اسلام اباد، باريس: تراجعت حدة الأزمة السياسية الخميس في باكستان على ما يبدو غداة إعلان إرجاء الإنتخابات التشريعية الى 18 شباط/فبراير الذي وافقت عليه المعارضة فورا، وطلب المساعدة الأجنبية في التحقيق حول اغتيال زعيمة المعارضة السابقة بنازير بوتو. وبعد اسبوع من اعمال العنف في الشوارع ومن التوتر السياسي الكبير ارجأت اللجنة الانتخابية في باكستان الانتخابات الاربعاء الى 18 شباط/فبراير بعدما كانت مقررة اساسا في الثامن من كانون الثاني/يناير بسبب اغتيال بوتو في هجوم انتحاري.

وهذه الانتخابات حاسمة في الدولة المسلمة الوحيدة التي تمتلك السلاح النووي ويبلغ عدد سكانها 160 مليون نسمة. وتثير الاوضاع في باكستان قلق العالم خشية ان يغرق في الفوضى. وفي خطاب الى الامة مساء الاربعاء دعا الرئيس برويز مشرف الذي استولى على الحكم اثر انقلاب العام 1999 نداء جديدا الى الوحدة الوطنية quot;لمكافحة المتطرفينquot; واجراء الانتخابات quot; بسلامquot;. وقال رئيس البلاد quot;التأجيل كان لا بد منه وقرار اللجنة الانتخابية مبررquot;.

واعلن حزبا المعارضة الرئيسيان حزب الشعب الباكستاني الذي كانت تتزعمه بوتو والرابطة المسلمة جناح نواز بزعامة رئيس الوزراء السابق نواز شريف مشاركتهما في الانتخابات في حين كانا يؤكدان منذ الاحد انهما يعارضان التأجيل. لكن الحزبين اسفا للتأجيل. وطالب الناطق باسم حزب نواز شريف الحكومة بضمان سلامة كل المرشحين quot;بتوفير سيارة مصفحة لشريفquot; الذي يملك اصلا واحدة قدمها له العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز. وتعهد مشرف الاربعاء ان تجرى الانتخابات في 18 شباط/فبراير وسط اجراءات امنية مشددة.

ورحبت الولايات المتحدة بتحديد موعد الانتخابات. ومشرف هو حليف الولايات المتحدة الرئيسي في المنطقة منذ نهاية العام 2001 في quot;الحرب على الارهابquot;. وما لم يقع اعتداء كبير، يتوقع ان تهدأ الاجواء السياسية في الايام المقبلة بعد الصدمة التي خلفها اغتيال بنازيز بوتو التي عادت الى البلاد في تشرين الاولى/اكتوبر بعدما امضت ثماني سنوات في المنفى. وقال مشرف الاربعاء ان بوتو quot;قتلها ارهابيونquot; اسلاميون.

وفي اطار التحقيق طلب مشرف مساعدة بريطانيا. وقالت لندن ان فريق خبراء في الطب الشرعي من الشرطة البريطانية (سكتلنديارد) ستصل quot;قبل نهاية الاسبوعquot; الى باكستان، موضحا ان فريق خبراء من الشرطة الجنائية البريطانية الشهيرة quot;سيسد الثغرات التي نعاني منها في مجال الطب الشرعيquot;. واعربت الحكومة الباكستانية للمرة الاولى الاربعاء عن استعدادها لقبول مساعدة خارجية في التحقيق اثر اقتراح من فرنسا والاتحاد الاوروبي نقله وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الذي يزور اسلام اباد.

وقد استبعد كوشنير فكرة تحقيق من الامم المتحدة كما تطالب عائلة بنازير بوتو وحزبها لان احد الشروط المطلوبة لذلك هو ضلوع محتمل لدولة اخرى، على حد قوله. واكد البيت الابيض ان تحقيقا دوليا تجريه الامم المتحدة ليس ضروريا نظرا لمجيء فريق من سكتلنديارد. واعيد انتخاب مشرف رئيسا للبلاد لولاية ثانية في السادس من تشرين الاول/اكتوبر نتيجة عملية مثيرة للجدل بالاقتراع غير المباشر من قبل البرلمان الوطني والمجالس المحلية المنتهية الولاية والتي يدين اعضاؤها بالولاء له. وفي حال فوز المعارضة بالانتخابات فان سلطته التي تعاني من صعوبات حاليا، ستصبح مشلولة.

واكد حزب الشعب الباكستاني ان بنازير بوتو كانت تستعد quot;لتثبتquot; ان معسكر مشرف سيقوم ب quot;تزويرquot; الانتخابات للبقاء في السلطة. وفي 2007 قتل اكثر من 800 شخص في باكستان في اعتداءات نفذها اسلاميون مقربون من القاعدة وهو مستوى قياسي في البلاد.

