شكوك حول إمكانية التوصل الى قرار حاسم ضدها
ماذا تفعل إيران تجاه القرار الدولي الجديد؟

نجاد: أي قرار دولي مقبل سيكون بدون تأثير

إيران تمضي في برنامجها النووي رغم العقوبات

معارضو نجاد يخشون التحيز بالانتخابات البرلمانية

يوسف عزيزي من طهران: اجتمع يوم أمس الثلاثاء وزراء خارجية الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي ( الولايات المتحدة الأميركية و بريطانيا و فرنسا و روسيا و الصين ) + ألمانيا، في العاصمة الالمانية برلين للتباحث حول قرار جديد لفرض عقوبات اخرى على ايران بسبب رفضها لإيقاف عملية تخصيب اليورانيوم. وقد اتفق المجتمعون على الخطوط العريضة للقرار الذي سيكون الثالث من نوعه حيث كان من المقرر ان يصدر في شهر نوفمبر الماضي غير انه تأخر لأسباب مختلفة اهمها انتشار تقرير الاستخبارات الأميركية الذي برأ ايران من مواصلة نشاطها النووي من اجل انتاج اسلحة ذرية وكذلك معارضة روسيا و الصين.

ردود فعل طهران

قلل المسؤولون الايرانيون من شأن القرارات التي اصدرها مجلس الامن الدولي ضدهم حيث وصفها الرئيس الايراني قبل فترة بانها quot;قصاصات ورقquot; لاقيمة لها. وقد استمر هذا التحدي حيث اكد المتحدث باسم الحكومة الايرانية غلام حسين الهام على عدم جدوى هذه القرارات. لكن ما صرح به المتحدث باسم الخارجية الايرانية محمد علي حسيني قبل ايام بان ايران ستقلص من تعاونها مع الاطراف الدولية في هذا الشأن اذا صدر قرار جديد ضدها، يظهر ان ايران تتأثر بهذه العقوبات بشكل او آخر.

وعلى المستوى الشعبي لم تهتم وسائل الاعلام الايرانية و خاصة الصحف و مواقع الانترنت بالاجتماع الاخير في برلين، وذلك ربما يعود الى انشغال الاوساط السياسية والصحافية بقضايا داخلية اهمها قضية الانتخابات البرلمانية المقبلة. كما يمكن ان نعزو ذلك الى عدم اتفاق الدول الست على قرار محدد و واضح. و المعروف عن الصحافة الايرانية بان ردود فعلها على الاحداث الدولية و الاقليمية تأتي عادة بالتأخير قياسا للاعلام العربي و الغربي.

وقد ركزت الصحف الاصلاحية اليوم ndash; الاربعاء ndash; جل اهتمامها على عدم تزكية معظم مرشحيها المسجلين للانتخابات التشريعية المقرر اجراءها في 14 آذار/ مارس المقبل. حيث خصصت صحف اصلاحية واسعة الانتشار كquot; اعتمادquot; وquot; همبستكيquot; و quot; اعتماد مليquot; عناوينها الرئيسية على الاقصاءات الواسعة للمرشحين الاصلاحيين من قبل اللجان التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية و المحسوبة على المتشددين. وهذا ما كتبنا حوله يوم امس في quot;ايلافquot; حيث كان الموقع السباق في هذا المجال.

وقد اشارت الصحف المحافظة الى اجتماع الدول الست الكبار في برلين بصورة خجولة وهي المشغولة ايضا بدورها بالانتخابات التي تهمها اكثر من اي شيء اخر حيث تواجه خصما اصلاحيا شرسا يتحرك باندفاع قوي ليشارك المحافظين في السلطة.

وقد شككت الصحف المحافظة في اشاراتها القليلة الى اجتماع الدول الست، شككت حول امكانية توصل هذه الدول الى قرار حاسم و مؤثر ضد ايران.
أهم ما قرأناه اليوم في الصحف الايرانية ما اشارت اليه صحيفة quot; ايرانquot; الرسمية نقلا عن اذاعة صوت امريكا الفارسية حيث يفيد الخبر ان الرئيس الأميركي جورج بوش اتفق مع العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز بان يتم إعادة الملف النووي الايراني الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية. واكدت الصحيفة ان هذا الامر ادى بمدير الوكالة الدولية محمد البرادعي ان يجتمع بمرشد الثورة الايرانية اية الله علي الخامنئي. اذ نستشم من هذا الخبر نوع من الارتياح الرسمي للدور السعودي في الملف النووي الايراني.

