عبد الجبار العتابي من بغداد: اقامت دائرة الفنون الموسيقية التابعة لوزارة الثقافة العراقية على قاعة الشعب في باب المعظم ، وعلى مدى يومين ، مهرجاناً غنائياً تراثياً تحت شعار( لعراق السلام .. ننشد المقام) ، حفل بالعديد من الفعاليات التي حضرها جمع غفير من محبي المقام العراقي والتراثي ، وشاركت فيها بيوت المقام العراقي في بغداد والمحافظات فضلاً عن فرقة الإنشاد العراقية التي عادت لتؤكد أنها إستعادت عافيتها ، وأعادت الى الذاكرة جمالياتها الكثيرة في التغني بالتراث والأغنيات التي طار عبقها ليملأ المكان ، مثلما كان الآخرون في قراءاتهم المقامية وأصوات آلاتهم التراثية التي أضفت نكهة بغدادية غائبة عن الواقع ، وكان المكان مزيجا من الصور الجميلة التي تتناغم في الذاكرة وترسم لوحات مفعمة بالحنين والطرب ، وعلى هامش المهرجان اقيم معرض للصور الفوتوغرافية لرواد المقام العراقي والالات الموسيقية التراثية اعداد الباحث موفق البياتي ، بالتعاون مع المركز الدولي لدراسات الموسيقى التقليدية .

بدأ المهرجان بكلمة لوكيل وزارة الثقافة طاهر ناصر الحمود ، حيا فيها اهل المهرجان وبارك لهم تجمعهم وهم يؤدون دورهم الكبير في خدمة العراق من خلال الموسيقى وهذا التراث الغني ، وطالبهم ان يحافظوا على هذا الفن الاصيل ولمسته العراقية المميزة ، كما طالبهم بالمواكبة الجديدة لهذا الفن في مجال الموسيقى حيث التطور الكبير الذي تنتجه التكنولوجيا في مجال المعلومات والسمعية والمرئية وغيرها .

ونبه الوكيل الى خطورة الغناء الحالي قائلا : لابد لي ان اشير الى ظاهرة شاذة في الساحة الثقافية وهي ظاهرة الاداء الهابط في كل شيء ، في المفردة واللحن والصوت والحركات المبتذلة التي يقوم عراقيون وعراقيات الان في الفن ، والمؤلم ان هذا يجري باسم العراق وبالانتساب الى العراق ، وانتم مطالبون ان تعبروا عن رفضكم الصريح لهذه الظواهر المستهجنة التي تسيء الى كرامة الفن العراقي وكرامة الفنان العراقي والشخصية الفنية العراقية ، واضاف : اتمنى للمقام العراقي العريق المزيد من الارتقاء ، وان هذا الفن امانة في اعناقكم واعناقنا جميعا لانه عنوان هويتنا واصالتنا الفنية لان العراق عرف به ، فأن قيل الموسيقى العراقية قيل المقام ، من خلال الاهتمام بمبدعيه ورواده وكل ما يحتاجه، وانا متفائل بمستقبل هذا الفن والموسيقى في العراق لاننا متفائلون بمستقبل الحياة في العراق .

ثم قدمت فرقة الانشاد العراقية مفتتحة المهرجان بأوبريت بعنوان (عراق التحدي) غنى معه الجمهور والهبت حماسه بشكل ضجت معه القاعة بعد الختام بالتصفيق ، لاسيما مع كلماته (ستبقى يا عراق / عظيما يا عراق) ، وتناوب على غناء مقاطعه الفنانون قاسم اسماعيل وعامر توفيق وسما احمد وعبد الرحمن علي ، ثم قدمت فرقة انغام الرافدين مجموعة من المقامات والبستات البغدادية من مقام السيكاه ، وقدم قارئ المقام الكردي العراقي سعدون كاكاني مقام (خورشيدي) واغنية تراثية ، وشارك بيت المقام / فرع ديالى ، فقدم كريم خسرو الخالدي مقام البنجكاه واغنية تراثية وقدم محمد عزيز الخياط مقام اورفه واغنية تراثية .

وفي اليوم الثاني قدمت فرقة بيت المقام / فرع بغداد انشودة (غريد المقام) شعر ابراهيم السالم ولحن الدكتور هيثم شعوبي ، ومطلعها (وتذكرنا ونحن الاوفياء / وتجمعنا وكم طاب اللقاء/ اكتبوا احلى الكلام / انه شيخ المقام/ ومع القبانجي نسمو بالغناء) وهذه الانشودة تحدثت عن الفنان الكبير محمد القبانجي ودوره في ترسيخ المقام العراقي بين الناس ، وتضمن الانشودة في مقاطعها اشهر الاغاني التي قدمها مث المجرشة وجواد جواد مسيبي وياللي نسيتونا وصيحته في مقام الحويزاوي (لما اناخوا قبيل الصبح عيسهمو) ، وقدم هذه الانشودة نخبة من قراء المقام : عبد الجبار العباسي وموفق البياتي ومحمود السماك وخالد السامرائي واحمد عبد الامير وفوزي سعيد وسامي لطيف .

بعده قدم بيت المقام / فرع كركوك مقام رست على الطريقة الكركوكلية وقدم مطربه وجدي مصطفى مقام اوج وقوريات واغنية تراثية ، وقدم فخري فاضل من فرع نينوى شعر وابوذية على الطريقة الموصلية من مقام البيات وتنزيله (هائماً مغرماً) كلمات والحان ملا عثمان الموصلي وأداء عدد من أعضاء الفرقة ، وقدم خضير الموصلي مقام عجم (عشيران) وموشح (اشرق البدر علينا) كلمات والحان ملا عثمان الموصلي ، وقدم قاسم الملا من بيت التراث في البصرة مقام شرقي رست وأغنية تراثية ومقام مدمي من الحجاز مع أغنية تراثية أيضاً.
واختتمت فعاليات المهرجان الجميل بقراءات مقامية للقارئ عبد الجبار العباسي ونمير ناظم واغنيات تراثية


وقال حسن الشكرجي مدير عام دائرة الفنون الموسيقية في حديث خاص : المهرجان جزء من خطة الدائرة لإقامة الفعاليات التي تعنى بكافة انماط الغناء العراقي والتي تخص التراث العراقي،ومنها فن المقام ، فضلا عن نشاط الاوركسترا السمفونية ، فكان المهرجان هو للاحتفاء بالمقام العراقي وقراءته للحفاظ على الكنز العظيم الذي مازال مثار اهتمام الكثير في الوطن العربي والعالم ، وسعينا الى إشراك بيوت المقام في المحافظات، وقررنا استذكار الرموز الكبيرة من الفنانين الذين يغنون هذا النمط من الغناء وتكريمهم، مثل المبدعين الراحلين يوسف عمر وناظم الغزالي والقديرة مائدة نزهت والمبدعة فريدة وحسين الاعظمي وآخرين، ومن المؤمل الاحتفاء بناظم الغزالي قريباً، والاستعدادات جارية لإقامة المهرجان الريفي في ذي قار الذي سيسمى مهرجان (حضيري أبو عزيز) ، ولغينا التقليد ذات الصفة المعينة الذي يكرر سنويا باقامة مهرجان سنوي يحمل اسم معين ، بل قررنا ان نقيم مهرجانات لمن يستحق وهذا السياق اكثر سلامة .