كابول: فقدت وكالة فرانس برس صحافيا لامعاً وموهوباً تميز بمقالاته الجدية في تغطيته للنزاع الدامي في افغانستان وبقلمه السهل وعينه المدربة القادرة على التقاط كل ما هو غريب وطريف.

كان سردار احمد احد ابرز صحافيي مكتب وكالة فرانس برس في كابول حتى مقتله مع زوجته حميراء واثنين من ابنائهما، هما بنت وصبي، فيما اصيب طفلهما الثالث اصابة خطيرة في هجوم نفذه مسلحون على فندق سيرينا في العاصمة الافغانية مساء الخميس.

توفي سردار احمد عن أربعين عاما، بعد 11 سنة من بدء عمله مع فرانس برس.

تعاقدت فرانس برس مع سردار احمد في 2003 لتغطية المؤتمرات الصحافية اليومية للائتلاف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في افغانستان والذي اطاح بنظام طالبان في نهاية 2001، لكنه سرعان ما أصبح من الصحافيين المتفرغين في مكتب كابول.

كتب سرادر خلال فترة عمله العشرات من التحقيقات الصحافية التي قدمت صورة للوضع اليومي في افغانستان ما بعد طالبان وانتشار الافيون، وتحديات اعادة الاعمار والانتخابات الرئاسية في 2004 و2009 والكثير الكثير من المواضيع المتنوعة التي عالجها بنظرة ثاقبة وبقلم ساخر، وبقدرة على تسليط الضوء على الأبعاد الإنسانية للقصص اليومية المعاشة.

وإلى جانب عمله في فرانس برس، اسس هذا الصحافي المتخصص في شؤون الامن والمعروف بدقته واستقامته وتحقيقاته الحية، وكالة quot;برسيستانquot;، وهي وكالة أنباء محلية تقدم خدمات الترجمة للصحافيين الاجانب العاملين أو الزائرين لأفغانستان.

لم يكن هذا الصحافي quot;الشجاع والمخلصquot; كما وصفه رئيس مجلس ادارة فرانس برس ايمانويل هوغ، والذي عمل في ظروف بالغة الصعوبة، يعرف ان القدر كان له بالمرصاد في الهجوم الذي نفذه مسلحون اخفوا مسدسات في جواربهم واخترقوا التدابير الامنية التي يفترض أن تكون مشددة في فندق سيرينا الفاخر عشية راس السنة في أفغانستان، وهو يحتفل مع عائلته بعيد النوروز.

وتبنت الهجوم حركة طالبان التي هددت بحملة بتقويض انتخابات الخامس من نيسان/ابريل لاختيار خليفة الرئيس حميد كرزاي.

عرف سردار بين زملائه الذين فجعوا بمقتله، بذكائه وسحره وحماسته. وأتاح له العمل في قاعدة باغرام الأميركية بصقل لغته الانكليزية بلكنة اميركية ملفتة.

كان متخصصا بقضايا الامن، وله معارف في الحكومة ولدى طالبان مما سمح له بتقديم اخبار متوازنة حول الصراع المعقد الذي يدمر افغانستان.

وقال جيل كامبيون، المدير الاقليمي لمنطقة آسيا-المحيط الهادئ في وكالة فرانس برس quot;ان سردار كان من افضل صحافيي الوكالة في افغانستان، وعنصرا محبوبا في فريقناquot;.

واضاف quot;لطالما اظهر شجاعة كبيرة وتعامل بموضوعية في تغطية الاخبار رغم المخاطر التي يواجهها الصحافيون في هذا البلدquot;.

وكان احمد متعدد المواهب تميز برصد الاخبار الطريفة البعيدة عن النزاع والعبوات الناسفة والحواجز العسكرية.

والموضوع الاخير الذي كتبه لفرانس برس الثلاثاء كان عن اسد اسمه مرجان، انقذه مسؤولون من جمعية للرفق بالحيوان من العيش على سطح قصر في كابول. وكان موضوعه استكمالا لقصة فجرها العام الماضي وتناقلتها وسائل الاعلام حول العالم.

فقد كتب سردار العام الماضي quot;اطلق على مرجان هذا الاسم نسبة لاسد معروف شبه اعمى كان يقيم في حديقة الحيوان في كابول واصبح رمزا لقدرة افغانستان الوطنية على البقاء بعد الانقلابات والغزوات والحرب الاهلية وحقبة طالبان المتشددة ثم مات في 2002quot;.

