حوار في مع الصحفي والمعارض السوري نزار نيوف (2/2)

أرجح أن "التيار الإصلاحي" في سورية هو المسؤول عن اغتيال الحريري من أجل خلق ظرف يتيح له التخلص من "الحرس القديم" بدعم غربي!

حاوره سمير داغر

* إذا انتقلنا إلى موضوع المعارضة السورية، وهي أول ما يتذكره المراقب الخارجي في ظل التطورات الحاصلة، نلاحظ صمتها الغريب إزاء ما يجري حاليا على الساحة اللبنانية ـ السورية. أقصد لم نسمع رأيها لا بمقتل الحريري ولا بالضغوط الأميركية على سورية، وكأنها في تحالف غير معلن مع السلطة السورية!؟
- لا، في الواقع جميعها ـ داخلا وخارجا ـ أصدرت بيانات منددة بالجريمة، ودعت إلى انسحاب القوات السورية وإنهاء الهيمنة على لبنان وإعادة بناء العلاقات بين البلدين على أسس صحيحة. لكن كل جهة حاولت أن تضعه في السياق الخاص لرؤيتها وفهمها لما يجري. فالقوميون وقطاع واسع من اليسار وضعوا اغتيال الحريري في إطار " مؤامرة أميركية ـ إسرائيلية " لاستدراج سورية إلى فخ، على قاعدة المنطق الجنائي البليد : من المستفيد ؟ وذهب بعضهم إلى حد وضع سيناريوهات جنائية ومخابراتية للطريقة التي " نفذت " بها الجريمة من قبل واشنطن وتل أبيب! أما " الإخوان المسلمون "، ورغم اتهامهم شبه الصريح للنظام السوري بارتكاب الجريمة، متكئين في ذلك على تجربتهم المريرة مع النظام، لم يبتعد منطقهم عن " نظرية المؤامرة "، لكن في سياق آخر. أعني محاولة تمرير وتعميم " فرضية " أن النظام السوري " قتل الحريري لأنه سني "! وقد ظهر ذلك من خلال مقالات لبعض قياداتهم وكوادرهم، فضلا عن " تأطير " كلمة مفتي لبنان محمد رشيد قباني، التي اعتبر فيها اغتيال الحريري جزءا من محاولة لتحجيم دور السنة في المنطقة، في صدر موقعهم الإلكتروني منذ ذلك الحين وحتى الآن!
ولكن هل يكفي إصدار بيانات شجب واستنكار، أو بعض المقالات التحليلية المبشرة أو المنذرة ؟ بالتأكيد لا. ولعل هذا ما رميت إليه في سؤالك عما "إذا كانت توجد فعلا معارضة سورية قادرة على استلام مسؤولية الحكم في سورية " ؟ أعني تساؤلك الضمني عن السبب الذي يحول دون اغتنام فرصة الضغط الدولي على النظام، والضعف الذي آل إليه وضعه، لإحداث تحول ديمقراطي سلمي على الطريقة اللبنانية أو الجيورجية أو الأوكرانية...
مما لا شك فيه أن أربعين عاما من القمع، منها ثلاثون عاما من الإرهاب الدموي السلطوي في ظل حافظ الأسد، قد دمرت السياسة والمجتمع السياسي في سورية، وذررت وحطمت الأحزاب على اختلاف توجهاتها (بالطبع أنا لا أتحدث هنا عن الأحزاب المخابراتية العميلة المتحالفة مع البعث في إطار ما يسمى بالجبهة الوطنية. فهذه الأحزاب الثمانية، وبحسب دراسة محدودة التداول أعدها مكتب الدراسات في إدارة المخابرات العامة السنة الماضية، لا تضم في مجموعها إلا ألف وتسعمئة وسبعين عضوا فاعلا. أي بمعدل 246 عضوا في الحزب الواحد، رغم أن بعضها، كالحزب الناصري الذي يقوده صفوان قدسي وزوجته لا يضم سوى 66 شخصا، حسب الدراسة نفسها!). أما إذا تحدثت عن أحزاب المعارضة، فالوضع لا يقل كارثية، وإن يكن من زوايا أخرى. فالإخوان المسلمون ـ وباعترافهم ـ لم يكسبوا أي عضو جديد منذ صدور القانون الإجرامي 49 في العام 1980، والذي قضى بالإعدام لكل منتسب لحزبهم. أما الحزب الشيوعي / المكتب السياسي الذي يقوده رياض الترك، فهو عاجز ـ بسبب خلافاته ـ حتى عن عقد مؤتمره الذي كان مقررا في ربيع العام الماضي. هذا بعد أن كان هذا الحزب يضم أكثر من سبعة آلاف مناضل حقيقي حين انشق عن حزب الفساد الشيوعي الذي كان يقوده خالد بكداش مطلع السبعينيات. أما الاتحاد الاشتراكي، الذي يقوده حسن عبد العظيم، فمشغول بقضايا ذات أهمية استراتيجية أكثر أهمية، من قبيل البحث عن أصابع الإمبريالية والصهيونية في اغتيال الحريري، وفي ضرب المندل لتحديد طبيعة العلاقة الخيانية التي تربط نزار نيوف بالسي آي إيه، وإحياء ذكرى بطل القتل بالأسيد جمال عبد الناصر، بل وحتى بإرسال المتطوعين إلى الفلوجة والموصل بالتعاون مع المخابرات السورية، على ذمة عضو من أعضائه زارني العام الماضي في باريس! ولهذا نعذره عن الانشغال بقضايا تافهة من قبيل إنزال الجماهير إلى الشارع وقيادة انتفاضة سلمية من أجل الديمقراطية.. أو حتى للتنديد بالتفاق الأمني المخزي مع جنرالات تركيا، والتعاون الأمني بين النظام ووكالة المخابرات الأميركية (هم يتجرؤون بكل وقاحة وخسة على اتهامي بأني صنيعة الأميركان، لكنهم ينكفئون كالأرانب والجرذان ويبلعون ألسنتهم حين يعترف رئيسهم بشار الأسد بأنه يتعاون مع وكالة المخابرات الأميركية، وبأنه أنقذ حياة جنود أميركيين بفضل هذا التعاون!).