داود الشريان يقرأ التغييرات في الحكومة السعودية
الشريان للخوجة: الغام وزارة الاعلام قد لاترى بعكس الغام لبنان!
زيد بنيامين من دبي:
اكد الإعلامي والكاتب السعودي داوود الشريان على اهمية التغييرات التي شهدتها الحكومة السعودية مؤخراً بالاضافة الى التغييرات التي شهدها القضاء، مؤكدا على انها المرة الاولى على صعيد المنطقة التي يجري فيها تغيير انظمة ثم المجيء باشخاص يحملون فكراً ورؤى جديدة وشبه الشريان في حديث لايلاف جرى بعيد اجراء التغييرات الوزارية السعودية من اجل قراءتها، شبه التيار الاصلاحي في المملكة، بالسود في اميركا اللذين لم يتوقعوا قبل اربعين عاماً من الان ان يأتي رئيس الولايات المتحدة الاميركية منهم، وان خطوات الملك اصبحت تفاجئ الكثيرين منهم لانها اسرع من توقعاتهم.
وتوقع الشريان ان يرى العالم المرأة وزيرة في السعودية في غضون السنوات الاربع القادمة quot;ان لم يكن اقربquot;.. وهنا نص الحوار
كيف تقرأ التغييرات في الحكومة السعودية، واي من التغييرات هم الاهم في رأيك؟
داوود الشريان: لاول مرة يحدث في المملكة ان يتم تغيير لانظمة ثم يتم المجئ باشخاص.
في السابق كان يتم اختيار الاشخاص لتغيير الانظمة وهذه المرة عكس الملك عبد الله النظرية، ليس على صعيد المملكة فحسب، بل على صعيد المنطقة.
بعد ثلاث سنوات من توليه الحكم، تسأل الناس عن التغيير الوزاري، بينما جاء هو ووجد انظمة غير راض عنها في القضاء تحديداً، وفي التعليم، وهما قطاعان مفصليان في المملكة، فاحدث خلال الثلاث سنوات الماضية نظامان مهمان هما القضاء وقد انفق عليه 7 مليارات ريال (نحو 2 مليار دولار) و التعليم وانفق عليه نحو 9 مليارات ريال (نحو 2.5 مليار دولار).

وخلال السنوات الثلاثة توصل الملك الى اناس يديرون وينفذون هذه الرؤية، ولو تلاحظ فأن الاناس اللذين تم الاتيان بهم في صعيد القضاء مثلاً، هم من الشباب، تخرجوا من مدارس مختلفة، وليسوا خريجي معاهد وكليات سعودية، بعضهم درس في المغرب العربي، والغرب ومصر، وبعضهم الاخر درس في السعودية، اذا هناك مشارب مختلفة، بمعنى اخر.. هذه رؤية لتغيير مضمون وثقافة القضاء، اي ان التغيير ليس شكلياً، لكنه تغيير في ثقافة القضاء.
تغيير القضاء، يعني تغيير الناس، الاتيان بأناس جدد في نظام جديد يعطي فرصة افضل لتطبيق هذا الجديد، ولكن اذا تم الاتيان بنظام يقوم على اناس موجودين اعتادوا (ليس لسوء فيهم) على ثقافة معينة وبالتالي قد لا يطبقون كل الرؤية التي يريدها الملك، ومن هنا جاء التغيير.
في مسألة التعليم، هذا التغيير احدث نقلة مهمة، حيث نرى لاول مرة في تاريخ المملكة، دور قيادي للمرأة وتصبح صاحبة قرار في التعليم، وتصبح نائبة وزير لشؤون البنات، اي انها ستتولى هذا الفرغ الضخم الذي يتحكم بمصير 2.5 مليون فتاة.
لاحظ ان التعليم حظي بنائبين، تعيين الدكتور السبتي وهو متخصص في المعلوماتية ادار لسنوات مؤسسة (موهبة) التي ادارها الملك عبد الله واجرت دراسات مع شركات عالمية لتطوير التعليم في المنطقة العربية والسعودية تحديداً، واجرت دراسات مهمة جداً خلال السنوات الماضية تدور حول المنهج، ونوع التدريب، والبيئة المدرسية وكيف يمكن تطوير الابداع او الموهبة.
