- بانوراما مانهاتن في مدينة نيويورك

د. خالد السلطاني: ... وجديد نيويورك المعماري، هو ،بالطبع، ناطحات سحابها الشاهقة، فلا تذكر نيويورك، الا ويحضر quot;اميجهاquot; البانورامي المتشكل من سلاسل لمبانٍ، تبدو به مزدحمة جدا، وعالية جدا؛ ما يسبغ عليها بريقاً خاصاً، quot;.. بريق- كما كتبت عن نيويورك ، مرة- تبتدعه وقائعها الثقافية ذات الاحداث الحافلة بالتفرد والاستثنائية، المكتنزة دوماً بالابداع والحداثة. انها مدينة ذات أهمية تاريخية ترتقي لتكون اسطورية! سواء في نوعية تخطيطها ام في اسلوب مبانيها وطبيعة احداثها وطريقة تأسيسها. ورغم تعدد اسمائها، فقد ظلت محافظة على بادئة quot;نيوquot;ها، نزولا عند رغبة آباءها المؤسسيين، الذين وجدوا فيه تمثيلا وتذكاراً لمدنهم الاصلية السابقةquot;. (اضغط هنا). وجديد نيويورك المعماري يغوي بالمشاهدة و..الكتابة عنه. انه مهم مهنياً ومثير نقدياً. وفيه يتمثل جلال الطروحات المعمارية الجديدة، مثلما يشير الى حضور بهي لاسماء معمارية لامعة. quot; .. فنيويورك هي مدينة الاحلام القابلة للتطبيق والتحقيق. بالنسبة الى المعماريين كانت دوماً quot;متروبولسquot; الافكار التجديدية وحاضنتها ومكان انتشارها. فقد صمم في مواقعها المع المعماريين العالميين. وبفضلها، بفضل quot;نيويوركquot; ذاتها، ذاع صيتهم وانتشرت مقارباتهم في انحاء عديدة من العالم. بالنسبة اليّ شخصيا، كانت تمثل، في معنى من المعاني، فضاءاً افتراضياً، اجوب به مع طلبتي المصغيين لي يوما ما، في تقصٍ مثابر عن نماذج عمارتها الحداثية المليئة بها شوارعها وجاداتها ذات الاسماء quot;الرقميةquot; المتسلسلة!.quot; (نفس الموقع السابق). من هنا مقدار الاهمية المهنية الفريدة التى نتحدث عنها، ومن هنا، ايضا، تلك المتعة النقدية المتأتية عن فعل قراءة المنجز النيويوركي الجديد، والتعرف على ابداعاته.
لا تتوخي هذه المقالة استحضار كل جديد نيويورك المعماري. اذ ستكون هناك انتقاءات شخصية، تسعى وراء رؤية ذلك الجديد وفق معايير خاصة، تنبع اساسا من التأكيد على طليعية المقاربات المنجزة لهذا الجديد، مع تأشير، جهد الامكان، الى اهمية وقيمة المعمار/ المصمم له.
يتغير المشهد المعماري النيويوركي باستمرار. يتغير عام إثر عام. انه مشهد مسكون بالتغيير. بل ان السمة البارزة والاساسية له تكمن في ديمومة الحركة التغييرية واستمراراها. ومع ان مشهد التغيير، هذا، عصيّ على النمذجة، لكنه قادر على استيعاب مختلف المقاربات المعمارية المتنوعة، وquot;عجنهاquot; في بوتقة واحدة، مضفياَ عليها إحساس ذائقة نيويروك الخاصة، العابق بنكهتها المميزة، ذلك الاحساس الذى يتوق كثر من المعماريين ان يكون حاضراً في تصاميمهم وابداعاتهم المعمارية، رغم تنوع تلك المقاربات واختلافها.
