تحصد جرائم الشرف عشرات الضحايا سنويًا في الأراضي الفلسطينية، وتختبئ وراء ستار العادات والمجتمع الذكوري والاتهامات الملفقة التي تقدم للرجل العذر لقتل زوجته أو ابنته أو حتى والدته.


بيروت: تشير التقارير إلى أن 27 امرأة قُتلت في الضفة الغربية وقطاع غزة في العام الماضي، من قبل أفراد أسرهن لأسباب متعلقة بـ quot;الشرفquot;، وهو رقم مقلق لأنه يشكل ضعف عدد الحالات الموثقة في العام 2012، وبلغت 13 حادثة.

لكن جرائم الشرف، التي طالما اختبأت وراء الصمت والحياء، بدأت بتوليد شعور بالغضب والرفض، في ظل الدعم الانساني غير المحدود لضحايا هذه الجرائم والجهود التي تبذل لوضع حد لهذه الممارسة.

كشف وإبلاغ

يمكن أن يكون الأساس المنطقي القديم لهذه الجرائم بمثابة غطاء للعنف المنزلي، كالنزاعات على الميراث والاغتصاب وسفاح المحارم، أو الرغبة في معاقبة الإناث على استقلاليتهن، وفقًا لمها أبو دية، المديرة العامة لمركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، وهي جماعة فلسطينية لحقوق الإنسان تراقب جرائم الشرف.

ووفقًا لصحيفة واشنطن بوست، من غير المعروف إذا كانت هذه الزيادة ناتجة عن ارتفاع عدد الجرائم، أم تعكس جهود النشطاء ووسائل الإعلام في الكشف عنها.

في كانون أول (ديسمبر) الماضي، بدأت السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بتدريب الشرطة والعاملين في المستشفيات للكشف والإبلاغ عن مثل هذه الانتهاكات والتهديدات كجزء من الجهود لمكافحة العنف ضد المرأة.

وتطالب الوزيرة الفلسطينية لشؤون المرأة وفاء دياب النيابة العامة بإشراك وزارتها في التحقيقات في ما يشتبه بأنها جرائم الشرف، كما تسعى للضغط على السلطات لإلغاء القانون الذي يمنح حكمًا مخففًا لجرائم الشرف.

ليست شرفًا

الاشتباه بجريمتي شرف بحق فتاتين مراهقتين في غزة في الأيام الأخيرة أدى إلى رد فعل غاضب من حنان عشراوي، وهي مسؤول كبيرة في منظمة التحرير الفلسطينية، إذ دعت لتعديلات قانونية فورية تفرض أقصى العقوبات على المدانين بقتل النساء.

وقالت عشراوي: quot;المرأة ليست رمزًا لشرف الرجل أو لعائلتهاquot;، مشيرة إلى أن تصنيف هذه الجرائم تحت مسميات مضللة يشكل استغلالًا للنساء، وبالتالي يحمي المجرمين ويشجع على المزيد من الجرائم من هذا النوع.

في السنوات الأخيرة، تعددت جرائم الشرف في غزة، فقتلت امرأة شابة من غزة، وهي أم لخمسة أطفال، إذ ضُربت حتى الموت بيد والدها لأنه اشتبه في أنها كانت تستخدم هاتفها النقال للتحدث مع رجل ما.

وفي أيلول (سبتمبر) الماضي، تعرضت امرأة تبلغ من العمر 21 عامًا، كانت تعاني من إعاقة ذهنية، في مدينة الخليل بالضفة الغربية، للقتل على يد والدتها بعد تعرضها لاعتداء جنسي. وفي حالة أخرى في الضفة الغربية، قتلت امرأة على يد والدها بعد أن اتهمها زوجها بارتكاب أفعال مشينة في تقرير تم توقيعه من قبل أحد مشرعي حماس لإثبات التهمة.

لتشدد قانوني

وتقول الجماعات النسوية إن رجال الدين المسلمين صاروا من أبرز رافضي جرائم الشرف. وقد حذر الشيخ يوسف عديس، رئيس محكمة الشريعة الإسلامية الفلسطينية، من أن النساء البريئات يقتلن على يد أقاربهن على أساس الإشاعات التي بالتأكيد كان سيتم تجاهلها لو أن المتهم كان رجلًا، مشيرًا إلى أن جرائم الشرف ممارسة قتل تمييزية تنتهك تعاليم القرآن.

وكتب عديس في مقال نشر على موقع المحكمة الالكتروني، وفقًا لوكالة الأنباء الفلسطينية: quot;استخدام الشرف كحجة ومبرر للقتل مرفوض تمامًا في الإسلامquot;، معتبرًا أن هذا التقليد انتشر في عهد الوثنية قبل الإسلام، والدين الإسلامي حاربه.

وكان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ألغى قانونًا قديمًا سمح بأحكام لا تزيد عن ستة أشهر لمرتكب جرائم الشرف. وما زال هناك قوانين مماثلة، يرجع تاريخ بعضها إلى ايام السلطنة العثمانية. ومحاكمة جرائم الشرف لا تزال تسودها ممارسات شائعة، مثل العفو والأحكام مع وقف التنفيذ، وفقًا للجماعات النسوية التي تطالب علنًا بإجراء إصلاح قانوني لإنهاء مرافعات الشرف.