أشرف أبوجلالة من القاهرة: في الوقت الذي تزداد فيه حدة الأزمة المالية العالمية شدةً ووطأة في مختلف أنحاء العالم، تثبت الصناديق السيادية الخليجية أنها ما زالت قادرة على مجابهة حلقات تلك الوضعية الاقتصادية الصعبة المتلاطمة الأمواج. فبعد أن نجحت في استثمار مئاتالملايين منالجنيهات الإسترلينية في شراء حصص من كبريات البنوك وشركات التمويل والبورصات، تعاود تلك الصناديق التأكيد من جديد على ما تحظى به من قدرات تمكنها من تجاوز الأزمة، وربما كان خير دليل على ذلك هذا الاتجاه الجديد الذي بدأت تسلكه خلال الآونة الأخيرة، وهو المتعلق بالاستثمار في ناطحات السحاب اللندنية، التي ينتظر ndash; وفقًا لوجهة نظر كثيرين ndash; أن تُغير المظهر العام للعاصمة البريطانية خلال السنوات الثلاث المقبلة. ولعل مشروع ناطحة السحاب الزجاجية quot;شاردquot; الذي وافق على تمويل برنامج إنشأه كونسورتيوم قطري العام الماضي، واحد من أهم المشاريع التي يتم تنفيذها في هذا الشأن خلال هذه الأثناء. وتحت عنوان ( quot;شاردquot; يتحدى الأزمة بينما يرفع القطريون أفق السماء اللندنية) ويعد موقع بلومبيرغ الاقتصادي الأميركي على شبكة الانترنت تقريرًا مطولاً يتناول فيه أبعاد هذا المشروع العملاق من منظور الأزمة الراهنة، وقدرة الصناديق السيادية القطرية على إنجازه، فيقول الموقع إن هذه الناطحة العملاقة، التي تقع على بعد مسافة قصيرة من quot;سيتي سكاي لاينquot; عبر نهر التايمز وعلى مقربة من حي المال، والتي تحظى بالتمويل من جانب أربعة شركات تتخذ من قطر مقرًا لها، من المقرر أن يتم الانتهاء من أعمال تشييدها في عام 2012.

وقال الموقع إن مطوري هذه الناطحة التي ستكون أطول ناطحات أوروبا الغربية بدؤوا في تثبيت القوائم لوضع الأساسات الخاصة بها. كما أكد الموقع أن تلك الناطحة التي سيصل ارتفاعها إلى 310 أمتار بتكلفة قدرها 430 مليون جنيه إسترليني ( 730 مليون دولار ) سوف تكون الرمز الأبرز حتى الآن للطريقة التي تملأ من خلالها أموال الشرق الأوسط الفراغ الذي خلفته ومصارف ومؤسسات التمويل الغربية. وهنا، ينقل التقرير عن سافاس سافوري، رئيس الإستراتيجية بشركة Bh2 للوساطة العقارية في لندن :quot; بالطريقة نفسهاالتي أتى من خلالها اليابانيون إلى لندن في عقد الثمانينات من القرن الماضي، سوف يحصل هؤلاء الأشخاص الذين يمتلكون مبالغ مالية طائلة ورؤوس أموال ضخمة على أفضل المواقعquot;.
إلى هنا، مضت الصحيفة لتنقل عن مجموعة quot;سي بي ريتشارد إيليسquot;- المتخصصة في الإستشارات العقارية ndash; تأكيدها على قيام المصارف وشركات التأمين بتسريح ما يزيد عن 58 ألف عامل في لندن بسبب استمرار تداعيات الأزمة المالية العالمية، ما كان سببًا في إقدام مطورين من بينهم شركة لاند سيكيوريتيز، أكبر مجموعة عقارات في بريطانيا، وشركة الأراضي البريطانية، على إرجاء أو إلغاء بعض المشاريع. وفي الوقت ذاته، أشار الموقع إلى أن ناطحة quot;شاردquot; المزودة بمكاتب، وفندق خمس نجوم، ومطاعم، وشقق سكنية، قد سُميت بهذا الاسم بسبب هيئتها الزجاجية التي تشبه الإسفين، والتي قام بتصميمها المهندس المعماري رينزو بيانو الحائز على جائزة بريتزكر.