يمنح جديد نيو يورك المعماري، المتلقي امكانية مضافة لرؤية الحدث المعماري ما بعد الحداثي، وهو quot;يعملquot; في فضاءه الواقعي، غير الافتراضي، شاغلا موقعه المحدد في احياء المدينة الشهيرة. ومن نافل القول التأكيد هنا، بان هذا الجديد، اتسم، غالباً، على جرأة تصميمية مغالية، بدت، في احيان كثيرة، صادمة للجمهور..وللنقاد في آن معاً. لكن بمرور الزمن، تغدو تلك quot;الفورمات الصادمةquot; غير العادية امراً عادياً، تتسم مع خصوصية بيئة المدينة المبنية، الحافلة، دوماً، بالجديد وغير المألوف. عندما اكتمل في سنة 2006، مبنى quot;هيرست بيلدينغquot; Hearst Building الواقع على الجادة الخامسة في قلب مانهاتن، وقف امامه، مصممه quot;نورمن فوسترquot; (1935) N. Foster، المعمار البريطاني الشهير، مع زملائه المعماريين، وكأنه يحدث نفسه بصوت عال quot;... انه منظر ليس طائشاً بالمرة، كما تعلمون!quot;، مضيفا الى ذلك جملته الشهيرة quot;.. انها نيويورك!quot; مسوغاً بذلك غرائبية الشكل المعماري المتحقق. نعم، انها نيويورك،

هيرست بيلدينغ (2006)، المعمار: نورمن فوستر.
التى يمكن لها ان تتجاسر وتقبل quot;صرعاتquot; المعماريين، (المعماريين الاكفاء والمجدديين والطليعيين، طبعا!) ..عن طيب خاطر. وهو امر لا يمكن توقع حدوثه في اية مدينة آخرى، بتلك السهولة التى يحدث فيها: في نيويورك!.
ومبنى هيرست (2006)، هو احد جديد نيويورك، ويتعين الوقوف عند عمارته ملياً. وعمارة هيرست غرائبية حقاً. وغرائبيتها لا تقتصر على شكل المبنى الفريد، وإنما يشمل، ايضاً، اسلوب quot;توقيعهquot; غير المألوف. اذ ينهض المبنى المتكون من 46 طابق وبارتفاع 182 مترا، على قاعدة، هي في الواقع مبنى آخر بارتفاع 6 طوابق، انشأ عام 1928، وكان مخططا له ان يكون مبنى شاهقا، اي ناطحة سحاب. لكن الازمة الاقتصادية وما نجم عنها من ركود، التى ضربت امريكا وقتها، جعلت من استمرار تشييد المبنى امرا صعبا. وتوقف البناء في حينها عند ذلك الارتفاع. وكان على هذا المبنى ان ينتظر ثمانية عقود تقريباً، ليمنحه quot;نورمن فوسترquot; لاحقا فورمه الاستثنائي، الفورم الذي ليس له مثيل في جميع مباني نيويورك، هي التى كانت عمارتها على الدوام متخمة بفورمات، جريئة وغير عادية.
في مبنى هيرست تغدو الاثارة المترتبة عن تنظيم الفضاء الداخلي (الانترير)، معياراً ودليلاً لما يمكن ان تكون عليها نوعية معالجة الهيئة الخارجية للمبنى (الاكسترير). فالغرابة وعدم المألوفية هما ما يسم كلاهما: الانترير والاكسترير. اذ تبدو كتلة المبنى وشكله الخارجي، وكأنهما يماثلان شكل الياقوتة/ الجوهرة، باوجهها المتعددة، والمغلفة، هنا، بنوافذ مثلثة يصل ارتفاعها الى اربعة طوابق كاملة، وباشكال، على غرار ما يعرف الآن، بالشبكة الوترية Diagrid ، المثبتة بروافد Trusses معدنية. ويتبدى المبنى بقاعدته القديمة وبرجه الحديث، كمثال جيد للتصادم والتعارض اللذين جبلتا عليهما عمارة ما بعد الحداثة؛ ذلك لان حدث جمع او تركيب Synthesis (او بالاحرى، quot;الجـَمِيعةquot; بلغة صاحب المورد)، هذين العنصرين، بات الحدث الطاغي والمهيمن في الكل. وقد وجد احد النقاد في عمارة مبنى هيرست، ثمة lt;.. تفاعل مثير للحيرة بين الاكسترير والانترير، مابين ضخامة الدعامات المعدنية المثبته لنفق المصاعد، والنوافذ الصغيرة المخرمة للواجهة quot;الار ديكويةquot; القديمة. وتبدو اركان البرج بحوافه المشطوبة، والمتسقة مع قاعدته، اما مائلة الى الخارج تتيح النظر الى الشارع، او منحدرة الى الداخل، تسمح برؤية السماءgt;.
