سعود الفيصل حمل مشروعًا عربيًا
إيران والمبادرة السعودية لتخصيب اليورانيوم

موفاز: كل الخيارات مطروحة لوقف البرنامج الإيراني
يوسف عزيزي من طهران: كشف وزير الخارجية السعودي يوم الخميس 1/ 11 في مقابلة مع صحيفة quot; ميدل ايست ايكونوميست دايجستquot; البريطانية عن مشروع خليجي وعربي لإنشاء كنسرتيوم لتزويد إيران باليورانيوم المخصب. وفي اليوم نفسه، نقلت وكالة رويترز عن الامير سعود الفيصل quot;أن دولاً خليجية وعربية مستعدة لإنشاء كيان لتزويد إيران باليورانيوم المخصب، لنزع فتيل المواجهة بين طهران والغرب حول البرنامج النوويquot;.

ويبدو أن المشروع الذي طرحه وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل يمثل وجهة نظر الدول الخليجية وبعض الدول العربية لإيجاد مؤسسة او كنسرتيوم لإنتاج اليورانيوم المخصب لتزويد إيران ودول أخرى بها، بما يضمن عدم استخدام هذا اليورانيوم في صناعة الأسلحة الذرية. وسيضم الكنسرتيوم، إيران بالتأكيد وسيتخذ دولة محايدة كسويسرا مقرًا لعملية التخصيب، وفقًا لما قاله سعود الفيصل.

وأما نظرة الجهات المعنية بالمشروع هي كالتالي: اولاً، رحبت الاوساط الاعلامية والسياسية الغربية بالمشروع، وكان التقييم الاول للدول المعروفة بـ 5+1 ايجابيًا. غير أن روسيا التي سبق وأن قدمت مشروعًا لتخصيب اليورانيوم الايراني على أراضيها ( بنسبة 55% روسيا و 45% إيران) وقوبل برفض ايراني، أعلنت عن معارضتها للمشروع العربي حيث أكد رئيس الوكالة الروسية للطاقة الذرية سرجئي كرينكف مساء الجمعة 2/11 : أن مثل هذه المراكز المتعلقة بتخصيب اليورانيوم يجب أن تكون في الدول التي تملك التقنية الكاملة لتخصيب اليورانيوم كي لا تنتشر هذه التقنية على المستوى العالمي.

ووفقًا لما قاله وزير الخارجية السعودي أن الولايات المتحدة الأميركية لن تعارض المشروع، خاصة وأنه ينقل التخصيب من إيران إلى دولة محايدة، حيث نعلم أن واشنطن وحلفاءها الغربيين كانوا من أشد المعارضين للمشروع الايراني القاضي بتخصيب اليورانيوم بشراكة دولية على الأراضي الإيرانية.

لكن كيف واجهت إيران هذا المشروع العربي؟ فمن المعروف عن الاصلاحيين و المعارضة الداخلية بأنها توافق مع أي مشروع ينقذ ايران من فرض أي عقوبات اخرى او ضربات عسكرية محتملة حيث شاهدنا ذلك بموافقتهم حتى على المشروع الروسي، على الرغم من تشكيكهم بصدق نوايا روسيا. لكن هؤلاء ليسوا هم الذين يتخذون القرار النهائي وحتى قبل النهائي. بل الذي يقرر هو المجلس الأعلى للأمن القومي الذي يجب ان يصادق على قراراته المرشد الاعلى للثورة الايرانية.

وقد تباينت آراء المحافظين المهيمنين على السلطة بالمشروع الذي قدمه سعود الفيصل حيث وصفه عضو لجنة الامن و السياسة الخارجية في البرلمان الايراني كاظم جلالي بالغامض وأنه ينتهك حق الدوول الموقعة على معاهدة الحد من انتشار الاسلحة النووية لامتلاك عملية تخصيب اليورانيوم.

كما قال رئيس هذه اللجنة علاء الدين بروجردي، إن المشروع غير قابل للتطبيق وطالب العربية السعودية التي لا تملك تقنية تخصيب اليورانيوم بألا تفرض اي تكليف على الاخرين، مؤكدًا ان ايران يجب ان تكون مقرًا لهذا الكيان، لأنها تملك تقنية التخصيب.

