إضافة السامرائي مستشار طالباني إلى متهمين جدد بالقضية
الأنفال: الإعدام لثلاثة والمؤبد لإثنين والبراءة للسادس

متهمو الأنفال بين الإعدام والمؤبد والبراءة

المحكمة العراقية تتجه لإعدام ثلاثة من متهمي الأنفال

أسامة مهدي من لندن: أصدرت المحكمة الجنائية العراقية أحكامًا بإعدام ثلاثة متهمين والسجن المؤبد لاثنين من كبار العسكريين العراقيين السابقين بتهم جرائم حرب ضد الإنسانية وإبادة جماعية، وتبرئة السادس لعدم كفاية الأدلة في قضية الأنفال المتهمين فيها بإرتكاب جرائم ضد المواطنين الأكراد في شمال العراق خلال عمليات الانفال عامي 1987 و1988، بينما علق المحكومون بالإعدام ضد الأحكام الصادرة ضدهم .. في وقت أعلن القاضي أن هناك 423 متهمًا آخر ستتم محاكمتهم في القضية نفسها تبدأ بوفيق السامرائي نائب رئيس الإستخبارات السابق والمستشار الامني الحالي للرئيس العراقي جلال طالباني.

وفي جلستها الحادية والستين اليوم الأحد، حكمت المحكمة بالإعدام شنقًا حتى الموت على المتهمين علي حسن المجيد وسلطان هاشم احمد وحسين رشيد التكريتي حيث يقضي قانون المحكمة تنفيذها خلال شهر واحد .. كذلك السجن المؤبد على صابر عبد العزيز الدوري وفرحان مطلك الجبوري وتبرئة المتهم السادس طاهر توفيق العاني واطلاق سراحه.

وأعلن رئيس المحكمة محمد الخليفة العريبي أن محاكمة الانفال ستتابع قريبًا حيث أن هناك 423 متهمًا آخر في القضية يبدأون بالفريق وفيق السامرائي معاون رئيس الاستخبارات العسكرية السابق والمستشار الامني للرئيس العراقي جلال طالباني حاليًا. وأشار إلى أن تعويضات مادية ستقدم الى عائلات الضحايا اضافة الى دفن المغدورين على الطريقة الاسلامية للذين عثر على جثثهم في مقابر جماعية.

وقد تلا الخليفة على المتهمين الاحكام الصادرة بحقهم والتهم التي ثبت عليهم ارتكابها وعلى الشكل التالي:

علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي عضو مجلس قيادة الثورة ومسؤول المنطقة الشمالية: الحكم بالاعدام شنقًا حتى الموت ثلاث مرات بتهمة اصدار اوامر تنفيذًا لسياسات حزب البعث إلى الفيالق 1 و 3 و5 بنتفيذ عمليات عسكرية شاملة ومنهجية ومنظمة بمختلف الاسلحة ومنها الكيمياوية بالطائرات والمدفعية والراجمات، مما نتج عنه هلاك آلاف الأكراد واحتجاز آلاف اخرين مات الكثير منهم، مع اختفاء آلاف اخرى وجدت جثثهم في مقابر جماعية . ووجهت للمجيد ايضًا تهمة فرض حصار اقتصادي على القرى الكردية وحرق مزارعها وكلها اعمال تدخل في جرائم حرب وابادة جماعية وجرائم ضد الانسانية . كما اتهم بعمليات قتل جماعية عن عمد ضد الانسانية، وتقرر ايضًا مصادرة امواله المنقولة وغير المنقولة . كما صدرت ضد المجيد احكام اخرى بالسجن تراوحت بين المؤبد والحبس 7 سنوات لاشتراكه في جرائم منها الاستيلاء على ممتلكات الاخرين وممارسات معادية عدة مختلفة اخرى ضد المواطنين الاكراد .

.. سلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وقائد فيلق خلال عمليات الانفال : الحكم بالاعدام شنقًا حتى الموت مرتين وبالسجن مدى الحياة مرتين ايضًا لإتهامه بإصدار أوامر إلى القطاعات العسكرية بمهاجمة الأكراد في شمال العراق بالطائرات والمدفعية والراجمات بمختلف الاسلحة ومنها الكيمياوية، تنفيذًا لتعليمات من علي حسن المجيد والرئيس السابق صدام حسين مما نتج عنه مقتل آلاف الاكراد وتهجير الاف اخرى وحرق الاف القرى واعتقال مجموعات من الاكراد وترحيلهم وسجنهم في مناطق صحراوية، مما يؤكد المشاركة في جرائم حرب ضد الانسانية تدخل في جريمة الابادة الجماعية . كما اتهم القاضي سلطان هاشم بإصدار أوامر بتنفيذ عمليات مهاجمة المعارضة الكردية بالاسلحة الكيمياوية تنفيذًا لسياسات حزب البعث .. وقررت المحكمة مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة للمدان.