وبهذا quot;التناقضquot; وquot;التعقيدquot; اللذين تكلم عنهما مرة quot;روبرت فنتوريquot; ، تكمن، هنا، نوعية العمارة المبتدعة، هي التى بمقدورها ان تشيد في مثل هذه المدينة، التائقة نحو تميز مثل هذا quot;التناقضquot;، والمتطلعة الى تفرد مثل هذا quot;التعقيدquot;، والتى عبر عن خصوصيتها معمار quot;هيرست بيلدينغquot;، بمقولته المختصرة والموحية: quot;... انها نيويورك!quot;.
نيويورك تايمز بيلدينغ (2007)، المعمار: رينزو بيانو
ولئن سعى quot;نورمن فوسترquot; وراء البحث عن غرابة تكوينية عبر مبناه النيويوركي، فان quot;رينزو بيانوquot; Renzo Piano (1937)، حرص على تأكيد نهجه التصميمي، من خلال تقديمه مشروع مبنى quot;نيويورك تايمز بيلدينغquot; (2007)، الواقع على الجادة الثامنة. ذلك النهج، الذي عرف عنه، منذ ان quot;بهرquot; العالم المهني مع صديقه ، وزميله، وشريكه السابق quot;ريجارد روجيرزquot; R. Rogers، عندما شاركا في مسابقة quot;مركز بوبور الثقافي quot; في باريس في مطلع السبعينات، وفازا به، ونفذ لاحقا مابين 1971-1977، باسم quot;مركز بومبيدوquot;. وفي حينه، اعتبر ظهوره، ايذاناً لتجلي عمارة quot;الهاي- تيكquot; في المشهد المعماري، العمارة ، التى قال عنها المحرر الثقافي لذات الجريدة، التى سوف يصمم مكاتبها الجديدة؛ من ان المبنى quot;استطاع ان يقلب العمارة العالمية رأسا على عقب!quot;.
وبالضد من المبنى القديم للجريدة العريقة، ذي الواجهة الحجرية quot;التيرا كوتويةquot; Terra- Cotta، التى تعيد الاذهان تقاليد الرنصانص الفرنسي بالقرن الرابع عشر، فان المبنى الجديد quot;لنيويورك تايمزquot; مزجج بالكامل، فالواح طوابقه الزجاجية من الارضية حتى السقف مربوطة بالهيكل الخارجي المصنوع من جسور على شكل حرف (I) سميكة مع قضبان ثانوية رقيقة. quot; يمكنك وانت واقف في الشارع ان ترى المبنى كله، يقول رينزو بيانو عن تصميمه، لاشئ مخفي!quot; وبهذا فانه يرفع من شأن quot;الشفافيةquot; الى مستويات جد عالية ، وجد جديدة، كاشفا بهذا عن مفهوم quot;شفافيةquot; صنع الاخبار، التى تزعم الجريدة بانه احد شعاراتها. وتصاديا مع الاهتمامات الشائعة الان quot;بالاستدامةquot;، يذكّر بيانو محدثه الناقد المعماري من مجلة quot;ارشيتكترال ريكورد quot; بان ذلك كان حاضرا دوما في تفكيره عندما شرع بتصميم lt;نيويورك تايمز بيلدينغgt;، quot;..فالمعمار عليه ان يستوحي بعمارته الاحداث المرتبطة بازمة المناخ..ثمة رقة مطلوبة، مع الارض والبيئة، فهذا، الآن، يشكل جزءا من ثقافة جديدة..quot;. ولهذا فان المعمار يحرص ان يكون مبناه منطويا على مزيد من الخفة، والحيوية، واللامادية، وطبعا، الشفافية. من هنا يمكن تفسير وجود شبكة في اعلى المبنى، بارتفاع ستة طوابق، انها تضيف بعدا أخرا الى القمة، وتغدو كتلة المبنى بها اكثر خفة ورشاقة.
