مستشار الأمن القومي العراقي في حديث موسع مع إيلاف 2-3
موفق الربيعي: نجحنا مع السعودية في تجفيف منابع الإرهاب

موفق الربيعي: علاقتنا مع إيران علاقة مصالح وصداقة
حاوره عبد الرحمن الماجدي: تواصل إيلاف نشر الحديث الموسع مع مستشار الأمن القومي العراقي الدكتور موفق الربيعي الذي كان قد تحدث في الجزء الأول عن الضجة التي إثيرت مؤخرًا حول مستشارية الأمن القومي في العراق وعن العلاقة مع إيران. ويتحدث اليوم عن علاقة العراق بدول الجوار العربي وكيف نجحت جهود العراق مع جيرانه خاصة المملكة العربية السعودية في تجفيف منابع الإرهاب. وفند ما أثير في بعض وسائل الإعلام العراقية حول إعدام عراقيين في المملكة. وعن سبب الفتور السياسي بين البلدين حتى الآن. وحمّل الربيعي بعض صغار ضباط الأمن السوريين تقديم الدعم اللوجستي للإرهابيين، وغض البصر في مناطق واجباتهم عن تدفق الإرهابيين للعراق دون علم السلطات العليا السورية بذلك. ويرى في العلاقة مع دولة الكويت التي توترت مؤخرًا أن بوليصة التأمين للكويت في العراق وبالعكس هي باستثمار مليارات الدنانير الكويتية في العراق وخلق شبكة مصالح مشتركة.

ربما كان الدكتور موفق الربيعي أكثر القادة العراقيين زيارة للممكلة العربية السعودية... ما هو موقف المملكة الرسمي من الحكومة العراقية؟ هل كما ذكر الرئيس الطالباني بأن الممكلة ترى أن الحكومة العراقية الحالية ترسخ التمييز الطائفي؟ وهل آراء جميع القادة السعوديين هي نفسها حيال الحكومة العراقية؟

هناك ثلاث قضايا مع المملكة العربية السعودية يجب أن ننظر لها بعناية؛ أولا هناك الجانب الأمني وهو يمكن أن تتعاون بشأنه الدولتان مع بقاء اختلافهما السياسي. وعلى هذا الأساس عملنا نحن مع الممكلة حيث كان يأتينا نحو مئة إنتحاري في الشهر يزيد عدد السعوديين عن نصفهم. بينما وصل العدد الآن الى واحد أو اثنين في الشهر. وهذا التراجع في عدد الانتحاريين لم يحصل بالدعاء والتمني؛ بل من خلال مفاوضات طويلة خضناها معا لتجفيف منابع الارهاب.

كيف كانت تجري هذه المفاوضات؟

حين نلقي القبض على الإرهابي القادم من القامشلي السورية، نقوم بدراسة الجانب المتعلق بقصته داخل العراق. والنصف الثاني من التحقيق هو مَن دعمه لوجستيًا أو أعطاه فتوى وأي مسجد كان يتردد عليه. ومن وفر له الطريق من جدة لعمان ومن عمان لدمشق حتى وصل للعراق، ومن أعطاه المال.. وهو نصف معني به الجانب السعودي.. وعلينا أن نجمع النصفين لنكمل القصة ونسيطر على منابع الارهاب.. والنتائج واضحة الآن التي هي نتاج أشهر طويلة من اللقاءات والمباحثات الثنائية.

لكن القوات العراقية قامت بحملات ساعدت بشكل كبير في تراجع الهجمات الإرهابية؟

نعم وهذا يدخل ضمن البحث عن أسباب تتراجع مستوى العنف، ويدخل فيه التنسيق مع دول الجوار والصحوات. والقوات المسلحة العراقية وصلت الى مستوى الكتلة الحرجة؛ أي نمت عددًا وعدة وتسليحًا وتدريبًا وكفاءة وخبرة. وتمكنت من أن تقلب الطاولة على الارهاب. إضافة الى التنسيق الأمني مع دول الجوار. فمثلاً ماكان يمكن أن يحصل الانتصار على الميليشيات من قبل قواتنا المسلحة لو لم ننسق مع الجارة إيران للمساعدة على منع تسريب السلاح للعراق.

