من الدم لحرب الفتاوى... ثم الإضرابات
حماس وفتح وتقلب إستراتيجية المواجهة
خلف خلف من رام الله:
تتغير وتتبدل الإستراتجيات التي تتبعها حركتا فتح وحماس في صراعهما المتواصل على السلطة، فمن المناوشات اللفظية وحرب التصريحات إحتقنت الساحة، وإنفجرت بوقوع مواجهات مسلحة بين الطرفين حصدت أرواح المئات من الأبرياء وانتهت بإحكام حماس لسيطرتها على قطاع غزة. ولكن ذلك، كان نهاية البداية فقط.
حيث تبدلت مع هذا الحدث الذي وصفته فتح بـquot;الانقلاب على الشرعيةquot;، إستراتيجية التحدي بين الطرفين، وبدأت لعبة جديدة من كسر الإرادات، وتحطيم المعنويات، وقد استفادت حركة فتح بدورها في هذه المرحلة من خبرتها الطويلة نسبيًا في العمل السياسي، ودفعت بمخططيها لوضع كمائن تربك حركة حماس وتفقدها السيطرة على الأمور.
وقد تمثل ذلك بترك حماس تواجه المسؤولية عن غزة، وتدير شؤون مليون ونصف المليون مواطن هو عدد سكان القطاع في ظل إحكام إغلاق جميع أطواق النجاة، المتمثلة في المعابر، أما حركة حماس فراهنت طوال الفترة السابقة على قوتها في الساحة، ويستأنس لهذه اللحظة، وهم يتحدثون عن مدهم الشعبي، وبالتأكيد على مجيئهم للسلطة بطريقة شرعية، وهم بالتالي باقون مهما حصل.
وقبل عدة أيام، اندلعت حرب فتاوى دينية بين حركتي فتح وحماس، لتبرير موضوع السماح بالصلاة في الساحات العامة من جانب فتح، ومحاولة إثبات العكس من قبل حركة حماس، التي اضطرت في نهاية القضية لحسمها بالقوة وقامت بشن حملة اعتقالات في صفوف قيادات فتح في غزة،وهو ما دفع فتح على ما يبدو لتعديل استراتجياتها، وأخرجت هذه المرة منظمة التحرير من قمقمها، ودعت بلسان فصائل المنظمة كافة المواطنين في قطاع غزة لشن إضراب شامل عن العمل اليوم الأحد، وهو ما فعلاً ما تحقق، حيث شل الإضراب جزءًا كبيرًا من مرافق قطاع غزة، حسبما أكد العديد من المواطنين.
وقد امتنع آلاف الطلبة من التوجه لمدارسهم وأغلقت البلديات أبوابها استجابة، كما أغلقت المحلات التجارية في بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا، ولوحظ شلل شبه تام لكافة نواحي الحياة، وأعلنت نقابة المحاميين الفلسطينيين عن تعليق الدوام أمام جميع المحاكم بكافة درجاتها وأنواعها والدوائر الرسمية الأخرى اليوم الأحد. وقالت النقابة في بيان لها: quot;إن هذا التعليق جاء استنكارًا للجرائم والانتهاكات التي ترتكب بحق أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وانتهاك الحقوق والحريات العامة وخصوصًا حرية العبادة والاعتداء على المحامينquot;.
بينما اعتبرت حركة حماس أن الإضراب فشل، ونقلت بعض مواقعها الإلكترونية عن المهندس علاء الدين البطة رئيس نقابة الموظفين في القطاع العام قوله إن نسبة الاستجابة لدعوات فصائل منظمة التحرير الفلسطينية للإضراب الشامل في محافظات قطاع غزة لم تتعد الـ 25% في مختلف قطاعات الوظيفية الحكومية.
وفي المقابل، يزداد حنق بعض الأوساط الأكاديمية والمراقبين على الفصائل الفلسطينية، متهمين إياها، بزج الساحة في بوتقة تعمق الأزمة، ويقول المحلل السياسي الفلسطيني بلال الشوبكي لـ quot;إيلافquot;: quot;في الحقيقة لا يمكن النظر إلى مثل هذا الإضراب إلا كمحاولة متوقعة من قبل فتح لزعزعة الأرضية التي تقف عليها حماس، وهذا ما يراهن عليه الرئيس عباس، بإتباعه إستراتيجية الانقلاب البطيء. إلا انه من المهم الإشارة أن عامين من الحصار، لم يزيحا حماس، فهل بإضراب فتح ستسقط حماس.
أما بالنسبة إلى شق سؤالكم الثاني، والمتعلق بلغز مشاركة فصائل منظمة التحرير في الإضراب، فأقول: quot;مشاركة فصائل منظمة التحرير، في مثل هذه الدعوات، يأتي كونها ستكون المستفيد الأكبر فيما لو ضعفت فتح وحماس، نحن الآن نتحدث عن تنازل الأحزاب الفلسطينية من يمينها إلى يسارها عن البعد الأخلاقي في عملها والشعب يدفع الثمنquot;.
بينما كتب البروفيسور عبد الستار قاسم في مقال له عنونه quot;بإضراب المضربينquot;، يقول: quot;كمواطن فلسطيني، أريد أن أعرف عن ماذا ستضرب هذه الفصائل. هل ستضرب هذه الفصائل التي لا يكاد بعضها يملأ بكل أعضائه سيارة أجرة عن العمل؟ عن أي عمل سيضربون؟ وهل أبقت هذا الفصائل للشعب عملا يعمله. إذا كان معدل عمل موظف السلطة الفلسطينية هو 14 دقيقة يوميًا، فعن أي عمل سيضربون؟.
وأضاف البروفيسور عبد الستار وهو محاضر في قسم العلوم السياسية في جامعة النجاح: quot;لو لم يكن هناك أجهزة تربية وتعليم وصحة وشؤون اجتماعية لكان معدل العمل اليومي في السلطة دقيقتين (2 دقيقة فقط). فعلى من يريد تنفيذ إضراب أن يعمل أولاً لكي يكون لإضرابه معنىquot;.