يشعر معارضون سوريون بالمرارة وهم يرون طائرات أوباما تتقاسم الأجواء السورية مع طائرات الأسد، ولا تمنعها من قصف مناطق المعارضة عشوائيًا، فيصبح حينها أوباما والأسد في خندق واحد ضد الشعب السوري.


إعداد عبد الاله مجيد: يرى كثير من المعارضين السوريين أن ادارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، بتوجيه قوتها النارية ضد تنظيم (داعش) فقط، إنما تساعد دكتاتورًا ما زال إسقاطه هدفًا أميركيًا، في الخطاب الرسمي على الأقل.

هزيمة الأسد ضرورة

يعكس هذا الشعور بالمرارة احساسًا أوسع في الشرق الأوسط بأن سياسة أوباما تجاه النظام السوري وداعش متناقضة، وكلما طالت المعركة من دون حل لهذا التناقض زاد الضرر الذي يلحق بسمعة الولايات المتحدة ومكانتها في المنطقة، كما تلاحظ نيويورك تايمز.

ونقلت الصحيفة عن أميل هوكايم، الباحث المختص بالشؤون السورية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، قوله: "الانفصام الأساسي في الاستراتيجية الأميركية فُضح مع تقدم داعش في وسط سوريا خلال الأسابيع الماضية، ولا يمكن هزيمة الجماعات الجهادية من دون انهاء نظام الأسد".

الرقة على توقيت العراق

وكان أوباما حاول أن يتعاطى مع سوريا باعتبارها مشكلة منفصلة، مركزًا على العراق حيث يرى للولايات المتحدة مصالح تفرض نفسها لأسباب تتعلق بتركة الخسائر التي تكبدتها في هذا البلد، حيث قُتل أكثر من 4400 جندي أميركي.

ويقول محللون مثل هوكايم إن تقدم داعش في العراق توقف، لكن طرده مسألة أخرى. فإن مقاتلي داعش يتنقلون بحرية عبر الحدود بين العراق وشرق سوريا، فيما ركز النظام السوري على الاحتفاظ بالمدن الرئيسة في غربها. وأعلن داعش تقديم الوقت في محافظة الرقة ساعة واحدة ليتطابق مع توقيت العراق.

إزاء هذا الوضع، ارتفعت اصوات تدعو الولايات المتحدة إلى التعاون مع الأسد وسنده الرئيس ايران. ويشير اصحاب هذه الدعوات إلى أن وكلاء ايران يعملون بصورة مباشرة مع القوات التي تدعمها ادارة واشنطن لمحاربة داعش في العراق.
&
في خندق واحد

لكن مثل هذا التعاون في سوريا، حيث قُتل أكثر من 150 الف شخص خلال ثلاث سنوات من الانتفاضة ضد النظام، سيضع الحكومة الأميركية في خندق واحد مع نظام تقول المعارضة إنه قتل من السوريين أكثر مما قتل داعش.

وقال اللاجئ السوري أمجد الحريري إن النظام يقتل السوريين منذ سنوات ولم يمسه احد. واضاف الحريري، الذي فقد ثلاثة اشقاء قتلهم النظام في مدينة درعا: "الموقف من الأسد يمنحه إذنًا لقتل شعبه".

ويرى المعارضون السوريون أنفسهم بين مطرقة النظام وسندان داعش، فيما حذر هوكايم من أن استراتيجية أوباما تدفع البعض إلى القبول بالجماعات "الجهادية" نتيجة اليأس من تحرك الولايات المتحدة ضد نظام الأسد، الذي يقولون إن طائراته وبراميله المتفجرة تفتك بالمقاتلين أنفسهم الذين يأمل أوباما بكسبهم وتدريبهم.

وقال معارض سوري إن كسب هؤلاء المقاتلين المعتدلين صعب الآن، فبرنامج الولايات المتحدة لتدريبهم وتسليحهم ما زال في بدايته.

حرب أفكار

نقلت نيويورك تايمز عن معارض، انضم إلى داعش لبعض الوقت بسبب تسليحه الأفضل ثم انشق عنه بسبب ممارساته، قوله انه اتصل بأحد قادة المعارضة السورية قائلا إن هناك مقاتلين يريدون الانشقاق عن داعش والانضمام إلى الفصائل المعتدلة، لكن الجواب لم يكن مشجعًا لعدم توافر السلاح والمال لاستقبال هؤلاء.

وأكد الناشط اللبناني وسام طريف، الذي يساعد منظمات مدنية سورية، أن الضربات الجوية ضد الجهاديين لا تجدي من دون حرب افكار. وقال: "على الولايات المتحدة أن تكافح من اجل كسب قلوب الشعب السوري الذي يجب أن يشعر بأن هناك احدا يكترث".

وأضاف أن هذا يتطلب اقامة حكم مدني في منطقة عازلة محمية دوليًا من الغارات الجوية.

ليس بلدي

في هذه الأثناء، يجد كثير من السوريين انفسهم بين نارين. وتخشى أم فراس، التي فقدت ولدين عملا مع المعارضة من اجل اسقاط النظام، أن تفقد الثالث في قصف النظام، وفي القتال ضد داعش، الذي لم تفعل الضربات الجوية شيئًا لوقفه. وتخشى أم فراس أن يتسلل مقاتلو داعش قريبًا إلى منطقتها على اطراف دمشق.

وقال أبو حمزة، الذي يقود مجموعة مسلحة صغيرة في شمال سوريا، انه انتظر مساعدة الغرب بلا جدوى. وتحدث أبو حمزة لصحيفة نيويورك تايمز على سكايب قائلًا انه يكاد يشعر باليأس وهو يرى غريبًا من داعش يدير منطقته. واضاف: "أشعر أن هذا لم يعد بلدي".