الشاب الاخر وهو فيصل بن عبد الرحمن بن معمر وكان يدير مكتبة الملك عبد العزيز وهو خريج الغرب مثل السبتي وكان قريباً من الملك عبد الله، واميناً عاماً للحوار الوطني، واخذ جميع الرؤى التي طرحت حول التعليم خلال جلسات الحوار.
اشرت الى نقطة معينة وهي ان الجهات التي جاء منها المعينون هي من خارج التعليم السعودي، الا يمثل ذلك طعناً بمخرجات هذا التعليم؟
داوود الشريان: لم اقصد هذا، الغالبية منهم هم من التعليم السعودي ولكنهم طعموا.
المملكة في تنميتها الاولى في الوزارة التي شكلت في عهد الملك خالد اوجد تغيير جيد لان الملك خالد جاء بمجموعة من الوزراء اللذين درسوا في الغرب، واحدثوا نقلة وجاؤوا برؤى جديدة.
القضاء هو مجموعة تجارب، هناك نظام، وهناك اناس منفتحون، هناك ثقافة منفتحة على مدارس اخرى، ومجتمعات اخرى وتجارب قضائية اخرى، المسألة ليست طعناً في التعليم، المسألة انه حينما تتعامل مع البشر يجب ان تتنوع كما هم متنوعون.
اللذين يعيشون في المجتمع مشاربهم مختلفة ومتنوعة، وبالتالي انت تأتي بأناس يتفهموم جميع الثقافات او اللغات او الرؤى الموجودة في المجتمع.
هل ترى انه خلال الفترة المقبلة، سنشهد نوع من اعطاء المرأة للمسؤوليات التي تخص المرأة مثلما حصل مع نورة الفايز؟
داوود الشريان: اعتقد انه ابتداءً ومع تأسيس اول جامعة بأسم امرأة وهي جامعة الاميرة نورة بنت عبد الرحمن وهي اخت الملك عبد العزيز، كانت بداية تعد بأمور اخرى، بعدها تعيين نائبة وزير.
اعتقد ان الخطوة القادمة ستكون وزيرة لكن دائماً السعودية تأخذ الامور بالتدريج ولا تحب عمل صدمات، سترى تجربة نائبة الوزيرة، وانا لا استبعد ان تدخل في المستقبل الوزارة، لاحظ ان المرأة في عهد الملك عبد الله لم تشهد هذا فقط ، فلأول مرة في تاريخ المملكة، يحضر الملك حفل تخرج بوجوده هو، وتظهر صوره في الجرايد والطالبات يقفن في المدرج مع الطلبة، ويفرحن بالمناسبة.
في السابق كانت الفتاة السعودية تأخذ الشهادة من الخلف، ولكن رغم ان الحركة التي قام بها الملك كانت رمزية، الا انها كانت ممتازة.
في عهد الملك عبد الله امتلأت الجرايد بصور استقبالات لسيدات يعملن في التعليم والقطاعات الاخرى، يستقبلهن كما يستقبل المسؤولين، فالمرأة في عهده دخلت الصورة او المشهد الاجتماعي والسياسي.
نحن لا نختلف في اننا سنرى المرأة في السعودية وزيرة، ولكن كم من الوقت يجب ان ننتظر؟
داوود الشريان: والله اتوقع بعد اربع سنوات من الان، ممكن ان ترى وزيرة، يعني الآن هذه التعينات مدتها اربع سنوات فلا استغرب في الدورة المقبلة سترى وزيرة، هذا اذا لم يحدث قبل انتهاء السنوات الاربع.
التيار الاصلاحي في السعودية ما موقعه اليوم بعد هذه التعيينات؟
داوود الشريان: اي تيار اصلاحي!
اذا قلنا ان هناك تيار اصلاحي سعودي يدعو الى الاصلاح وتوزير المرأة، اين موقعه اليوم بعد هذه التعيينات؟
داوود الشريان: بعض من ينادون بالاصلاحات وجدوا خطوات الملك اسرع منهم واسرع مما توقعوا هم.
