حياة الزرقاوي... ما بين عصابات الجنس والجهاد (3-3)
كان كاتبًا سيئًا وبن لادن كرهه منذ اللقاء الأول


الظواهري ينعي الزرقاوي

زيد بنيامين-ايلاف : ترك الزرقاوي والمقدسي أفغانستان في عام 1993 وعادا إلى الأردن، ووجدا أن الأردن قد تغيرت كثيرًا حيث بدأت المفاوضات الأردنية الإسرائيلية، وقد أدى ذلك إلى توقيع إتفاقية سلام عام 1994 كما وقع الفلسطينيون إتفاقية اوسلو في 1993 كما خسر العراقيون الحرب وخرج الأردنيون والفلسطينيون واليمنيون من دول الخليج ومعدلات البطالة في أعلى مستوياتها وضع العديد من تلك البلدان تحت شروط البنك الدولي والديون وكان الأردنيون غاضبين.


بعد أن عاد الرجلان إلى الأردن، قام المقدسي بزيارة العديد من مدن المملكة، محاولاً نشر فكره وتجييش بعض الشباب في جماعة فكر في تأسيسها وهناك نصحه الزرقاوي بالإعتماد على أبي منتصر الذي يقول عن تلك اللحظات ولقائه بالزرقاوي: quot;تحدثنا كثيرًا على مدى يومين، كان يريد أن يتعلم ولديه طموحات كبيرة، كان كأحد طلابي حيث كنت أدرّس الجغرافية في تلك الأيام في إحدى مدارس الدولة لذلك كان من السهل علي أن أدرس الإسلام أيضًا، بعد فترة قصيرة طلب الزرقاوي العمل معه في إحدى الجماعات الإسلامية وكان المقدسي قد تولى قيادتها على ما يبدو منذ فترة، الفكرة كانت موجودة من دون قيادة رسمية ولا اسم رسمي، في أول مرة أطلقنا عليها اسم quot;التوحيدquot; ثم غيرنا الاسم إلى quot;بيت الإمامquot;، كان عددنا قليل حوالى 12 شخص وكان هدفنا الرئيس إزاحة الحكم القائم وإقامة دولة إسلاميةquot;.

أول عملية لهذه الجماعة تمت في الزرقاء في عام 1993 وقام فيها الزرقاوي بمحاولة إستهداف أحد دور السينما في المدينة لأنها كانت تقدم أفلامًا إباحية، ولكن أثناء دخول الشخص الذي كلف بالمهمة إستمتع بمشاهدة الفيلم إلى الحد الذي نسى فيه أنه وضع القنبلة تحت الكرسي الذي جلس عليه وانفجرت تلك القنبلة تحت قدميه.

عملية أخرى (في ملفات المحاكمة) أعطى فيها المقدسي تلميذه الزرقاوي قنابل خبأها الأخير في بيته حيث كان المقدسي مراقبًا من قبل المخابرات الأردنية بسبب تعاظم شعبيته وتم إكتشاف القنابل وألقي القبض على الزرقاوي والمقدسي وعدد من أعضاء مجموعتهم وليحاكموا أمام محكمة الدولة الأمنية.

وتم الحكم على الزرقاوي بالسجن لمدة 15 عامًا وتم نقل الزرقاوي إلى سجن السواقة. كان يهتم بمظهره كثيرًا في السجن، بلحيته الطويلة ويرتدي الزي الأفغاني وكان الكثير من السجناء يعجبون به وسرعان ما رتب الأمور كي يحكم السجن من الداخل كقائد عصابة.

يقول عبد الله عبد الرحمن أحد الصحافيين الذين كانوا في السجن أيام الزرقاوي، quot;كان هو العضلات ومثل المقدسي العقل الذي يتحكم بهاquot;. ويضيف: quot;كان الزرقاوي يتحكم بكل ما يدور في السجن وكان هو من يقرر من سيطبخ اليوم ومن سيقوم بواجب كوي الملابس ومن سيقوم بتلاوة القرآن وكانت لديه حماية كبيرة وكان عنيفًا مع السجناء اللذين لا ينتمون إلى مجموعته ولم يكن يثق بهم وكان يعتبرهم كفرةquot;.

كان الزرقاوي كثيرًا ما يقود هجمات على حراس السجن ومسؤوليه ويقول عبد الرحمن: quot;حينما دخلت إلى السجن كان الزرقاوي في الحبس الإنفرادي وحينما تم الإفراج عنه إستقبله جنوده كمنتصر والكثيرون كانوا يصرخون الله أكبر، كان يسمى بالأمير وكانت سيطرته على الكل واضحة، كان لا يحتاج إلى الكلام , كانوا يفهمون أوامره من نظرة عينquot;.

الخلاف بين المقدسي والزرقاوي...


تقرأ خبر مقتل الزرقاوي في الصحيفة
كانت جماعة الزرقاوي والمقدسي تكبر وتنتشر في الزرقاء واربد والسلط حيث إستخدم الزرقاوي البدو لنشر الجماعة عبر الإعتماد على عشيرة بني حسن واحدة من أهم العشائر العربية في الشرق الأوسط .

كان الزرقاوي يكسب أعضاءً جدد لمجموعته بينما يقوم المقدسي بوعظهم، وعبر الإنترنت في مرحلة لاحقة بدأوا في نشر رسائلهم في القارات الثلاثة آسيا وأفريقيا وحتى أوروبا، وهنا ظهر الشيخ أبو قتادة في الصورة أحد أصدقاء المقدسي الأوفياء، حيث كان الرجلان يعيشان في الكويت ثم الزرقاء ثم أفغانستان، أبو قتادة ترك أفغانستان واستقر في لندن حيث تم القبض عليه في وقت سابق ولا يزال، ومن المحتمل نقله إلى الأردن.

