ترجمة محمد سهيل احمد

&عالم الابداع لم يتوقف يوما عن ضخ رموزه الى المتلقي قارئا ومتفرجا وربما مشاركا. وفرانك فرازيتا ( 1928ـ 2010) واحد من هذه الرموز المبدعة في عالم الفن فقد عمل مصمما للكتب الفكاهية ورسم عددا كبيرا من اللوحات الفنية والملصقات الاعلانية ودخل هوليوود من اوسع ابوابها.

البدايات
ولد فرازيتا في حي بروكلين بنيويورك وكان الصبي الوحيد بين اربعة اطفال اناث، وقضى معظم اوقات طفولته المبكرة في حضن جدته التي اخذت على عاتقها تشجيعه خاصة بعد معرفتها بقدراته الفنية المتميزة.وهو يقول مستذكرا تلك الفترة، قبيل رحيله بأيام:
"كنت حين ارسم لوحة كانت تثني علي وتصف عملي بأنه رائع وتنفحني قطعة نقدية من فئة البنس من اجل التواصل.وكنت احيانا لا ألقى حتى مادة الورق كي ارسم عليها ما يجتذبني من مرئيات فأضطر لاستخدام ورق الحمام، وحين كبرت رحت ارسم موضوعات ذات طابع يعكس اهتمام من هم في عمري. كما اني اذكر ان اساتذي كانوا يتسمرون مذهولين مما كنت انجزه من اعمال، مما حدا بالآهل لإلحاقي بمدرسة للفنون. وحتى مدرسوها كانوا كثيري الاندهاش بقدراتي المبكرة ".
&في سن الثامنة التحق فرانك بأكاديمية بروكلين للفنون الجميلة، وهي مدرسة صغيرة تعنى بالاهتمامات الفنية بإدارة مايكل فالانجا. ولكن فرازيتا
يصر على ان الاخير: "لم استفد منه تدريسيا على الاطلاق" هذا ما اكده فرازيتا عام 1994: "كان يدخل قاعة المحاضرات كي يتفرج على اعمالي وربما تفوه بعبارة استحسان من امثال.. لطيف جدا.. لطيف جدا..ولكن ذلك الثناء كان سيقوله في كل الاحوال.لم تكن بيننا احاديث تفصيلية وكان يتحدث بانكليزية مكسرة. كان من النوع الذي يتركك على هواك ولهذا افدت من زملائي اكثر مما افدت منه."

&بالقلم الرصاص&
&كان فرازيتا في سن الخامسة عشر من العمر حين ادرك انه ميال الى الاشتغال بالكتب ذات الطابع الفكاهي، وكان ذلك عام 1944، وقد قاده ذلك الشغف الى العمل في الصور الكاريكاتيرية الساخرة في ستوديو برنارد بيلي الذي كان يعتمد القلم الرصاص اداته الاولى لانجاز اعماله. اما كتابه المصور الاول فقد كان عبارة عن تحبير القصة الذائعة الصيت ذات الثمان صفحات ( رجل الثلج )، استكمالا لعمل جون جيونتا بالقلم الرصاص وذلك في عام 1944.
&اتسعت شهرة فرازيتا في الاشتغال على الصور الفكاهية التي اعتمدت على موضوعات مثل رعاة البقر، الفانتازيا، القصص الملغزة والدراما التاريخية. وكان من اعماله المبكرة التي اكتسبت شهرة واسعة اعمال مثل صور الحيوانات الفكاهية ذات الطابع الفانتازي الغريب والتي اعتاد ان يوقع اسفل
لوحاتها بأسم (فريتز ) لصالح شركة (ديل للرسومات ). كما انه اهتم بموضوعات شتى كالحرب والبطولات اضافة الى الكتيبات الوعظية ذات الصلة بفضائل الصلاة ومخاطر الادمان على المخدرات. و شملت
اعماله موضوعات اخرى كالحب كما اشتغل على السيرة الشخصية لممثل هوليوود الشهير بيرت لانكستر. والواقع انه بدأ يرسم بالزيت، بيد ان رسوماته، ومع اندلاع شهرته اقتصرت على الحبر والالوان المائية واقلام الرصاص فقط.
&وفي عام 1956 تزوج من اليانور كيلي التي ستنجب له أربعة من الابناء
اختط بعضهم سيرة ابيه: فرانك الاصغر، بيلي، هولي وهايدي.

هوليوود
في عام 1964 جذبت اسهامات فرازيتا في مجال اللوحات المنشورة على صفحات مجلة (بيتل رنغو ستار) انتباه المسؤولين في استديوهات شركة اتحاد الفنانين ( يونايتد آرتستس). وهكذا عهد اليه بعمل بوستر الفيلم الكارتوني الشهير (ما الجديد يا بوسي كات ؟ ) ما اتاح له ان يكسب مبلغا يعادل راتبا لمدة عام بأكمله. تلك كانت البداية لتعاون بين فرازيتا وشركات الرسوم المتحركة. اضافة لذلك قام فرازيتا بانتاج عدد كبير من اغلفة الكتب التي تعنى بالمغامرات التي افرزت شخصية خالدة في عالم السينما مثل شخصية طرزان التي ابتكرها الكاتب الشهير ادغار رايس بوروز. ومن الغريب ان فرازيتا كان يكتفي بمعاينة العناوين مستوحيا منها لوحات اغلفة الكتب،وهو في هذا الشأن يقول: "لم اطلع على اي منها. وكنت اكتفي بقراءة السطور التعريفية لكل عمل وحسب.ولم اجد من يشتكى من ذلك الاسلوب."

ركن للفنتازيا
في بدايات سنة 1980 ابتكر فرازيتا غاليريها خاصا به اطلق عليه تسمية (
ركن فرازيتا للفانتازيا ) في واحدة من عمارات واشنطن وبنسلفانيا. وقد ضم ذلك المبنى متحفا لأعماله واعمال فنانين آخرين. غير انه ابتلي في اواخر عمره بجملة من المتاعب الصحية من بينها اصابته بورم الغدة الخبيث والذي اهمل معالجته لفترة طويلة، كما ان زوجته وشريكة مشواره رحلت عام 2009 بعد صراع طويل مع السرطان. وفي التاسع من كانون الاول من السنة نفسها القي القبض على ابنه فرانك فرازيتا الاصغر 52 سنة بتهمة السطو على متحف والده وسرقة ما يقرب من التسعين لوحة من اعمال والده، مما ادى الى تفاقم شكل من اشكال الصراع حول موضوع وضع اليد على تركة الأب الفنية.
&تلك الهزات تركت آثارها على فرازيتا فرحل في العاشر من مايس 2010 اثر نوبة قلبية بأحد مستشفيات فلوريدا.
&