"من قبيلة الضوء كانت ؛ تتبعها عجلة الألوان وتتدحرج في وديان عنقها& وتنساب بسلاسة رقراقة على طول المسافة بين رأسها ومنبت كتفها..

لاحقها الأخضر الفيروزي حتى شطآن عينيها؛ ونجحت "جيرلان" أن تحصل على عطاء التنقيب عن الكنز فوق ظلال جفونها مرة بعد مرة ؛ واستمات "روبيرتو كافيلي" باستعمار خصرها الدقيق بحزام جلدي رقيق .. أما وشاح رأسها فكان حديقة في قلب أمستردام حيث "التيوليب" الخجول ""...

كنت أريد أن أكون تلك السيدة التي كتبت عنها هذا الوصف المضمخ بالألوان وصخب علامات الجمال حين ترتبط بالمال..، لهذا قررت الكتابة عن سيدة تشبهني في كل شيء إلا في كمية الجمال والذوق وحتى الترف..

في الكتابة شفاء..&وشقاء أحيانا ..لهذا قررت أن أحيى بالحروف أو ربما أشنق نفسي بها، فلا فرق كبير، فأنا ناجية من موت محقق قبل أن أولد، ومن بقايا معركة وجودي،شفة أرنبية، وعينان لا تستويان حجما ولا شكلا، والتصاق في جانب أذني اليسرى...

ولدت مثل أي مسخ، ينكره حتى البطن الذي أنجبه ورباه، علاقتي بالمرآة عداوة مُطلقة وطريقة تعذيب أمارسها كلما دخلت مدن الكآبة ،..كبيرة مدن الكآبة ولها ألف باب وحين سأقرر الخروج منها لا أجد سوى طاقة صغيرة أجهد نفسي كي أخرج منها..

أنا يا سيدي الذي كاتبتك خمس أعوام وكنت تحتفي بصندوق الرسائل البارد في مدينة الغيم المنخفض، كلما أخبرتك جارتك الإنجليزية المسنة أن ساع البريد مر اليوم بالصندوق، أنا هي التي أوقعتك في شِباك غواية حروفي، وطاردتك شمس شرقية وقافلة بخور حين كانت تقسو عليك "برمنغهام" بنهاراتها الرمادية الباردة وجفاف أمزجة ناسها..

أدري أن هذه الرسالة تصلك وأنت تحضر لي رسالة أمنيات العام المقبل، وأدري أن الدنيا ستمور بك ولا تهدأ، لكن يا سيدي.. اختبرت السعادة كجرعة مورفين خمس سنوات معاك،وحان الوقت كي أستسلم لألم سرطان الحزن وهو يفتك بجسدي المشوه خلقة، جربت معنى الأنوثة وهي في عالمي خيال أدبي لا أكثر..عاقرت الحياة كما ينبغي لامرأة ثلاثينية "تُحب وتِنحب"..بشفاه أرنبية لكن يشهد الرب بقلب أسد..

سيدي أنا فتاة بشفة أرنبية، شفاه لا تصلح للقبلات التي طبعتها لك يوما على رسالة العيد، لم تك شفاهي، كان الشوق لي وقلم الحمرة لي لكن الشفاه لبنت الجيران، حبيبي سابقا.. أو سيدي الآن... أعدك أن أنتهي من عالمك الأنيق بمجرد انتهاء الرسالة، و أرجو منك أن تمزق كل الصور التي أرسلتها لك طي الرسائل، فصاحبتها اليوم على وشك الزواج وهاهي تحضيرات الفرح من شباك بيت الجيران تدفعني للجنون أو الضحك أو ربما لا أعرف تماما شعوري ..

"علي" ..أناديك باسمك الآن رقية فرح مضى وعبر... أسميك باسمك الذي أشرقت بحروفه فرح فتاة معاقة، لا ينبغي لها ان تعاقر الفرح إلا بالحقن الكاذبة.. وأوصيك من برد لندن القادم... أدري أن نصف الجفا برد... ونصفه الآخر شوق محتقن ..

"غصة صغيرة" 2014