محور الوزير الأسبق باسكوا وإلياس الفرزلي..

نشرت جريدة لوموند الفرنسية بتاريخ 29 نيسان الجاري تقريرا واسعا عن أكبر فضيحة كوبونات صدامية في فرنسا. ففي الثلاثاء الماضي أمر قاضي التحقيق الفرنسي "كورّوي" بتوقيف برنارد جيليه، وهو المستشار الدبلوماسي لوزير الداخلية الأسبق شارل باسكوا، بتهم تسلم موارد غير مشروعة وسوء استغلال النفوذ. أما الوزير نفسه فلم يستطيعوا بعد الاتصال به. وكان المستشار قد لوحق قضائيا منذ 2001 بتهم تخص فضائح كبيرة أخرى منها ما يخص بيع الأسلحة سرا لأنغولا.
إن المستشار ووزيره متهمان رسميا بتسلم عمولات في عمليات إعادة بيع النفط العراقي زمن صدام؛ وتشير الجريدة إلى اندلاع فضائح الكوبونات في كانون الثاني 2004 عندما نشرت صحيفة " المدى" وثائق ومعلومات بهذا الخصوص. وظهر أن أكثر من 270 شخصية وشركة وبرلمانيين وأحزاب سياسية وصحفيين في العالم قد حصلوا على مبالغ طائلة من " كرم" الرئيس العراقي المخلوع، ولا سيما من إعطائهم براميل نفط كان يعاد بيعها. وبالنسبة لفرنسا فإن الاتهام يشمل 11 شخصية، منهم باسكوا وجيله ورجل أعمال شيراكي، ومندوب سابق لدى الأمم المتحدة في جنيف واسمه ميريمه وابن نائب شيراكي عن الدائرة الباريسية التاسعة. وقد اتُهمت هذه الشخصيات [التي نفت في حينه] بكونها قد تلقت " مكافآت" عن مساندتها لنظام صدام.
تقول الصحيفة إن باسكوا حصل من شركة النفط العراقية زمن صدام على حق إعادة بيع حوالي 11 مليون طن من النفط الخام، ومستشاره حصل على مليوني برميل. أما الوسيط فهو المحامي البعثي اللبناني إلياس الفرزلي، الذي وضع مع شقيقه البعثي نقولا كل طاقاتهما في الترويج للنظام المنهار. ولم يكن معظم العراقيين في الخارج ليجهلوا دور هذين الرجلين ولفيف محيط بهما، من صحفيات وصحفيين ورجال أعمال ومحامين لبنانيين و سوريين، وشخصيات فرنسية، والعديد من البعثيين العراقيين السابقين؛ لكن الجديد هو أن صحيفة شهيرة مثل لوموند تكشف لأول مرة عن دوره الكبير جدا في شراء ذمم فرنسية من خلال برنامج "النفط مقابل الغذاء."
قبل عامين، وما بين دورتي الانتخابات الفرنسية، وُضعت صور كبيرة لصدام على جميع جدران باريس وحتى على اللافتات الفارغة للمرشحين للبرلمان قبل حلول موعد الانتخابات؛ واستمرت الصور معلقة لمدة ثلاثة أسابيع كاملة دون أن يحتج لا صحفي ولا برلماني أو سياسي أو مسؤول حكومي. والأدهى أن العبارة التالية وضعت تحت كل صورة: "صدام بطل السلام"!
هكذا كانت تلعب أموال شعبنا المنهوبة على الساحة الفرنسية.
وفوق ذلك، فإن المدعي العام يتهم البعثي اللبناني إلياس الفرزلي بكونه كان يوزع المبالغ النفطية على مقربين من صدام، وأنه هو الذي مكّن شركة "توتال" الفرنسية بالتسلل للسوق النفطية العراقية برغم قرارات الحظر الدولية. كما أنه متهم وفقا لتقرير من الدائرة الوزارية لمراقبة تهريب الأموال في حزيران 2001 بتسهيل صفقات السلاح في الثمانينات لحزب ميشيل عون اللبناني.
تقول الصحيفة: " إن الفرزلي كان أيضا يعطي الأموال لجمعية فرنسا ـ إفريقيا ـ الشرق الاوسط المقربة من باسكوا."
ألا كم من ذمم اشتراها صدام في العالم وفي الدول العربية خاصة! كم من شقق ومن سيارات وعطايا نقدية لمحامين وصحفيين وساسة وبرلمانيين ورجال أعمال وفنانين عرب وغير عرب، لا يزال معظمهم يحنون علنا لعهد صدام، ويمجدون عمليات الإرهاب! وهل من الصدف أن يكون عدد المحامين العرب المتطوعين للدفاع عن الطاغية بالمئات؟! كذلك ما يجري من مظاهرات ضد الحرب على صدام حسين، هل كل هذه النشاطات بمعزل من الكوبات النفطية؟ لا شك أن المستقبل القريب سيكشف لنا الكثير من هذه الفضائح؟