فادوفيتشي (بولندا): خيم الالم والحزن على مدينة فادوفيتشي مسقط راس البابا يوحنا بولس الثاني وعلى سائر بولندا التي قرعت اجراسها حزنا على وفاة ابنها الذي اعتلى السدة البابوية 26 سنة. وتجمع مئات المؤمنين امام كنيسة السيدة العذراء في فادوفيتشي على بعد عشرة امتار فقط من المنزل الذي ولد فيه كارول فويتيلا (البابا) في 18 ايار/مايو 1920، وجثوا على ركابهم مصلين بصمت بعيد اعلان وسائل الاعلام في العالم اجمع عن وفاة البابا.

وخرج البولنديون من منازلهم فور اعلان نبأ وفاة البابا وتوجهوا نحو الكنائس حاملين شموعا في ايديهم. وبعد ان انتشر الخبر وخصوصا بواسطة الرسائل القصيرة في الهواتف الجوالة، تجمعوا للصلاة في الساحات وامام الكنائس التي كان بعضها مقفلا بسبب الساعة المتأخرة.

فبالنسبة للبولنديين، يمثل البابا سلطة معنوية عليا ساهمت بشكل كبير في سقوط الشيوعية في اوروبا. وقد علمهم كيف يتجاوزون خوفهم من الاتحاد السوفياتي الذي فرض نظامه الديكتاتوري على نصف اوروبا منذ نهاية الاربعينات. وقرعت معظم الكنائس اجراسها حزنا واعلن الرئيس البولندي الكسندر كفاشنيفسكي ان الاعلام ستنكس في سائر انحاء البلاد حتى التاسع من نيسان/ابريل.

وبثت جميع الاذاعات البولندية مقاطع من عظات البابا تخللتها فقرات من سيرة حياته فيما بثت محطات التلفزة صورا حية من ساحة القديس بطرس في روما ومن التجمعات في كبرى المدن البولندية وخاصة كراكوفيا. وامضى البابا في هذه المدينة الجنوبية معظم سنين كشاب وكرجل الى ان عين حبرا اعظم في تشرين الاول/اكتوبر 1978، وقد اعلن كاهن وفاة يوحنا بولس الثاني امام الجموع التي احتشدت امام مقر اسقفية المدينة.

وفي مدينة دانسك الشمالية، امتنع الرئيس التاريخي للنقابات التعاونية البولندي ليش فاليسا عن الادلاء باي تعليق. وقال ابنه ياروسلاف انه "يريد ان يعيش موت البابا بسلام وسيمتنع حاليا على الادلاء باي تعليق". وقبل ساعات من وفاة البابا، كان فاليسا الذي اصبح مقربا من البابا منذ تاسيسه نقابته عام 1980، ما زال يصلي في كنيسة صغيرة في دانسك.

وقال فاليسا فيما كان يصلي "لقد ختم يوحنا بولس الثاني عصرا. المرحلة الجديدة التي تبدأ هي مرحلة رافضي العولمة والاتحاد الاوروبي. نحن بحاجة ان يبقى معنا وان يدعمنا ويعطينا تعليمات وتحذيرات".

وفي فادوفيتشي، سادت الصدمة في اللحظات الاولى للاعلان عن الوفاة. ثم بدأ الناس يعودون ادراجهم بصمت. كانت الدموع في عيون الجميع لكنهم فضلوا ان يطلقوا العنان لمشاعرهم في اوساطهم الحميمة. وقالت ماريا ستانوفسكا (50 عاما) "نحن حزانى، حزانى جدا (..) ما نريده الآن هو ان نحظى بالسلام". وفضل كثيرون عدم الرد على اسئلة الصحافيين. وقالت سيلفيا ليسون (19 عاما) وهي تجهش بالبكاء، "كما لو ان والدي قد توفي (..) كما لو ان الحب يرحل معه، الحب لجميع البشر، وترحل طيبته ايضا وقلبه الكبير".

وفي العاصمة وارسو، توجه الالاف الى الكنائس ما ان اعلن عن الوفاة بواسطة قرع الاجراس بلا انقطاع. وتجمع المئات في كنيسة القديسة حنة بالقرب من القصر الملكي، وملات الجموع داخل وخارج الكنيسة التي لم تخل من المؤمنين منذ الاعلان الجمعة عن تدهور صحة البابا. ووضعت شاشات عملاقة في الخارج لبث وقائع الصلوات الجنائزية في الداخل. وقطعت الطرقات في محيط هذه الكنيسة لكي يسمح للمؤمنين بالصلاة بصمت عن روح البابا المتوفى.