لكن اعنف هجوم على المشروع العربي كان من قبل رئيس تحرير صحيفة كيهان المتشددة حسين شريعتمداري حيث وصفه في مقالها الافتتاحي ليوم 4/ 11 و المعنون quot; خدمة متملقة ساذجةquot; وصف المشروع quot; بأنه ليس يوفر ما تريده أميركا في الملف النووي الايراني فحسب، بل يتجاوزها ببضعة خطوات اخرى في مسايرته للمطالب غيرالقانونية والبلطجية للولايات المتحدة الأميركية وحلفائهاquot;.ويظهر من الهجوم الشرس لصحيفة كيهان القريبة لمطبخ صنع القرار وما سمعناه من رموز المحافظين، أن الحكومة الايرانية، وعلى الرغم من اعلانها بدراسة المشروع سترفضه او بالاحرى ستقبله بشروط اهمها ان يتم التخصيب على اراضيها.الى ذلك صرح أمين المجلس الأعلي للأمن القومي السابق علي لاريجاني في أول مقابلة صحفية بعد استقالته من منصبه، بأنه لا يرغب في التحدث حاليًا عن أسباب استقالته، قائلاً: لکنني أخذت بالاعتبار أن أفسح المجال للرئيس أحمدي نجاد وأعتبر أن ذلك يصب في مصلحة البلاد.

وأضاف لاريجاني في مقابلة مع صحيفة همشهري يوم امس السبت، ردًا علي سؤال عن سبب تقديمه استقالته في الظروف الحساسة الراهنة quot;إن تسهيل الإدارة من شأنه أن يشکل في بعض الأحيان جانبًا من القرارquot;. وکان لاريجاني قد قدم استقالته من منصب أمين المجلس الأعلي للأمن القومي حيث حل سعيد جليلي محله، والذي کان يشغل منصب نائب وزير الخارجية للشؤون الأوروبية والأميركية.

وحول تقييمه للمحادثات التي أجريت مؤخرًَا مع منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا وبعض المسؤولين الأوروبيين قال لاريجاني: لقد اتفقنا قبل لقاء سولانا في لشبونه على متابعة إطار عمل لتسوية القضية مع الوکالة الدولية للطاقة الذرية، وأن يقوم الجانب الآخر بالتمهيد للمحادثات. وتابع: أجرينا بعد ذلك جولتين من المحادثات مع محمد البرادعي، وتم وضع إطار عمل کانت له نتائج إيجابية. وحول المحاولات الأميركية لاستصدار مجلس الأمن الدولي قرارًا ثالثًا ضد إيران، قال لاريجاني الذي يمثل مرشد الثورة في المجلس الأعلى للأمن القومي: إنه بغض النظر عن الممارسات الشريرة الأميرکية التي تمثلت باتخاذها اجراءات أحادية الجانب تصرفت دول أخرى مثل روسيا والصين وألمانيا بعقلانية، وهذا يظهر أن مبادرة إيران لتسوية القضية کانت منطقية.

وردًا على سؤال حول الإفراج عن الدبلوماسيين الإيرانيين المحتجزين في العراق أشار لاريجاني إلى أن مندوب الحکومة السويسرية زار إيران لعدة مرات، حيث أجرينا معه محادثات کانت الأخيرة في العاصمة الايطالية روما، وکان من المقرر أن يتم الإفراج عنهم حتي بشکل أسرع، إلا أن الأميرکيين قاموا بتأجيل الموضوع، معتبرًا أن هذا الإجراء الأميرکي غير کاف، وهناك أشخاص آخرون يجب إطلاق سراحهم.

وحول الاقتراح الذي قدمتها إيران في مؤتمر دول الجوار العراقي أعرب لاريجاني عن أسفه لأن المشروع الإيراني لم يحظ بالاهتمام الکافي في حين کان من شأنه أن يشکل مخرجًا للقضية العراقية.