الرئيس الباكستاني يضع الترسانة النووية تحت اشرافه
إسلام أباد، وكالات: تفيد الأنباء الواردة من باكستان بأن الرئيس برفيز مشرف رفع حالة الطوارئ المفروضة في البلاد منذ شهر نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي. وتأتي هذه الخطوة قبل ثلاثة أسابيع من الإنتخابات العامة التي ستجري في الثامن من شهر يناير/ كانون ثاني المقبل. ويتوقع العديد من المراقبين أن تأتي هذه الانتخابات بحكومة معادية لمشرف إذا جرت بشكل حر وديمقراطي.

وياتي قرار مشرف بعد يوم من إصداره قرارا آخر بوضع الترسانة النووية الباكستانية تحت اشراف الرئيس بدلا من رئيس الوزراء وسط مخاوف من وقوع السلاح النووي الباكستاني في يد قوى إسلامية متطرفة. ويجب ان يصادق البرلمان على هذا القرار خلال الاشهر الستة المقبلة لكي يدخل حيز التنفيذ. ويقول الجيش الباكستاني ان الاجراءات الامنية للحفاظ على سلامة الاسلحة النووية هي في منتهى الصرامة.

وبموجب القرار الذي اصدره مشرف يتولى الرئيس السيطرة على هيئة القيادة الوطنية وهي الجهة المسؤولة عن السيطرة على الاسلحة النووية. من جانبه اعلن الناطق باسم الجيش الباكستاني الجنرال وحيد ارشاد ان هناك اجماعا بين كافة القوى السياسية في البلاد على تولى هيئة القيادة الوطنية الاشراف على الاسلحة النووية. واضاف ارشاد انه يتعين وضع اساس قانوني لتشكيل هذه الهيئة قبل اجراء الانتخابات العامة المقبلة. واشار الى ان البلاد تمر بمرحلة انتقالية وتتهيأ للعودة الى الحياة الديمقراطية ويتعين الانتهاء من جميع القضايا المعلقة.

واصبح امن الاسلحة النووية الباكستانية مبعث قلق لدى المجتمع الدولي خلال الاشهر الاخيرة بعد بروز الجماعات المسلحة الموالية لحركة طالبان. وكان الرئيس برفيز مشرف قد شكل هيئة القيادة الوطنية عام 2000 بعد عامين من قيام باكستان بعدد من التجارب النووية للتأكيد على دخولها كأول بلد اسلامي الى نادي الدول التي تمتلك اسلحة نووية.

وقوبلت التدابير بانتقادات داخلية ودولية وأثارت الشكوك حول مصداقية الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في يناير/كانون الأول المقبل. وصرح قيوم، في حديث لوكالة الأسوشيتد برس، أن مشرف، الذي أقر بانتهاكه الدستور في وقت سابقquot; سيرفع حالة الطوارئ ويعيد العمل بالدستور والحقوق الأساسية.quot; ويقول المنتقدون إن الخطوة لن تؤدي لاختلاف كبير بالنسبة للمعارضة التي تشكو من أن الرئيس يظل باستطاعته أن يدبر فوز حلفائه في الانتخابات.

ومن جانب آخر، يقول معارضون ومحللون سياسيون إنه مع بقاء أسابيع فقط أمام انتخابات الثامن من يناير/ كانون الثاني فان القيود على الإعلام والقضاء تصب في مصلحة مشرف وحكومته المؤقتة. وكانت دول الكومنولث قد قامت الشهر الفائت بتعليق عضوية باكستان في الرابطة، وقال الأمين العام للمنظمة دون ماك كينون بعد اجتماع عقد في أوغندا على هامش قمة المنظمة إن الدول الـ53 الأعضاء توافقت على هذا القرار quot;بانتظار قيام باكستان بإعادة إرساء الديمقراطية والاحتكام إلى حكم القانونquot;.

ومن المقرر أن تجرى انتخابات عامة في باكستان في الثامن من شهر يناير/كانون الثاني المقبل ويرى العديد من المراقبين أنه يتوقع أن تصل حكومة معادية لمشرف إلى الحكم فيما إذا جرت بشكل حر وديمقراطي. وتأتي تصريحات قيوم عقب رفض وزير الإعلام الباكستاني مزاعم محاولات حكومة إسلام أباد إسكات الإعلام قبيل الانتخابات المقبلة.

وكانت نقاب اتحاد الصحفيين في باكستان قد اتهمت الحكومة الأربعاء بمحاولة quot;إسكات الإعلام الحرquot; وذلك عبر تقييد قنوات التلفزة وحظر مناقشة الأزمة السياسية. ويشار أن حكومة إسلام أباد أعلنت الأسبوع الماضي أن مشرف سيقرر إلغاء حالة الطوارئ المفروضة في البلاد منذ أوائل نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، اعتباراً من منتصف الشهر الجاري، فيما تواصل أحزاب المعارضة التنسيق فيما بينها لخوض الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في الثامن من يناير/ كانون الثاني المقبل.

وأعلن المدعي العام الباكستاني، مالك محمد قيوم، أن الرئيس مشرف قرر إلغاء حالة الطوارئ وإعادة العمل بالدستور المعلق، في يوم 15 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، أي قبل يوم واحد من الموعد الذي حدده مشرف في وقت سابق من الأسبوع الماضي، دون ذكر سبب التعديل. وأضاف في تصريحات صحفية، قوله إنه quot;في 15 ديسمبر/ كانون الأول، سيتم الإعلان عن أمر رئاسي جديد يرتكز على ثلاث تغيرات رئيسية في الدستور، تشمل رفع حالة الطوارئ، وإلغاء النظام الدستوري المؤقت، وإعادة الدستور كاملاً.quot;

وشدد قيوم على أن عودة قضاة المحكمة العليا، الذين قرر مشرف عزلهم، إلى مناصبهم مرة أخرى quot;أمراً مستحيلاً، قائلاً إنهم quot;لن يعودوا قضاة، وعودتهم غير قابلة للتفكير ومستحيلةquot;، وأضاف أن القضاة الجدد سيؤدون القسم بعد استعادة العمل بالدستور. كما أكد على أن جميع الإجراءات التي اتخذت خلال فترة حالة الطوارئ، أعطيت quot;حماية دستورية كاملةquot;، بواسطة حكم المحكمة الكبرى، مشيراً إلى أن تلك الأحكام quot;لا يمكن أن تتغير، أو يعترض عليها من قبل أي شخص.quot;

يأتي الإعلان عن تقديم موعد إلغاء حالة الطوارئ، في وقت أشارت فيه تقارير إعلامية في العاصمة الباكستانية، إلى أن أحزاب المعارضة فشلت حتى الآن، في التوصل إلى اتفاق يحدد مطالبها كشرط للمشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة.