فداء عيتاني من بيروت: بعد ساعات من لقاء كولن باول وزير الخارجية الأميركي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة مع فاروق الشرع وزير الخارجية السوري، كانت بيروت تشهد حشدا من المؤيدين لسورية، ولتمديد ولاية رئيس الجمهورية اللبنانية اميل لحود بطلب من دمشق لمدة ثلاثة اعوام. وضم اللقاء ممثلين من اقصى دعاة التعاون مع اسرائيل سابقا إلى اقصى دعاة التعاون مع سورية حاليا، مرورا بممثلي المقاومة الاسلامية من نواب "حزب الله" ليشددوا على نقطة واحدة كما يبدو "التمديد للحود امر واقع ودستوري وعدا ذلك فلتذهب المعارضة إلى ...حيث تشاء".

احد مفتيي المناطق اللبنانية
وفي جو خانق لم تسعف المكيفات الموجودة في الفندق حيث عقد اللقاء على تبريده، بفعل كثرة المحتشدين، وخلال عملية بحث عن مقاعد للجلوس والظهور، وفي عجالة كتابة كلمات لالقائها أمام وسائل الاعلام، كان اللقاء يأخذ مجراه، ويصر البعض في كلامه على ان اللقاء ليس ردة فعل على لقاء امس الاربعاء الذي اعلنت فيه مواقف المعارضة ودعوتها رئيس الجمهورية إلى الاستقالة والاحتكام إلى الدستور واجراء انتخابات رئاسية باسرع وقت.

وبرغم الاصرار على ان هذا اللقاء ليس ردة فعل على لقاء الاربعاء الذي كان النجم فيه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب والزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الا ان البعض اشار إلى جنبلاط بسيل من الشتائم التي تخرج عن اطار الاختلاف السياسي لتشكل حاجزا من الخوف لدى مؤيدي جنبلاط او المعارضة المسيحية باغلبها.

الوزير السابق والنائب محمود ابو حمدان يدخن
وفي احتفال كان حاشدا بكل تلاوين الباحثين عن دور سياسي ما في لبنان، اضافة إلى كل الاحزاب الموالية لرئيس البلاد، صدرت عدة اوصاف للمعارضة، من "حفلات الهوس والاستفزاز والتحريض التي تعصف بالساحة السياسية اللبنانية"، إلى "شعبوية"، اضافة إلى اتهام المعارضة بمجملها بالاستقواء بالسفارات الاجنبية وبتقاريرها، عدا عن اتهام المعارضة في مجملها بانها تأخذ لبنان "إلى المجهول" وهو تعبير يقصد به في لبنان الفوضى والعودة إلى الحرب الاهلية، ووصف المعارضة بانها مجموعة من الذين "تدفعهم انانياتهم إلى تصفية حساباتهم الشخصية، والتعبير عن عقدهم النفسية، ومركب الدونية الذي يتحكم بسلوكهم وقرارهم". إلى اخر ما هناك من اوصاف تعز على السامع.

الدفاع عن الثوابت الوطنية والقومية

النائب بشارة مرهج يكتب كلمته خلال اللقاء (تصوير وائل اللادقي)
وفي هذا المنحى تبنى "لقاء الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية" و"اللقاء التشاوري" وهيئات المجتمع المدني والنقابات العمالية الذي عقد الخميس في فندق "كومودور" ببيروت، تحت شعار "الدفاع عن الثوابت الوطنية والقومية"، كلمة رئيس "اللقاء التشاوري" النائب قبلان عيسى الخوري كبيان ختامي، ناشد فيه الجميع "الالتفاف مجددا حول الشرعية اللبنانية المتمثلة برئيس البلاد العماد اميل لحود كي نستطيع تشكيل فريق انقاذ وطني قادر على إزالة الخلل في التوازن وتنقية العلاقات اللبنانية -السورية من أي ثغرات".

وترأس الجلسة جبران عريجي الذي أكد ان الدعوة إلى هذا اللقاء تمت بالتشاور مع رئيس اللقاء وهيئات المجتمع المدني والنقابات العمالية. بحسب ما نقلت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية.

وتحدث النائب عيسى الخوري، قائلا: اولا: ان لبنان هو وطن الرسالة، رسالة الحرية والإنسان والديموقراطية التوافقية، وان روح ميثاقنا الوطني توجب علينا احترام مبدأ الحوار وثقافة الاختلاف دون ان يؤدي هذا الاختلاف إلى اي شكل من اشكال التقسيم او التقاسم ودون الوصول ايضا الى مرحلة الغاء الآخر او تهميشه او ابعاده. ثانيا: ان النظام الديموقراطي البرلماني هو المثال الحي لحق المعارضة في الوجود وممارسة دورها وواجبها الوطني، ولكن المعارضة يجب ان تكون ايضا تحت سقف النظام الذي قبلنا به جميعا، وكذلك تحت سقف الشرعية الدستورية، لا ان تتحول المعارضة الى رافضة للنظام والشرعية لانها سوف تتحول عندها لا سمح الله الى حالة انقلابية على النظام الذي هو سبب وجودها. فمن هذا المنطلق ادعو بكل إخلاص النائب وليد جنبلاط، ابن البيت اللبناني العريق، كما أدعو جميع الزملاء المعارضين، الى المشاركة الفاعلة في مسيرة الحوار والاصلاح والوفاق.

ثالثا: اكد اللبنانيون جميعا رفضهم النهائي مبدأ التوطين والتقسيم، ولقد وردت هذه المبادئ في مقدمة دستورنا اللبناني. و نرفض ان توصف مقاومتنا الشريفة بالارهاب، وخصوصا انها لا تزال تقاوم اسرائيل داخل الاراضي اللبنانية المحتلة. لذلك، وما دام القرار 425 لم يتم تنفيذه بالكامل، سوف تبقى مقاومتنا صاحبة الحق في مقاومة اسرائيل ضمن مزارع شبعا.

واضاف: والوجود العسكري السوري في لبنان ساهم ولا يزال يساهم في تأمين الاستقرار الامني الذي تنعم به، بل انه ساهم كما ساهم بالأمس في منع الاعتداء الإرهابي على السفارة الايطالية، وانقذ ارواح الابرياء كما انقذ سابقا ارواح الابرياء الاميركيين باقرار الادارة الاميركية بالذات. الوجود العسكري السوري شرعي وموقت، ومبني على بنود وثيقة الوفاق الوطني واتفاقية التنسيق والتعاون بين لبنان وسوريا، علما بان عملية اعادة انتشار الجيش السوري تمت على مراحل متعددة قبل صدور القرار 1559.

وقال الخوري: اناشد الجميع الالتفاف مجددا حول الشرعية اللبنانية المتمثلة برئيس البلاد العماد اميل لحود، كي نستطيع معا وكما تمنى بالأمس البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير، وكما تطالب بذلك قيادات لبنانية صادقة، تشكيل فريق انقاذ وطني قادر على ازالة الخلل في التوازن وتنقية العلاقات اللبنانية السورية من اي ثغرات وصولا الى تأمين الوفاق الوطني الشامل

من جهته، قال الفرزلي: "ان الخطاب السياسي يكون اما موجها الى الداخل واما الى الخارج، وان محاولة الابتعاد عن الخارج وعدم مقاربته وعدم الحديث عنه، بحجة اننا ابرياء من هذا الخارج، يحمل في اطارها نسفا للجسور، وضربا للعلاقات اللبنانية- اللبنانية وتعميقا للانقسام والانشطار داخل الصف اللبناني. وان هذا الخطاب، من حيث يدري او لا يدري، يخدم هذا الخارج، مستخدما الساحة اللبنانية للضغط على سوريا بالتحديد، وهي الدولة الصامدة التي تتحدى المحاولات الاسرائيلية لفرض السلام الاسرائيلي".

واضاف موجها الكلام الى "اهلنا، وحصرا الى الداخل اللبناني: ان هذا اللبنان المرتبط امنا ومصيرا واستقرارا بسوريا، وهي الدولة المحاذية حدودا للعراق واسرائيل، هذا اللبنان نعلم ان اي عدم استقرار لا سمح الله في سوريا، يعني عدم استقرار في لبنان مضروبا بعشرة".

وتابع: ان الطرح الانقلابي الذي يرفض نتائج اقرها مجلس النواب، هو طرح لاخراج الامور من داخل المؤسسات الى خارجها. هذا الطرح خطير ويحمل في طياته دفع الامور الى مكان لا اعتقد ان اي لبناني مخلص مؤمن بلبنان يريده، وهذا ما اراه في نداء البطريرك صفير الذي يرى نتيجة ادراكه للنتائج التي يمكن ان تترتب على هذا الواقع".

جانب من اللقاء في الكومودور
ثم القى الوزير حميد كلمة قال فيها "اننا بأمس الحاجة الى لحظة الوحدة ومرحلة الانطلاق الى رحاب اوسع في العلاقات مع سوريا وليس الانطلاق نحو سجن كبير او صغير".