يتعين الاقرار، ايضاً، بان احياز مثل هذه المبانى، تبدو من الداخل، ليلا، جراء الشفافية المغالية، وعدم الاحساس بالفصل بين الخارج والداخل، وكأن حدودها ستختفي او تزول نظراً لاكتظاظ الانارة الفلوريسنتية، محدثة احساسا quot;عكراًًquot; لمتعة التواجد داخل فضاءاتها. وهو ذات الاحساس الذي يشعر به المرء، ايضاً، عندما يتواجد في احياز مبنى quot;نيويورك تايمز بيلدينغquot;. انه شعور لا يمكن اخفاءه، حتى وان كان في احسن نماذج تلك العمارة quot;الشفيفةquot;، مثل مبنى quot;سيغرام بيلدينغquot; Seagram Building النيويوركي، للمعمار ميس فان در رّو. والمبنى الاخير، رغم ذلك، يظل المبنى الاثير لديّ. عمارته، التى لطالما اغويت بها طلابي في بغداد، لسنين عديدة، على حبها، والابتهاج بحضورها. ولازلت حتى اليوم، اكنّ لاسلوب عمارته شغفا عميقا واهتماما كثيرا، يدفعني احيانا، ان اوصي جميع اصدقائي الذين قدرّ لهم زيارة نيويورك، ان يمروا على المبنى الواقع على quot;البارك افينيوquot;، وان يمسكوا جدرانه بيدهم، متلفظين بكلمات خاصة مرحبة، ازودها بهم، تقال في حضرته!. كان آخر شخص quot;اكلفهquot; بذلك صديقي الفنان والناقد علي النجار. لكن فؤادي، لم lt;يخزنيgt; حتى الآن، وهي lt;وخزةgt; يحس بها قلبي، عندما يفي اصدقائي بوعودهم. اتراه قد سهى؟ لكن ذلك، بالطبع، ..حكاية آخرى!.
ومع هذا.. فلا يزال، يرى quot;رينزو بيانوquot;، في مقاربته التصميمية اياها طاقة كامنة، باستطاعتها ان تثري الخطاب بنماذج تصميمية معبرة ومميزة. quot;انا أحب الرشاقة، وأحب الشفافية، والعمارة الان، تتصارع مع الجاذبية بكل ما تستطيع، ولكن بمواد قليلة. ان فكرة ابداع lt;احساس الشفافيةgt;، لهو امر يشي بالنسبة اليّ، بمزيد من الحضرية، ويوحي الىّ بتعظيم الناس للسلوك الانسانيquot;؛ هكذا يقول رينزو بيانو، موضحا مقاربته، الى احد النقاد المعماريين. وهو ما سعى الى تحقيقه في quot;نيويورك تايمز بيلدينغquot;، المبنى الذي يمكن اختزال خاصية عمارته بكلمة واحدة: quot;الشفافيةquot;؛ الشفافية الحاضرة بقوة، وبوضوح، وبكمال وبتمام. فالمبنى المتكون من 52 طابق وبارتفاع يصل الى 348 مترا، عُدّت عمارته اضافة رشيقة وquot;مشرقةquot; الى بيئة quot;ميدتاونquot; مانهاتن الرمادية الشاحبة.
