زيارته إلى بغداد قد تفخّخ علاقات الأردن وسوريا
الذهبي أخفق بملفّ المعتقلين في العراق وينتظر نجاحًا إقتصاديًّا

عامر الحنتولي من الكويت: تعرّضت الحكومة الأردنية اليوم إلى حرج سياسي بالغ من قبل الحكومة السورية، حين أرسلت الأخيرة كتابًا إلى نظيرتها الأردنية تخبرها فيه بتعذر إستقبال رئيس الوزراء الأردني نادر الذهبي في الموعد الذي سبق وأعلنته الحكومة الأردنية منفردة الأسبوع الماضي. وكان ذلك في محاولة من الحكومة الأردنية وقتذاك للرد على تقارير ومعلومات أشارت إلى أن توقيت زيارة الذهبي إلى العاصمة العراقية بغداد، وحديثه فيها عن دول مجاورة ينبغي لها الحفاظ على سلامة وأمن العراق، وهي السقطة السياسية للذهبي التي اعتبرتها مرجعيات في عمان أنها غير موفقة وتؤذي العلاقات الأردنية السورية المهددة أساسًا تحت لافتات وعناوين تشكل مادة دائمة للخلاف وأهمها الملف المائي، وترسيم الحدود، لكن طواقم حكومة الذهبي تحركت بسرعة لتدارك الأمر، وبالتالي تفادي إدارة ظهر سورية للأردن، لكن إعتماد الذهبي على أقلام صحافية في هذا الإطار أفشل هذا التحرك تمامًا.

ولوحظ اليوم أن تصريح الناطق الرسمي بإسم الحكومة الأردنية الدكتور نبيل الشريف وزير الإعلام والإتصال الحكومي كان مقتضبًا وغامضًا إلى حد كبير، كما أنه كان حصريًا لوكالة الأنباء المحلية الرسمية (بترا) ولم يكن في مؤتمر صحافي كما جرت العادة كي يوجه الصحافيون أسئلتهم الإستفهامية والإستيضاحية حول دواعي الإرجاء السوري، إذ يشير التصريح الى تحديد موعد جديد للزيارة بناء على تنسيق بين الذهبي ورئيس الوزراء السوري محمد عطري بغية تحضير أمثل للملفات قبل إجتماعات اللجنة الأردنية السورية العليا المشتركة، وهو ما يخالف إشارات في دمشق، إذ إن الموعد الأردني الجديد يتأخر نحو أسبوعين فقط عن الموعد الأول الذي سربته الحكومة الأردنية للسيطرة على تداعيات تصريحات الذهبي في بغداد.

لكن الإشارات السورية تتحدث عن جولة عربية موسعة للرئيس السوري بشار الأسد بعد إجازة العيد على رأس وفد رفيع المستوى في مقدمته رئيس الوزارة السورية عطري، كما أن المعلومات في دمشق تتحدث عن تغييرات ستطال مواقع عليا في دمشق قد يكون من بينها موقع رئاسة الوزراء، وهو بالتالي سيفرض تأجيلاً جديدًا لزيارة الذهبي، إذ إن الموعد الجديد المحدد بالأسبوع الأخير من الشهر الحالي، قد لا يكون ثابتًا، وسيتم برمجته وفقًا لمساع حكومية أردنية لتطويق أي تداعيات سلبية لتصريحات الذهبي في العراق التي صدرت وكأنها إصطفافًا أردنيًا الى جانب بغداد التي كان تصعد بشدة خلافها مع دمشق، والتهديد بنقل الخلاف الى المستوى الدولي، وهو الأمر الذي وصفه الأسد بأنه مسألة تفتقد للأخلاقية.

وكانت أوساط سياسية وإعلامية أردنية قد تساءلت الأسبوع الماضي عن دواعي زيارة الذهبي الى بغداد في وقت تنهار فيه العلاقات العراقية السورية، وكذلك جرى التساؤل في عمان جدوى الزيارة الى بغداد التي كان ممكنا تأجيلها وإنتقاء ظرف أفضل لها، على إعتبار أنه لا توجد أي مكاسب سياسية أو إقتصادية أو أمنية للزيارة التي لم يرشح عنها أي فائدة حتى الآن رغم مرور أسبوع عليها، فالحكومة العراقية أرسلت جميع الملفات التي أثارها الذهبي في بغداد الى ثلاجة لجان فنية حكومية للنظر فيها، وهي مسألة تعني في العرف السياسي أن بغداد غير متحمسة أبدًا للطرح الحكومي الأردني، وبالتالي فإن فحص اللجان وإصدارها توصيات بشأن الملفات الأردنية هو أمر ينطوي على تعقيدات بالغة قد يستدرج أشهرًا للبت بها، علمًا أن مطالب الذهبي في بغداد كانت إقتصادية وشعبية في مسعى لإطالة عمر وزارته وخلق شعبية لها في الداخل الأردني، إلا أن مصير وزارة الذهبي لا يزال غامضًا بشدة ويتأرجح بين سيناريوهات الإقالة والإستقالة والتعديل الحكومي الموسع، لكن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وفقا للدستور هو صاحب الأمر الأول والأخير بشأن أي تغييرات من أي نوع ستطال الحكومة.