على أي حال، هل يكفي هذا لتفسير ظاهرة انكفاء هذه الأحزاب من الساحة وتحولها إلى مجرد "هيئات حقوقية " تطالب بإلغاء حالة الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين؟
بالتأكيد لا، وسيكون هذا تفسيرا مبتسرا ومبتذلا. فأنا أعتقد أن المشكلة الجوهرية التي تعاني منها هذه الأحزاب تقع على المستوى الفكري والثقافي لا التنظيمي أو الإداري. فمنذ دخولها في حالة " انعدام الوزن " أيديولوجيا مع سقوط الاتحاد السوفييتي، وانتهاء العالم ثنائي القطبية، وهي تترنح تحت ضربات التطورات التي تصدمها كل يوم بمفاجأة أشد هولا مما سبقها. والفكر، كما المواد الفيزيائية، حين يكون فاقدا للمرونة، ومبنيا على اليقينيات، لا يستطيع التكيف، ويكتفي يالتفتت والتذرر والتلاشي في الفراغ. فرغم كل التطورات التي حصلت لا يزال المفهوم البدوي للوطن والوطنية هو المسيطر على تسعة أعشار مناضلي هذه الأحزاب أو ما تبقى منها. فالوطن بالنسبة لهؤلاء مجرد مفهوم جغرافي يتصل بالكلأ والمرعى والانتجاع، وليس مفهوما سياسيا يتصل بالبشر والإنسان. ومثلما كان عضو المشترك القبلي Tribal Community ملزما أخلاقيا وثقافيا بالدفاع عن حياض القبيلة ومراعيها والقتال تحت راية شيخها إذا ما تعرضت لغزو قبيلة أخرى، رغم أن جميع أعضاء المشترك، نساء ورجالا وأطفالا وماعزا وأغناما، هم ملك لهذا الشيخ ؛ كذلك هي حال هذه الأحزاب التي ترى أن واجبها الأخلاقي و " السياسي " والثقافي يحتم عليها الاصطفاف وراء زعيم الأمة (حتى وإن كان مجرما) حين يتعرض البلد (إقرأ : حياض القبيلة) لخطر "غزو" قبيلة أخرى! ولذلك لا تستغرب إذا ما قاتلت جميع هذه الأحزاب خلف ضباط الحرس الجمهوري ومجرمي أجهزة المخابرات إذا تعرضت سورية لأي غزو أميركي، رغم أن أعضاء هذه الأحزاب لا يملكون من الوطن ولا يعرفون عنه أي شيء يتجاوز الزنزانة أو القبر. إنها ـ باختصار ـ أزمة ثقافة حراس المقابر والزنازين! ومن المخيف أن سقوط النظام في أي لحظة، ولأي سبب كان، سيضعهم جميعا تحت ظرف لا يستطيعون معه إدارة حتى بلدية. ليس لأنهم لا يمتلكون الكفاءات العلمية، بل لأنهم يعيشون يوما بيوم ولا يعرفون أصلا ماذا يمكن أن يحدث غدا. ولن أجانب الحقيقة إذا قلت بأن تسعة أعشار مناضلي هذه الأحزاب، وقياداتها قبلها، ينتظرون المؤتمر القطري العاشر لحزب السلطة، لعله يخرج زير الديمقراطية من بير المخابرات!
لو كنت مكان قادة أحزاب المعارضة، لكان أول شيء أفكر به في ظل المستجدات الراهنة هو إنشاء " حكومة ظل " والذهاب إلى صناع القرار في العالم لنيل اعترافها ولو المعنوي. والغريب في الأمر أن لينين، الذي يعتبر رمزا لجميع هؤلاء (قوميين ويساريين) في مقاومة الأمبريالية، كان أكبر " انتهازي " في التاريخ. فقد اختار اللحظة التي كانت فيه أمته الروسية تواجه معركة مصيرية مع الألمان، من أجل الانقضاض على السلطة. ومن المعلوم جيدا للمؤرخين أن لينين نسق حتى مع حكومات الدول التي تحارب روسيا، وأعني ألمانيا وإيطاليا والنمسا وفنلندة، من أجل الإطاحة بالنظام القيصري وإنهاء الحرب والتوقيع من ثم على صلح برست (الخياني بنظر ترتسكي). فلماذا يرى هؤلاء في تواطؤ لينين مع " أعداء بلاده " من أجل القضاء على نظامها القيصري الوحشي عبقرية سياسية فذة وتكتيكا بارعا، في الوقت الذي يرون الآن في كل من يسعى حتى لمجرد الاستفادة من التطورات الإقليمية في إحداث التغيير.. عميلا وخائنا ومتآمرا ؟ وهل هناك نفاقا وفصاما أكثر من ذلك؟

