ساعات قليلة وتنطلق أعمال القمة العربية بدورتها الـ25 صباح غد الثلاثاء وسط آمال معقودة عليها في إيجاد خرائط طريق لقضايا عربية وإقليمية شائكة ومستعصية، وترى خبيرة أنه ضروري أن تخرج توصيات القمة بتعديل ميثاق الجامعة العربية.


فادية الزعبي من الكويت: تنطلق غدًا الثلاثاء فعاليات القمة العربية الخامسة والعشرين، التي تستضيفها الكويت يومي الثلاثاء والأربعاء، وتحمل شعار quot;قمة التضامن من أجل مستقبل أفضلquot;.

وقد بدأ اليوم الاثنين توافد عدد من القادة العرب والوفود المرافقة لها للكويت، وسط استعدادات كويتية ضخمة ومنظمة على كل الأصعدة، لإنجاح هذه القمة التي تستضيفها الكويت للمرة الأولى. وكخطوات أولى في طريق النجاح، ظهر التنظيم المروري والتغطية الإعلامية الحكومية والخاصة في مقدمة النجاح الكامل المؤمل.

الكويت استعادت موقعها

وسط أمل عربي كبير في نجاح الكويت وخروج القمة بحل ما تيسّر من القضايا العربية الشائكة، يتفاءل الكويتيون بإمكانية تحقيق الكويتنجاحات عدة، معوّلين على حكمة ودبلوماسية أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح وحنكته وتاريخه في تنقية الأجواء وتحقيق شعار القمة quot;قمة التضامن من أجل مستقبل أفضلquot;.

وفي متابعة لـ quot;إيلافquot; لاستطلاع رأي متخصص في الجوانب الاستراتيجية، ورأي متخصص في الجانب الاقتصادي، تقول الدكتورة ندى المطوع رئيس قسم الدراسات الاستراتيجية في مركز الخليج في جامعة الكويت لـ quot;إيلافquot; إن الكويت استعادت موقعها على المسرح الدولي باستضافتها أربعة مؤتمرات، وباشرت تفعيل ما يسمى بـ quot;دبلوماسية القممquot; لجمع الأطراف الدولية الفاعلة، إضافة إلى جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي.

في حين يؤكد الدكتور عباس المجرن أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت في الجانب الاقتصادي على أهمية الملفات الاقتصادية، التي تمت مناقشتها في المجلس الاقتصادي والاجتماعي للدول العربية في جلسته التحضيرية للقمة العربية.

وقال إن موضوعات هذه الملفات شديدة الأهمية وذات تأثير كبير على مستقبل الاقتصادات العربية، وينبغي الانتهاء منها وتفعيلها بأقصى درجات الاهتمام والجدية. وأضاف أن من غير المقبول أن تستغرق دراسة بعض الملفات سنوات طويلة، أو أن تتلكأ بعض الجهات في الوفاء بالتزاماتها تجاهها.

تعديل ميثاق الجامعة

على الصعيد السياسي، شددت الدكتورة ندى المطوع على ضرورة أن تتضمن توصيات القمة العربية تعديل ميثاق الجامعة العربية، وتعزيز الأدوات الثقافية بين الدول، ووضع إطار عام للسياسة الثقافية المرتبطة بفرص التعليم والتدريب، إضافة إلى المراكز الإبداعية.

وقالت quot;آن الأوان لمنظمة التربية والثقافة التي تتبع جامعة الدول العربية أن تصبح كاليونسكوquot;. ورأت أنه من خلال متابعتها حديث الدكتور العطية والشيخ صباح الخالد وزير خارجية الكويت والسيد نبيل العربي يتضح لها أن هناك نية لأسلوب تنفيذي في عمل منظومة الجامعة العربية.

الأمن والاقتصاد أولًا

ونبهت المطوع إلى أنه مع زيادة أفق الاتصال فإنه لا مجال لعزلة الدول. ومع ازدياد هاجس عدم الاستقرار في دول الربيع العربي تزداد الحاجة إلى التركيز على الأمن والاقتصاد كأولوية، والحرص على تعزيز الحريات ومكافحة الفساد. وعن مقومات نجاح القمة المؤمل في الجانب السياسي والتضامن العربي، أكدت الدكتورة المطوع أن quot;الدبلوماسية الناجحة تكمن في النجاح في التنسيق والتحرك في الوقت المناسبquot;.