الجيش الباكستاني يعتقل 52 مقاتلا اسلاميا في وادي سوات

ميدانيا اعلن الجيش الباكستاني الخميس انه اعتقل 52 مقاتلا اسلاميا في وادي سوات في شمال غرب باكستان الذي يشهد حركة تمرد. وتأتي هذه الاعتقالات غداة اعتداء بالقنبلة في المنطقة في 28 كانون الاول/ديسمبر تسبب بمقتل ثمانية اشخاص بينهم عضو في الحزب الحاكم برئاسة مشرف. وافاد بيان صادر عن الجيش ان quot;هؤلاء المقاتلين اوقفوا صباح الخميس في منطقة شاكاردارا بعد عملية بحثquot;.

واطلق الجنود الباكستانيون في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر هجوما واسعا لاستعادة وادي سوات التي يسيطر الاسلاميون على جزء كبير منه منذ الصيف. وقال الجيش انه نجح في طرد الاسلاميين وقتل نحو 300 منهم، وانه ابعد النواة الاساسية للمجموعة التي تأتمر باوامر رجل دين محلي هو مولانا فضل الله، الى مخبأ او مخبأين في جبل عال في شمال غرب المنطقة. وتلاحق السلطات فضل الله، وتوعد الاسلاميون باللجوء الى العمليات الانتحارية ضد الجيش. وكان وادي سوات المحاذي لنهر يحمل الاسم نفسه عند اسفل جبل هيندو كوش في هملايا مركزا سياحيا مقصودا قبل سيطرة الاسلاميين عليه.

العائلات السياسية في العالم التي شهد افرادها نهايات ماسوية

يشكل اغتيال بنازير بوتو، ابنة رئيس الوزراء السابق ذو الفقار علي بوتو الذي عرف بدوره نهاية ماسوية، حدثا تكرر في عائلات سياسية اخرى في العالم.

-- باكستان/بوتو:
في 27 كانون الاول/ديسمبر 2007، قتلت رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة والزعيمة المعارضة بنازير بوتو في عملية انتحارية اثر خروجها من لقاء انتخابي قرب اسلام اباد. وكانت المرأة الاولى التي تتولى قيادة بلد اسلامي. وشغلت منصب رئاسة الوزراء مرتين بين 1988 و1990، وبين 1993 و1996. واطيح بوالدها ذو الفقار علي بوتو، رئيس الحكومة السابق بين 1971 و1977، من السلطة في انقلاب نفذه الجنرال محمد ضياء الحق. واعدم شنقا بعد سنتين من ذلك في الرابع من نيسان/ابريل في ختام محاكمة شكلية. وعين بيلاوال (19 عاما) في نهاية كانون الاول/ديسمبر على راس حزب الشعب الباكستاني خلفا لوالدته.

-- الهند/غاندي:
قتلت رئيسة الوزراء الهندية السابقة انديرا غاندي في 31 تشرين الاول/اكتوبر 1984 في نيودلهي على يد حراسها السيخ الذين ارادوا الثأر اثر هجوم الجيش الهندي على المعهد الذهبي في امريستار، وهو مكان مقدس لدى السيخ. وفي 21 ايار/مايو 1991، قتل نجلها وخلفها راجيف غاندي على يد انفصاليين تاميل خلال جولة انتخابية في جنوب الهند. في 1980، قتل شقيق راجيف، سانجاي، الابن المفضل لانديرا الذي كانت تعتبره خليفتها، اثناء قيادته طائرة صغيرة فوق نيودلهي.

-- الولايات المتحدة/كينيدي:
في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1963، اغتيل الرئيس الاميركي جون فيتزجيرالد كينيدي (46 عاما) في دالاس (تكساس) اثناء قيامه بجولة انتخابية.
في السادس من حزيران/يونيو 1968، قتل شقيقه السناتور روبرت كينيدي بدوره في لوس انجليس برصاصة في صدره خلال جولة انتخابية للوصول الى البيت الابيض.
ومن المآسي الكثيرة التي ضربت عائلة كينيدي، وفاة جون اف. كينيدي الابن وزوجته كارولين بيسيت وشقيقة زوجته لورين في حادث طائرة فوق الاطلسي.

-- لبنان/الجميل:
دفعت عائلة الجميل في لبنان ثمنا كبيرا خلال الحرب الاهلية والسنوات التي تلتها. ففي 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2006، قتل الوزير والنائب بيار الجميل نجل الرئيس السابق امين الجميل، في بيروت. وفي 14 ايلول/سبتمبر 1982، قتل عمه بشير الجميل في انفجار بعد ثلاثة اسابيع من انتخابه رئيسا وقبل ان يتسلم مهامه. واعلن الحزب القومي السوري مسؤوليته عن العملية. وكانت ابنة بشير الجميل، مايا، التي لم يتجاوز عمرها السنتين، قتلت في اعتداء بسيارة مفخخة كانت تستهدف والدها.