* إذا، كيف يمكن لنا أن نرى الفروق الرئيسية بين المعارضة العراقية التي كانت قبل حرب إسقاط نظام صدام، والمعارضة السورية الراهنة ؟
- في الواقع، ورغم كل ما تقدم من حديثي، سنظلم المعارضة السورية إذا ما قارنا ظروف تشكلها ونضالها بظروف تشكل المعارضة العراقية، على الأقل اعتبارا من مطلع الثمانينيات الماضية. ففي الوقت الذي لعب فيه حافظ الأسد بذكاء شديد ورقة المعادلات الإقليمية والدولية، وخصوصا لجهة علاقتها بما يسمى بالقضية الوطنية أو القومية، وبالتالي حرم المعارضة السورية من أي مجال حيوي للحركة (مع استثناءات نادرة في الزمان والمكان)، ومن التعبئة الشعبية، لم تعان المعارضة العراقية أي شيء من هذا (وأنا لا أتحدث هنا عن القمع). فقد وفرت محورية القضية الكردية داخل القضية الوطنية العراقية، وإيران وصراع النظام العراقي مع ملاليها، ولاحقا دول الخليج إثر الغزو العراقي للكويت، مجالا حيويا للحركة والاستفادة من حماقات النظام وعداواته الإقليمية والدولية. وهكذا، مثلا، كان بإمكان حافظ الأسد أن يرتكب مجازر حماة وحلب وجسر الشغور وسجن تدمر دون أن تقرأ خبرا واحدا عن ذلك في الإعلام الغربي، أو تسمع تصريحا من مسؤول غربي إلا نادرا. فقد كان الشرق والغرب بحاجة لـ " الدور الوظيفي " الذي يؤديه حافظ الأسد في المنطقة، سواء على الساحة اللبنانية أو الفلسطينية. وكان بإمكانه دوما أن يفرض " خوّة سياسية " على واشنطن وموسكو. ولا شك أن موقع سورية كجبهة " مواجهة " مع إسرائيل واحتلال هذه الأخيرة للجولان، قد جعل المعارضة السورية في مأزق لا تحسد عليه، بحيث كان النظام، والشارع أيضا، يستطيع توجيه الاتهام بـ " اللامسؤولية الوطنية وفقدان الحس الوطني "، إن لم يكن بالخيانة، لكل من يطالب حتى بالحد الأدنى من الحريات العامة. وهذا ما كانت المعارضة العراقية متحررة من عبئه إلى حد بعيد. ومن أسف، أن النظام السوري، ورغم كل الروائح العفنة التي فاحت من ممارساته السياسية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وقضية الجولان والعلاقة مع واشنطن، مازال قادرا على خداع المواطنين العرب، سواء داخل سورية أو حتى في المغرب العربي، بأنه الخندق الأخير في الدفاع عن مصالح الأمة، وبأن كل الضغوطات التي يتعرض لها إنما بسبب مواقفه القومية!

