بغداد: اكد المخرج المسرحي العراقي فاروق صبري انه ابتكر مشروعا مسرحيا غير مسبوق هو (مشروع المونودراما التعاقبية)،مشددا على طموحه ان يمنحه الاخرون (حق الامتياز)

ابتكر المخرج المسرحي فاروق صبري اسلوبا مسرحيا جديدا اطلق عليه (مشروع المونودراما التعاقبية)، موضحا انه اعتمد فيه على ثلاث طرق في تقديمه، هي الاخرى تعتمد على سينوغرافيا العرض وفق إجتهادات المخرج والمؤلف والسينوغرافيست، وهي بمثابة مقترحات بصرية تحاول إعطاء ملامح أولية لكيفية الإداء التعاقبي في العرض، حيث يجسد ويروي الممثل أو الممثلة حكاية العرض ومع إنتهائها أو توقفها في مفصل ما يغيب المؤدي أو المؤدية ويظهر الأخر أو الاخرى،فخلال العرض لا يجتمع ممثلان في الأداء والتشخيص، بل منفردان وفق الصياغات الإخراجية والنصية.

*من اين اتتك فكرة المونودراما التعاقبية؟
- وأنا أتوقف مسكوناً بالمسرح عند هذا الخلّاق الإغريقي (ثيسبيس)* الذي أعتبره مؤسس العرض المونودرامي، لا أتوخى سرد تاريخ المونودراما الطويل ولا قراءة محطاته الإبداعية التي مرّ بها وأبدع خلالها عدد من المسرحيين الكتاب والممثلين والمخرجين ما تيسر لهم من الابداع المونودرامي الفريد، ولكن أود التأكيد على أن نمط المونودراما كعرض مسرحي وإن تغيّر في تنوّع طروحاته الجمالية والكتابية لكن شكل تقديمه عبر ممثل واحد يروي الأحداث، ويتقمص الشخصيات المختلفة، بقي هذا التقديم حالة شاخصة دون تغيير، الأمر الذي جعلني وبعد تجربتي المتواضعة مع المونودراما أن أطرح تساؤلات حول هذه (الحالة الشاخصة وغير المتغيرة) وما اذا يمكن تغييرها في العرض المونودرامي، وبعد قراءتي لعدد من النصوص المونودرامية، خاصة تلك التي تتحدث الشخصية فيها عن أزمتها المشتركة مع الشخصية الإفتراضية وجدت أن المنطق السليم يستدعي التعرف على وجهة نظر الشخصية الأولى والثانية فيصار الى تقديمهما عن طريق ممثل واحد أو ممثلين لمونودرامتين مختلفتين في السياق العام ومتصلتين بالموضوع الواحد تقديما متعاقبا بعدّة طرق بصرية متنوعة.

* هل ثمة سؤال او اسئلة واجهتك وانت تفكر في هذا؟
- كيف ينبغي أن نحيا؟ هذا التساؤل الحي نثره الفيلسوف اليوناني سقراط وبقي يتناقل بين الأجيال البشرية وفي جميع مستويات الحياة..، سؤال واجهني في الحياة اليومية ويواجهني& بإضافة بسيطة كيف ينبغي أن نحيا ونحيي فضاء المسرح كلما أفكر بعرض مسرحي وابدأ بتنفيذه بصرياً ولعل جعلي كراج البيت الذي أسكنه إلى مكاناً لعرض مسرحيتي المنودراما "امراء الجحيم " جاء ضمن شغفي للجديد والمبتكر وهذا الأمر ولدّ عندي فكرة عرض منودرامي مختلف عن السائد والمعروف.

*مونو دراما وتقول انها لاكثر من ممثل لماذا المونودراما اذن؟
- في مشروعي أؤكد ثلاث طرق وهي بمثابة مقترحات بصرية تحاول إعطاء ملامح أولية لكيفية الإداء التعاقبي في العرض، حيث يجسد ويروي الممثل أو الممثلة حكاية العرض ومع إنتهائها أو توقفها-أي الحكاية- في مفصل ما يغيب المؤدي أو المؤدية ويظهر الأخر أو الاخرى،فخلال العرض لا يجتمع ممثلان في الأداء والتشخيص، بل منفردان وفق الصياغات الإخراجية والنصية، وبالتفصيل هذه الطرق الثلاث هي اولا :& يروي لنا الممثل الأول حكاية العرض فإن فرغ من عرضها يبدأ الممثل الثاني بسرد نفس الحكاية ولكن من وجهة نظر مختلفة، وربما متعارضة عن الممثل الأول، وثانيا : ممثل واحد يروي حكايته الشخصية، والحكاية تفرش أمامنا أحداثاً وشخصيات وما ان ينهي أو على وشك الانتهاء من روايته، يحدث عبر تغيير في بعض تفصيلات االخشبة: الانارة والأزياء والإكسسوار و.. و.. و.. يظهر الممثل نفسه بملامح مختلفة يشخص شخصية رئيسية ثانية من الحكاية ليرويها ولكن لبعض مفاصلها التي تبدو مختلفة وربما متعارضة عن حكاية الشخصية الاولى، وثالثا : حكاية ما يرويها ممثل وما أن يصل نصفها نفاجأ بممثل أخر مختلف شكلاً واداءً في الجسم والنفس وفي بعض سياقات البنية المضمونية والجمالية للحكاية.