والموضوع ما قبل الاخير الذي كتبه احمد كان عن تهديد طالبان بالهجوم على موظفي الانتخابات والناخبين وقوات الامن قبيل انتخابات 5 نيسان/ابريل.

كان احمد ضمن تسعة قتلى هم ضحايا هجوم الخميس.

وبفقدانه فقدت فرانس برس صحافيا متميزا بين فريقها الذي يؤمن تغطية يومية استثنائية للاحداث في هذا البلد في ظروف بالغة الصعوبة.

اشادات بسردار احمد

اشاد العديد من الصحافيين الجمعة بمراسل فرانس برس الافغاني سردار احمد الذي قتل مع زوجته وابنيهما في اعتداء نفذه مقاتلو طالبان مساء الخميس في كابول، هو الذي اشتهر بتحقيقاته المميزة وشغفه بالشعر وقلمه الساخر.

وانهالت رسائل التعزية الجمعة مشيدة بهذا الصحافي المتميز بين صحافيي فرانس برس في مكتب كابول.

وتعرف مصور في مكتب فرانس برس بكابول صباح الجمعة على جثث سردار وزوجته وابنته (ست سنوات) وابنه (ثلاث سنوات) بينما لا يزال طفلهما الثالث وعمره 18 شهرا، في المستشفى في حالة حرجة. وقضى تسعة أشخاص في الهجوم بينهم اربعة أجانب.

وقال رئيس مجلس إدارة فرانس برس ايمانويل هوغ quot;إنها خسارة كبيرة ومؤلمة لفرانس برس (التي فقدت) صحافيا محنكاً وشجاعاً وعضواً متميزاً ضمن فريق عملنا في أفغانستان الذي يؤمن يوميا تغطية استثنائية للاحداث في ظروف بالغة الصعوبةquot;.

وقال فيليب ماسونيه مدير الاخبار في فرانس برس إن quot;الصحافة الدولية تتمكن بفضل صحافيين مثل سردار من تغطية المأساة الافغانية. وكالة فرانس برس ومكاتبها عبر العالم في حداد اليومquot;.

وقال مدير فرانس برس في منطقة آسيا جيل كامبيون ان quot;سردار اثبت مرارا شجاعته وهو يمارس مهنته بمهنية عالية وموضوعية عالية رغم المخاطر والتحدياتquot;.

وقالت كاثلين كارول مديرة الاخبار لدى وكالة اسوشيتد برس الاميركية ان سردار quot;كان محترما ومعروفا في اوساط الصحافيين في كابولquot;.

وندد الرئيس الأفغاني حميد كرزاي بمقتله، واعرب عن حزنه لخسارة quot;صحافي لامعquot;.

وإلى جانب تغطية النزاع المسلح، كان سردار الذي عرف بخفة دمه وسخريته اللاذعة، يسعى الى كتابة موضوعات تقدم صورة مفصلة عن الواقع الاجتماعي الافغاني، فلم يتردد عن الكتابة عن الوضع الصعب الذي يعيشه الاطفال في مناطق نائية من البلاد.

وبالاضافة الى كونه صحافيا لامعا، كان أبا محبا، فكان يخصص ظهر يوم الجمعة لاعداد الطعام لأبنائه في منزله.

ولشغفه بالشعر والموسيقى تعلق ببرنامج quot;أفغان ستارquot; التلفزيوني الذي حظي بنسبة مشاهدة مرتفعة في 2005. وكان يفخر بتفرد افغانستان وسحر طبيعتها وكنوزها وquot;رمانها الاحمرquot;.

قتل سردار قبل اسبوعين فقط من الانتخابات الرئاسية التي يفترض ان تؤدي نظريا الى انتهاء المرحلة الانتقالية والتي كان يستعد لتغطيتها مع فريق فرانس برس.

وافادت منظمة مراسلون بلا حدود ان ما لا يقل عن 19 صحافيا محترفا قتلوا في افغانستان منذ 2002.

وقتل مسلحون الاسبوع الماضي نيلز هورنر مراسل الاذاعة العامة السويدية في وسط كابول.

ويدل ذلك على المخاطر المحدقة بهذه المهنة في افغانستان.