انا اشبه التيار الاصلاحي في المملكة بالسود في اميركا، فهم لم يكونوا قبل اربعين عاماً من الان ان يكون منهم رئيس الولايات المتحدة الاميركية.
ايقاع التغيير لم يكن شكلياً، يعني الملك ينتظر 3 سنوات، ولا يغير الوجوه التي هي ضمن استمرارية البلد ثم يغير القوانين ويأتي بالاشخاص، هذا يدل على نفس عملي، وجاد.
من السهل ان تأتي بطاقم من الاشخاص وتضعهم كما هو حال الدور العربية التي يأتي فيها الرئيس او الملك ثم يغير الطاقم، الملك عبد الله لم يغير هكذا، صبر 3 سنوات الى ان غير الانظمة وجاء بالاشخاص وهذه خطوة ممتازة.
هناك نوع من التوالي في كلامك، تغيير انظمة، ثم تغيير وجوه، بمعنى اننا اذا احسسنا ان هناك تغيير في مكان ما في الانظمة فأن هناك تغيير في الوجوه قادم، ماهي الانظمة التي غيرت في غير هذه الوزارات الاربع ولم تتغير الوجوه حتى اللحظة؟
داوود الشريان: لم ارى انظمة غيرت في قطاعات اخرى، هناك شيء يجري في الاروقة لكنه لم يعلن، ولم يجري تغيير بعض الوزارات الى ان ينتهي هذا النظام.
ما هي هذه الوزرات؟
داوود الشريان: مثل الاقتصاد، في مسألة الشؤون الاجتماعية والبلديات، هناك حديث عن تخصيص قطاع البلديات وتقليص دوره او روتينه او عمله الاداري، هناك اشياء كثيرة تجري حول هذه الانظمة كلها لم تعلن، اذا اعلنت ستترافق مع تغيير الاشخاص.
من هو عبد العزيز الخوجة وزير الاعلام الجديد؟
داوود الشريان: الدكتور خوجة هو مكسب وقد مر على الوزارة سابقاً كوكيل وهو شاعر وصديق للاعلاميين، وهو من السهل الممتنع، شخص بسيط ويبدو اكثر مما يعرف، ثم انه لعب دوراً كبيراً في لبنان، وان كان لبنان مليء بالالغام، وقد استطاع ان يقدم الرؤية السعودية وان يكون وسيط جيد للدبلوماسية السعودية في لبنان.
ونجح الخوجة في ان يكون سفيراً في منطقة ملغومة، واعتقد ان يأتي الان الى وزارة الاعلام فأن في الامر لا يخلو من لمحة سياسية.
الا تخافون انتم الاعلاميين من ان السفير الخوجة سيعطيكم اجوبة دبلوماسية ويرضي جميع الاطراف في وزارته؟
داوود الشريان: لقد تعاملنا معه سابقاً، ونعرفه على الصعيد الشخصي، هو رجل منفتح جداً ومتواضع، ويسمع للناس كلهم، وليس رجلاً يحب المديح، ولا يحيط نفسه بمكاتب حتى حينما كان في بيروت كسفير، كان بابه مفتوحاً للجميع.
ما نصيحتك له باعتبارك صديق له؟
داوود الشريان: نصحيتي كصديق، ان يفكر في البحث عن نظام مستقل للاذاعة والتلفزيون في السعودية، ان يحولهما الى مؤسستين يكون هو رئيس مجلس ادارتهما ويأتي لهذه المؤسسة بأناس من خارج الحكومة، ويديرها بشكل تجاري على نحو القطاع الخاص، ويستطيع ان يبقي على قناة واحدة تذيع البيانات الرسمية لكن المنظومة الضخمة التي يملكها الاعلام السعودي تمثل جهازاً كبيراً يجب ان يعمل على خفض الاعباء بتحويل تلك المؤسسة من حكومية الى شبه حكومية.
الغام وزارة الاعلام السعودية اكثر واخطر من الغام لبنان ام العكس؟
داوود الشريان: (يضحك) والله وزارة الاعلام عندنا فيها الغام جيدة، بس الغام ارضية .. ما تنشاف، في لبنان تعامل (الخوجة) مع الغام معروفة، في السعودية يتعامل مع الغام لا يستطيع السؤال عنها!..