عندما يذكر برنارد تجومي (1944) B. Tschumi ، المعمار السويسري المولد، quot;الكسموبولتانيquot; الاقامة، فانه يذكر كاحد المعماريين الاساسيين الذين تمثلت بانتاجهم المقاربة quot;التفكيكية. لنتذكر بارك quot; دي لا فيليتquot; Parc de la Villette (1982-1998) في باريس، الذي عدّت تصاميمه من اوائل نماذج العمارة التفكيكية المتحققة. لكنه، هنا، في نيويورك، منهمك في ايجاد حلّ اشكالية مثيرة، وهي كيف يمكن ان يتبدى مبنى سكني متواضع الارتفاع ، ذو 17 طابقأ وبعلو 55 مترا (والتواضع هنا بمقاييس نيويورك طبعا)، كيف يمكن له ان يهيمن على مجاوراته من المباني في الحي الشرقي النيويوركي؟. والجواب، لدى تجومي وهو: ان يظهر المبنى وكأنه quot;تاجquot;!.
نحن نتحدث عن quot;البرج الازرقquot;Blue Tower (2007)، الواقع على شارع quot;نورفوك ستريتquot; Norfolk Street، في quot;الايست سايدquot;، والذي يعتبر المبنى السكنى الاول للمعمار،
البرج الازرق (2007)، المعمار: برنارد تجومي.
والمبنى الثاني له في نيويورك، والمتضمن 32 شقة سكنية، بعضها بشرفات مكشوفة، مع شقتين على السطح Penthouses . ينهض المبنى على موقع بابعاد صغيرة لا تتجاوز 30times; 15 مترا، لكنه في نهوضه نحو الاعلى ، يسعى الى امتداد quot;كابوليquot;، مانحاً فضاءاته مساحة اكبر، وتبدو هيئته، تبعاً لذلك، وكأنها quot;معلقةquot; فوق مجاوراته بالاسفل. ينطوي المبنى ، ايضاً، على اسلوب مميز في معالجة الواجهات، التى اتسمت بصبغتها الزرقاء وتدرجاتها من الازرق السماوي، الى النيلي والياقوتي والى اللازوردي، فضلا على quot;تقطيعهاquot; باشكال هندسية، تستحضر، الى الذاكرة، quot;مربعاتquot; بيت موندريان الشهيرة؛ بيد ان المعمار يصر بانها تمثل محض quot;واجهات بكسليةquot; Pixels، كناية عن تمثيل العصر المعاش ورمزا الى مآلاته!.
يُرى quot;البرج الازرقquot; بشكل مؤثر، عن بعد. ويظهر بكتلته غير المألوفة، مع تقسيمات واجهاته البكسلية التى يتغير لونها تبعا لتغير الاضاءة quot;المسكوبةquot; عليها، وكأنه quot;ماردquot; يبرز فجأة من بين مجاوراته من المباني ذلت الهيئات العادية، مثيرا انتباه معظم ساكني الحي الشرقي النيويوركي وزواره. وقد دعاه جيرانه، بتلاعب لفظي، quot;بالبرج المنتفخquot; Bulge Tower ، بدلا من quot;البرج الازرقquot; Blue Tower.
وطالما اتينا على ذكر المباني quot;الملونةquot;، فان من الصعب عدم ذكر احد روائع quot;ذخيرةquot; جديد نيويورك المعماري، واعني به مبنى فندق quot;ويستن نيويوركquot; Westin New York عند quot;تايمز سكويرquot; ، المعمار: مكتب quot;اركيتكتونيكاquot; Arquitectonica (ومقرها الرئيس في ميامي، فلوريدا)، والمشيد سنة 2002. واسارع بالقول، باني من محبي اعمال quot;اركيتكتونيكاquot; انها تبدو لي بهيجة، وممتعة، وفاتنة ودائما تنطوي على مفاجأة، مفاجأة تصميمية تثير الحيرة والدهشة .. والمرح!. ومرحها مفعم بذائقة quot; اللاتينوquot; وصخبها وضجيجها. وقد نفذت، واعدت كثير من المشاريع في دول مختلفة، (بضمنها مشاريع مميزة في لبنان والامارات، وتحديدا في دبي كمشروع البوابه ومجمع الفصول الاربعة وغيرهما). وتتميز، دوماً، لغة مشاريعها عن مجاوراتها تميزاً كبيراً، بحيث تغدو وكأنها quot;دخيلةquot; على سياق البيئة المبنية وغير منسجمة مع خصوصيتها. ومشروعها فندق quot;ويستن نيويوركquot; يبدو في فضاء مانهاتن، وبحسب رأى ناقد، لا تعوزه الفكاهة، quot;اوتسايدرquot; Outsider عن المكان، نظرا لشكله الفريد ولغته التصميمية غير العادية.