لكن هناك اتهامات لإيران بإنها كانت تمد الميليشيات بالسلاح؟

نحن قلنا إن إيران قامت بمواقف إيجابية سهلت من عمل قواتنا المسلحة وصعبت محاولات الميلشيات من تهريب السلاح عبر الحدود.

كذلك فإن ثقل الممكلة العربية السعودية الاقتصادي والديني والسياسي في المنطقة له أهميته بالنسبة للعراق؛ فهي كدولة بهذا الثقل يحتاجها العراق بجانبه وهي تحاج العراق كجار وشقيق وصديق. ونحن نشترك معها بحدود تبلغ 860 كم، وهي ثاني أطول حدود بعد إيران. ولحد الآن لم يثبت لدينا أن أيًّا من الارهابين القادمين من السعودية لهم بالحكومة. ولم يأت أحد منهم من الحدود مباشرة إلا عدداً نادراً، بل كانوا يأتون عبر سورية.

ومن كان يساعدهم في سورية؟

في سورية الأمر مختلف حيث هناك ضباط أمنيون صغار كانوا يقدمون الدعم للارهابيين. ولم نتأكد إن كان للسلطات السورية علم بهذا الدعم. لكن الذي نعرفه أن الأجهزة الأمنية السورية مسيطرة على الوضع. لكن هناك اشياء تحدث من دون علم الاجهزة.. إنما لدينا أدلة أن هناك ضباطًا صغارًا من الاجهزة الامنية السورية يغضون البصر عما يجري في مناطق واجبتهم وآخرون متورطون بالدعم اللوجستي وفقا لقسم من الأدلة التي لدينا.

لدى العراق معتلقون سعوديون ولدى المملكة معتقلون عراقيون هل قام الدكتور موفق الربيعي بمساعٍ في هذا الملف؟

معظم السجناء العراقيين في السعودية متهمون بجرائم غير إرهابية، مثل تجاوز الحدود أو السرقة أو القتل أو تجارة مخدرات. وهم من المحافظات المحاذية للحدود مثل السماوة والناصرية. لكن أغلب المعقلين السعدويين بالعراق هم مسجونون بتهم إرهابية.

هل تم تبادل للسجناء بين الجانبين؟

موفق الربيعي والأمير نايف بن عبد العزيز
ننتظر توقيع اتفاقية تبادل السجناء مع المملكة العربية السعودية. وقد سلمنا الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعدوي نسخة من الاتفاقية المقترحة لعرضها على مجلس الوزراء لغرض مناقشتاها وإقرارها، ثم تحويلها لمجلس النواب للمصادقة عليها ليتم بعدها تبدل المحكومين.

وأود الاشارة هنا الى أن العراق لم يسجل وجود أي سجين أو موقوف سعودي في السجون العراقية. لكن تم تسليم بعضهم للسلطات السعودية.

من تم تسليمهم هم 9 سجناء كانوا في سجون قوات الإحتلال، وهي من قامت بتسليمهم. ومقابل ذلك، كموقف حسن نية من الممكلة، أرسلوا لنا 16 سجيناً عراقياً في عيد الفطر السابق، وأغليهم من سكان محافظة السماوة.

لكن يثار الآن في بعض وسائل الاعلام العراقية كلام كثير حول سجناء عراقيين في المملكة تم إعدامهم؟

هناك خمسة أسماء تم تداولها عبر وسائل الإعلام العراقية. وقد ذهبت للممكلة العربية السعودية، وتناقشنا حول تلك الأسماء، واتضح أن هؤلاء هم من مهربي المخدرات الذين طالب الإدعاء العام بإعدامهم. ولم تتم المصادقة على ذلك، وهو طلب طبيعي في محاكمات من هذا النوع الخاصة بالمخدرات في الممكلة، حيث يطالب ممثل الادعاء العام بإنزال أقصى عقوبة بحق المدان وهي الإعدام. لكن عادة تتم معاقبتهم بالسحن من سنتين الى خمس سنوات.

