بدأت مصر إستراتيجية جديدة لمواجهة الإرهاب، في شبه جزيرة سيناء، لاسيما في أعقاب مقتل 30 عسكرياً، أمس الجمعة في منطقة الشيخ زويد أقصى الشمال الشرقي للبلاد.&

القاهرة:&قال خبراء عسكريون لـ"إيلاف" إن العملية التي بدأها الجيش المصري تؤشر على وجود إستراتيجية جديدة للجماعات المسلحة في سيناء، خاصة أنها تتسم بتطور نوعي، مؤكدين أنها تشير إلى وجود دعم إستخباراتي شديد للجماعات المسلحة في مصر.
&
بينما تجري مراسم العزاء في سقوط 30 &عسكرياً، من بينهم حفيد المشير عبد الحليم أبو غزالة، وزير الدفاع الأسبق، وأحد أشهر العسكريين المصريين، عقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة اجتماعاً طارئاً بحضور رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، لوضع خطة المواجهة مع الجماعات المسلحة في مصر، لاسيما في شبه جزيرة سيناء.&
&
وقال مصدر مطلع، لـ"إيلاف" الجيش المصري وضع خطة لإخلاء المناطق الحدودية من المدنيين، وإقامة مناطق عازلة بعمق نحو 1500 كيلو متر، بهدف تعرية الجماعات المسلحة، لاسيما أنها تتخذ من المناطق الآهلة بالسكان حاضنة لها، مشيراً إلى أن الخطة تشتمل على استخدام طائرات الأباتشي في دك مواقع الإرهابيين، وتشكيل شبكة علاقات مع الأهالي في سيناء، بهدف اصطياد العناصر المسلحة، مع الإستمرار في تدمير الأنفاق، لما تمثله من شريان حيوي للإرهابيين للدخول والهروب منها.
&
وقال المصدر إن طائرات الأباتشي بدأت شن هجمات مكثفة على مواقع يشتبه في أنها تابعة للجماعات المسلحة، منوهاً بأن الخطة تشمل أيضاً تجفيف منابع الإرهاب، ومنه تسلل العناصر الأجنبية أو العناصر المتشددة من باقي المحافظات إلى سيناء، ومراقبة العائدين من الخارج، لاسيما العائدين من سوريا أو ليبيا والدول التي تشهد عمليات عنف وفوضى.&
&
ولفت إلى أن الإستمرار في مواجهة جماعة الإخوان، باعتبارها داعمة للجماعات المسلحة مادياً وسياسياً، جزء من الإستراتيجية الرامية إلى القضاء على الإرهاب.
&
فيما وصف الرئيس عبد الفتاح السيسي، الحرب مع الجماعات الإرهابية بأنها "حرب وجود، مشيرا إلى أن مصر لن تسقط، بسبب الجماعات الإرهابية.
&
وقال: "اوعوا تتصوروا أن وقوع ولاد مصر مايوجعناش، ولاد مصر سقطوا عشان تفضل مصر، فيه شهداء سقطوا وفيه شهداء هيسقطوا لأن دي قضية وحرب كبيرة، مصر تخوض حرب وجود، ما معناه إن إحنا يا مصريين على قلب رجل واحد ما نتلخبطش، نزعل آه ونتأثر لكن نبقى عارفين أبعاد المؤامرة الكبيرة". ولفت إلى أن العملية الأخيرة حظيت ب"دعم خارجي".
&
ودعا المصريين إلى مساندة الجيش والشرطة، وقال: "أنا مبقلقش إلا من حاجة واحدة، خوفي عليكم يا مصريين، طول ما المصريين واقفين ومنتبهين ومش ناسيين إن الهدف كان إسقاط الدولة ومش هتسقط بفضل الله، كل التحديات الموجودة تهون طالما الشعب المصري منتبه وصامد مع جيشه وشرطته".
&
وأضاف: "إحنا ثابتين ومتحركين نحو هدف واحد هو إعادة الدولة المصرية لمكانتها، فيه ألم ودم كلنا هندفعه عشان خاطر بلدنا دلوقت والأجيال القادمة"، ولفت إلى أن &"محصلة العمل خلال الشهور الماضية ضخمة جدًا حتى في مكافحة الإرهابيين، فيه إرهاب بيتم قتاله بقاله شهور، المئات من الإرهابيين تم تصفيتهم، سيناء كانت هتبقى كتلة إرهاب وتطرف".
&
وأشار إلى أن الحرب مع الجماعات المسلحة ممتدة، وقال: "المعركة في سيناء ممتدة مش هتخلص في أسبوع ولا شهر ولا اتنين، محدش هيقدر يكسر إرادة المصريين والجيش ولا يخش بين الشعب المصري وبين قيادته، ده الخطر الحقيقي".
