوع الزيارة ستتميز بتدخل الوزير الأول ورؤساء الفرق النيابية وممثلي الهيئات السياسية الممثلة بالمجلس.
وتأتي هذه الزيارة، التي تعد الأولى من نوعها، مع استعداد المغاربة لاحتفال بذكرى المسيرة الخضراء التي استرجع من خلالها المغرب سيادته على أقاليمه الصحراوية، ودفع الإسبان إلى التفاوض والانسحاب من هذه الأراضي.
وفيما قلل مسؤولون ووسائل إعلام إسبانية من أهمية الأزمة القائمة واعتبروا بأن الأمر لا يقتضي استدعاء سفيرهم بالرباط، أعربت لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية بمجلس النواب المغربي، في بلاغ لها عن تنديدها ورفضها الشديد للزيارة، محذرة من quot;مغبة الانعكاسات السلبية التي قد تترتب عن هذه الزيارة المستفزة للسيادة ولمشاعر الشعب المغربي والهادفة إلى تطبيع الاحتلال، وما قد تلحقه من أضرار جسيمة بالمصالح المشتركة والمناخ الإيجابي الذي ميز العلاقات المغربية -الإسبانية خلال السنوات القليلة الماضية في أبعادها المتنوعة وامتداداتها الأورومتوسطيةquot;.
ودعا أعضاء اللجنة الحكومة والبرلمان إلى quot;اتخاذ كل الإجراءات والمبادرات اللازمة لمواجهة الموقف بما يعكس تذمر الشعب المغربي من هذه الزيارة المؤسفة وغير الملائمة، التي تستفز عمق وجدان الشعب المغربي المتمسك بوحدة ترابه الوطنيquot;.
وتنوي منظمات غير حكومية تنظيم تظاهرات احتجاج في الجانب المغربي، في حين ذكرت احدى المنظمات أن السلطات الإسبانية بدأت، أمس السبت، بالحد من حركة السير بين المغرب ومدينتي سبتة ومليلية.
وأكد الطيب الفاسي الفهري، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، أن الزيارة quot;لن تؤثر مطلقًا على مطالبة الرباط بهاتين المدينتين، مهما كانت الظروف والمحاولات الأحادية للتعامي عن حقائق الجغرافيا والتاريخ والمشروعيةquot;.
وقال الفاسي الفهري، في اجتماع عقدته الجمعة الماضية لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية بمجلس النواب، إن quot;هذه الزيارة مرفوضة إطلاقًا وتستفز مشاعر الشعب المغربي قاطبة ولا تتماشى مع روح quot;معاهدة الصداقة والتعاون وحسن الجوارquot; المبرمة بين البلدين سنة 1991quot;.
وسجل وزير الخارجية، خلال هذا الاجتماع، أن quot;استمرار مشكل المدينتين السليبتين يشكل حالة شاذة وغير مقبولة، باعتباره من مخلفات الماضي الكولونياليquot;، مبرزًا أن المغرب حرص quot;في التعاطي مع هذا الخلاف بطرق سلمية تعتمد على الحوار والتفاهم، وتأخذ بعين الاعتبار الحقوق السيادية للمغرب والمصالح المشتركة مع إسبانيا، في إطار من التعاون وحسن الجوارquot;.
ولم يصدر عن الخارجية الإسبانية أي رد فعل، واكتفت بالإشارة إلى أنها لن تتخذ إجراء مماثلاً ردًا على استدعاء المغرب سفيره.
وقالت صحيفة quot;البايسquot; إن رد فعل الرباط فاجأ مدريد خاصة مع وجود وزير الخارجية الاسباني ميغيل أنخيل موراتينوس في المغرب في زيارة شبه خاصة.
وكتبت صحيفة quot;الموندوquot; اليمينية، في افتتاحيتها، quot;أن الحديث عن مدن سليبة، كما قالت الحكومة المغربية، كذب، فالمدينتان إسبانيتان منذ القرنين 15 و16 قبل عدة قرون من وجود (مملكة) المغربquot;.

ثاباتيرو يؤكد أن العلاقات مع المغرب ستظل quot;جيدة جدًاquot;
من جهة ثانية، أعلن رئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس رودريغيس ثاباتيرو في حديث نشرته الاحد صحيفة quot;بوبليكوquot; الاسبانية ان علاقات اسبانيا مع المغرب quot;جيدة جدًا وستظل جيدة جدًاquot;.
وأوضح انه لن يدلي quot;بأي تعليق حول رد فعلquot; الرباط على إعلان قيام العاهل الاسباني خوان كارلوس والملكة صوفيا بزيارة لسبتة ومليلية الاثنين والثلاثاء.
وتطالب اسبانيا بهاتين المدينتين في شمال المغرب.
وقالت الحكومة المغربية الجمعة انها استدعت سفيرها في مدريد احتجاجًا على هذه الزيارة quot;المؤسفةquot; لمدينتين quot;محتلتينquot; في شمال المغرب.
وشدد ثاباتيرو على أن quot;الملك والملكة سيتوجهان (الى المدينتين) وسيؤكدان لسكان سبتة ومليلية حرصهما عليهماquot;.
وتضاف تصريحات رئيس الوزراء الى مواقف وزارية وتعليقات صحافية في اسبانيا قللت من اهمية الازمة مع الرباط.
من جهته، قال وزير الدولة الاسباني للامن انطونيو كاماشو في حديث نشرته الاحد صحيفة quot;اي بي سيquot; الاسبانية ان الاجراءات الامنية التي تواكب رحلات الملوك quot;صارمة جدًا وليس ضروريًاquot; تبديلها.
وجاء موقفه ردًا على سؤال عما اذا كانت التهديدات التي اطلقها الرجل الثاني في القاعدة ايمن الظواهري، مطالبًا المسلمين في المغرب بإعلان quot;الجهادquot; على مصالح الولايات المتحدة وفرنسا واسبانيا في دول شمال افريقيا، ستدفع مدريد الى تعزيز الاجراءات الامنية في سبتة ومليلية خلال زيارة الملكين.
وذكرت صحيفة quot;ال باييسquot; على موقعها الالكتروني ان 700 عنصر اضافي في قوى الامن الاسبانية تم ارسالهم الى سبتة ومليلية لمناسبة زيارة العاهل الاسباني.