تقدمت مساء الأربعاء وحدات من الجيش النظامي الليبي معززة بمسلحين موالين للواء المتقاعد خليفة حفتر إلى منطقة حي السلام شمال شرق وسط بنغازي، للمرة الأولى منذ بدء الهجوم الذي شنه حفتر في المدينة قبل أسبوع على الميليشيات الاسلامية، التي يصفها بالإرهاب، بحسب مسؤول عسكري وشهود عيان.&

بنغازي: قال شهود عيان إن "وحدات من الجيش دخلت إلى مدينة بنغازي مساء الاربعاء مدججة بمختلف أنواع الاسلحة والآليات والمدرعات والدبابات من المدخل الشرقي للمدينة".
ونقل شهود العيان أن "تلك الوحدات تتمركز في منطقة حي السلام بعد أن تجاوزت المناطق الواقعة شمال شرق وسط المدينة".
وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الاركان العامة للجيش أحمد المسماري إن "هذه الوحدات مهمتها بسط السيطرة على الاحياء والطرق الرئيسة في المدينة، إضافة إلى تعزيز النقاط الامنية التي يقيمها شبان مسلحون في مختلف المناطق والاحياء".

مشاركة مدنيين
ويشارك مدنيون مسلحون إلى جانب قوات حفتر في هجومها الجديد لاستعادة بنغازي التي سقطت في تموز/يوليو الماضي بأيدي ميليشيات إسلامية بينها جماعة أنصار الشريعة المتشددة.
وقال المسماري إن "عددًا من منتسبي القوات الخاصة في الجيش ومقاتلي المناطق دخلوا المدينة اليوم لزيادة بسط السيطرة على أحيائها في ظل تقهقر واضح للإسلاميين"، على حد وصفه.
وأوضح أن "هذه الوحدات ستتمركز كل واحدة منها في المنطقة التي يقطنها أفراد كل وحدة، فيما سيدخل &الجيش بأكمله المدينة خلال الساعات القادمة ليتمركز في الأماكن الحيوية للمدينة، ويتجنب حروب الشوارع التي من العادة تخلف عددًا من الضحايا المدنيين".
لكنّ مصدراً عسكرياً آخر قال إن "الوحدات التي دخلت اليوم كانت بقيادة العقيد فرج البرعصي آمر كتيبة حسن الجويفي المتمركزة في مدينة البيضاء (200 كلم شرق)"، وكانت الكتيبة قد نفذت أعمال دهم وقبض على مطلوبين في منطقتي دريانة وسيدي خليفة (30 كلم شرق).
ويتمركز الجيش في تخوم مدينة بنغازي الشرقية والجنوبية والغربية لكنه يتخذ من مرتفعات بنينا، حيث يوجد مطار بنغازي والرجمة الواقعان في الضاحية الجنوبية الشرقية للمدينة، مركزًا للقيادة والسيطرة، حيث غرفة العمليات الرئيسة لعملية الكرامة، بعد خسارته لعدة مواقع هامة في المدينة خلال المعارك مع الإسلاميين.