* ما الذي يحتاجه هذا التغيير في بنية المونودراما؟
- يحتاج الى تطبيق عملي لدعم التجربة بنصوص تكتب خصيصا لهذا النوع المبتكر من المونودراما، ومن ثم تنفيذه بصرياً وهذا ما اقترحته على الصديق الكاتب صباح الأنباري وهو بدوره أطلق تسمية (المنودراما التعاقبية) على هذا المشروع الابتكاري وكتب نصه المسرحي (الجلاد والضحية) كمحاولة كتابية لإنجاز هذا المشروع، هنا نرى النموذج "2" حيث يقوم الجلاد ببث شفرات نصه وتفاصيل أزمته مع الضحية بثا انفراديا مستقلا وقائما على موضوع واحد هو حلقة الوصل بين الجلاد والضحية وبعد انتهاء العرض يعقبه عرض الضحية من قبل الممثل عرضا مستقلا انفراديا هو الآخر فيتعرف بهذه الطريقة جمهور النظارة على وجهتي النظر المختلفتين لكل من الجلاد والضحية.

*هل ترى ان احدا قبلك لم يقدم مثل هذا المشروع؟
- خلال عامي 2011-2012 تحدثت مع بعض الأصدقاء المسرحيين بمن فيهم من تعرفت عليه عبرصفحة الفيس بوك حول فكرة مشروعي هذا ولدي إرشيف فيه بعض ما دار بيني وبينهم وممكن نشر هذا الإرشيف اذا دعت الضرورة، لم أعلن عن المشروع إعلامياً ولم أنشره إلا قبل فترة وجيزة وخاصة بعد أن قرأه الكاتب المبدع صباح الأنباري وكتب إنطلاقاً منه نصه المسرحي " الجلاد والضحية" والحقيقة أن الأنباري حيث إقترح عليّ تسميته بالمنودراما التعاقبية،ومما لا شك فيه أن هناك إجتهادات رافقت عروض المنودراما منذ الخلأق الإغريقي ثيسبيس وإلى يومنا هذا وأمل فيما اذا كان هناك من (يجتهد ) في هذا المسار اليوم فليكن إجتهاده إبداعياً ومعرفياً وعملياً ولا يتوهم بأن الإبتكار أو الإمتياز يعني الإستنساخ المغطى بــ( إضافات) ملتبسة ومن المحال تنفيذها وإقناع مشاهدي العرض المسرحي.

* هل حاولت ان تجسد ذلك على الخشبة؟
- لحد الان لم تبدأ محاولتي في تنفيذ مشروعي بصرياً ولكن مثل هذه المحاولة من أولويات الأعمال المسرحية التي سوف أنشغل بها وبالإضافة إلى أنني أتبادل الأراء بيني وبين العديد من المبدعين المسرحيين العراقيين والعرب من اجل تحريضهم على العمل لتطبيق المشروع في عروضهم او المشاركة معي في أعمال منودرامية تعاقبية أتمنى إنجازها في المستقبل.

&*هل انت من كتب النصوص ام اعتمدت على نصوص اخرى وجربت عليها؟
- قلت سابقاً بأن الصديق الكاتب صباح الأنباري كتب نصاً بعنوان "الجلاد والضحية" حيث قال في مقدمة نشرها في (جريدة العالم 14ايلول 2014) كتب هذا النص على وفق المشروع المونودرامي الذي ابتكر فكرته، ووضع أسسه الفنان المتميز فاروق صبري ليكون أول نص تطبيقي رائد في مشروعه البكر (المونودراما التعاقبية)...وهناك الكثير من المواضيع الساخنة سوف أحاول صياغتها كتابياً وإخرجياً وفق مشروعي المنودرامي التعاقبي.

* هل تعتقد ان مثل هذا الاسلوب يمنح المشاهد متعة؟
- حينما أنجز هذا المشروع بصرياً وعلى خشية المسرح أو في أي فضاء مفتوح أتمنى أن تكون أحد المدعوين لمشاهدة العرض واذا لم يحالفني الحظ في حضورك، سوف أرسل لك فيديو للعرض، عندئذ أنتظر منك الجواب على سؤالك هذا بمحبة كبيرة وانتظر أيضاً أراء المشاهدين والمبدعين في محاولتي من اجل خلق الجديد في سفر المسرح والمسرحيين.، ومثل لذة القراءة التي تحدث عنها رولان بارت فإن متعة المشاهدة تشكل المرآة المضاءة التي تعكس أهمية وتفرد العرض المسرحي.

توضيح من المخرج .. خارج المتن ..
*كان ثيسبيس يركب عربة يجرها حصان واحد يتجول في الشوارع ليعلن عن عرضه المسرحي ،الملامح الأولى لمسرح الشارع، وبعد إيقاف عربته ليستقر في ساحة ما يتراكض الناس صوبها ومن ثم يتحلقون حولها، يترجل منها ثيسبيس ليبدأ بسرد رواية العرض مؤدياً كراو لأحداثها الشيقة، وممثل لشخصياتها المختلفة، وبذلك يمكن القول أن ولادة المسرح بدأت بالمونودراما مع هذا الممثل الإغريقي الرائع وذلك حوالي عام 534 قبل الميلاد.
&