تماشياً مع النظرية التي سبق وأن تكهن بها الفيلسوف والمؤرخ العربي الكبير، ابن خلدون، في ما يتعلق بدائرة التجديد التي لا نهاية لها، يؤكد تقرير تنشره صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية على أن عمالقة سنوات الازدهار التي عاشتها دبي، بدؤوا يشهدون تراجعا ً في نفوذهم، أو يطاح بهم بصورة تامة، في الوقت الذي يسمح فيه حاكم الإمارة، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لفئة أكثر تحفظا ً بالعودة إلى ساحة الأحداث.

القاهرة: في التقرير الذي أعده سيميون كير من دبي تحت عنوان quot; حرس دبي القديم يأخذ زمام الأمورquot;، جاء تعقيب الصحيفة هذا، في الوقت الذي أعلنت فيه حكومة دبي عن تعيين مجلس إدارة جديد لشركة quot;نخيلquot;، حيث تم إبعاد الرئيس السابق سلطان بن سليم عن رئاسة المجلس الجديد، وإن كان سيظل في منصبه رئيساً لمجموعة quot;دبي العالميةquot;. كما بدأ يشهد نفوذ محمد جرجاوي، رئيس شركة دبي القابضة، حالة من التضاؤل، وهو الأمر ذاته بالنسبة لمحمد العبار، رئيس مجلس إدارة إعمار العقارية.

ثم تقول الصحيفة إن تكنوقراطيين آخرين ممن برزوا على الساحة خلال فترة الازدهار بدأ يتراجع نفوذهم، خاصة ً عمر بن سليمان، الرئيس السابق لمركز دبي المالي العالمي، الذي اُحتجز على خلفية تحقيقات تجريها الشرطة بشأن وقائع تتحدث عن منح مكافآت بإفراط.وهنا، تواصل الصحيفة حديثها بنقلها عن عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات، قوله :quot; في الوقت الذي تسعى فيه دبي إلى حل مشكلات ديونها، بات يتعين عليها كذلك أن تقوم بإظهار طاقماً جديداً لتولي إدارة الأمور. وهذه رسالة مساءلة. فقد وقع هؤلاء الرجال في أخطاء، ولا يمكنك أن تبقي عليهم الآن لإدارة شؤون الإمارة بمسار جديد نحو المستقبلquot;. وترى الصحيفة أن وجه القوة الجديد في الإمارة الآن يتمثل في محمد الشيباني، مدير عام ديوان حاكم دبي، الذي يدير أيضا ً شركة قابضة تشرف على كبرى المشرعات التجارية التي تقوم بها الحكومة، مثل شركة طيران الإمارات. وبعد ترحيب البعض به على أنه تكنوقراطي صارم، قام الشيباني بتركيز السلطة حول ديوان الحاكم، جنباً إلى جنب مع وزارة المالية وصندوق الدعم الذي صُمِم لمساعدة الشركات المرتبطة بالحكومة.

ثم تمضي الصحيفة لتقول إن الشيباني، الذي كان منوطاً بالاعتناء بمصالح حاكم الإمارة في لندن حين بدأت انتعاشة دبي المبنية على الديون، قد ارتقى في درجات السلطة وسط عملية مراجعة مكثفة لمكافحة الفساد كان الهدف منها محاسبة أولئك الذين استفادوا من موجة الازدهار التي نعمت بها الإمارة. وقالت إن تلك الحملة قد سعت إلى إعادة أموال مسروقة إلى خزينة الدولة، بيد أن محللين حذروا من أن تؤدي في الوقت ذاته إلى خلق شعور بالانجراف في الوقت الذي يشاهد فيه كبار المديرين التنفيذيين ماضيهم.

وهنا تشير الصحيفة إلى أن ارتقاء الشيباني قد تزامن مع عودة أسر الإمارة المتوطدة، التي ساعدت الحكام السابقين على تحويل دبي من قرية صيد خاملة إلى مركز تجاري إقليمي. ويُؤمَل الآن أن يكون لدى مجلس الإدارة الجديد لـ quot;نخيلquot;، الذي يتألف بصورة كبيرة من أعضاء بالأسر الشهيرة في دبي، الخبرة التي تمكنه من إعادة هيكلة الشركة بوساطة المبلغ الذي أعلنت حكومة دبي أنها ستضخه بقيمة 8 مليارات دولار، وإحياء سوق العقارات الذي يحتضر في الإمارة منذ أواخر عام 2008.

وفي ختام تقريرها، تعاود الصحيفة لتنقل عن عبد الخالق عبد الله، قوله :quot; قد يُفسِّر المرء ذلك على أن الحاكم يقدم تنازلات لحاكمي أقلية الأعمال في الإمارة: فبعد أن انجرف بعيدا ً عنهم ها هو يقوم الآن بإعادة اكتشافهم. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل سيكون هذا الترتيب مؤقتا ً حتى يأتي الانتعاش أم سيكون شيئا ً أكثر استدامة ؟quot;. ثم تؤكد من جانبها في النهاية على أن عودة الحرس القديم قد تعكس نهجا ً توافقيا ً نحو التعافي. بيد أن البعض طالب بضرورة إنشاء الحكومة لمؤسسات حديثة تحل محل نظرية ( دائرة التغيير ) التي سبق لابن خلدون أن تكهن بحدوثها.