وشددت على ضرورة خروج القمة بصياغة استراتيجية شاملة لمناهضة الإرهاب، ومكافحته بكل صوره ومظاهره إقليميًا ودوليًا، والتعاون مع منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى.

وأشارت إلى عودة quot;النكهة الكويتية الداعمة لمشاريع التنمية والتطويرquot;. قائلة إنه من خلالها ترفع الدول المانحة مقدار مساهماتها في المساعدات الخارجية، إضافة إلى تعزيز دور الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، في توجيه القروض والمساعدات للدول العربية والإسلامية.

سوريا والاتفاقية الخليجية اليمنية

أما عن الشأن السوري، فاستذكرت الدكتورة مقولة صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل حينما صرح لصحيفة الشرق الأوسط قبل عامين تقريبًا قائلًا quot;إن أرادوا اتفاقية مثلها فنحن جاهزونquot;، وذلك في إشارة منه إلى الوضع السوري بعد نجاح الاتفاقية الخليجية اليمنية.

وكان وزراء الخارجية العرب قد ناقشوا أمس الأحد في اجتماعهم التحضيري للقمة جدول أعمال القمة التي ستبحث موضوعات عدة، في مقدمها مستجدات القضية الفلسطينية والصراع العربي - الإسرائيلي، ومبادرة السلام العربية، والأزمة السورية وتطوراتها، وضرورة الحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها، وانعكاسات أزمة النازحين السوريين على دول الجوار، فضلًا عن الأوضاع في ليبيا وأهمية مساندتها في الحفاظ على سيادتها واستقلالها.

الجانب الاقتصادي

على الصعيد الاقتصادي، تحدث الدكتور عباس المجرن لـ quot;إيلافquot; عن أهمية الملفات الاقتصادية، التي تمت مناقشتها في المجلس الاقتصادي والاجتماعي للدول العربية في جلسته التحضيرية للقمة العربية، فقال إن موضوعات هذه الملفات شديدة الأهمية وذات تأثير كبير على مستقبل الاقتصادات العربية، وينبغي الانتهاء منها وتفعيلها بأقصى درجات الاهتمام والجدية.

وأضاف أنه من غير المقبول أن تستغرق دراسة بعض الملفات سنوات طويلة، أو أن تتلكأ بعض الجهات في الوفاء بالتزاماتها تجاهها. وأشار إلى هذه الملفات على النحو الآتي:
1- صندوق المشروعات المتوسطة والصغيرة
ما زال صندوق المشروعات المتوسطة والصغيرة، الذي كانت الكويت قد أطلقته بمبادرة سخية منها، بانتظار قيام عدد من الدول العربية بدفع المبالغ التي التزمت بها تجاه هذه المبادرة. وكان الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي قد قطع شوطًا في وضع الأسس العملية لتنفيذ المبادرة، وقد بلغت مساهمات الدول العربية المعلنة فيها نحو 1.3 مليار دولار من إجمالي رأس المال المقترح، والبالغ ملياري دولار، ولكن ما تم دفعه حتى الآن من هذه الالتزامات لم يتجاوز 967.4 مليون دولار، أي إن ما دفع هو أقل من 75% من حجم الالتزامات المعلنة، وأقل من نصف رأس المال المقترح، وأرى أن هناك ضرورة لاستكمال هذا الملف بوتيرة أسرع، وأن يبدأ التنفيذ الفعلي للمبادرة خلال العام الجاري.

2- الطاقات المتجددة

يعد تحفيز الاستثمار في الطاقات المتجددة من بين الموضوعات الاقتصادية المهمة المعروضة على هذه القمة بمبادرة من الأمين العام لجامعة الدول العربية، وبصفتي متخصصًا في اقتصاديات الطاقة أرى أن هذا المشروع من شأنه أن يحقق تضافر الجهود العربية على هذا المسار، بما يؤدي إلى الحد من ازدواجية الجهود المنفردة، ويخفض بالتالي من تكاليف البحث والتطوير في هذا الحقل.

