لورا نصره – مسقط: صدر عن دار رياض الريس للكتب والنشر قبل أيام كتاب "قابوس.. سلطان أم صاحب رسالة" للكاتب الصحفي عاصم رشوان – مدير مكتب صحيفة الخليج الاماراتية في السلطنة – والذي يتضمن ثلاثة عشر فصلا ، بالاضافة الى المقدمة والخاتمة – ويقع في أربعمائة صفحة تضم ملحقا لسيرة مصورة للسلطان قابوس بن سعيد منذ طفولته المبكرة.
يستعرض الكتاب واقع البيئة التي نشأ فيها السلطان في محافظة ظفار ، والظروف التي أحاطت بتلك النشأة،& وفترة السنوات التسعة التي تلقى خلالها تعليمه في المدرسة السعيدية قبل سفره الى بريطانيا لاستكمال دراسته، وكيف أثرت تلك الفترة في شخصيته حيث تفاعلت مكوناتها بداخله لتنتج فكرا مستنيرا يتطلع الى المستقبل أكثر من كونه متغنيا بأمجاد الماضي.
يقول المؤلف "لإيلاف":& كان قابوس طفلاً كغيره من أبناء وطنه،& يرتدي الدشداشة وفوق رأسه يضع "الكمة" العمانية المعروفة،& ثم السترة أو الجاكت الذي يشير إلى موعد لقائه مع دروس العلم التي كان يتهيأ لاستقبالها باحترام شديد.& وفوق كتفه يحمل حقيبته المملوءة بالكتب رغم ضآلة& بنيانه الجسدي آنذاك،& رافضاً أن يحملها أحد عنه بأثقالها التي تقسو عليه حتى تميل كتفه،& كان متواضعاً منذ نعومة أظافره حاله حال الآخرين من أبناء هذا الشعب الذي يتخذ من الطيبة والأخلاق الحميدة والسلوك الحسن عناوين بارزة لمسيرته الحضارية الممتدة.& أهل صلالة من ذاك الزمن البعيد لا يزالون يتذكرون هذا الطفل الخلوق حين يخرج منهياً دروسه اليومية يقطع الشوارع سيراً على قدميه،& من خلفه خادماه وحقيبته "الثقيلة" أنهكت كتفه..& يتذكّرون ويذكرون هذا الطفل الذي كان يمسك بالعصا في تلك السن الصغيرة يتوكأ عليها وقد أخذ من الشيخ الكبير وقاره ومن الشباب صلابة عوده ومن الطفولة بساطتها وعفويتها.& أهل صلالة من ذاك الزمن البعيد يذكرون ويتذكرون قابوس الذي أثار دهشتهم،& فهو الوقور حتى في طفولته.& هناك في "حي الشاطئ" كان حريصاً على أن يقطع هذا الطريق ذهاباً وإياباً في ساعة المغربية.& وحتى تلك العادة التي كان يحرص على أدائها بشكل يومي التصقت بسلوكه لسنوات طويلة تالية،& فكان هذا بالضبط ما يفعله خلال فترة إقامته في صلالة يمشي على قدميه في نفس الطريق ذهاباً وإياباً،& وكل مواطن ومقيم في مدينة صلالة يعرف ذلك،& وكل مواطن ومقيم بإمكانه أن يلتقيه ويصافحه ويتحدث إليه.& لكن لماذا يحرص على عادته التي كان يمارسها في طفولته؟ ربما هو الارتباط بالماضي والحنين الدائم للجذور وحب الناس الذين أصبحوا منذ بداية السبعينيات يتطلعون إليه باعتباره المنقذ كلما حلّت ضائقة.
سنوات تكشف عن أسلوب تربوي صلب هو الأنسب في صناعة الرجال الذين يتعلمون كيف يعتمدون على أنفسهم حتى وإن كانوا أبناء السلاطين أو الملوك،& ولعل ذلك ما يفسر دعواته المتكررة لشباب بلاده بضرورة الاعتماد على النفس بدلاً من الاعتماد على الآخرين،& وربما هو أيضاً ما يفسر حرصه على ترديد الشعار بأن عمان لن تبنيها وتحفظ مكاسبها غير سواعد أبنائها.& فقد كان طفلاً نشيطاً مجتهداً ليس لديه ما يشغله سوى دراسته وكيفية إتقانها،& وكأنه يدرك جيداً ومبكراً بأن مراحل أكثر أهمية وأخطر شأناً بانتظاره في شوق وترقبه في لهفة.
وفي تقديمه للكتاب ، يقول المؤلف أن النهضة العمانية المعاصرة غالباً ما يتخذ المحدّثون عنها الطابع المادي عنواناً بارزاً لمقدماتها ونتائجها بينما يتناسون،& ربما عن غير قصد،& الجانب الإنساني للرجل الذي قاد هذه المسيرة بحكمة واتّزان.
كما يقول أيضا: في هذا الكتاب أجتهد قدر استطاعتي لإلقاء الضوء على شخصية السلطان قابوس وفلسفته وأفكاره ومواقفه ورسائله بأبعادها المتنوعة التي تضعه باعتقادي ضمن أعظم القادة ليس على الصعيدين العربي والإقليمي فحسب،& إنما أيضاً ضمن النطاق الكوني الأكثر شمولاً.& ليس في ذلك مبالغة من جانبي أو تعاطف أو انحياز بقدر ما هو حقيقة أمتلك من الحيثيات ما يعزّزها دون إفراط في المديح أو تفريط في الإنصاف.
تجدر الاشارة الى أن كتاب "قابوس.. سلطان أم صاحب رسالة" سيكون من أبرز ما يتضمنه الجناح الخاص بدار "رياض الريس للكتب والنشر" في معرض بيروت الدولي& للكتاب الذي تبدأ فعالياته في الثامن والعشرين من الشهر الجاري، وكذلك في المعارض اللاحقة بعدد من الدول العربية والاجنبية حيث تشارك بها الدار اللبنانية الاكثر شهرة ورصانة.
&