معارك طاحنة
ومنذ الأربعاء تخوض الكتيبة 21 التابعة للقوات الخاصة واللواء 204 دبابات التابعة للجيش النظامي اشتباكات طاحنة وحرب شوارع مع المليشيات الإسلامية خصوصاً في كتيبة شهداء 17 فبراير.
وهاتان الوحدتان العسكريتان هما ما تبقى من وحدات عسكرية في بنغازي بعد هجوم حفتر الأول، وتصدتا للقتال بعد الهجوم الثاني ضد المليشيات الإسلامية في مناطق غرب بنغازي ومدخلها الغربي.
وقال شهود عيان إن "الوحدات العسكرية داهمت منزلي وسام بن حميد ومحمد العريبي قائدي قوات درع ليبيا الأولى والثانية في منطقتي سيدي خليفة (30 كلم شرق) والكويفية أولى مناطق المدينة".
وأضاف الشهود أن "منزل العريبي تعرض لخسائر مادية كبيرة، فيما جرفت محال تجارية له بجرافات محدثة أضراراً مادية جسيمة".
والأربعاء قتل 11 شخصًا على الأقل، بينهم انتحاري نفذ هجومًا في مدينة بنغازي، حسب ما أفادت مصادر طبية وعسكرية وشهود عيان.
وقال مصدر في مركز طبي إن "مشرحة المركز تلقت الأربعاء جثثاً لسبعة أشخاص قتلوا في في أعمال عنف متفرقة في مدينة بنغازي"، فيما قال مصدر طبي آخر أن "أربعة آخرين على الأقل قتلوا بسبب ذات الأعمال العنيفة بينهم انتحاري".
وقتل أحد أفراد الجيش وجرح أربعة آخرون صباح الأربعاء بعد أن أقدم انتحاري على تنفيذ هجوم استهدف به نقطة أمنية في منطقة دريانة (40 كلم) شرقي بنغازي، ونُقلت جثتاهما إلى مستشفى المرج (100 كلم شرق) مع جثة أخرى عثر عليها في ضواحي تلك المدينة، بحسب المصدر طبي.
وتدور اشتباكات في اماكن متفرقة في المدينة بين القوات الحكومية والموالين للواء حفتر مع المليشيات الإسلامية.
وقال مصدر عسكري إن الغارة استهدفت موقعاً محتملاً يستعمل كمخزن للأسلحة من قبل الإسلاميين، فيما شنت المقاتلة على بوابة القوارشة الواقعة في المدخل الغربي للمدينة، والتي يتمركز فيها مقاتلو أنصار الشريعة.
والثلاثاء قتل 13 شخصًا.
وبهذه الحصيلة الجديدة وخلال أسبوع ارتفع عدد القتلى ليصل إلى نحو 110 اشخاص على الأقل بينهم 93 &تلقاهم مركز بنغازي الطبي وحده، فيما تلقت مستشفيات أخرى بقية الجثث، حسب المصادر الطبية.
وقال شهود عيان إن "وحدات من الجيش اقتحمت مساء الثلاثاء منزل أحد قادة جماعة أنصار الشريعة في منطقة دريانة (40 كلم) شرق بنغازي، وهو أنور سعيد عبدالكافي العقوري الذي قتل ومعاون له بعد أن اطلق النار على الوحدات المقتحمة وتبادل إطلاق النار معها قبل أن يتم استهداف بيته بقذيفة صاروخية".
&
سيطرة على السجن
من جهة أخرى، سيطرت ليل الثلاثاء قوة تابعة لكتيبة 17 فبراير الإسلامية على سجن الشرطة العسكرية بمنطقة بوهديمة وقامت بإخلائه من الموقوفين ونقلت المدرعات والذخائر قبل ان تغادره، بعد أن حاولت مجموعة مسلحة الهجوم على المعسكر واطلاق السجناء المتهمين بالمشاركة في الهجوم على بنغازي خلال ثورة 17 فبراير 2011.
والثلاثاء أيضًا سقطت عدة قذائف عشوائية في مستشفى الهواري العام ومركز الكلى الواقعين في جنوب بنغازي محدثة أضراراً مادية وفزعًا لدى المرضى والأطقم الطبية، بحسب بيانات من المركز والمشفى.
وما زالت الحركة في المدينة شبه منعدمة خصوصاً في أوقات المساء، فيما تشهد الدوائر الحكومية والخاصة شللاً تامًا بسبب الاشتباكات.
وتعود أوجه الحياة نسبياً في المدينة صباحًا، بينما تتراجع الحركة مساء بسبب حواجز النقاط الأمنية التي يديرها شبان مسلحون يوالون اللواء حفتر من مختلف المناطق بعد انطلاق ما بات يعرف في البلد بـ"انتفاضة 15 اكتوبر".
وكانت الحكومة دعت الثلاثاء في بيان سكان العاصمة طرابلس لعصيان مدني وحراك مماثل لما يحدث في بنغازي بعد دخول الجيش إلى العاصمة لإخراج "مليشيات فجر ليبيا"، التي تحتل العاصمة منذ ما يقرب الثلاثة أشهر.
ومنذ ذلك الحين، تسير الحكومة أعمالها من شرق البلاد، فيما أعلنت مليشيات فجر ليبيا حكومة موازية تتخذ من العاصمة مقرًا لها.
وقال المتحدث باسم رئاسة الاركان العامة للجيش إن "قوات فجر ليبيا استخدمت الإربعاء مقاتلة من نوع (L39) أطلقت صاروخين وقعا في محيط مهبط مدينة الزنتان (180 كلم جنوب غرب العاصمة)، ولم تخلف أية أضرار لا مادية ولا بشرية".
ولفت إلى أن "هذه العملية تعتبر الأولى من نوعها وتسجل تحولًا في الصراع المسلح بين الجيش الوطني وقوات فجر ليبيا في المنطقة الغربية"، بعد أن كانت الطائرات حكراً على القوات الموالية لحفتر.
&