بغداد: يحاول البعض من الذين تطلق عليهم تسمية (مثقفين) ان يهتفوا ضد بعضهم البعض بالطائفية ويتراموا بحجارة تتطاير في اتجاهات الوطن فتصيب من تصيب حتى الذين لا علاقة لهم بالطائفة والمذهب والقومية.
&برزت في المدة الاخيرة،في العراق،ظاهرة ملفتة للانتباه تمثلت في دخول بعض المثقفين العراقيين على الخط السياسي الساخن مما ادى الى تطاير دخان اسود كثيف غطى سماء الثقافة ببقع سرعان ما راحت تنهمر مادة لزجة من الكراهية اصبحت قابلة للشحن الطائفي والاشتعال بشكل مثير حتى ان التجاذبات اخذت اشكالا مختلفة وصلت الى حدود الاتهامات والشتائم والتخوين ايضا، فبعد ان كانت الفضائيات هي الساحة التي يتطرف فيها المتطرفون ويتنابزون بالهتافات والطائفية، راحت مواقع التواصل الاجتماعي تشتعل بالكثير من الاحتجاجات على هذا وذاك وامتدت الى الصحف فتحولت معارك الطائفية من السياسيين الى المثقفين، وهو امر يستغربه الكثيرون ممن يجدون انفسهم الى الوطن قبل الطائفة ويسخرون ممن يعتلي صهوة الطائفية لكي يلوّح بسيفه الاحمق، ومن هنا وجدنا ان نسأل عددا من المثقفين العراقيين: هل ينبغي للمثقف ان يكون طائفيا؟ فكانت هذه الاجابات.

د. احسان الشمري
&
فقد اكد الدكتور احسان الشمري، استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد،ان المثقف الطائفي يعاني من نكوص فكري، وقال: المثقف لاينبغي ان طائفيا في طروحاته سيما ان المثقف يجب ان يلعب دورا في صياغة وتنوير وتثوير المجتمع باتجاهات عدة ووفق الاطر الوطنية لانه يقع على عاتقه خدمة المجتمع بالشكل الايجابي لانه مايمتلكه من خزين معرفي هو ملك للمجتمع وليس حكرا لفئة او طائفة او اي عنوان او هوية ثانوية اخرى..
واضاف: اذا ما كان المثقف طائفيا فاعتقد ان هناك نكوص فكري.

د. خلود جبار
اما الدكتورة خلود جبار، الاستاذة الجامعية والكاتبة، فقد اكدت ان التعصب نقيض الثقافة والعلم وقالت: لا نستطيع ان نتحكم ونحكم الاخرين لان التطرف هو تربية سواء كان المعني مثقفا او غير مثقف، وبالمناسبة كلمة مثقف اليوم كلمة مطاطة، بمعني اننا اليوم لا نستطيع ان نحدد من هو المثقف اصلا هل من يحمل شهادة جامعية ام من قرأ كتابين وحفظ جملتين لمشاهير لهذا ينبغي ان نخرج الى اطار اوسع من كلمة مثقف ونقول الانسان بشكل عام.
واضافت: وعود على بدأ لا نستطيع ان نتحكم ونحكم الاخر،وانما ان نتعود تقبل الاخر، ان نؤمن اننا واحد بالنتيجة كلنا أناس نعيش مع بعض،نتعلم نحب بعضنا،نتعلم ان نسمع الاخر ونشعر به،لان الدين او المذهب او القومية او الوطن وحتى اسماءنا هي ليست اختياراتنا
&وتابعت: اذن لا داعي ان نتعصب لشيء هو اساسا فرض علينا، وفي رأيي ان الحل يبدأ بحب الاخر وتقبله، اما هذا الذي يسمى مثقف ويدعي الوعي بعنوانه العريض فلا يجوز له ان يتكلم بطائفية مطلقا، فلو كان واعيا لما تكلم وتعصب لاشياء هي اساسا ليست خياراته، الوعي يعني انني اتقبل الاخر، التعصب نقيض الثقافة والعلم.

