المعارضة تحجب صوتها والموالاة تمنحه الثقة:
تكليف الحريري تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة

صراع quot;العنيدينquot; أطاح بالحكومة الجديدة !

إبراهيم عوض من بيروت: شكلت مبادرة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أول من أمس بدعوة رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون إلى تناول الغداء إلى مائدته برفقة صهره وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، مفاجأة بدلت من المشهد الرتيب الذي طبع استشارات التكليف، بعد أن عرفت مواقف الكتل النيابية مسبقًا وحدد عدد الأصوات التي سيحظى بها الرئيس المكلف ثانيةً سعد الحريري، وإن جاءت أقل من المرة الماضية.

الأوساط السياسية المتابعة لملف تشكيل الحكومة الأولى التي لم تبصر النور والثانية التي سينطلق قطار تأليفها اليوم الخميس رأت في اللقاء الثلاثي الذي جمع سليمان وعون وباسيل استباقًا لعملية إدارة محركات القطار المذكور ومحاولة من جانب رئيس الجمهورية لإزالة ما أمكن من عراقيل قد تعترض طريقه على غرار ما حصل في رحلة التشكيل السابقة.

إلا أن المعلومات التي تكشفت عن quot;غداء القصرquot;، في حال ثبوت صحتها، لا تعكس توجهات الرئيس الذي أعيد تكليفه أمس والتي أفصح عنها في الكلمات التي ألقاها في إفطارات ما بعد الاعتذار وما قبله خصوصًا لجهة رفضه توزير الراسبين في الانتخابات النيابية، فيما تبين أيضًا اعتراضه على إبقاء وزارة الاتصالات في عهدة تكتل التغيير والإصلاح وفي يد الوزير باسيل تحديدًا كما ظهر ذلك جليًا من خلال التشكيلة الوزارية المقترحة التي أودعها بين يدي سليمان.

وعلى الرغم من التكتم الذي اعتمده عون وباسيل حول تفاصيل ما دار في لقائهما مع رئيس الجمهورية واكتفائهما بإيراد عناوينه ومنها quot;تطرق المجتمعين إلى مواضيع بالغة الأهمية كالتوطين والأخطار المترتبة عليه وفي مقدمها التقسيم، إضافة إلى الأخطار الإقليمية وخطر الإرهاب على لبنان، والوضع الداخلي وصلاحيات رئيس الجمهورية، إلى الفساد الذي يشكل الخطر الأكبر الذي يضرب مؤسسات الدولة quot;، فان مصدرًا مقربًا من العماد عون أعرب لـ quot;إيلافquot; عن ارتياح الأخير والوزير باسيل لأجواء الاجتماع الذي عقد في القصر الجمهوري حيث بدت وجهات نظر المجتمعين متطابقة إزاء الوضع الحكومي، كما أبلغ سليمان ضيفه صراحةً انه يعتبر الوزير باسيل من الوزراء الثوابت في الحكومة المقبلة، وهو يحبذ ان تكون وزارة الاتصالات من حصة التكتل الذي برآسة عون، مثنيًا على الجهود التي بذلها باسيل في هذه الوزارة وما حققه من انجازات أدرت أرباحًا على خزينة الدولة وحققت توفيرًا في جيب المستهلك.

وإذا كان موقف رئيس الجمهورية هذا الذي نورده على ذمة المصدر المقرب من عون يظهر تبايناً واضحاً في الرأي مع الرئيس المكلف الذي سبق أن وضع خارطة طريق لخط سير عملية التأليف، فإن الأوساط السياسية المشار إليها سابقًا تجد فيما قاله الرئيس سليمان مخرجًا لعقدة توزير باسيل التي كانت أحد الأسباب الرئيسة في إجهاض ولادة حكومة التكليف الأول بعد ان هدد عون بألا تكون هناك حكومة من دون باسيل ورد عليه الحريري بأنه لن يشكل حكومة تضم quot;الراسبquot; باسيل.

هذا وتقرأ الأوساط السياسية نفسها في كلام سليمان اقتراحًا بأن يعين باسيل وزير دولة أو تسند إليه حقيبة وزارية أخرى غير الاتصالات على أن يتولى الأخيرة عضو في تكتل التغيير والإصلاح، إلا أنها تربط الأخذ بهذا الاقتراح بمشيئة الرئيس المكلف الذي أعلن عزمه العودة إلى مسيرته السابقة وإجراء مفاوضات بهدؤ وحكمة ضمن الدستور قبل الحديث عن شكل الحكومة.

وفيما بدت هذه الأوساط ميالةً إلى بقاء الحريري على التزامه السابق بتأليف حكومة ائتلاف وطني متخطيًا حملات التجريح التي تعرض لها من قبل الفريق الآخر، مغلبًا في ذلك مصلحة لبنان ومقتضيات مواجهة المخططات الإسرائيلية المشبوهة على حد قوله، إلا أنها بدت حذرة في تفاؤلها بعد أن استوقفها كلام البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير أمس قال فيه إن توزير الراسبين يعني الإساءة إلى مشيئة الناخبين، الأمر الذي يعيد أزمة الحكومة إلى الحلقة المفرغة التي استحكمت بمسيرة تأليف الحكومة ظاهرها الخلاف حول توزير الراسبين من عدمه، وباطنها الاستحواذ على وزارة الاتصالات.