حسين رشيد التكريتي عضو القيادة العامة للقوات المسلحة ومعاون رئيس هيئة الاركان للعمليات في الجيش العراقي السابق : الحكم بالاعدام شنقًا حتى الموت مرتين لادانته بالاشتراك مع رئيس اركان الجيش والمتهم سلطان احمد بوضع خطط عسكرية لمهاجمة الاكراد في شمال العراق بمختلف الاسلحة ومنها الكيمياوية... والمشاركة في اجتماعات عسكرية اقرت هذه الخطط وتنفيذها. كما ادانته المحكمة بالمساهمة في قتل مدنيين وترحيلهم واختفاء اخرين عثر على جثثهم في مقابر جماعية مما دخل في ارتكاب جرائم ابادة جماعية وجرائم ضد الانسانية.

صابر عبد العزيز الدوري رئيس الاستخبارات العسكرية : السجن مدى الحياة بتهمة جرائم حرب ضد الانسانية حيث وجهت له المسؤولية عن رفع تقارير الى القيادة العامة للقوات المسلحة وقيادة الفيالق نتج عنها تنفيذ عمليات عسكرية ادت الى مقتل الاف الاشخاص وتهجير الاف اخرى وتدمير الاف القرى مما يدخل في جرائم الابادة الجماعية. كما حمل القاضي المتهم مسؤولية دراسة اثار هذه الضربات الى الرئيس السابق صدام حسين واقتراح مناطق اخرى لضربها مما تسبب في قتل مجموعات اخرى. وتم اضافة السجن 10 سنوات على الدوري بتهمة الترحيل القسري. واوضح القاضي ان المحكمة اخذت لدى تقريرها الحكم اعتذار الدوري للشعب العراقي عن سقوط الضحايا وندمه على افعاله.

فرحان مطلك الجبوري مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشرقية: السجن مدى الحياة مرتين بتهمة جرائم حرب وضد الانسانية والسجن 10 سنوات اخرى بتهمة الترحيل القسري. واتهم القاضي الجبوري بكتابة تقارير مفصلة الى القيادة عما كان يجري في مناطق الشمال العراقي وتحديد اهداف نتج عنها تنفيذ عمليات عسكرية بمختلف انواع الاسلحة ومنها كيمياوية مما نتج عنه مقتل الاف الاكراد واعتقال اخرين وتهجير الاف قسرا مما يدخل في جرائم الابادة الجماعية.

.. طاهر توفيق العاني العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال ومحافظ الموصل سابقا : اسقاط التهم عنه وتبرئته لعدم كفاية الادلة ضده . وكان المدعي العام في المحكمة قد طلب بتبرئة العاني في مطالعته في الثاني من نيسان (ابريل) الماضي . وقد امر القاضي باطلاق سراح العاني اذا لم يكن مطلوبًا في قضية أخرى.

تعليقات لمدانين بعد صدور الاحكام

وقد كان المتهمون يقفون واحدًا بعد الآخر خلال الاستماع الى الاحكام الصادرة ضدهم. وقد حاول سلطان هاشم احمد التعليق على الحكم لكن القاضي منعه من ذلك ولم يفهم من كلامه سوى... اترككم الى الله . بينما قال حسين رشيد التكريتي: المد لله لم نكن عملاء او حرامية... عاش الجيش العراقي وعاش العراق وعاش حزب البعث وعاشت الأمة العربية... لقد دافعنا عن العراق ولم نكن مجرمين... سأعدم نيابة عن الجيش العراقي. أما علي حسن المجيد فقد اكتفى بالقول : الحمد لله.

وقد بدأت اولى جلسات المحاكمة في الحادي والعشرين من آب (اغسطس) عام 2006 بحضور الرئيس السابق صدام حسين الذي اسقطت المحكمة التهم الموجهة اليه بعد اعدامه. فقد اعدم صدام شنقًا فجر الثلاثين من كانون الاول (ديسمبر) الماضي بعدما ايدت محكمة التمييز الحكم الصادر بادانته في مقتل 48 مواطنا في مدينة الدجيل بشمال بغداد مطلع ثمانينات القرن الماضي اثر محاولة فاشلة لاغتياله هناك. وكانت المحكمة قد اجلت في العاشر من الشهر الحالي النطق بالحكم في القضية الى اليوم الاحد بسبب عدم اكمالها قراءة اوراق القضية وتدقيق فيها.