علي الامارة
فيما اكد الشاعر علي الامارة، المثقف ملك المجتمع كله وليس ملك طائفة او حزب، وقال: المثقف يقف دائما في النقطة التي يلتقي بها كل فئات المجتمع وشرائحه ومكوناته لان ثقافته او مشروعه الثقافي والانساني يجعله ينتمي للمظلة الوطنية والانسانية الاوسع، كما ان المثقف هو الداعي الى الحياة المدنية البعيدة عن الطائفية والحزبية او الممرات الضيقة التي تحجم من المشروع الوطني وتعرقل تكامله.
واضاف: المثقف ملك المجتمع كله وليس ملك طائفة او حزب او هكذا يجب ان يكون اذاك فان الثقافة الحقة هي ثقافة الانتماء الى الوطن والشعب بعمومياته، وربما هذا هو سر الصراع الثقافي السياسي الخفي او المعلن احيانا، فالسياسي يبحث عن الممرات الضيقة التي توصله الى مآربه السياسية بينما المثقف يبحث عن الطرق الواسعة التي تشركه في المشهد السياسي والانساني العام مع ابناء شعبه وفي كثير من الاحيان لا يصل المثقف الى هدفه لكثرة الممرات الضيقة التي يصنعها السياسي والمعرقلات الي يضعها امام مشروع المثقف.. وهكذا كلما كثرت الممرات الضيقة كالطائفية والحزبية تقل ثقافة المجتمع ويتراجع دور المثقف وكلما زادت المشتركات العامة وتفعلت سيكون المثقف حاضرا بقوة في المشهد العراقي العام.

علي الفواز
من جهته اكد الشاعر والناقد علي الفواز فقد اوضح ان السبب هو ضعف بنية الدولة في صناعة مؤسساتها القانونية وقال: وظيفة المثقف هي التعاطي مع صناعة المعرفة وتسويقها، والمعرفة بطبيعتها مجموعة افكار وقيم ومهارات تسهم في تنمية إستعداد الانسان للحياة ولتأهيلها للإندماج في الفعل الحضاري والمديني..لكن ظروف صناعة هذا المثقف لم تكن مهيئة بسبب التعقيدات السياسية وهشاشة بناء الدولة والسيطرة على مظاهر الفقر والجهل والتخلف، ولعل وجود النظام الإستبدادي والطائفي أسهم الى حد كبير في صناعة منظومة أفكار داعمة له ومروجة لخطابه.
&وأضاف: أن مايحدث اليوم من شيوع غير عقلاني لظاهرة المثقف الطائفي هي تعبير عن ضعف بنية الدولة في صناعة مؤسساتها القانونية، والحقوقية، بما فيها المؤسسات الثقافية، فضلا عن هشاشة الانتلجنسيا العراقية في تسويق عقلاني للمثقف الوطني والمثقف المهني والنقدي.
وتابع: أكثر تمظهرات المشكلة الثقافية في العراق تمثلت في النكوص الى اللاوعي الطائفي والايديولوجي وحتى العشائري... والذي تحول الى قوة رعب عصابي، والى حافز لتغذية الإرهاب والعنف والكراهية، لاسيما تلك التي تعالق معها الخطاب السياسي والعقائدي والديني بصبغته الطائفية والذي يروج له البعض بوصفه خطابا صيانيا ودفاعيا عن الهويات ومأزقها المرعب.

طاهر علوان
اما السينمائي طاهر علوان فقد اشار الى ان المثقف قمة ونخبة وليس نقمة، وقال: في قناعتي انه لايمكن للمثقف ان يكون طائفيا، لايمكن ان يكون مثقفا وطائفيا في آن معا، فأما مثقف او طائفي، لان المثقف قمة ونخبة وليس نقمة و بلوى وشر وفتنة.
واضاف: من يجمع بين الصفتين كمن يقول انا طويل وقصير في آن واحد او سمين ونحيف في آن واحد او ذكر وانثى في آن واحد !!.

محمد حبيب
فيما اكد الشاعر محمد حبيب مهدي ان سقطة المثقف الواعي المنتج أن يكون طائفيا، وقال: من أخطر الأمراض التي عانى منها المثقف العربي وخصوصا العراقي في الآونة الأخيرة هذا الحس الطائفي الذي أحرق الكثير من التلاحم الروحي والنفسي والوجودي.
واضاف: الطائفية ممكن جدا أن تخترق العقول العفنة إلاّ المثقف الواعي، عين ثقافة البلد إذا لم يكن عين الله على الأرض.. مادامت تشغل أهمية كبيرة في العقل العربي الاسلامي، لذا انتخبتها الحركات الماسونية الصهيونية أولا كورقة رابحة في دمار الأمة وفك كل عناصر التآخي والتلاحم الصلد للوقوف أمام همجية الحياة.
وتابع: أخيرا أقول، سقطة المثقف الواعي المنتج أن يكون طائفيا، طالما توصل ويحلم أن يوصل أمته نحو هاوية الانحدار.

وليد العبيدي
اما الكاتب وليد العبيدي، فقد استغرب انن يكون المثقف طائفيا، وتساءل قائلا: كيف ينبغي للمثقف ان يكون طائفيا وهو الذي يدعو الى ازالة هذه الكلمة من قاموس السياسيين، المثقف المثقف لا يمكنه ان يشبه السياسيين ابدا.
واضاف: المثقف هو الذي ينشر الافكار تربوية تسامحيه ويبث حب الوطن والاصلاح فيه، وليس مثقفا من يعمل عكس هذا.

