سيتعيّن على من سينتخب الأحد رئيسًا للبرازيل أن يعدّ طاقمًا يستطيع استعادة الثقة إذا أراد إنعاش النمو بمكافحة التضخم ومزيد من الصرامة في الميزانية وإعطاء الأولوية إلى الاستثمار كمحرك للاقتصاد.


برازيليا: على الأقل هذه هي الوصفة التي تطالب بها الأسواق، والتي قال المحللون إن الرئيسة المنتهية ولايتها ديلما روسيف من حزب العمال (يسار) المرشحة إلى ولاية جديدة، تركتها جانبًا. وركزت روسيف على الاستهلاك الداخلي والزيادة في الرواتب كمحرك للنمو وتدخل، اعتبر مفرطًا لدى البنك المركزي وفي تحديد أسعار الطاقة.

وبعد ارتفاع كبير في إجمالي الناتج الداخلي بلغ 7.5% في 2010، أصبح أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية، الذي دخل في مرحلة ركود في النصف الأول من السنة الجارية، ماضيًا نحو نمو ضعيف للسنة الرابعة على التوالي، وارتفع إجمالي الناتج الداخلي البرازيلي بمعدل يقلّ عن 2% في عهد روسيف، مقابل 4% في عهد سلفها لويز أنياسيو لولا دا سيلفا.

الأسواق لا تنتخب!
وقال الخبير في غولدمن ساتش ألبرتو راموس لفرانس برس "لا بد من تدخل أقل في سوق أسعار الصرف وفي تحديد الأسعار، واحترام الأهداف المحددة بشكل أفضل في مجال التضخم وإدارة الأموال العامة". وترد ديلما روسيف على هذه الانتقادات بالقول "ليست الأسواق التي تنتخب"، وبأن سياستها سمحت باحتواء البطالة في مستوى منخفض جدًا 5 %، رغم ظروف دولية متدهورة.

ووعدت باستبدال وزيرها للاقتصاد غيدو منتيغا وإنعاش الاستثمار من دون تغيير الخطوط الكبيرة في سياستها. من جانبه يعد مرشح يمين الوسط آيسيو نيفيس مرشح الأوساط الاقتصادية بمنعطف ليبرالي لإنعاش النمو واحتواء التضخم في البرازيل.

ويدعو وزيره للاقتصاد اذا فاز الاحد في الانتخابات، ارمينيو فراغا، رئيس البنك المركزي سابقا الى عدة اجراءات تدريجية لانعاش الاقتصاد لا سيما اصلاحا ضريبيا يستثني من الضرائب الايرادات والاستثمارات في البنى التحتية.

ويرى المحللون أنه ضروري احترام الفائض الأولي في الميزانية - الذي يستخدم لدفع فائدة الديون - والذي تراقبه عن كثب المؤسسات الدولية، والذي تم خفض توقعاته. ويؤكد أندري لايتي الاقتصادي لدى "تي إيه جي أنفستيمنتوس" أن أحد تلك المجالات الأساسية في إنعاش نمو سابع اقتصاد في العالم هو الاستثمار في البنى التحتية المتقادمة والمتأخرة بثلاثين سنة.

تناسي إنتاجية الشركات
يضيف لكن بدون تغيير قواعد اللعبة، كما رأينا ذلك في قطاع الكهرباء، مع تغييرات في التسعيرة والمبيعات. وقال "سيتعيّن على الرئيس الجديد أن يحدد للأسواق قوانين واضعة ومستقرة كي يتمكن المقاولون من الاستثمار بسهولة أكثر". ويقول الاقتصادي سامي دانا من مؤسسة جيتوليو فرغاس لفرانس برس إن "الحكومة الحالية ركزت على الاستهلاك الداخلي والقروض، ونسيت إنتاجية الشركات، لدينا كلفة ضخمة، ويد عاملة باهظة الثمن، ومشاكل لوجستية، البرازيل بلد باهظ الثمن، وكل شيء يكبح النمو".

وقد تراجعت البرازيل من المرتبة الرابعة إلى الخامسة عالميًا في مجال الاستثمارات الأجنبية خلال 2013، وفق الأمم المتحدة، وهذا هو التقهقر الأول منذ 2009. وقطاعها الصناعي في ركود واضح، واستثماراته متدنية. واضطرت البرازيل تدريجيًا للزيادة في نسبة الفوائد الأساسية حتى بلغت 11% سنويًا، وقد خفضتها كثيرًا في 2011 لدعم الاقتصاد، لكن النمو لم يأت، وما انفك التضخم يرتفع حتى بلغ حاليًا 6.75%، أي أكبر من السقف المحدد 6.5%.

سلطة رابعة
ويرى لايتي أن "اليوم أصبح ينظر إلى البنك المركزي على أنه ليس مستقلًا، وأنه لا يبذل كل الجهود من أجل احتواء التضخم"، وهو رأي يشاطره طاقم نيفيس. وترى روسيف أن "إعطاء البنك المركزي استقلاله" يعني جعله "سلطة رابعة"، ما سيؤدي - على حد قولها - إلى زيادة جديدة للنسب الفوائد وارتفاع البطالة.

ويريد طاقم نيفيس الحدّ من النفوذ الكبير، الذي تتمتع به المصارف العامة للتنمية، لا سيما بنك "بي إن دي آي إس"، الذي يموّل مشاريع يمكن أن توكل إلى المصارف الخاصة.
لكن روسيف لا توافق على ذلك، وتقول "من الذي سيموّل البنى التحتية والمنازل الاجتماعية بفوائد متدنية".

ورغم أن آيسيو نيفيس يعد بأنه لن يمسّ البرامج الاجتماعية، تلقى هذه المبررات صدى لدى خمسين مليون برازيلي من المعوزين، الذين يستفيدون من تلك البرامج الاجتماعية، التي حسنت ظروفهم المعيشية خلال السنوات الـ12 التي حكمت فيها حكومات حزب العمال اليسارية.

&


&