النطق بالحكم بحضور وفد كردي

وجرى النطق بالحكم بحضور وفد وزاري وبرلماني يمثل حكومة اقليم كردستان يشارك فيه كمال كركوكي نائب رئيس برلمان الاقليم وجنار سعد وزيرة الشهداء وشؤون المؤنفلين وعدد من اعضاء البرلمان ومحموعة من ابناء ضحايا الانفال . وظل الاكراد الذين يشكلون 20 في المئة من سكان العراق يطالبون بإنزال اقسى العقوبات ضد المسؤولين عن عمليات الانفال حيث لا تزال مناطقهم الجبلية بشمال العراق تعاني من اثار تلك العمليات الحربية التي استمرت سبعة اشهر واستخدمت خلالها غازات الخردل والاعصاب .

مطالب هيئة الادعاء العام

وكانت هيئة الادعاء العام في المحكمة قد طالبت في الثاني من نيسان (ابريل) الماضي بإنزال عقوبة الاعدام بخمسة من المتهمين وتجريمهم بتهم ارتكاب جرائم حرب وابادة جماعية منظمة ومتعمدة ضد ابناء الشعب الكردي وتبرئة المتهم السادس طاهر توفيق العاني وتخفيف حكم الاعدام عن صابر الدوري مدير الاستخبارات السابق لكن هيئة الدفاع عن المتهمين الستة دفعت ببراءتهم جميعًا.

وفي مطالعة مطولة أمام المحكمة قدم رئيس هيئة الإدعاء العام منقذ آل فرعون عرضا تفصيليًا للمهمات التي تولاها كل من المتهمين الستة والجرائم التي ارتكبها من خلال أدلة عرضها على المحكمة مشيرًا إلى أن ممارسات المتهمين عدا العاني تندرج ضمن جرائم حرب والإبادة الجماعية لقومية. وأشار إلى أن المتهمين أوغلوا في الجريمة، وقال إنه بدلاً من تقديمهم اعتذارًا للشعب الكردي ولضحاياه وللإنسانية عن جرائمهم، إلا انهم كانوا يفتخرون بما قاموا به . واكد ان جرائم المتهمين ارتكبت ضد الانسانية من خلال هجوم منهجي ومنظم ومتعمد واسع النطاق، اضافة الى ابعاد السكان ونقلهم قسريًا وسجنهم وحرمانهم الشديد للحرية والتعذيب والاإغتصاب والاخفاء القسري للسكان.

كما عرض الادعاء العام وثيقة موقعة من صدام حسين في الثاني والعشرين من آذار (مارس) عام 1987 يؤكد فيها أن quot;للرفيق علي حسن المجيد مطلق الصلاحيات في المنطقة الشماليةquot; بينما اشارت وثيقة اخرى الى quot;استخدام اسلحة خاصة في كردستانquot;.وعرض آل فرعون خلال احدى الجلسات فيلم فيديو يتضمن لقطات لعلي حسن المجيد، يعرب فيها عن رغبته في قصف الاكراد بأسلحة كيميائية قائلاً: quot;سأقصفهم بأسلحة كيمائيةquot;. كما استمعت المحكمة الى شريط صوتي قال المدعي العام انه يعود الى صدام حسين، يتضمن مقاطع يؤكد فيها مسؤوليته في اتخاذ قرار حول الاسلحة الكيميائية. وقال صدام في الشريط quot;سأتحمل مسؤولية استخدام اسلحة كيميائية .. لا يمكن لأحد ان يوجه الضربة دون موافقتيquot; .. مضيفًا: quot;من الافضل استخدام هذا السلاح في اماكن مزدحمة كي يكون فعالا ويطال اكبر عدد ممكن من الناسquot;.

وقال quot;يجب ان ننقل الاكراد الى محافظات اخرىلإنهاء الامة الكردية ووقف المخربين. يجب ان نسمح لهم بالعمل والسكن في تكريت وبالتالي سيتحولون الى عربquot;. وشدد صدام في الشريط قائلاً: quot;عندما تقع اعمال تخريبية اقطعوا رؤوسهم على الفورquot;.