والقى النائب معوض كلمة اكد فيها "ان هذا اللقاء ليس ردا على لقاء في مكان آخر، وليس محكمة تهدف الى ادانة هذه المجموعة او تلك. انه لقاء لجذب الوطن للحوار الفاعل المنتج، بما يؤكد ان مشكلة لبنان اليوم ليست في حرياته العامة وهي مؤمنة، وليست في التمديد وهو دستوري، وليست في الوجود السوري وهو شرعي، بل انها في افتقاد احترام بعضنا لبعض، واعتماد لغة التهشيم والتحقير".

وقال النائب الموسوي: " ما نسمعه اليوم ليس الا محاولة لفرض وصاية دولية على لبنان تمهيدا لفرض شروط تبدأ بالتزام امن الكيان الصهيوني وقد لا تنتهي بالتوطين".

واكد "ان تمسكنا بسوريا لا يحيد عن هذا النهج لاننا ندرك ان لبنان لا يواجه لوحده، كما ان سوريا لا تكون قوية بمفردها لجبه الاخطار. ان سوريا حالت دون تقسيم لبنان في العام 1976، وحالت دون هجرة المسيحيين، وفي العام 1982 حالت دون صهينة لبنان وامركته".

وتلاه النائب فتوش: "ان الذاكرة بدأت تقصر في هذا البلد. لذا لن ندخل في ما حصل وما سيحصل. ان سوريا الاسد التي بسطت يديها للبنان وحده، تستأهل ان نقدم لها وردة لا خنجرا".

وختم: "نقول للغرب تحية للرئيس بشار الأسد البطل الكبير، واننا في لبنان نرفض ان نكون ردة الفعل، نحن الفعل، مع لبنان الواحد، الملتزم القضية، الرافض التقسيم والتجزئة".

ثم القى النائب السابق سلام كلمة جاء فيها:"ان القرار 1559 انما هو مشروع شامل للوصاية القريبة تتولى فيه اميركا واسرائيل الدور الرئيسي، وتوزع الادوار على قوى اخرى لتساهم في تصفية الصراع العربي- الاسرائيلي، وهذا القرار وان تناول لبنان بالشكل منطلقا من الانتخابات الرئاسية التي شدت بعض اللبنانيين الذين لم يدركوا حقيقة المخاطر، فقد تمت تغطية كاملة من مجلس الامن الدولي للضغط على سوريا في المجالين العراقي والفلسطيني، والضغط على لبنان حتى يعود الى الدوران في الفلك الاميركي والاسرائيلي".

ثم ألقى النائب الأول لرئيس حزب الكتائب اللبنانية رشاد سلامة الكلمة الآتية: "مقابل حفلات الهوس والاستفزاز والتحريض التي تعصف بالساحة السياسية اللبنانية، وفي مواجهة حملة الضغوط الجائرة التي تستهدف لبنان وسوريا عبر القرار التعسفي الرقم 1559 الصادر عن مرجعية دولية، لا بد لقيادات الاحزاب والقوى اللبنانية من تسجيل ما يأتي: أولا:ان أسمى مفاهيم الحرية اقترانها بروح المسؤولية، تحت طائلة تحولها الى فوضى تلامس العدمية. ثانيا: أن المواقف القصوى التي اتخذتها قوى وشخصيات معترضة على النتائج الدستورية تشكل انقلابا على واقع مكرس. بمشيئة السلطة الوحيدة التي تملك صلاحية هذا الإجراء، والتي لا يحل محلها تشكيل سياسي معارض، ولا مزاعم شعبوية، ولا يجوز الاستقواء عليها بتقارير السفارات ولا بتحريض الهيئات الدولية. ثالثا: ينبغي لقوى الاعتراض المحلية، ان تتنبه جيدا الى الحدود التي تتصادم عندها حركتها الداخلية مع مصالح لبنان العليا على مستوى ثوابته الاستراتيجية. رابعا: نتمنى على الداعين الى رفض النتائج الدستورية، السائرين بلبنان الى المجهول، تدفعهم انانياتهم الى تصفية حساباتهم الشخصية، والتعبير عن عقدهم النفسية، ومركب الدونية الذي يتحكم بسلوكهم وقرارهم، نتمنى على هؤلاء جميعا أن يعيدوا حساباتهم بدقة، في ضوء ما يمثلون فعلا من مجمل الشعب اللبناني، وفي ضوء ما يتمتعون به من قدرة.

