سقط عشرات القتلى والجرحى في ولاية الجزيرة، جنوبي العاصمة السودانية الخرطوم، إثر هجوم شنّته قوات الدعم السريع على عدة قرى في الولاية، وفق منظمات حقوقية محلية سودانية.

وأفادت مبادرة "محامو الطوارئ" في بيان لها بأن قوات الدعم السريع "هاجمت قرى في غرب وجنوب ولاية الجزيرة، مستخدمة الذخيرة الحية ضد سكان عُزل".

واتهم البيان قوات الدعم السريع "بارتكاب العديد من الانتهاكات، من بينها الاعتداء الجنسي والتهجير القسري، فضلا عن السلب والنهب".

وأدانت أحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني سودانية ما وصفته بانتهاكات قوات الدعم السريع.

وطالبت تنسيقية القوى المدنية، بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، قوات الدعم السريع بالالتزام بما تعهدت به من حماية المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها.

وكانت التنسيقية وقوات الدعم السريع وقّعتا اتفاقا في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في يناير/كانون الثاني الماضي، يهدف إلى وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية.

من جانبها، قالت قوات الدعم السريع إنها شكلت لجانا للتحقيق في الانتهاكات التي وقعت في ولاية الجزيرة ولمحاسبة المتورطين.

وكانت قوات الدعم السريع شكلت مؤخرا إدارة مدنية في ولاية الجزيرة، التي سيطرت عليها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بهدف حماية المدنيين وتقديم الخدمات الضرورية.

"أزمة جوع كارثية"

وحذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، من تبعات كارثية في ولايتَي الخرطوم والجزيرة، جنبا إلى جنب مع إقليمَي دارفور وكردفان، حال استمر الصراع واستمرت عمليات النزوح في ظل محدودية وصول المساعدات والخدمات إلى المنكوبين.

وأشار المكتب في بيان له إلى أن السودان يؤوي أكبر عدد من النازحين داخليا على مستوى العالم، بأعداد تتجاوز 6.5 مليون شخص، فضلا عن 2 مليون سوداني نزحوا إلى الدول المجاورة.

وحذّر البيان من "أزمة جوع كارثية" في السودان ما لم تتوقف الأعمال العدائية فورا، وتدخل المساعدات الإنسانية إلى سكان ولايتَي الخرطوم والجزيرة وإقليمَي دارفور وكردفان.

طابور صغير من النساء
BBC
يحتل السودان المركز الأول عالميا في أعداد النازحين داخليا

وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن إجمالي 4.86 مليون نسمة في السودان، اعتبارا من مارس/آذار 2024، يعانون سوء تغذية حاد، بينهم 3.66 مليون طفل دون سن الخامسة و1.2 مليون امرأة بين حامل ومُرضع.

وأشارت اليونيسيف إلى أن تلك الأعداد تعكس زيادة بنسبة تتجاوز 22 في المئة مقارنة ببداية عام 2023.

وإلى ذلك، اتهمت وزارة الخارجية السودانية قوات الدعم السريع بإعاقة وصول العديد من شاحنات الإغاثة التابعة لليونيسيف إلى مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.

من جهتها، قالت قوات الدعم السريع إن الجيش السوداني وفصائل مسلحة حليفة تحاول إساءة استخدام المساعدات الإنسانية لنقل أسلحة.

وتركت الحرب الأهلية 25 مليون نسمة -أكثر من نصف سكان البلاد- يعانون من الحاجة.

وطبقا للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، فإن نحو 5 ملايين إنسان في السودان يترنّحون على حافة المجاعة (وذلك طبقا لآخر تحليل في ديسمبر/كانون الأول حيث حالت ظروف الحرب دون عمل تحديث).

"كل بصمات التطهير العرقي"

ومن المملكة المتحدة، حذر أعضاء في البرلمان من استخدام الغذاء كسلاح في الحرب الأهلية السودانية.

وقالت فيكي فورد، على رأس مجموعة تضم نوابا من كل الأحزاب البريطانية، إن هناك "دليلا على أن طرفَي الصراع يعرقلان وصول المساعدات".

وجاء حديث فورد بعد أن كشف تقرير جديد عن تعرّض أكثر من 100 قرية في غرب السودان للإحراق والتدمير الكلي أو الجزئي منذ أبريل/نيسان الماضي.

وقالت وزارة الخارجية البريطانية إن ما يحدث في السودان "يحمل كل بصمات التطهير العرقي.. حيث تستهدف ميليشيات عربية أفارقة سود".

ولقي ما لا يقل عن 13,900 شخص مصرعهم منذ اندلاع الحرب الأهلية في السودان في أبريل/نيسان الماضي، بحسب مشروع بيانات مواقع النزاعات المسلحة وأحداثها (أكليد).

وحذرت النائبة فيكي فورد من "انتشار العنف الجنسي ضد النساء في السودان، حيث تضطر فتيات إلى تشويه أنفسهن لتفادي التعرّض للاغتصاب".

امرأتان تنوحان
BBC
امرأتان تبكيان في أثناء حديث لبي بي سي عمّا تعرضتا له من انتهاكات

وطالبت مجموعة النواب البريطانيين، في بيان لها، المجتمع الدولي بتقديم المزيد من المساعدات للسودان. كما ناشد البيان "عددا من الدول -بينها الإمارات العربية المتحدة- بالتوقف عن تزويد طرفي الصراع بالأسلحة".

وتعهدت المملكة المتحدة بمضاعفة مساعداتها للسودان لتصل إلى 112 مليون دولار.

وقال وزير الدولة البريطاني لشؤون أفريقيا أندرو ميتشل: "الصراع في السودان يكلّف خسائر فادحة في الأرواح، فضلا عن ملايين من المشردين وممن يواجهون ظروف جوع كارثية".

وأضاف ميتشل، الذي زار مؤخرا الحدود بين تشاد والسودان: "ثمة أدلة متنامية على وقوع فظائع بحق مدنيين... نحن لم ننس الحرب في السودان، وكذلك العالم لا يجب أن ينسى. الأولوية الملحّة الآن هي وضع نهاية للعنف".