زيدان في افتتاح المؤتمر السادس للمخطوطات
أوروبا نشرت التراث العربي مبكرا فكان فهمها لنا أبكر من فهمنا لنا
محمد الحمامصي: أكد د.يوسف زيدان في محاضرته الافتتاحية للمؤتمر الدولي السادس لمركز المخطوطات (النشر التراثي ـ المفهوم، القضايا، الآفاق المستقبلية) أن قصور العناية بنشر النصوص المؤسسة والممهدة للتراث العربي الإسلامي، وقصر النظر عن عملية التراثيات المتعاقبة، يمثلان واحدة من القضايا الجوهرية التي يطرحها المؤتمر انطلاقا من أن النظر في أصول التراث العربي والإسلامي لن يقلل من شأو أو شأن العربية.
وكشف د.زيدان عن أن نشر التراث العربي في عمومه ابتدأ خارج الديار العربية، بل كان ابتداؤه بعيدا ومن وراء البحار في إيطاليا وألمانيا والهند، فهناك توالى مبكرا ظهور النصوص التراثية العربية مطبوعة في أوروبا، بعد عشرين عاما فقط من ظهور المطبعة الحديثة علي يد يوحنا جوتنبرج، وبعد ذلك بقرابة قرنين من الزمان بدأ العرب ينشرون علي استحياء تراثهم في بلادهم، وبدأ في حلب أول مدينة عربية بادرت إلي هذا الأمر الجليل.
وأضاف د.زيدان: إن الوعي بالتراث العربي مرتبط بالضرورة بنشر نصوصه وإلا فكيف نعي تراثا مطمور الأوراق في الخزانات الخطية العتيقة وقد ظل طويلا ولا يزال معظمه غير مفهرس ولا منشور، وكيف بادر البعض من أساتذتنا العرب خلال العقود الماضية إلي تقديم قراءات في التراث وطرح نظريات في العقلية العربية، من دون الاعتماد علي المخطوط من تراثنا، وهو الذي يمثل قرابة التسعين بالمائة من مجموعه العام؟ لقد نشرت أوروبا التراث العربي مبكرا، فكان فهمها لنا أبكر من فهمنا لنا، وحسبما ورد في الحديث الشريف فإن الخير في البكور.
ويا ليتنا بعد التأخر في النشر بادرنا إلي تعويض ما فات وإنما فاتنا البدء ثم فوتنا اللحاق بالركب، وهنا لابد من الاعتراف من دون أي رغبة في جلد الذات، بأننا رحنا في بلادنا مؤخرا ننشر المنشور ونكرر المكرر من منشورات الآخرين، فصرنا للأسف غير جادين في الإمساك بزمام النشر التراثي، وغير واعين بطبيعة تراثنا الممتد فينا، أو نحن علي الأقل أقل وعيا به وجدية في تناوله، من ذاك الذي أسميناه مؤخرا الآخر الأوروبي.
المؤتمر سيناقش محاور منها (التقنيات المعاصرة لإخراج النصوص التراثية) و(النشر الرقمي لمتون التراث العربي وآفاق الإتاحة الالكترونية للتراث) و(ظاهرة تكرار نشر نصوص بعينها من التراث في العالم العربي وخارجه) و(أثر الإقبال الأوروبي على نشر التراث الأوروبي quot; اللاتيني - اليونانيquot; في عملية النشر التراثي للمتون العربية) و(مناهج ومدارس النشر الأوروبية الخاصة بمتون التراث العربي) و (الصلة بين حركتي الاستشراق والنشر في أوروبا) و (الدعم المعرفي الذي قدمته المطبعة للمستشرقين وقدمه المستشرقون للمطابع).
وتتضمن المحاور أيضا (أثر تراكم المخطوطات العربية في المدن الأوروبية في حركة النشر التراثي) و(هل شجعت النـزعة الاستعمارية عملية النشر التراثي العربي أم كانت هناك دواع معرفية بريئة لذلك) و(مناهج النشر والتحقيق الخاصة بأوائل المطبوعات العربية في أوروبا).
ولا يزال المجهول من التراث العربي أكثر من المنشورquot; حيث ترجمت النصوص العربية إلى اللاتينية قبل ظهور المطبعة بعدة قرون.