تعزز هذه المبادرة دراسة علمية تعاقدت الجامعة لإعدادها مع أحد الخبراء، وهي تستهدف تحقيق تنوع أكبر في مصادر الطاقة التي تعتمد عليها الدول العربية في مواجهة الطلب المتزايد على هذه المصادر، والاهتمام بدور القطاع الخاص في الاستثمار في مشروعات الطاقات المتجددة، وكذلك اقتراح مصادر تمويل هذه المشروعات، وستناقش القمة مقترحًا لإنشاء هيئة عربية لهذا الغرض.

3- ربط الشبكات الكهربائية

يأتي مشروع استكمال ربط شبكات الكهرباء العربية، الذي تتجاوز كلفته الملياري دولار أميركي، في مقدمة المشروعات الاقتصادية المحورية، ومن شأن هذا المشروع أن يحقق وفرًا في قدرات التوليد المطلوبة بنحو 7 مليار واط، أي ما قيمته نحو 4 مليارات دولار، ويحد من مشكلة انقطاع التيار الكهربائي في أوقات الذروة في العديد من البلدان العربية.

وكان البنك الدولي قد كلف بإعداد دراسة الربط الكهربائي العربي الشامل، وقد تم حتى الآن الانتهاء من الجزء الثالث من هذه الدراسة. ويهدف الربط الشامل إلى تحقيق التكامل بين مشروعات الربط الكهربائي المتعددة، التي انطلقت منذ أكثر من عقدين من الزمن، وكان من أكبرها مشروع ربط شبكات الكهرباء بين كل من مصر والعراق والأردن ولبنان وليبيا وفلسطين وسوريا وتركيا، وكذلك مشروع الربط المغاربي، الذي يربط شبكة ليبيا بالشبكة التونسية، ثم يربط الشبكة التونسية بالشبكة الجزائرية والمغربية على توترات ضغط مختلفة، وهو مشروع قائم على مراحل اكتملت أولاها عام 2005، والمرحلة الثانية عام 2010.

وثالثًا مشروع الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي، الذي ينفذ على ثلاث مراحل، الأولى تختص بالمنطقة الشمالية من الشبكة، وهي تربط محطة الزور في الكويت بثلاث محطات في المملكة العربية السعودية، ومحطة الجسرة في البحرين، والدوحة الجنوبية في قطر. أما المرحلة الثانية، فهي للجزء الجنوبي، وتربط بين شبكات الإمارات وعمان، وفي المرحلة الثالثة، يتم الربط بين الجزءين الشمالي والجنوبي.

4- دعم صمود الأراضي المحتلة

إن مبادرة خادم الحرمين الشريفين بدعم صمود المدن الفلسطينية بتقديم 200 مليون دولار، والتي تحظى بدعم مختلف الدول العربية، تستحق اهتمامًا أكبر ومساهمة أسخى، لأنها تمثل جهدًا محوريًا مهمًا، يصب في دعم واحدة من أهم وأقدم القضايا العربية.

5- دعم المؤسسات المالية والشركات العربية

هناك أيضًا مبادرة السعودية لزيادة رؤوس أموال مؤسسات التمويل العربية ورؤوس أموال الشركات والمشروعات المشتركة بمعدل لا يقلّ عن 50% هي بحاجة إلى الدعم المتواصل وإلى وفاء الدول العربية بالتزاماتها تجاهها.

6- منطقة الاستثمار الحرة والمفوضية المصرفية

من الموضوعات الأخرى الطموحة المعروضة على القمة هناك مشروع إنشاء المفوضية المصرفية العربية، والذي تقررت إحالته على محافظي البنوك المركزية، وإقراره من المجلس الوزاري من دون الحاجة إلى رفعه إلى القمة، ومشروع إنشاء منطقة الاستثمار العربية الحرة الكبرى، وهي تمثل منطقة عربية مشتركة لاستقطاب رأس المال الخارجي، وكل هذه المشروعات جديرة بالاهتمام ونتمنى أن تحظى بما تستحقه في هذه القمة.