ولكن هناك خمسة أسماء اخرى متمهمين بالاتجار المتكرر بالمخدرات والقتل. اثنان منهم تمت تسوية الأمر بين العوائل من خلال دية الدم. وبقي ثلاثة، إثنان منهم هناك مفاوضات بين العوائل حول مبلغ الدية قبل التسوية. وقد أخبرني الأمير نايف بن عبد العزيز بأنه سوف يدفع المبلغ المتبقي الذي لاتستطيع عائلة المتهم.. وحين سألته عن سبب تحمل ذلك من قبله، أخبرني أن إعدام الشخص الواحد يكلف 150 ألف ويحتاج إلى 27 توقيعًا، وجهد كبير، أي يتطلب وقتًا وجهدًا ومالاً. والأفضل أن ندفع الدية بالمال وننتهي. أما المتهم الخامس فإن ولي الدم لم يبلغ الحلم بعد وينتظرون أن يبلغ الحلم لاتخذا القرار أو قبلوه من خلال المفاوضات العائلية لقبول الدية.

وأود القول إن العلاقة مع السعودية مهمة جدا لنا ولهم. ويجب على العراق اقامة العلاقات معها. وهناك من المتطرفين على جانبي الحدود الذين لايريدون إقامة علاقات بين البلدين.. لكن الوسطيين المعتدلين يتعاملون وفق المصالح بين البلدين. ولدينا مصالح اقتصادية وأمنية مشتركة لان العدو الذي نحاربه هو عدو واحد المتمثل بالخط التكفيري المتشدد. وهناك بعض وسائل الاعلام عراقية وسعوية مدفوعة لدوافع سياسية وطائفية تحاول إعاقة تقارب البلدين سياسياً.

انتظار للدور السعودي بالعراق طال والان تالوقت مناسب جدا للسعودية للدخول بقوتها الاقتصت\صدثيو السياسية والدينية والدول العربية للتواجد في العراق لكي لايثبت المشروع الطائفي ولاجل تشجيع المشروع الوطني العروبي. ونعتقد أن انفتاح الاشقاء العرب على القوى السياسية العراقية هو جانب ايجابي.

لكن هناك حديثًا من قبل مسؤولين عراقيين كبار عن توجس سعودي من الحكومة العراقية الحالية؟

نعتقد أن من المناسب جداً فتح العلاقات الدبلوماسية وخلق شبكة مصلح متادبلة بين العراق وجميع أشقائه العربن وليس السعودية فقط. ولعل بعض الدول مترددة من إقامة علاقات مع الحكمة العراقية لاعتبارات شخصية، وأعتقد من الخطأ اختزال العراق بأشخاص. فالعراق أحد أركان الشرق العربي، ولا يمكن إختزال العلاقة به بشخص أو حزب. ويمكن لأشقائنا العرب مد الجسور مع القوى السياسية الوطنية العراقية المؤتلفة بالحكوم وخارجها. وكذلك خلق شبكة علاقات اقتصادية وأمنية.

وما قصة العلاقة مع الكويت التي تدهورت مؤخرًا ومدى مساهمة الجانب الامني في ذلك؟

نحن كحكومة عراقية نحترم كل تعهدات العراقي الدولية والقرارات الصادرة من مجلس الأمن، ونعترف بالكويت دولة عربية جارة وبلد مستقل وذا سيادة. ونعتقد ان بوليصة تأمين أمن واستقرار الكويت هو وجود نظام ديمقراطي بالعراق. لأن أي نظام استبداي ببغداد يهدد الأمن الوطني الكويتي. وما حدث منذ عام 1990 بين البلدين لا يمكن تجاوزه بأشهر أو أسابيع. وما أحدثه صدام لا يمكن أن يمحى من الذاكرة ببضع سنين. ويتطلب بناء جسور الثقة بين الشعبين وليس بين الحكومتين فقط.

وقد كان لتصريحات المتشددين من الجانبين تهديدًا لقوة العلاقة بين البلدين. وعليه نؤكد على تمتين العلاقة بين الشعبين. وأدعو للتوأمة بين جميع المؤسسات والنقابات بين البلدين. من أجل بناء عوامل الثقة.

فلو كان هناك مئة مليار دينار كويتي مستثمرة في العراق، حتى في عهد صدام حسين، لفكر ألف مرة قبل الغزو. وعليه يجب بناء شبكة علاقات بين البلدين. واشراك الأموال الكويتية في إعادة إعمار العراق، لأجل ضمان أمن الكويت. مثلا لو كان لدينا مليون عراقي يعلمون في مصالح كويتية داخل العراق لخلق ذلك شبكة مصالح مشتركة تبعد أي عراقي عن أي تفكير عدواني تجاه الكويت.

