رفض رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي دعوة منظمة هيومن رايتس ووتش له بوقف إعدام النائب السابق أحمد العلواني وسكرتيرة نائب رئيس الجمهورية السابق طارق الهاشمي، مؤكدًا أن هذا الامر ليس من صلاحياته الدستورية، مستغربًا مطالبة المنظمة بالتدخل بشؤون القضاء.


لندن: قال المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي "إن الحكومة العراقية تؤكد دعمها لاستقلالية القضاء ولا تتدخل بقراراته وتعمل جاهدة على سيادة القانون والعدالة والمساواة بين جميع ابناء الشعب العراقي".

وشدد على أنّ "وقف تنفيذ احكام الإعدام ليس من الصلاحيات الدستورية لرئيس الوزراء"، كما قال في بيان صحافي اليوم الاثنين حصلت "إيلاف" على نسخة منه، في إشارة إلى حكمي الإعدام الصادرين ضد النائب السابق عن محافظة الانبار الغربية احمد العلواني ورشا الحسيني سكرتيرة نائب رئيس الجمهورية السابق المحكوم بالإعدام غيابيًا طارق الهاشمي.

وعبر مكتب العبادي عن استغرابه "لتقرير منظمة هيومن رايتس ووتش الذي يدعو السلطة التنفيذية للتدخل بأعمال وواجبات السلطة القضائية التي تحرص الحكومة على فصل عملها عن باقي السلطات عملاً بالدستور العراقي".

ويعتبر موقف العبادي هذا تمهيداً لتنفيذ حكم الإعدام بالعلواني والحسيني، فيما لو يتم اتخاذ اجراءات ضمن القضاء نفسه في اعادة النظر بالحكمين بناء على معطيات جديدة، خاصة وأن الامر يدخل ضمن وعود سابقة قدمت للقوى السنية لدى تشكيل الحكومة الحالية بإعادة محاكمات بعض المدانين باحكام مختلفة صدرت بناء على وشايات مخبرين سريين.

وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية المعنية بحقوق الانسان قد دعت العبادي امس الاحد إلى ايقاف أحكام الإعدام التي يصدرها القضاء في محاكمات قالت إنها مسيسة تنتزع فيها اعترافات المتهمين بالتعذيب وأشارت إلى أنّه برغم وعود الإصلاح إلا أن الحكومة العراقية لا تحرك ساكناً، بينما يقوم نظام العدالة العراقي المعيب إلى أبعد الحدود بالحكم على أشخاص بالإعدام بغير أدلة تذكر.

وقال جو ستورك نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش: "ما زال القضاء العراقي يصدر أحكام الإدانة في محاكمات مسيسة حافلة بأوجه الخلل القانوني.. وأشار إلى أنّه "برغم وعود الإصلاح إلا أن الحكومة لا تحرك ساكناً، بينما يقوم نظام العدالة العراقي المعيب إلى أبعد الحدود بالحكم على أشخاص بالإعدام بغير أدلة تذكر".

واضافت المنظمة أن على رئيس الوزراء العراقي أن يأمر بوقف تنفيذ حكم الإعدام على أحد الخصوم السياسيين لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي، في إشارة للعلواني، وأحد مساعدي خصم آخر له وهي رشا الحسيني، صدرت أحكام الإعدام ضدهما، بعد محاكمات زعم المتهمان فيها أنهما تعرضا للتعذيب وحرما من التواصل مع المحامين أثناء الاستجواب، مما يبرز حاجة العراق العاجلة إلى إصلاح قضائي، كما أشارت في بيان صحافي اليوم الاحد حصلت "إيلاف" على نصه.

رشا الحسيني تنتظر الإعدام

واضافت المنظمة انه&في 22 تشرين الأول (اكتوبر) الماضي حكمت محكمة الجنايات المركزية ببغداد على رشا الحسيني، سكرتيرة نائب الرئيس السابق طارق الهاشمي بالإعدام لتهم تتعلق بالإرهاب، حيث يبدو أن الحكم استند حصرياً إلى اعتراف الحسيني، التي يزعم محاميها أن قوات الأمن عرضتها لتعذيب نفسي وبدني. واوضحت انه في 23 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي حكمت المحكمة نفسها على أحمد العلواني& النائب البرلماني السابق، بالإعدام بتهمة القتل وقال بعض أقاربه للمنظمة إنهم شاهدوا آثار تعذيب عليه قبل محاكمته.