* هل تعتقد بأن المؤتمر القطري القادم لحزب البعث في دمشق سيقدم حلولا حاسمة للخروج من الأزمة؟
- حاسمة، لا. ولكن يمكنه أن يزيد من كمية المصل والسيروم التي تساعده في البقاء فترة أطول على قيد الحياة.. حتى ولو في غرفة العناية المركزة!ولكن حتى هذا الاحتمال منوط بالكيفية التي ستلجأ إليها مراكز القوى في النظام لتصفية حساباتها. أعني هل ستلجأ إلى تجديد عقد الشراكة في ملكية وإدارة هذا " الماخور السياسي " المسمى سلطة ؟ أم سيلجأ الطرف الضعيف إلى بيع أسهمه فيها إلى الطرف الأقل ضعفا أو الأكثر قوة بحكم رهاناته الخارجية الأكثر " ذكاء" ـ بالمناسبة ـ من رهانات فريد الغادري!! وأنا أميل إلى أن هذا هو الذي سيحصل، إذا لم يطرأ طارئ غير متوقع، خصوصا وأن لا بديل للنظام ـ على الأقل في المستوى المنظور ـ سوى الفوضى، إن لم تكن حرب أهلية تقوم على الثأر الطائفي والمذهبي. ولا أظن أن واشنطن ـ بعد التجربة العراقية ـ تحبذ هذا البديل الجهنمي، إلا إذا أخذنا بنظرية المؤامرة المستشرية الآن، والقائلة بوجود مخطط أميركي لتفتيت المنطقة.