وضرب لذلك مثلا بالمستشرق جيرارد الكريموني (1114-1187) الذي ترجم كتاب (القانون) لابن سينا قبل نشر تلك الترجمة في فينسيا (البندقية) عام 1473 quot;بعد انقضاء ثلاثة قرون على انجازها.
وبعد ثلاثة عقود فقط على اختراع آلة الطباعة (على يد الألماني يوحنا جوتنبرج نحو عام 1455) صدرت عام 1480 ترجمة جيرارد الكريموني أيضا لكتاب (الأسرار في الكيمياء) للرازيquot; وكذلك ترجمته للقسم الجراحي من كتاب (التصريف لمن عجز عن التأليف) للزهراوي التي صدرت عام 1497 ثم ترجمته لأعمال الكندي وإخوان الصفا التي صدرت هناك عام 1507.
وأضاف أن طبعات الترجمات اللاتينية لمتون التراث العربي توالت فظهرت في ايطاليا وألمانيا طبعات لترجمات مايكل سكوت (1175-1236) لأعمال ابن رشد وابن سينا وصدرت في مدينة بادوا الايطالية عام 1477 ترجمة كتاب (النفس) لابن رشد شارحا لأرسطو .
وصدرت عام 1492 ترجمة كتاب quot;لا نعرفه لابن سيناquot; يشرح فيه كتاب (الحيوان) لأرسطو كما صدرت ترجمات منها (كتاب السماء والعالم) لحنين بن اسحاق و(رسائل الكندي الفلسفية) وظهرت عام 1543 ترجمة القران التي قام بها روبرت تشستر الذي عاش في منتصف القرن الثاني عشر الميلادي.
أغا وأبو زيد عضوان جديدان بالمخطوطات
أعلن د. يوسف زيدان مدير أسماء أعضاء مجلسَيْ الإدارة الجدد لمركز المخطوطات ومتحف المخطوطات، وهما من المراكز الأكاديمية الخمسة الملحقة بمكتبة الإسكندرية، وذلك بعد موافقة مجلس أمناء المكتبة فى اجتماعه الأخير على الترشيحات المقدمة من مدير مركز المخطوطات لتجديد عضوية مجلس الإدارة (مدة العضوية ثلاث سنوات) حيث انضم للمجلس الجديد الذى سيعقد أول اجتماعاته فى الأسبوع الأول من شهر مايو، كل من: د. رياض نعسان أغا (وزير الثقافة السورى) و د. نصر حامد أبو زيد (المفكر الإسلامى المعروف) و د. أشرف فراج،عميد كلية الآداب بجامعة الإسكندرية.
يأتى التجديد فى عضوية مجلس إدارة مركز المخطوطات، بعد انقضاء دورتين (6 سنوات) على عضوية كل من: د. أحمد شوقى بنبين، مدير الخزانة الحسنية بالمغرب ndash; د.غسان اللحام، وزير شئون الرئاسة السورى ndash; د. حامد طاهر، النائب السابق لرئيس جامعة القاهرة.
ووفقاً للقرارين الجمهوريين الخاصَّين بإنشاء مركز المخطوطات ومتحف المخطوطات بمكتبة الإسكندرية، يتولَّى عضوية مجلس الإدارة شخصيات عالمية ذات سمعة دولية فى مجال التراث، يقومون بمتابعة أعمال المركز والمتحف وتقديم المشورة اللازمة لمدير المركز الذى يتولَّى الإعداد للاجتماعات الدورية لأعضاء المجلس.
اعتذار أدونيس
حالت الظروف الصحية للشاعر العربى الكبير أدونيس، دون مشاركته فى المؤتمر، وكان من المقرر أن يصل أدونيس إلى الإسكندرية قبل انعقاد المؤتمر بعدة أيام، لكن حضوره تأجل بسبب إصابته بالتهابات حمى الربيع، مما أدى إلى تأجيل مجيئه ثم الاعتذار.
كان من المقرر أن يشترك أدونيس فى الجلسة النقاشية المفتوحة فى ختام المؤتمر، التى يشارك فيها مجموعة كبيرة من المتخصصين لمناقشة الآفاق المستقبلية لنشر النصوص التراثية، منهم الدكاترة: محمد سليم العوا، رشدى راشد، نصر حامد أبو زيد، ستيفان ليدر، رضوان السيد.. وغيرهم، ويتولى رئاستها د. يوسف زيدان مدير مركز المخطوطات.