&
&بغداد: تحت عنوان (مرايا النفوس)، اقامت الفنانة التشكيلية العراقية زينب الركابي المعرض الشخصي الاول لها الذي احتضنته قاعة عشتار في وزارة الثقافة.
&& وسط حشد كبير من الفنانين والمثقفين والاعلاميين، احتفلت الفنانة التشكيلية زينب الركابي بعرض تجربتها الفنية على سطح التميز ففاجأت الجمهور باعمالها من الرسم والخزف وقد ركزت على الجوانب الحسية للانسان واستخدامه لحواسه بشكل مرهف للتعامل مع تفاصيل الحياة، وكأنها ارادت ان تضع اعمالها ليكون كل واحد منها مرآة يواجهها الرائي فيرى ملامح منه فيها، ومن ثم ينبض في دواخله شيء يثير حماسته ويجعله يعيش في عوالم من دهشة لانها راحت تمد اصابعها لتلامس الاحساس وتمنحه شعورا أخاذا يتأهب للتحليق في فضاءات نفسه بكثير من الروعة والمتعة، وهو ما جعل العديد من الفنانين يؤكدون ان هذا المعرض يشكل انطلاقة قوية للفنانة المهتمة بالخزف في الموضوع والتكنيك وقد سكبت عصارة جهدها وحيوية فكرها وموهبتها في منجزها الذي ضم 25 قطعة خزفية ابهرت من رآها، فيما اضفى حضورها باللون الاسود جمالية اخرى تلاءمت مع ما ارادته من المعرض.

تجربة جريئة&
& وقد اكد وكيل وزارة الثقافة مهند الدليمي الذي افتتح المعرض عن دهشته بما شاهده وقال:& المعرض متميز ويتصف بالنضج واهمية وحساسية الموضوع حيث انه تناول مزايا وعيوب النفس البشرية التي تم تجسيدها من خلال مفردات الوجه وتعابيره ,وان هذا الموضوع جريء وتمت معالجته ببتكنيك عال جاد ونحن فرحون بالفنانة زينب كونها ابنة الوزارة.

&مناقشة الظواهر السلبية
من جانبها اكدت الفنانة زينب الركابي ان معرضها الشخصي هذا جاء بعد مشاركات عديدة لها، مشيرة انه طرح فكرة الانسان واحاسيسه والتعبير عنها من خلال تكوينات فنية تحمل ما يشير الى حواس الانسان وعلاقته بالمحيط.
وقالت: معرضي الشخصي الاول بعنوان مرايا النفوس استوحيته من مقولة للمنفلوطي (الوجوه مرايا النفوس تضيء بضيائها وتظلم بظلمها) تناقش اعمالي الظواهر السلبية التي تفاقمت في مجتمعنا و فتكت بقيمنا و مبادئنا ومنها النفاق، فالنفاق في علاقة مع الناس في الحب في الصداقة حتى مع الله،اننا غارقون في الدجل و الرياء و الزيف والخداع و النفاق والازداجية و الكذب.. تجد هذه الظواهر مسيطرة على اعمالي رافضة و ساخرة احيانا من هذه الظواهر.
&واضافت: اتخذت لنفسي مسارا واسلوبا وهوية تلاحظها واضحة في اعمالي عن طريق تكسير و تهشيم الوجوه ومن ثم لصقها و تركيبها، حاولت فيها الخروج من واقع الخزف التقليدي وهي صفة تعبيرية تتميز بها اعمالي الغاية منها الفكرة التي تضمنتها.
&وتابعت: يغلب اللون الشذري على الاعمال و بدرجات مختلفة، فهذا اللون يرمز الى السماء التى ترمز الى الامل في احتمال تغير طباع الناس ليصبح الصدق هو الغالب.