أعلنت قبل أيام قليلة في بغداد عن تشكيل تيار أو حزب الوسط. هل ستدخل الانتخابات به؟ ومن معك فذلك؟ وهل ستتحالفون مع جهة معينة؟

هناك عدة نقاط أود الاشارة اليها أولاً، وهي أن العملية السياسة التي قدناها قبل 6 سنوات قد تجمدت منذ 2005 وبداية 2006 وتحتاج لدفعة تجنبا للمشاكل الكبيرة. والوسط يسعى لجلب دماء جديدة من خارج الاسماء المعروفة. والعملية السياسية أدخلتنا في خنادق وكونتونات عراقية وطائفية وتخندقت الأحزاب الخمسة التقليدية الكبيرة طائفيًا وعرقيًا. ويمكن أن يحدث الآن ومستقبلاً ما يكن أن نسميه التقسيم الناعم، الذي نخشى يجرنا نحو اللبننة.

وعلى هذا الأساس نعتقد أن الانتخابات القادمة هي أفضل فرصة لتشكيل مشاريع وطنية تعبر الحدود المذهبية على الأقل. ومن هنا تشكل الوسط... وهو يحوي خليطًا مذهبيًا.

فالقوى السياسية فشلت منذ عام 2003 في خدمة الطبقات المظلومة والضعيفة والذين من أجلهم جاء التغيير. وعانوا وقت نظام صدام. وللاسف لم نقترب من مصالحهم. مثلا قطاع الزراعة، حيث كان صدام حسين يعطي وقوداً وسماداً وبذوراً للفلاح.. أما الان فلم نقدم أي منها للفلاح. واذا قدمت فبشكل جدًا محدود. أما الصناعة فكانت المصانع المختلطة تعمل بكفاءة أكثر من 50 في المئة، والأن بأقل من 10 في المئة. والحصة المتوينية كانت تصل موادها للمواطنين جميعًا. أما الآن فتصل لاقل من 60 في المئة من المستحقين، وأقل من 50 في المئة من المواد. مع العلم أن الأثمان صارت ثلاثة أضعاف.

وهذا يدل على أن النخب السياسية لم تنجح في توفير الخدمات الاساسية للمواطنين، كالماء الصالح للشرب والصرفالصحي أو الرعاية الصحية أو الخدمات التعلمية.

هل تعلم أن هناك عشرات المدارس ما زالت مبنية من الطين، والطلاب يجلسون على الأرض؟ وهذا يدل على أن هناك خطأ كبير. ولهذه الأسباب تشكل الوسط، وهو حالة تعبوية لأولائك الناس الذين لم يشترك منهم ما نسبته 50 في المئة في الانتخابات ونحاول أن نجعلهم يشتركون بها.

والسؤال هل أستطعنا أن نبني دولة مؤسسات خلال الخمس سنوات الماضية. كلا استطعنا أن نبني سلطة ورجال سلطة لا دولة ولا رجال دولة؛ لأن المؤسسة محايدة والدولة محايدة. لكن الحكومة ككيان ليست محايدة لذلك فالطائفية تنبع من هنا.

مثلا قبل فترة عينا نحو 45 سفيرًا جميعهم تابعون للأحزاب، وكثير منهم بلا كفاءة. وهذا سيتسبب باستعداء أبناء شعبنا. فكيف نهمل كبار الاساتذة في العلوم السياسة ونعين شخصا لا يحمل شهادة سفيرًا في دولة لا يعرف حتى لغتها؟

هل تتوقعون أن يحقق الوسط نجاحًا في الإنتخابات المقبلة؟

إن شاء الله... غايتنا هي أن نجمع الأحزاب الصغيرة والشخصيات الجيدة والنظيفة ضمن هذا الكيان. ولو نجحنا في جمع هؤلاء، نستطيع أن نقول إن الشعب العراقي رفض التطرف الطائفي والديني والعرقي. وسيكون ذلك نواة لمشروع وطني جديد.