ثم نقل الموقع عن ايرفين سيلار، رئيس مجلس إدارة مجموعة سيلار العقارية المنوطة بتطوير الناطحة، قوله :quot; نسبة العقارات التي يتم بناؤها الآن ضئيلة للغاية بسبب الأزمة الائتمانية الحالية، لذا أعتقد أن هناك فرصة لجذب نزلاء ذوي مستوى رفيع. وبمجرد أن يبدأ المبنى في الظهور على الأفق، سيصبح وسيلة تسويقية في حد ذاته من أجل جذب النزلاءquot;. وأشار الموقع إلى شركة quot;النقل إلى لندنquot; ndash; التي تدير مترو الأنفاق وشبكة الحافلات في المدينة ndash; وافقت في أغسطس / آب عام 2006 على استئجار مساحة قدرها 190 ألف قدم مربع لمدة 30 عام في ناطحة شارد المكونة من 80 طابق مقابل إيجار سنوي قيمته 7.3 مليون جنيه إسترليني. وهي المساحة التي تُمثل 33 % من إجمالي مساحة قدرها 580 ألف قدم مربع خاصة بحيز المكاتب. كما قامت مجموعة quot;شانغريلا آسيا المحدودةquot;، شركة الفنادق الفخمة الرائدة في آسيا والمحيط الهادئ، بالتوقيع على اتفاقية إيجار مدتها 30 سنة في 2005 لأخذ حيز مساحته 200 ألف قدم مربع في 19 طابق بالمبنى الجديد. أما الفندق الذي سيوجد في تلك الناطحة، فسيحتوي على 197 غرفة وجناح. ومن جديد، عاد سافوري ليقول في هذا السياق :quot; ربما حدثت الأزمة الائتمانية في الوقت المناسب. فإذا كانت قد حدثت بعد أشهر قليلة، لتم تنفيذ مشاريع كبيرة من المباني التي تم تأجيلهاquot;.

كما أشار الموقع إلى ما ذكره بين طومسون، المسؤول عن تأجير المساحات الفضاء في مدينة لندن لمكتب درايفرز جوناس للوساطة العقارية، عن أن موقع الناطحة، المجاور لمحطة نقل لندن بريدج، ربما يكون ميزة في صالح الناطحة. ونقل الموقع عن طومسون الذي توقع ازدياد الطلب قبل عام 1012، قوله :quot;سوف يلبي شارد احتياجات قطاع عريض من المستأجرين. ويمكن أن تفكر الشركات في الذهاب إلى هناك. وسيكون ذلك واحداً من مناطق الجذبquot;. كما أوضح الموقع أن الناطحة التي تقع جنوب حافة نهر التايمز، محصورة بين جسر لندن ومستشفي غاي التي تعود للقرن الثامن عشر في منطقة يطلق عليها بيرموندساي، التي تشتهر أكثر بمشاريعها الإسكانية عن كونها مقرا ً للشركات.

وأشار الموقع كذلك إلى أن الناطحة التي سيتم الانتهاء من تشييدها في مايو عام 2012، قبل شهرين من افتتاح دورة الألعاب الأوليمبية بالعاصمة لندن، ستصبح أول مبني داخل جنبات الاتحاد الأوروبي يتجاوز ارتفاعه حاجز الألف قدم، مرتفعًا بمسافة تزيد عن 200 قدم أعلى من برج كناري وارف. وفي جميع أنحاء أوروبا، لن يتفوق على ناطحة شارد من حيث الطول إلا برجين فقط مشيدين في موسكو بالفعل. وأوضح الموقع في النهاية أن سيلار الذي سبق له أن كشف عن خططه الرامية إلى بناء quot;شاردquot; في أكتوبر عام 2000، قد حصل على الموافقة بالتخطيط لهذا المشروع في عام 2003. لكن تم إرجاء المشروع بسبب نشوب خلاف بينه وبين مقاول العقارات سوري الأصل سيمون حلبي، بشأن الترتيبات المالية في الوقت الذي ارتفعت فيه تكاليف الاقتراض. وفي يناير عام 2008، قامت أربعة جهات استثمارية قطرية بشراء نحو 80 % من المشروع، وتم تخفيض حصة سيلار إلى 20 % فقط.