الدلائل تشير الى أن السلطة ستبقى ولفترة طويلة بيد بوتين
الانتخابات الرئاسية الروسية: أربعة متنافسين ونتائج محسومة

فتح مكاتب الاقتراع في اقصى الشرق الروسي

اعتماد 230 مراقبا دوليا للعمل في الانتخابات الروسية

مرشحو الانتخابات الروسية وسنوات بوتين الثمانية

فالح الحمراني من موسكو: يتوجه الناخبون في روسيا اليوم الاحد الى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس جديد خلفا لفلاديمير بوتين الذي ستنتهي ولايته في مايو المقبل. ويحق ل 180 مليون ناخب المشاركة بالاقتراع. وترمي الانتخابات الرئاسية الروسية التي باتت نتائجها محسومة لاضفاء الشرعية على أن تبقى السلطة بيد فريق الرئيس فلاديمير بوتين. ودفعت أجهزة الامن ب 4500 من عناصرها لحماية المراكز الانتخابية ، ووضعت كافة أجهزتها على أهبة الاستعداد لقطع الطريق على أية فعالية ترمي لاعاقة الاقتراع. ويتنافس أربعة مرشحين على عرش الكرملين هم دميتري ميدفيديف الذي رشحه حزب روسيا الموحدة، وزعيم الحزب الشيوعي الروسي جينادي زيوجانوف ورئيس الحزب الليبرالي الديموقراطي فلاديمير جيرينوفسكي وزعيم الحزب الديموقراطي أندري باجدانوف.

الحملة الانتخابية

بيد أن الحملة خلت من منافسة حقيقية فالمرشح الاقوى دمتري ميدفيديف رفض المشاركة في المناظرات التلفزيونية، ولم يتفرغ لحملته الانتخابية، وتجاهل منافسيه تماما.

من دون مرشح ديمقراطي

ويجمع غالبية المراقبين على ان الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية لعام 2008 كانت هادئة للغاية ومملة. ويعزوا المراقبون ذلك الى ان الرئيس بوتين كان قد اعلن وحتى قبل بادية الحملة الانتخابية عن دعمه المطلق لمرشح حزب روسيا الموحدة دميتري ميدفيديف. ومن دون شك فان ماكينة الدولة عملت بكل طاقتها من اجل دعم ميدفيدف والتظلل على المرشحين الاخرين. وكان الحزب الشيوعي الروسي قد رفع دعوى ضد قنواة التلفزيون الروسية الرسمية بسبب عرضها تنقلات ميدفيديف لفترة زمنية تفوق بكثير فترة عرض المرشحين الاخرين.

وتتميز الانتخابات الرئاسية هذه ايضا بعدم مشاركة احد الساسة المحسوبين على التيار الديمقراطي الموالي للغرب. ومنعت اللجنة المركزية للانتخابات رئيس الوزراء السابق ميخائيل كسيانوف من المشاركة في الانتخابات الرئاسية، مبررة ذلك بوجود اخطاء وتزويرات في التواقيع التي جمعها لدعم ترشيحه.وقضت المحاكم التي توجه لها كاسيانوف، بان قرار اللجنة المركزية للانتخابات بحرمانه من امشاركة في الانتخابات كان صائبا من الناحية القانونية. علما ان القضاء في روسيا عادة ما يتخذ مثل هذه القرارات بناء على توجيهات من مراكز القرار السياسي. ويشير مراقبون الى ان القيادة الروسية كانت متخوفة من مشاركة كاسيانوف لكي لاتتيح له المجال لانتقاد سياسة الرئيس فلاديمير بوتين، واظهار نقاط الضعف في سياسته، الامر الذي يمكن ان يؤثر على شعبية ميدفيديف.

مرشحون وبرامج

وأشار دميتري ميدفيديف إلى أنه سيؤمن استمرارية النهج السياسي الذي يسير عليه الرئيس فلاديمير بوتين. وقال: quot;إننا لا نريد أن نتوقف عند الحد الذي توصلنا إليه، فلدينا كثير من المشاكل التي لم نتمكن من حلها حتى الآن. والشرط الرئيسي هنا هو ضمان الاستقرار السياسيquot;. وأضاف quot;ومن المهم أن يتقدم بلدنا كل يوم في جميع المجالات بما فيها المجال الاقتصادي. كما أنه من الضروري صيانة وحدة أراضي روسيا والدفاع عن حريات وحقوق مواطنيهاquot;. وقاد ميدفيديف حملته الانتخابية بشعار مواصلة تنفيذ برنامج بوتين، الرامي لجعل روسيا قوة عظمى على كافة الاصعدة وتحسين نوعية حياة سكانها ومستوياتهم المعيشية وصيانه الاستقرار السياسي بها.ويقول بوتين انه يثق بقدرات ميدفيديف التي يعمل معه سوية على مدى 17 عاما على مواصلة سياسته الاصلاحية.وتعهد ميدفيديف بانه سيواصل ايضا سياسة بوتين الخارجية الرامية لبناء نظام دولي متعدد الاقطاب، وايلاء اهمية للعلاقات ببلدان كومنولث الدول المستقلة السوفياتية سابقا ودعم صربيا في الموقف من استقلال كوسوفو.