وكانت قوات الأمن قد اعتقلت الحسيني و12 آخرين من أعضاء طاقم الهاشمي في أواخر كانون الأول (ديسمبر) عام 2011 وفي آذار (مارس) عام 2012 نشرت هيومن رايتس ووتش تقريراً عن أدلة تفيد بتعرض العديدين منهم للتعذيب، وقد توفي أحدهم وهو الحارس الشخصي عامر سربوت زيدان البطاوي& بعد اعتقاله بنحو ثلاثة أشهر وظهرت على جثته آثار للتعذيب بما في ذلك في عدة أماكن حساسة لكن الحكومة أنكرت مزاعم التعذيب ولم تحقق فيها.

وقالت عائلة الحسيني لهيومن رايتس ووتش إنها قدمت شكاوى إلى مكتب الرئيس ورئيس الوزراء العراقي بشأن أوجه خلل في قضيتها بما فيها مزاعم بأن قوات الأمن في إدارة المخابرات بحي البلديات في بغداد عذبتها بالصدمات الكهربائية واعتدت عليها بالضرب وعلقتها من السقف وهددت باغتصابها هي وشقيقاتها وأمها لحملها على الاعتراف وبدلاً من التحقيق في تلك المزاعم قال المكتبان للعائلة إن النظام القانوني سيتولى القضية ، على حد قول أفراد العائلة، والحسيني الآن في مقر الاحتجاز بالكاظمية& تنتظر الترحيل إلى عنبر الإعدام.

وقال أفراد العائلة إنهم لم يتمكنوا من زيارة الحسيني في مقر الاحتجاز إلا بعد دفع 500 دولار أميركي لرجال الأمن في كل زيارة .. بينما اكد المحامون المترافعون عن الحسيني إنها أخبرتهم بأن رجال الأمن وعدوها بالإفراج عنها إذا اختلقت معلومات عن أنشطة إرهابية مزعومة لنائب الرئيس السابق.

وقالت المنظمة إن على الحكومة العراقية التحقيق في مزاعم قيام قوات الأمن بتعذيب الحسيني لإكراهها على الاعتراف، ومحاسبة أفراد الأمن المشتبه في ارتكابهم للتعذيب، والأمر بإعادة محاكمة الحسيني إذا ثبتت تلك الانتهاكات.

مطالبة الحكومة بتحقيق في قضية العلواني

واوضحت هيومن رايتس ووتش انه في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أصدر الاتحاد البرلماني الدولي، وهو المنظمة الدولية المعنية بالبرلمانات، تقريراً يدعو السلطات العراقية لتقديم معلومات عن قضية العلواني وعن مكانه الحالي الذي لم تكشف عنه الحكومة.

وأبدى التقرير التشكك في مدى اتفاق محاكمته مع الشروط الأساسية لسلامة الإجراءات وضمانات المحاكمة العادلة، بالنظر إلى غياب أي معلومات متاحة عن المحاكمة. وقال أحد محامي العلواني لهيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن لم تسمح له برؤية العلواني قبل استجوابها له، لكنه لم يقدم أية تفاصيل أخرى عن احتجازه أو استجوابه أو محاكمته.

وقد اتهم العلواني بالقتل بعد مداهمة قوات الأمن لمنزله في الرمادي في 28 كانون الأول (ديسمبر) عام 2013، وإطلاق النار عليه وعلى عائلته. وزعمت القوات أن العلواني أسقط حقه في الحصانة البرلمانية حين بادلها النيران فقتل اثنين من الجنود وأنكر العلواني التهمة.

وابلغ بعض اقارب العلواني هيومن رايتس ووتش أن قوات الأمن طلبت رشاوى للسماح لهم بزيارة العلواني في سجن مطار المثنى بجوار جهاز مكافحة الإرهاب حيث يتم احتجازه. وقد شاهدوا أثناء الزيارة آثار تعذيب على جسده، بحسب قولهم. وقامت قوات الأمن بقتل شقيق العلواني وخمسة من حراسه أثناء المداهمة ولم يتم تحقيق في وقائع القتل ولا في مزاعم تعذيب القوات للعلواني، كما قال أقاربه.

وقد أعلن رئيس الوزراء العراقي الجديد حيدر العبادي عن إصلاحات تهدف لكبح جماح انتهاكات قوات الأمن ووعد بإشراك السنة في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية حيث لطالما اشتكى السنة من استهداف قوات الأمن والقضاء لهم بالإساءات دون وجه حق كما قالت المنظمة.

وقال جو ستورك جو ستورك نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش "لقد وعد رئيس الوزراء العبادي بإصلاحات وهذا تحرك إيجابي لكنه يحتاج للتصدي للانتهاكات واسعة النطاق وأوجه الخلل في النظام القضائي الذي يخفق على نحو روتيني في الاستجابة لمزاعم التعذيب ومخالفات معايير المحاكمة العادلة".