&
وشيع المصريون جثامين الضحايا، ومن بينهم الملازم أول محمد أبو غزالة، حفيد المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة، وزير الدفاع الأسبق، وأحد أشهر العسكريين المصريين، وكان آخر ما كتبه أبو غزالة في صفحته عبر فايسبوك، قبل ساعتين من مصرعه تهنئة بالعام الهجري الجديد، قال فيها: "عام مضى لا نعلم هل كنا من الفائزين أم غير ذلك".&
&
وأضاف: "نسأل الله مغفرة لما مضى وهداية لما هو آت، وكل عام وأنتم إلى الله أقرب كل عام وأنتم على الدين أحرص وكل عام وقلوبكم أنقى، وأطهر كل عام وأنتم في سعة رزق وبركة".&
&
وكتب أيضاً: "لا ترضى قلوب البشر بغير ما يرضى رب البشر، فقلوبهم بين يديه يقلبها كيف يشاء، فاللهم أجعل أعمالنا لك خالصة"، وتابع: "حتى وإن ضاقت بك السبل وأصبحت في حكم المفقودين ولا يعبأ بفقدانك بعض الأقربين فقط، اعلم أنه لك رب مطلع وأهل على فراقك محزونون، فاعمل لله ولا تنتظر شفقة واحتسب واخلص نيتك، فأنت لا تعلم هل ستظل في حكم المفقودين أم ستكون منهم".
&
"الحرب على الإرهاب ليست حرباً نظامية، بل حرب خفية تستمر طويلاً، لأن الجماعات المسلحة مدعومة من الخارج"، قال اللواء علي حفظي، مدير المخابرات الحربية الأسبق ومحافظ شمال سيناء الأسبق، وأضاف: "إن الحرب ضد الإرهاب سوف تستمر طويلاً، مشيراً إلى أن الدولة في حرب، وسوف يسقط "شهداء" طالما الحرب مستمرة".
&
وأضاف لـ"إيلاف" أن سقوط 30 قتيلاً &ومصابين آخرين أمس، لا يخيف الجيش المصري ولا يدخل في قلوب قادته أو جنوده الهلع، لافتاً إلى أن هؤلاء الضحايا يزيدون الجيش إصراراً على الثأر من القتلة، والقضاء على الإرهاب.
&
وأفاد حفظي بأن العملية التي وقعت أمس تشير إلى أن هناك تطورا نوعيا في العمليات الإرهابية وطرق التخطيط والتنفيذ، مضيفاً أن الخطة والتنفيذ يشيران إلى أن أجهزة استخبارات تقف وراءها، وليس مجموعة من العناصر المسلحة.
&
وقال اللواء محمد عبد الرحمن، لـ"إيلاف" إن هناك تطورا واضحا في العمليات الإرهابية في سيناء، مشيراً إلى أن تسليح وخطط وطرق تنفيذ العمليات الإرهابية تشير إلى أن الجماعات المسلحة في سيناء، لا تعمل بمعزل عن أجهزة استخبارات تمول وتدرب وتدير العمليات من وراء الستار.
&
ولفت إلى أن العناصر المسلحة لم تعد تضرب وتجري لتختبئ، بل تنفذ العملية وتخطط لإيقاع أكبر عدد من الضحايا في لحظات خاطفة. ونبه إلى أن العناصر التي نفذت عملية قتل 29 عسكرياً، نفذتها من خلال سيارة مفخخة يقودها انتحاري، بينما تولت مجموعة أخرى عملية ضرب الموقع بمدافع "أر بي جي"، وقذائف الهاون، للقضاء تماماً على الموقع وقتل جميع من فيه، منوهاً بأن الخطة لم تنته عند هذا الحد، بل شملت ضرب عناصر الإمداد والتمويل والإخلاء والإسعاف.
&
وأوضح أن الخطة شملت تدمير مدرعتين كانتا في طريقهما لموقع الانفجار، وضرب سيارة اسعاف كانت تتجه إلى الموقع أيضاً، ثم الفرار إلى الجبال.
&
وذكر أن هذه العملية لا يمكن أن تقوم بها عناصر إرهابية تعيش في الجبال، دون أن تكون تلقت تدريبات قاسية على أيدي أجهزة عسكرية، وحصلت على تمويلات ضخمة من أجل شراء الأسلحة المتطورة والمتفجرات.
&
وحسب وجهة نظر اللواء فؤاد جمال الدين، فإن الحرب على الإرهاب تحتاج إلى نفس طويل، لاسيما في ظل حالة الفوضى التي تعاني منها دول المنطقة، وقال لـ"إيلاف" إن البيئة في المنطقة تحولت إلى بيئة حاضنة للجماعات المسلحة، لاسيما في ظل خضوعها لرعاية دول خارجية تسعى إلى إعادة تقسيم المنطقة إلى دويلات على أسس طائفية وعرقية.