دفوعات المتهمين

وعند تقديم دفوعاتهم ركز المتهمون العسكريون الخمسة على انهم كانوا ينفذون أوامر عسكرية عليا في زمن كانت تخوض فيه البلاد حالة حرب ضد عدو خارجي هي ايران التي احتلت الاراضي العراقية الشاسعة. واكد المتهمون انهم لم يشاركوا بأي جرائم ابادة جماعية او جرائم حرب وانما كانوا يتصدون للقوات الايرانية المهاجمة التي اشترك معها حرس خميني وقوات البيشمركة الكردية. وأوضحوا أن عدم تنفيذهم لتلك الاوامر العسكرية العليا كان سيعرضهم للإعدام كما ينص على ذلك قانون العقوبات العسكرية في زمن الحروب. وشدد المتهمون على انهم كانوا عسكريين محترفين يعملون على خدمة بلدهم. وبعد انتهاء المتهمين من أقوالهم طلب محامو الدفاع التخفيف عن موكليهم وطي صفحة الماضي... واكدوا ان المتهمين كانوا ينفذون اوامر عسكرية عليا سيعرضهم عدم تنفيذها الى الحكم بالاعدام.

المتهم الرئيس في القضية بعد اعدام صدام حسين

وقد اعتبر المتهم الرئيس في القضية هو علي حسن المجيد بعد تنفيذ حكم الاعدام بحق الرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي كان يعتبر المتهم الرئيس فيها، حيث اكدت العديد من الوثائق انه وراء الاوامر التي صدرت بقصف القرى الكردية بالاسلحة الكيمياوية . وعرض الادعاء خلال الاشهر الماضية حوالى 60 وثيقة صادرة عن مديرية الاستخبارات العسكرية وادارة الحكم الذاتي ومديرية الامن صيف عام 1987 تدعو قوات الجيش الى تنفيذ الاعدام باي شخص يدخل مناطق تم حظر الدخول اليها ممن تتراوح اعمارهم بين 15 و70 عامًا من دون محاكمة، ولكن بعد التحقيق معهم لاستحصال معلومات منهم واستخدام الطائرات لضرب من يدخل هذه المناطق ايضًا.

وتم اسقاط التهم عن صدام حسين المتهم الرئيسفي القضية بعد إعدامه عقب أربعة أيام من مصادقة هيئة التمييز العراقية على قرار محكمة الدجيل التي أدانته وعدد من مساعديه في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بالمسؤولية عن مقتل 148 مواطنًا من أبناء تلك البلدة الواقعة شمال بغداد عقب محاولة جرت لإغتياله هناك عام 1980 خلال الحرب العراقية الإيرانية.

واستمعت المحكمة منذ بدء جلساتها في الحادي والعشرين من آب (اغسطس) من العام الماضي الى حوالى 100 مشتكٍ وشاهد وخبير اجنبي كما عرض عليها حوالى 60 وثيقة رسمية حيث يوجد هناك 1270 شاهدًا ومشتكيًا لكنها اكتفت بهؤلاء موضحة انه في قضايا جرائم الابادة الجماعية يكون هناك عادة عدد ضخم من الشهود والمشتكين مما يتعذر الاستماع اليهم جميعهم.

وقد سميت الحملة quot;الأنفالquot; نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم. و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة. استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: quot;إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان quot;.

هيئة الدفاع تعتزم التقدم بطلب لتمييز الأحكام الصادرة في قضية الأنفال

رأى رئيس هيئة الدفاع عن مساعدي الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ان الاحكام التي صدرت اليوم الاحد بحق هؤلاء المسؤولين السابقين quot;جائرةquot; وquot;سياسيةquot;، مؤكدا ان المحامين سيتقدمون quot;بطلب لتمييزهاquot;.

وقال خليل الدليمي لوكالة فرانس برس quot;لا فائدة من اي اجراء قانوني الآن ووجود المحامين منذ اليوم الاول هو للتواصل مع المعتقلين من منطلق انساني ولفضح خروقات المحكمة والاحكام المبنية مسبقاquot;.
الا انه اكد ان quot;المحامين سيتقدمون بطلب لتمييز الاحكامquot;.

وقال الدليمي quot;ليس غريبا ان تصدر عن هذه المحكمة مثل هذه الاحكام الجائرة الاحكام كما اكدنا سابقا احكام سياسية ولا تمت الى القانون بصلةquot;.

واكد ان quot;المحكمة انتهكت كل الحرمات وكل القوانين واستهانت بالاعراف والقيم ومبادئ العدل والانصاف ولم يتوفر فيها ادنى حد من شروط المحاكمة العادلةquot;.

وحكمت المحكمة الجنائية العليا على ثلاثة من المتهمين في قضية الانفال بينهم علي حسن المجيد الملقب quot;بعلي الكيماويquot; بالاعدام وعلى متهمين آخرين بالسجن المؤبد واسقطت التهم عن متهم سادس.