واضافت صحيفة quot; ايرانquot; ان الرئيس الأميركي جورج بوش و الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وصلا خلال حديثهما في اكتوبر الماضي الى نتيجة مفادها بان واشنطن ترجح التكتيكات الايجابية في سياساتها تجاه الملف النووي الايراني. وهذا ناجم بالطبع عن تقرير الاستخبارات الأميركية حول ايقاف البرنامج العسكري الايراني في العام 2003.

هل يوثر القرار الجديد على تعاون ايران مع الوكالة الدولية؟

يستبعد المراقبون هنا ان يؤثر اي قرار يصدر من الدول الست الكبار حول الملف النووي الايراني على الوضع الاقتصادي بشكل جذري في المستقبل القريب، لأن ايران عقدت في شهر نوفمبر الماضي اتفاقا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ابرمه عن الجانب الايراني المسؤول السابق عن الملف النووي علي لاريجاني و عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية مديرها محمد البرادعي. و ينبغي حسب الاتفاق المعروف بquot;وثيقة العملquot; ان توضح ايران للوكالة الدولية حتى اوائل الشهر القادم حول كافة نشاطاتها السابقة و تشففها بالكامل.

وستلتزم ايران بهذا الاتفاق؛ لكن قرار فرض العقوبات يمكن ان يحول دون تعاونها التام مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، اي اننا ممكن ان نشاهد تعاونا في مستوى اقل مما كان متوقعا. ومن المعلوم ان ايران لن تقطع تعاونها مع الوكالة الدولية وذلك بسبب اصرارها على إعادة ملفها النووي ndash; بالكامل ndash; من مجلس الامن الدولي الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وحتى اذا ارادت ان تقلل من تعاونها مع الوكالة الدولية لم تظهر ذلك جليا.

القرار الجديد و انعكاساته على الاقتصاد الايراني

قبل ان نتطرق الى تأثير القرار الثالث الخاص بالعقوبات على ايران يجب ان نذكر انه و باعتراف آخر تقرير للكونغرس الأميركي ان الجهود الدولية التي دامت ثلاث سنوات للضغط على ايران اخذت تتداعى، حيث شكك التقرير في تأثير العقوبات الاقتصادية الأميركية على طهران منذ اكثر من عشرين عاما وكذلك في تأثير قرارات الامم المتحدة ضد ايران. وفي طهران يصف البعض، الوضع الاقتصادي بالمتأزم والخطير فيما يتجنب البعض الاخر هذه التسمية و يصف الوضع بالدقيق و الحساس. فالكلام الذي نسمعه هنا من التجار و اصحاب الاموال و خاصة الذين لهم معاملات تجارية و تصدير واستيراد مع الخارج، يفيد بانهم يواجهون مشاكل جمة بسبب مقاطعة المصارف الغربية و حتى الاسيوية و العربية للمصارف الايرانية.

غيران هذا الامر لم يصل بعد الى حد كي يثير أزمات اجتماعية حادة - في الاقل على المدى المنظور ndash; وذلك لسبب بسيط هو ان الايرادات النفطية الكبيرة التي تحصل عليها الحكومة الايرانية بفضل ارتفاع اسعار النفط، تساعد على سد الثغرات الاقتصادية و خاصة فيما يتعلق بحاجيات الطبقات المسحوقة و الفئات الدنيا في المجتمع الايراني.

وقد تلعب هنا الحكومة الريعية المعتمدة على ايرادات النفط دورا هاما لتصون نفسها من اي عصيان شعبي يمكن ان يهدد وجودها ولو على المدى القصير. ويبدو ان العقوبات المفروضة على ايران هذه المرة ليست حادة كما كان متوقعا قبل انتشار تقرير الاستخبارات الأميركية حول تخلي ايران عن نشاطات نووية عسكرية منذ العام 2003. ولاننسى ايضا معارضة روسيا و الصين لأي قرار اقتصادي يمكن ان يشل الاقتصاد الايراني بالكامل و هما الدولتان الرابحتان فعلا من المقاطعة الغربية رغم تبجحهما بالمسايرة مع سائر الدول الغربية.