هدد العراق جاره الغربي الأردن بعقوبات، طالبًا إيضاحات تبرر استضافته مؤتمرًا معاديًا لسلطاته، وقال إن أيدي المشاركين فيه ملطخة بدماء العراقيين، معتبرًا احتضان عمّان إياهم تدخلًا في الشأن العراقي الداخلي.


أسامة مهدي: قالت الحكومة العراقية إنها تلقت "باستغراب بالغ استضافة المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة مؤتمرًا شاركت فيه شخصيات ومجموعات تلطخت أيديها بدماء العراقيين، وبسعيها إلى تقويض العملية السياسية والمنجزات الديمقراطية التي حققها الشعب العراقي بكل مكوناته".

وأضافت في بيان وزعته الخارجية العراقية مساء اليوم "أن السماح لعقد مثل هذه المؤتمرات في عمّان يعد تدخلًا في الشأن العراقي الداخلي وانتهاكًا للأعراف الدبلوماسية ومناقضًا للمواقف الدولية الصادرة من الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والرأي العام العالمي الداعمة للعملية السياسية والتحولات الديمقراطية في العراق".

وأشارت الحكومة العراقية إلى أنها "وبعد استدعاء سفيرها في العاصمة الأردنية، وقبل اتخاذ قرارات أخرى، تتوقع توضيحًا من السلطات الأردنية لتبرير هذا الموقف، الذي يأتي بعيدًا عن تأكيد المملكة الأردنية الشقيقة، وعلى أعلى مستوى، على حرصها على إدامة العلاقة مع العراق، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية" في تهديد عراقي لعقوبات اقتصادية ضد الأردن، ومنها وقف تزويده بالنفط العراقي المخفض الأسعار وعدم استيراد سلع وخضر وفواكه منه.
&
وكانت الحكومة العراقية استدعت الجمعة الماضي سفيرها لدى الأردن جواد مهدي عباس، وذلك في خطوة احتجاجية لاستضافة عمّان مؤتمرًا دعا إلى إطاحة حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. وأعلنت الخارجية العراقية في بيان مقتضب استدعاء سفيرها لدى الأردن بغرض "التشاور" من دون أن تورد مزيدًا من التفاصيل.

الأردن ينأى بنفسه عن أهداف المؤتمر
ردًا على ذلك، أعلن وزير الخارجية الأردني ناصر جودة أمس أن المملكة "تستثمر في أمن واستقرار العراق، لأن هذا من مصلحتنا، والعراق دولة شقيقة، وعلاقتنا بها قوية، وهي جارة لنا، وآمل ألا يكون هناك أي تفسير غير صحيح أو غير دقيق للمؤتمر الذي عقد هنا".

وقال جودة خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس في عمّان في تعليق على سؤال حول استدعاء بغداد لسفيرها إن "الأخ السيد حسين الشهرستاني (نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة) اتصل بي قبل ثلاثة أيام في اليوم الذي قام الإخوة العراقيون بعقد مؤتمرهم هنا، وكان يستفسر، ولا يحتج عن ماهية المؤتمر، وإذا ما كان صحيحًا كما صرح البعض أن المؤتمر برعاية أو بدعوة أردنية". وأضاف جودة "أكدت للسيد الشهرستاني أن هذا غير صحيح، وتحدثنا لمدة عشرين دقيقة، وقلت له إن المؤتمر ليس أردنيًا، وليس برعاية أردنية".

ولفت جودة إلى أن "الأردن يوفر المكان في أي زمان لأي جهة تطلب عقد اجتماعات أو لقاءات هنا في الأردن، وهذه ليست المرة الأولى التي يعقد فيها إخوة لنا عراقيون مؤتمرات أو لقاءات على الأرض الأردنية، ولا يوجد استثناء لأحد إلا ما يهدد أمن واستقرار الأردن أو ما يشكل تدخلًا في الشأن الداخلي لأي دولة عربية".

وأكد قائلًا "لا علاقة لنا بمضمون المؤتمر ولا بمخرجاته سوى أن نستخدم ما لدينا من نفوذ كدولة مضيفة بأن لا تكون مخرجاته تسيء بأي شكل من الأشكال إلى المسار السياسي في العراق أو المساس لا سمح الله بالدولة أو دستورها، وأعتقد أن البيان لم يتطرق بأي طريقة سلبية إلى الدستور أو المسار السياسي".

وخلال المؤتمر المعارض الذي اختتمت فعالياته الأربعاء، طالب نحو 250 معارضًا عراقيًا المجتمع الدولي بـ "وقف دعم" رئيس الوزراء نوري المالكي. وشارك في المؤتمر الذي أطلق عليه اسم "المؤتمر التمهيدي لثوار العراق" ممثلون عن كيانات عراقية عدة، أبرزها "هيئة علماء المسلمين" السنّية، وحزب "البعث" المنحل وفصائل مسلحة وشيوخ عشائر.

وكان أحد الأهداف الرئيسة للمؤتمر هو وضع رؤية واحدة للعشائر العراقية من أجل "إنهاء الإقصاء والتهميش جرّاء سياسة رئيس الحكومة نوري المالكي" ودعم "الثورة المسلحة" في العراق والسعي إلى الحصول على دعم عربي ودولي.

وفي البيان الختامي أجمع المشاركون على أن المشكلة الأساس التي يعانيها العراق، هي التدخلات الأميركية والإيرانية ومخاطر "المد الصفوي والتقسيم". ولوحظ أنه رغم الإعلان عن مواقف موحدة بشأن الحلول السياسية في العراق، إلا أن آراء جانبية عدة لقيادات بارزة أظهرت تأييدًا لبناء تحالفات مع "داعش" وأخرى تجنبت الخوض في ذلك.

كما أكد المؤتمر في البيان الختامي الذي تلاه المتحدث باسم الجيش الإسلامي في العراق أحمد الدباش على السعي إلى الحصول على التأييد والدعم العربي والدولي لتوصيات المؤتمر ومطالبته إيقاف الدعم للحكومة العراقية الحالية وتحمل مسؤولية حماية المعتقلين في السجون العراقية وحماية المدنيين.
&
&