* ولكن، ألا تعتقد إن من مصالح أميركا السياسية في الشرق الأوسط إسقاط النظام العلوي وإبداله بنظام سني؟
- دعني في البداية أسجل تحفظي على ورفضي لتعبير " النظام العلوي ". ليس لأني أنحدر، بحكم الولادة وتصاريف الطبيعة، من هذه الطائفة، بل لأنه غير علمي أساسا. صحيح أن قسما كبيرا من الجنرالات الممسكين بمفاصل النظام ينحدرون من الطائفة العلوية، لكن الأكثر صحة هو أن الطرف " السني " الداخل مع هؤلاء في شراكة سياسية واقتصادية مافيوية هو المسفيد الفعلي من السلطة ومؤسسات الدولة . ولا تتفاجأ إذا قلت لك بأن هؤلاء " السنة " سيدافعون عن النظام أكثر من أي علوي مرمي في تلك الجبال المسلوبة من معظم حقوقها.
على أي حال، هناك الآن من يرى بأن الولايات المتحدة ستلجأ إلى منح سورية لـ "السنية العربية" مقابل خسارة هذه الأخيرة للعراق، وبأن الولايات المتحدة قررت إنهاء "حكم الأقليات" في المنطقة لصالح " حكم الأكثريات ". ولكن إذا كان النظام قادرا على إعطاء الولايات المتحدة ما تريده، وهو قادر وقد عبر عن ذلك جهارا، لماذا ستلجأ واشنطن إلى إسقاطه؟
أنا أعتقد أن واشنطن (كما المعارضة السورية!) تنتظر هي الأخرى مؤتمر البعث، وستكون الحاضر الأكبر في هذا المؤتمر. وفي تقديري إن الأمر سيحسم لصالح " المجمع التجاري ـ العسكري " الكومبرادوري المرتبط بالسوق الدولية. وهذا "المجمع المافيوي" هو " أمير سورية الحديث "! وحين تعلم أن هذا المجمع هو الذي نظم المظاهرات خلال الأيام الماضية، وليس الحزب ومنظماته كما جرت العادة، سيدرك على الفور ما أعني. فهؤلاء نظموا المظاهرات إظهارا لوجودهم وقوتهم أكثر مما نظموها للتعبير عن دعمهم للنظام. وأظن أن رسالتهم وصلت سريعا إلى واشنطن وبروكسل بسرعة البرق، وقد قرئت هناك كما ينبغي لها أن تقرأ، وفهمت كما أراد لها مرسلوها أن تفهم!

* معظم السياسيين يعتقدون أن ما يسمى بالحرس القديم هو الذي كان وراء اغتيال الحريري. من هي الجهة، بنظرك، التي قامت بعملية قتل الحريري وما الفائدة التي تجنيها؟
- أرجو ألا تتفاجأ إذا قلت لك بأن لدي وجهة نظر مختلفة عما كل ما هو متداول. فأنا أعتقد أن ما يسمى بـ " الجناح الإصلاحي " المحسوب على " تيار الرئيس" هو الذي كان وراءها. لأنها كانت الوسيلة الوحيدة أمامه لتصفية ما يسمى بالحرس القديم بغطاء دولي، أوربي وأميركي، عبر التأسيس لظرف نوعي يدوّل القضية السورية ـ اللبنانية ويضع كل رموز "النظام القديم" موضع الاتهام والمساءلة الدولية، وبالتالي التصفية السياسية. وأعتقد أن بشار الأسد حين شكا لأكثر من مسؤول عربي من أنه " لا يملك من أمره شيئا "، ومن أن الجنرالات هم الحاكمون بأمرهم (بغض النظر عن مدى صحة زعمه)، إنما أراد أن يوصل رسالة لمن يعنيه الأمر في الغرب. وأظنها وصلت وتم فهمها جيدا!

* ما هي توقعاتك لمستقبل سورية القريب : تغيير شامل في النظام، أم حرب طائفية؟
- أظن لا هذه ولا ذاك / مع أنه لا شيء مستبعد، ولكن الأمر يتوقف على شكل التغيير والقوى الذي تقوده. فإذا حدث التغيير بالقوة الخارجية المسلحة، فإنه سيكون شاملا وسيقود بالتأكيد إلى حرب أهلية، أو بالأحرى حرب انتقامية ثأرية ضد الطائفة العلوية وبعض الأقليات الأخرى كالاسماعليين والدروز. لأن الحرب الأهلية تكون بين قوى تتمتع بحد أدنى من التوازن، أما هنا في سورية، فلا يمكن الحديث عن حرب أهلية بل حرب إبادة على الطريقة البلقانية. بالنظر لأن الطائفة العلوية (ومعها الدروز والاسماعيليون) لا يشكلون ثقلا عدديا يعتد به (13 بالمئة في أحسن التقديرات). أما إذا حدث التغيير من الداخل على أيدي " المجمع العسكري ـ التجاري "المافيوي، ولكن بإشراف و توجيه ودعم من الغرب، وهذا ما سيحصل على الأرجح، فإنه لن يكون إلا انتقالا من "دولة العصابة" إلى "عصابة الدولة "! فبكل أسف، إن "أمير سورية الحديث" لن يكون على المدى المنظور إلا واحدا من اثنين: إما زعيم عصابة يرتدي زي صاحب شركة هاتف خليوي أو.. جندي مارينز!

الحلقة الأولى