معرض آثاري !!
& اما الناقد التشكيلي صلاح عباس رئيس تحير مجلة تشكيل، فقد اوضح ان الفنانة كانت جريئة بالطرح الفني والفكري، وقال:& تتوزع اعمالها بين الرسم والخزف تضمن المعرض اكثر من عشرين عملا& فنيا، حيث تناولت الفنانة موضوع تشظي الملامح، الوجوه المتكسرة،والاثداء المتناثرة والشفاه الحجرية المتيبسة والعيون المحدقة في الامل المستحيل.
واضاف: انه معرض اثاري يحفز الغرائز ويثير اللذائذ، ولكن الفنانة قدمت نماذجها بطرائق تصميمية تتسم بالنظام والضبط، هي ذات متشرذمة في هذه الحقبة الصعبة، وذات متحدية جماليا ضد كل عناصر القبح المستشري بالحياة العراقية مثل وباء الايبولا.
وتابع:كل شيء له معنى، ويمكن للناظر اعمالها ان يحدس بان هذه الفنانة مفتونة بالمواضيع الاثارية والجنسية تحديدا، المهم جدا انها جريئة بالطرح الفني والفكري وهذا السياق من الاشتغال الفني كان سائدا في فترة العقد السابع من القرن الماضي، الا انه انحسر فيما بعد ولم تكن له اصداء، والفنانة زينب اعادت احياء هذا الضرب من الاعمال الفنية الاثارية.
واضاف ايضا: ما اكثر ما لفت انتباهي في اعمالها هو تحديها للسياسات التي تحجم من دور المرأة في الحياة الاجتماعية، اسلوبها بسيط جدا، واقعي بحيث تقول ان هذا انف وذاك فم،& ولكنها عملت على تجرئة الاشكال الى وحدات ومفردات عديدة ابتغاء التوصل الى حلول فنية وجمالية مختلفة ومتباينة عن اشتغالات سواها من الفنانات العراقيات.

فعل مغاير يحمل رسالة جديدة
&& اما الفنان والناقد ناصرالربيعي فقد تحدث عن تجربة الفنانة قائلا: الفنانة زينب الركابي سعت في معرضها الذي اسمته مرايا النفوس الى عكس مكنونات العمل الخزفي المتعارف بين الكثيرين بحدود تاثيراته الفكرية والتأملية الى فعل مغاير يحمل رسالة جديدة ذات ابعاد مستحدثة للمتلقي تبتعد عن المألوف التزييني للسراميك ليصبح العمل الخزفي لديها اشبه بحكاية نحتية او لوحة لم تكتمل تعكس دواخل وجوه و طوطميات غير معرفة نفذت بتقنية الفخار الخالص المكسو باللون الواحد ليعطي انطباعا مؤثرا و موحيا بدلالات متغيرة من عمل الى اخر.

جسدت بعضا من الطامة الكبرى
من جانبه اكد الكاتب والفنان علي الدليمي نجاح الفنانة في طرح تجربتها، وقال: الفنانة زينب الركابي التي أقامت تجربتها الخزفية الجديدة من خلال معرضها الأول على قاعة دائرة الفنون التشكيلية تحت عنوان (مرايا النفوس) حاولت ان تشتغل على ثيمة موضوع واحد ألأ وهو الوجه الإنساني (حصريا) ولكن أعمالها تنوعت أحجامها وأشكالها وفق رؤيتها التعبيرية التي تمسح بها وجوه أعمالها المأساوية التي يتشظى فيها الوجه الإنساني إلى إرب إرب.. العينان والآنف والأذنين والرقبة.. أشلاء متناثرة على مساحة العمل نفسه.. هذا الوجه الإنساني المتشظي الذي نشاهده على جميع معروضات الركابي.. هي ليست ما نشاهده يومياً في الانفجارات والعمليات الارهابية التي تقتل العشرات من ابنائنا.. حسب بل موجودة أصلاً في وجوهنا نحن الذين يعدوننا من الأحياء..
واضاف: الركابي تحاول ان تقرب لنا أو تجسد بعضا من الطامة الكبرى الذي يعيشها الإنسان في هذا الكون عموماً.. أما الخامات التي أدخلتها الركابي فهي مواد كيميائية مطاوعة جديدة قابلة للاستجابة حسب التكوين.. كذلك الألوان فقد أجتهت أيضاً بأدخالها.. متوازنة مع مدلولاتها التعبيرية.. وقد أجادت في ذلك بل نجحت.

&&&& من الجدير بالذكر ان& زينب الركابي كانت قد تخرجت من كلية الفنون الجميلة فرع الرسم عام 2012 ودرست فن الخزف في محترف مديرية التراث الشعبى التابع للدائرة،وكانت اول مشاركة لها في معرض الشباب على قاعة الصراف عام 1997 اضافة الى العديد من المشاركات في المعارض المشتركة وهي حاصلة على قلادة الابداع لسنة 2014 من نقابة الفنانيين العراقييين بمناسبة يوم المرأة العالمي وهي عضوة جمعية الفنانين التشكيليين والرابطة العراقية للفن التشكيلي كما انها عضو مؤسس في رابطة التشكيليات العراقيات فضلا عن كونها&& قامت بتصميم وتنفيذ عدد من البوسترات والفولدرات الفنية والثقافية بضمنها مجلة (تشكيل)، ولها مقتنيات في عدد من الدول العربية والاجنبية.
&