كانت الرسائل تنقل إلى خارج السجن عبر أمهات السجناء وزوجاتهم، بمساعدة حماية السجن ويتم إرسال تلك الرسائل إلى أبي قتادة الذي ينشرهم على الإنترنت في مواقع السلفية والجهادية على مستوى أوروبا والشرق الأوسط والخليج.

بدأت أفكار الزرقاوي الدينية تنتشر وبدأت تتعارض مع المقدسي في مراحل معينة وبدأ الزرقاوي يحاصر معلمه في السجن وهو ما تم فيما بعد حتى إنفصل الرجلان نهائيًا في عام 2005 حينما بثت الجزيرة صورة للمقدسي وهو ينتقد الزرقاوي بعد أن إستهدف الأخير الفنادق في العاصمة الأردنية عمان.

كان أبو منتصر هو من يكتب توجيهات الزرقاوي الدينية لأن الزرقاوي كان، حسب ما وصفه أبو منتصر، كاتبًا مزريًا، كما أخبره الخلايلة نفسه ولم يكن يفهم القرآن جيدًا، كان قد تعلم ما تعلمه على طريقة الكتاب، ولم يتعلم الزرقاوي كتابة فتوى ولذلك شكل لجنة للفتاوي فيما بعد في العراق.

في عام 1998 تم نشرثلاثة أو أربعة مواضيع كتبها الزرقاوي على الإنترنت، لاحظها أسامة بن لادن في أفغانستان، وهنا كانت المرة الأولى التي سمع بها بن لادن... عن الزرقاوي!

في أيار (مايو) 1999 تولى الملك عبد الله الثاني مقاليد الحكم في الأردن إثر وفاة والده الملك حسين وأعلن العفو العام ليخرج الزرقاوي إلى النور، رغم أن أسوار السجن لم توقف تعاليمه عن الخروج إلى العلن.

عاد الزرقاوي إلى الزرقاء، وبعد ذلك بأشهر سافر إلى باكستان حيث عرف أن الأردن ستعيد القبض عليه للإشتباه في ضلوعه في عدد من العمليات المسلحة في ليلة رأس السنة 1999 والتي عرف عنها quot;بخطة الألفيةquot;.

وصل الزرقاوي إلى باكستان حاملاً رسالة من أبي قتيبة الأردني وهو واحد من أهم القادة الأردنيين أيام الجهاد حيث كان يرسل المقاتلين إلى عبد الله عزام وعمل لسنوات في بيشاور في مكتب الخدمات وكان واحدًا من أهم المزودين بالمقاتلين على مستوى أفغانستان.

كره بن لادن الوشم على ذراع الزرقاوي...

الزرقاوي وعصابات الجنس والجهاد 2-3
تدرب على يد أبي حذيفة المصري وصادق الأثرياء

حياة الزرقاوي... ما بين عصابات الجنس والجهاد (1-3)
كيف عاد اعنف زعيم للقاعدة..الى الاسلام

كانت تلك الرسالة الأولى من نوعها التي يحملها الزرقاوي لمسؤول كبير مما يعني تعاظم أهميته، وكانت الرسالة موجهة إلى أسامة بن لادن قائد القاعدة في العالم. في كانون الأول (ديسمبر) 1999 عبر الزرقاوي حدود أفغانستان، وسلم الرسالة بعد شهر من هذا التاريخ إلى بن لادن في دار الضيافة الحكومة في جنوب مدينة قندهار، التي تعود إليها جذور حركة طالبان وعاصمة الحركة الروحية.

يقول مصدر مخابراتي إسرائيلي نقلاً عن شهود من هذا اللقاء، إن بن لادن كره الزرقاوي منذ أول لقاء بينهما وكان يعتقد أن الزرقاوي ما هو إلا جاسوس من المخابرات الأردنية إستعملته تلك المخابرات للإبلاغ عن هجمات الألفية ومن ثم أرسلته إلى أفغانستان وهو ما حدث في وقت سابق مع خلية جهادية أردنية في أفغانستان.

كره بن لادن الرسوم الخضراء quot;التاتوquot; التي حملتها ذراع الزرقاوي وهو ما إعتبره غير إسلامي، وأحس بخطر طموح الزرقاوي حيث كان يكره الشيعة بشكل غير مسبوق، بينما كان بن لادن لا يعتبر أن معركته مع الشيعة أصلاً (والدة بن لادن كانت شيعية وكانت قريبة منه). لكن كان هناك شخص آخر قد حضر ذلك الإجتماع، وكان لتأثيره لدى بن لادن أكبر الأثر في تغير مجرى التاريخ بالنسبة إلى الزقاوي، والشخص هو سيف العدل وهو كولونيل في الجيش المصري وتدرب في القوات الخاصة، وكان مسؤولاً عن الأمور الأمنية في القاعدة، وكان الصوت الداعي بقوة إلى ضرب quot;العدو القريبquot; المتمثل في الأنظمة العربية (غير المسلمة بحق) وهو خط الزرقاوي نفسهحيث كان هدفه الأول رغم كل ما فعله في أفغانستان والعراق، هو ضرب الملك الأردني قبل كل شيء قبل أن يمدد نظره إلى الأنظمة المحيطة به، بما أسماه quot;الشامquot; وفي المنطقة التي تضم إلى جانب الأردن كل من سوريا ولبنان وفلسطين، بينما كان سيف العدل يحاول قلب نظام الحكم في مصر ولذلك وجد كلاهما تطابقًا في نوع ما بين وجهات نظرهما، وقد تقرر منح الزرقاوي 5 آلاف دولار لكي يبدأ معسكره الخاص في غرب أفغانسان وبالأخص في حيرات قرب الحدود الإيرانية حيث يكون أبعد ما يمكن عن بن لادن.