وأعقبه النائب مرهج الذي قال: " مهما كانت الخلافات بيننا كلبنانيين، فهي مشروعة ما دامت تجري تحت سقف الطائف ومؤسساته، وما دامت تجري في إطار الثوابت الوطنية والقومية، والتي تعرض علينا اليوم سلام شارون جزار صبرا وشاتيلا، وديمقراطية سجن ابو غريب، وغوانتانامو".

واضاف: "لا بد للدولة، كما لجميع الاطراف من المبادرة بجرأة الى فتح باب الحوار على مصراعيه تمهيدا للمصارحة والمصالحة، وتشكيل حكومة وطنية جامعة تقطع الطريق على كل المحاولات التي تريد التسلل الى داخل البيت اللبناني تحت حجة الديموقراطية التي نخسرها كل يوم في العراق وفلسطين".

والقى رحمة كلمة قال فيها: "ان نظامنا يسقط من دون معارضة، لكن ان تتحول المعارضة الى انتفاضة وتشويش في أدق مرحلة يمر بها لبنان، فهذا امر مرفوض".

وتحدث النائب السابق الخطيب فاقترح ثلاثة أمور "كي لا يكون هذا المؤتمر عابرا، هي: - يجب ان يستمر هذا اللقاء لجبه التحديات التي ستستمر، وكي لا يكون رد فعل على ما يجري على الساحة. - ان القرار 1559 ما هو الا سايكس-بيكو، اي انتداب ووصاية من جديد عبر تغليف التدخل الدولي بشعارات زائفة حول الديموقراطية. وما شأن شيراك او بوش بدستورنا؟ المطلوب اليوم استنهاض حركة جماهيرية.

واخيرا، القى رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن كلمة باسم الاتحاد وباسم العمال العرب والاتحاد الدولي للعمال العرب "الذي واكب هذا الحدث وهو إلى جانب عمال لبنان بخيارهم ورفضهم للهجمة المتمثلة بالهيمنة الأميركية من خلال القرار 1559". واكد "تأييد خيار المقاومة وخيار الخط الاستراتيجي في العلاقة مع سوريا الحاضنة لقضايا العرب الكبرى".

وختم عريجي معلنا تبني كلمة النائب عيسى الخوري بيانا ختاميا للمؤتمر.

الحضور

وحضر المؤتمر نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي، والوزراء طلال ارسلان، وعبد الرحيم مراد، وايوب حميد، وميشال موسى، والياس سكاف، وعاصم قانصوه، وعلي حسن خليل، وكريم بقرادوني، وسيبوه هوفنانيان، وعلي العبدالله، والنواب: بشارة مرهج، وغسان الاشقر، وحسين الحاج حسن، وصالح الخير، ومروان فارس، ونزيه منصور، وغازي زعيتر، وجهاد الصمد، واسعد حردان،وسامي الخطيب، ومحمد يحيى، ويوسف المعلوف، ومحمود ابو حمدان، وفيصل الداود، وعمار الموسوي، واحمد حبوس، وجورج قصارجي، ووجيه البعريني، وفايز غصن، وانطوان حداد، وجمال اسماعيل، وقاسم هاشم، وقبلان عيسى الخوري، ونقولا فتوش، ومسعود الحجيري، وجبران طوق، ومحمد علي الميس، ونادر سكر، وعبد الرحمن عبد الرحمن. وشارك أيضا النواب السابقون: مروان أبو فاضل، وبهاء الدين عيتاني، وزاهر الخطيب، وفوزي حبيش، وعدنان طرابلس، وطلال المرعبي، ونقيبا الصحافة والمحررين محمد بعلبكي وملحم كرم ورئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي جبران عريجي، ووفد من الهيئة التنفيذية والمكتب السياسي وقيادة إقليم بيروت لـ "حركة أمل" ووفد من حزب الكتائب ضم النائب الأول لرئيس الحزب المحامي رشاد سلامة وجورج شاهين ورئيس حزب التضامن اميل رحمة ورئيس "المؤتمر الشعبي اللبناني" كمال شاتيلا ورئيس حزب رزكاري محمود فتاح احمد ورئيس المنتدى الاقتصادي الاجتماعي الدكتور زهير الخطيب ورئيس جمعية الدعاة محمد ابو القطع ورئيس حزب الطاشناق هوفنيك مختاريان ومعن بشور ورئيس جمعية الرياضة الصحافية رمضان فتاح وممثلون للاحزاب.