عماد فاخر
فيما قال الفنان التشكيلي عماد فاخر الساعدي: علىٰ المثقف أن يتجنب السقوط في شرك الطائفية الذي يأخذ به إلى مصاف الجهل والتطرف وأعتقد أن علىٰ كل مثقف أن يراجع نفسه في اليوم عدة مرات لتجنب هذا المطب الذي سقط فيه الكثير من المثقفين العرب ربما دون إدراك منهم..

باسم القطراني
من جانبه اكد الكاتب باسم القطراني ان على المثقف لا يتخندق طائفيا، وقال: تنمو الطائفية عادة في أوساط السذج وأنصاف المثقفين لأن هذا المصطلح يتغلغل في هكذا شرائح ليمثل معادلا موضوعيا لشيء مفقود ومن هنا كانت الثقافة الحقيقية أبعد ماتكون عن الأنجرار صوب هاوية التطرف من جهة والطائفية بوصفها ظاهرة من جهة إخرى.
واضاف: المثقف لا يتخندق طائفيا أبدا لأن هذا من شأنه أن يقضي على مشروعه الكبير في قيادة الافراد نحو رؤية ناصعة على طريق الوصول الى مجتمع المدينة الفاضلة،غير أن كل هذا ينبغي أن لا يكون عائقا أمام المثقف من أن ينحاز لقضايا وطنه الكبرى في مختلف الظروف وفق إملاءات الانتماء للأرض والأنسان وأن لا يخشى بعدها إذا ما عد البعض هذا الأمر بمثابة سعي طائفي أو نكوص ثقافي.

جابر محمد
&اما الشاعر والقاص جابر محمد جابر، فقد استهجن مثل هذا التوجه،وقال: ينبغي للمثقف ان يترفع عن الطائفية ويكون قدوة للاخرين في تجاوز الامور ،بمعنى ينبغي ان ينظر للاختلافات الدينية او الطائفية على اساس التنوع الايجابي الضروري لديمومة الحياة وليس الانطلاق باتجاه واحد دون السماح للاخر في التعبير عن عقيدته.
واضاف: لم يك المثقف العراقي يتقرب من الامور الطائفية سابقا حتى ولم يمر بها مرور الكرام لكن بعد االاحتلال الامريكي للعراق في 2003 وبفضل مساعي الحاكم المدني سيء الذكر بريمر الذي كرس المحاصصة الطائفية في القوانين والدستور العراقي وفي داخل بنية الجتمع العراقي لهذا كان موقف المثقف العراقي منذ البدء محذرا من مخاطر هذه الفتنة التي تنتج الشقاق والاختلاف بين افراد المجتمع واحيانا بين افراد الاسرة الواحدة نحن شعب تربى على الالفة والمحبة والتسامح ونسيان الخلافات

سهيل نجم
&فيما قال المترجم سهيل نجم: إذا كان المثقف متعصباً ومؤدلجاً فهذه الطامة الكبرى على أي بلاد.. لكن ليس كل من يقرأ بعض الكتب أو يكتب بضع صفحات يكون مثقفاً.
&واضاف: المثقف الحقيقي هو الذي يمكنه اتخاذ موقف متوازن خارج الأطر الخانقة للإنسانية، مهما انتمى في داخله لأية أديولوجيا وهو من حقه.

صلاح حسن
&وقال الشاعر صلاح حسن: لا ينبغي للمثقف ان يكون طائفيا ابدا، لانه اذا كان طائفيا تنتفي عنه صفة المثقف ما يحتاج هذا كافي لانه جواب قاطع.
واضاف: المثقف يشكل البؤرة التي تلتئم حولها كل الناس على مختلف مشاربهم وانتماءاتهم الطائفية والعرقية ولكن هذا المثقف لا يمثل طبقته او يعبر عن انتمائه بل يمثل جميع الناس لذلك لا يمكن ان يكون المثقف طائفيا، لانه في هذه الحالة سيسقط في الوعي المزيف ويزول في نهاية الامر بسرعة فائقة

ياس السعيدي
اما مسك الختام فكان رأي الشاعر ياس السعيدي، فقد اكد ان للمثقف الحق ان يكون طائفيا للجمال فقط، وقال: نعم لابد ان يكون المثقف طائفيا شرط ان يكون الجمال هو طائفته الوحيدة والاثيرة
واضاف: ان تدافع عن المظلوم فأنت على مذهب الجمال وان تكتب نصا جميلا فأنت على مذهب الجمال وان تناصر بكلماتك شخصا ضحى بنفسه من اجل الناس فأنت على مذهب الجمال
&