ومبنى الفندق يتألف من كتلتين احداهما اعلى بقليل من الآخرى، يتصلان (ينفصلان؟) فيما بينهما، عبر شق لقوس منار باضاءة خاصة، يمتد من الاعلى نحو الاسفل، عند قاعدة المبنى ذات الشكل المميز والغرائبي، المطلة على الجادة الثامنة. يحضر اللون في المعالجات التكوينية للمبنى، كعنصر مميز واساسي. وهو يظهر بجرأة، وربما بتحدٍ في فضاء المدينة التى لطالما quot;تثقفتquot; على اللون الاحادي وهو الازرق الرمادي. لقد تم quot;تخطيطquot; سطوح واجهات كتلة المبنى العالية lt;الغربيةgt; باشرطة عمودية مصبوغة بالازرق الفاتح والارجواني والخزامي، في حين تم تخطيط الكتلة lt;الشرقيةgt; الواطئة باشرطة افقية ملونة بالازرق والبني. وثمة، ايضاً، الوان بدرجات عديدة من البنى الاحمر، تغطي كتلة قاعدة المبنى التى تبرز جانبا وبارتفاع 17
فندق quot;ويستن نيويوركquot; (2002)، المعمار: مكتب اركيتكتونيكا
طابق. انها ذات هيئة غير تقليدية، وجد فيها احد النقاد، ما يشبه quot;الارداف االمستعارةquot;.
لم تنج عمارة فندق quot;ويستن نيويوركquot; بعد تنفيذها، من تعليقات لاذعة، فعمارتها ذات حضور مثير واستثنائي. وايضا بسبب غزارة الالوان المستخدمة، وهيئات كتلها الغرائبية غير المألوفة. ورأى ناقد جريدة quot;نيويوركرquot; بان quot; الجدران الزجاجية في مبنى quot;ويستن نيويوركquot; من ابشع الجدران الستائرية التى عرفتها مدينة نيويورك!quot;. لكن المعمارة الرئيسية في quot;اركيتكتونيكاquot; quot; لوريندا سبيرquot; L. Spear، (وهي، بالمناسبة زوجة quot;فرناردو فورت- بريسكياquot;: المعمار الذي يقود المكتب)، تقول بان quot;ويستن نيويورك، لا علاقة له بميامي، كما لا علاقة له باللاتينوquot;، ان علاقته بموقعه المحددquot;. وهو بالتالي معني في يكون حدثاً مميزا يضاف الى عمارة المدينة الكسموبولتية بامتياز.
وايا يكن، فان مبنى فندق quot; ويستن نيويوركquot; الفخم، اضحى الان يمثل quot;ايقونةquot; بصرية للمدينة الضاجة بالامثلة المعمارية الاستثنائية. كما انه شكلّ احد اهم نماذج quot;جديد نيويرك المعماريquot;، ذلك الجديد، الذي يمنح، بحضوره، كثر من المهتميين وخصوصا المعماريين منهم، امكانية تعقب وتفحص وقراءة المنجز المعماري العالمي في اوج تألقه الابداعي، وفي احسن نماذجه المصروف عليها ببذخ نيويوركي مشهود!. □□

مدرسة العمارة/ الاكاديمية الملكية الدانمركية للفنون

* اعتمدنا في كتابة المقال على مواقع عديدة في الشبكة العنكبوتية العالمية، كما استفدنا كثيرا من كتاب quot;ناطحات سحاب مانهاتنquot; لمؤلفه quot;اريك ناشquot; والصادر سنة 2010، عن دار برينستون المعمارية، في طبعته الثالثة.