أعاد القضاء المصري فيلم "حلاوة روح" للصالات السينمائية بعدما أوقف قرار رئيس الحكومة المهندس إبراهيم محلب الخاص بمنع عرض الفيلم، فيما لم تتقدم الحكومة بطعن على الحكم.


القاهرة: بعد نزاعٍ قضائي استمر لأكثر من 7 شهور بين المنتج محمد السبكي ورئيس الحكومة المصرية إبراهيم محلب، قضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة المصري بوقف قرار رئيس الحكومة بمنع عرض الفيلم السينمائي "حلاوة روح" بالصالات السينمائية.

وتقوم ببطولة الفيلم الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي مع طارق لطفي وباسم سمرة، ويخرجه سامح عبد العزيز. وكان قد صدر القرار بمنعه من العرض في أبريل(نيسان) الماضي بعد نحو 10 أيام فقط من طرحه بدور العرض السينمائية المصرية والعربية بعد حملة هجوم شديدة عليه.

وكشفت حيثيات الحكم القضائي أن قرار منع الفيلم صدر من وزير الثقافة السابق محمد صابر عرب وليس رئيس الحكومة كما صدر رسمياً في بيانات الحكومة خلال الفترة الماضية، وهو ما يعكس حالة التخبط الحكومي في طريقة التعامل مع قرار وقف الفيلم السينمائي.

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها أنها نظرت في الشق العاجل في الدعوى من الأوراق المقدمة لها، مشيرةً لأنه خلال البحث تبين أن القانون 430 لسنة 1955 الخاص بتنظيم الرقابة على الأشرطة السينمائية قد أخضع تصوير وعرض المصنفات السمعية والبصرية عرضاً عاماً وتداولها وبيعها وتأجيرها- للرقابة على المصنفات، واشترط الحصول على ترخيص من وزارة الثقافة.

وأضافت أن المشرع منح للسلطة القائمة على الرقابة، أن تسحب الترخيص الذي سبق أن أصدرته في أي وقت بقرارٍ مسبب إذا طرأت ظروف جديدة تستدعي ذلك، ولها في هذه الحالة إعادة الترخيص بالمصنف بعد إجراء ما تراه من حذف أو إضافة أو تعديل مع الإشارة إلى أن السلطة المختصة بذلك الأمر هي الإدارة العامة للرقابة على المصنفات الفنية مما يعني أن صدور قرار المنع من وزير الثقافة بصفته رئيس المجلس الأعلى للثقافة يعتبر قراراً صادراً من شخصٍ غير مختص.

وأكدت حيثيات المحكمة على أن المادة التاسعة من القانون التي منحت حق التدخل للسلطة تخالف 4 مواد من الدستور المصري تؤكد على حرية الفكر والإبداع الأدبي والفني مشيرةً إلى أن هذه الحرية لا تتحقق إلا إذا أُتيحت حرية التعبير بوسائل ووسائط التعبير كافة، وهي مرتبطة بحق الجمهور أو المتلقي الذي يتفاعل مع الأعمال الفكرية والأدبية والفنية بالتأييد أو الموافقة أو بالإختلاف أو المعارضة أو الرفض على وجه يثري الثقافة العامة.

وأضافت المحكمة أن إخضاع الأعمال الفكرية والأدبية والفنية للحجب بمعرفة جهة الإدارة يترتب عليه أن ما يظهر علناً من أفكار أو آراء أو إبداع أدبي أو فني سيقتصر على ما ترضى عنه جهة الإدارة أو تسمح به، وأن من لم ترضى جهة الإدارة عن أفكارهم سيتردد حقهم بين التقييد أو المنع أو التسامح بحسب تقدير جهة الإدارة، مما ينتقص من حق وحرية المفكر والأديب والفنان كما ينال من حق الجمهور في تلقي الآراء والأفكار والفنون والآداب بحرية دون وصاية من جهة الإدارة على عقله، وما يقيد حريته في الإختيار والانتقاء.

الجندي:
وقال مؤلف الفيلم على الجندي لـ"إيلاف" أن الحكم القضائي جاء ليؤكد الكلام الذي يقولوه منذ البداية بأن الفيلم لا يحتوي على أي مشاهد خادشة للحياء مشيراً إلى أنه لا يعرف ما إذ كان المنتج محمد السبكي سيقوم بإعادة طرح الفيلم سينمائياً أم لا. وأضاف أن التسريب الذي تعرّض له الفيلم وطرحه عبر الإنترنت سيؤثر&سلباً على طرحه تجارياً مرةً أخرى، وقال: لو شاهد رئيس الحكومة الفيلم قبل إصدار قرار وقف عرضه لما حدث كل هذا.

الشناوي:
استبعد الناقد السينمائي طارق الشناوي، أن تقوم وزارة الثقافة بالطعن على الحكم مشيراً إلي أنهم يعلمون جيدا أنهم تورطوا في قرار المنع. وأضاف، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية منى سلمان في برنامج "مصر في يوم" على فضائية دريم2، مساء الثلاثاء، أن المصادرة بحجة حماية الأخلاق حجةً واهية جداً، وقال: الفيلم رديء تجارياً، لكن قرار المصادرة كان أردئ، محذاراً من أن التدخل اليوم لمنع فيلم لأسباب أخلاقية سيتبعه غدًا قراراً بمنع فيلم لأسباب سياسية، كما فعلت الإذاعة وصادرت بعض الأغاني بحجة أنها تُحرِّض على العنف.

وأشار الشناوي لأننا سنجد أن هناك خطورة على الحياة كلها وعلى الثقافة والسياسة والإبداع في حال التعامل مع مثل هذه القرارات، لافتا أنه اندهش من موقف بعض المثقفين الذين أكدوا لرئيس الوزراء، أنه إذا لم يمنع الفيلم، كانوا سيطالبون باستقالته.

وأكد الشناوي، أن وزير الثقافة جابر عصفور، كان يريد إنشاء لجنة&تحت شعار&"الدفاع عن حرية الإبداع"، لكنه تصدى له وأصدروا بيان يرفضون فيه إنشاء تلك اللجنة لأنها لجنة حكومية وكانت تهدف لتقييد الحريات.&وأوضح&أن الفيلم لم يكن&يملك قوة جذب تجارية، لكن قرار منعه سيؤدي إلى نتيجةٍ عكسية وسيساعده على الإنتشار تجارياً. وقال: يجب أن تتعلم الدولة من الدرس، لكن تجربتنا مع الدولة تؤكد أنها لا تتعلم.
&