&
وأشار إلى أن العملية الإرهابية الأخيرة في مصر، تؤشر على تنامي قدرات الجماعات المسلحة في سيناء وامتلاكها أسلحة متطورة واستراتيجية وخطط تنفذها على الأرض باحترافية واضحة، وليست مجموعات عشوائية تطلق النار على كمين وتفر هاربة.
&
ولفت إلى أن سيناء تحتاج إلى التنمية أيضاً في إطار إستراتيجية واسعة وطويلة الأمد لاجتثاث الإرهاب من مصر.
&
ودعا سياسيون إلى إعلان سيناء منطقة حرب، وقال ياسر قورة، القيادي في حزب الحركة الوطنية، الذي أسسه أحمد شفيق، المرشح الرئاسي السابق، إن "تكرار العمليات الإرهابية في سيناء، يتوجب اتخاذها فورًا لمواجهة ذلك الإرهاب الغاشم، هو إعلان سيناء "منطقة حرب"؛ وتشديد العمليات العسكرية الهادفة إلى اقتحام البؤر الإرهابية المتمركزة على الحدود المصرية؛ للقصاص في أسرع وقت".
&
وأضاف في تصريح أرسله لـ"إيلاف": إنه بالتوازي مع إعلان سيناء "منطقة حرب" يتم إعلان حالة الطوارئ في المناطق الخطيرة، على رأسها منطقة "الشيخ زويد"، &كآلية رئيسة تضمن نجاح التحركات العسكرية ضد تلك البؤر الإرهابية المتطرفة، وزيادة العمليات العسكرية ضد تلك الجماعات في سيناء".
&
أما ثالث الخُطوات –بحسب قورة- فتتعلق بضرورة العمل على إيجاد صيغة مناسبة لإخلاء مناطق التوتر بسيناء من الأهالي، بصورة تدريجية، مع إيجاد مساكن موقتة بديلة لهم ومناسبة؛ كي تتمكن قوات الجيش من توسيع نطاقات استهدافها للعناصر الإرهابية الذين يختبئون وسط الأهالي، بكل أريحية تامة، دون الخوف من سقوط مدنيين جراء تلك المواجهات، مؤكدًا ضرورة تفهم الأهالي في مناطق التوتر لطبيعة الوضع، وأن يدعموا أي تحركات سيادية في هذا الشأن، بما يخدم مصلحة مصر العليا.
&
و شدد على ضرورة استخدام الرئيس السيسي سلطاته في طرح قانون مكافحة الإرهاب، وعدم الانتظار لحين انعقاد البرلمان وممارسة دوره التشريعي.
&
وفي غضون ذلك، شدد "قورة" على ضرورة أن يتم محاكمة كل المتورطين في عمليات استهداف لقوات الجيش أو الشرطة أو أية عمليات إرهابية أمام المحاكم العسكرية، واستخدام آلية "العدالة الناجزة" كي يكونوا عبرة لمن يفكر في القيام بأعمال مشابهة؛ لان غياب العقاب الرادع يؤدي إلى تكرار تلك العمليات وتزايدها على نحو مرعب، يهدد مصر بحالة من الفوضى العارمة، وهو ما اعتبره "قورة" خامس تلك الآليات الهادفة لمواجهة الإرهاب في سيناء.
&
واتهم "قورة" تنظيم الإخوان المسلمين في تلك العمليات الإرهابية التي تحاك ضد مصر، مستشهدًا بتصريحات سابقة أدلى بها القيادي الإخواني محمد البلتاجي، قال فيها إن العمليات الإرهابية في سيناء سوف تتوقف عند عودة مرسي للحكم، فضلًا عن العديد من التصريحات الأخرى لآخرين في هذا الإطار، ما يؤكد ضلوع تنظيم الإخوان في تلك العمليات الإجرامية سواء بالتنفيذ أو الدعم والتمويل.
&
فيما دعا أمين عام حزب التحرير المصري، عصام محي الدين إلى "تطبيق الاحكام الصادرة بحق قيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، "وخصوصا الاعدام منها لاسترجاع هيبة الدولة"، وكما دعا في تصريح له، تلقت "إيلاف" نسخة منه إلى "إجراء التغيرات اللازمة لإحداث التطور النوعي المطلوب لمواجهة المد الإرهابي الحالي الذي يتطلب قيادات أمنية لها قدرات تكتيكية و معلوماتية أعلى و أقوى تستطيع من خلالها السيطرة الفعالة على ارض الواقع و يكون لديها من الحزم و القوة ما يرهب الخارجين على القانون".
&