وأقام جينادي زيوغانوف الذي يعتبر منافسا رئيسيا لـ(دميتري ميدفيديف) حملته الانتخابية على أساس انتقاده لنهج سياسة قيادة البلد الراهنة. وقال في حديث صحفي انه يعتقد أن بإمكان روسيا اصلاح quot;تاريخنا السوفيتي إلى حد كبير إذ أننا انتصرنا على الفاشية في سني الحرب العالمية الثانية. كما أننا استطعنا غزو الفضاء الكوني. إلا أننا نعيش اليوم صعوبات كثيرة بسبب المعضلات التي تفرق بيننا.quot;

ويطرح زعيم الحزب الشيوعي جينادي زوغانوف برنامجا يهدف الى تبديل النظام القائم الذي يعتبره سليل نظام جورباتشوف ـ يلتسين والذي برايه اسفر عن تدمير الاتحاد السوفياتي السابق. ويركز برنامج زوجانوف الانتخابي على القضايا الاقتصادية والاجتماعية من اجل تحسين الاوضاع المعيشية وانعاش الضمانات الاجتماعية، وانهاض العلوم والقوات المسلحة والزراعة والانتاج الصناعي والتعليم والخدمات الصحية والضمات الاجتماعية وغيرها من المرافق الحيوية للدولة والمجتمع وذلك من خلال تمويل الدولة لها. وسيوظف لهذه الاغراض اموال quot;صندوق الاستقرار الماليquot; وايداعه في البنوك الروسية وليس الغربية كما هو جاري حاليا.

ويخطط زوجانوف ايضا الى تاميم المؤسسات التي جرى تخصيصها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وبيعها باسعار بخسة وبطرق يعتبرها شرعية. والهدف الاكبر بالنسبة لزوغانوف يتمثل باعادة احياء الاتحاد السوفياتي السابق ولكن باسلوب تدريجي وتوحيد الجمهوريات السوفياتية السابقة بصورة طوعية، ويتعهد باحترام مبادئ الديمقراطية لاسيما حرية الكلمة والعقيدة وضمان حقوق الانسان.

وإحدى الحجج الرئيسية التي يلجأ إليها زعيم الحزب الليبرالي الديموقراطي فلاديمير جيرينوفسكي هي أنه من الضروري الانتقال من النظام الاتحادي إلى نظام وحدوي لبناء الدولة الروسية. وقال فلاديمير جيرينوفسكي إن أولويات نهجي السياسي تتمثل في ضمان الطابع الوحدوي للدولة الروسية إذ أن حالتها الراهنة غير مقبولة برأيي.

وأحد الأهداف الرئيسية التي يسعى إلى تحقيقها زعيم الحزب الليبرالي الديموقراطي فلاديمير جيرينوفسكي على صعيد السياسة الخارجية هو الدفاع عن مصالح الناطقين باللغة الروسية المقيمين خارج روسيا. وهو يرى ضروريا دعم استقلال الجمهوريات الناشئة في أراضي الاتحاد السوفيتي السابق. فيتوجب على سكان هذه الجمهوريات أن يقرروا مصيرها في أقرب وقت خاصة وأن إعلان استقلال كوسوفو يعتبر سابقة دولية مناسبة لهم.
على صعيد آخر يركز الديموقراطي أندري باغدانوف على وجوب تطوير علاقات روسيا مع أوروبا: ويقول أندري باغدانوف إنه من الضروري أن تتطور روسيا صوب الغرب، مع العلم أن الحضارة الروسية جزء من الحضارة الأوروبية. والروس هم من الشعوب الأوروبية. وقيمهم الثقافية تضاهي لحد كبير القيم الثقافية الغربية.

مراقبون

وافاد رئيس لجنة الانتخابات المركزية في روسيا فلاديمير تشوروف انه تم اعتماد اكثر من 200 مراقب دولي لمتابعة سير الانتخابات بروسيا الاتحادية. ويتوقع تشوروف ان شارك في متابعة الانتخابات الرئاسية نحو 300 مراقب من اكثر من 30 منظمة دولية واقليمية. وكانت عدد من المنظمات الاوربية قد اعلنت مقاطعتها المشاركة في متابعة سير الانتخابات الروسية، بسبب عدم توفير الاجواء الديمقراطية والعادلة لكافة المرشحين بها حسب رايهم.

ان كافة الدلائل تشير الى ان السلطة بروسيا ستبقى ولفترة طويلة بيد الرئيس فلاديمير بوتين وفريقه القادم من مدينة بطرسبورغ، وان فوز دمتري ميدفيديف الذي تشير كافة الاستطلاعات له في الانتخابات الرئاسية، سوف يضمن الاستقرار في داخل روسيا ومواصلة نهج السياسة الخارجية الذي اختطه الرئيس فلاديمير بوتين. ويعتبر هذا العامل الرئيسي في عزم غالبية سكان روسيا التصويت لصالح دمتري ميدفيديف، وسيساعد دعم مؤسسات الدولة له على رفع نسبة الاصوات له.

ويتنافس المرشحون الاخرون على اشغال المرتبة الثانية بعد ميدفيديف من اجل تعزيز مواقهم السياسة وتاكيد حضورهم كمعارضة على الساحة السياسية ينبغي اخذ مواقفها من شؤون الدولة.