ضحى رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بفرصة أن تلعب بلاده دورًا للوساطة في النزاع الدائر في غزة، واختار بدلًا من ذلك أن ينال رضا الناخبين قبل الانتخابات الرئاسية من خلال توجيه أقسى الانتقادات التي يوجهها زعيم تركي لاسرائيل.


اسطنبول: قبل تولي حزب العدالة والتنمية المنبثق من التيار الإسلامي والذي يتزعمه اردوغان قبل نحو 10 سنوات الحكم، كانت تركيا العضو في الحلف الأطلسي، حليفا رئيسيا لاسرائيل في العالم الاسلامي، في سياسة نالت رضا الولايات المتحدة.&

بطل القضية
&
ويقدم اردوغان نفسه على انه بطل القضية الفلسطينية وزعيم العالم الاسلامي السني باكمله.&
&
ولكن الخطاب المعادي لاسرائيل وصل الى مستويات جديدة مع اندلاع النزاع في غزة، حيث اطلق اردوغان تصريحات هدفت الى توجيه اقسى النعوت الى اسرائيل من خلال مقارنة استراتيجيتها في غزة بسلوك المانيا النازية.&
&
واتهم اردوغان اسرائيل بارتكاب "ابادة" بحق سكان غزة، كما قارن عقلية بعض الاشخاص في المجتمع الاسرائيلي بادولف هتلر، وهو ما اثار غضب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو.&
&
تركيا ليست حيادية
&
كما شن وزير الخارجية أحمد داود اوغلو المعروف بهدوئه، هجومًا لاذعًا على اسرائيل، وقال إن تركيا ليست حيادية في مسالة غزة.&
&
وصرح جنكيز اكتار، استاذ العلوم السياسية في مركز اسطنبول للسياسة "تركيا ليست حيادية مطلقا، ولا يمكن ان يكون لها اي دور داعم في جهود الوساطة".
&
حملة انتخابية
واشعل اردوغان، الذي يخوض الان حملة للانتخابات الرئاسية التي ستجري في 10 اب (اغسطس) ويتوقع ان يفوز فيها، حماس الحشود في تجمعات حاشدة بخطابه المعادي لاسرائيل.&
&
ونظرا لان استطلاعات الراي في تركيا تظهر عداء شاملا للسياسات الاسرائيلية، فان هجمات اردوغان على الدولة العبرية تساعده بلا شك في الفوز في الانتخابات.&
&
واكد اكتار ان اردوغان يكسب بذلك نقاطا انتخابية. مشيرا الى ان "اتباع سياسات موالية لاسرائيل ولليهود لا تفيد اي سياسي لا يزال يحاول تصوير نفسه على انه زعيم العالم السني".&
&
وفي اعقاب الاحتجاجات الغاضبة الموالية للفلسطينيين في انقرة وتسلق المتظاهرين جدار منزل السفير الاسرائيلي، قامت اسرائيل بسحب معظم موظفي السفارة من البلاد، واستنكرت اخفاق تركيا في حماية مقار بعثتها.&
&
ورأى هيو بوب من مجموعة الازمات الدولية انه "مع خطاب القيادة التركية المعادي لاسرائيل، فقدت تركيا الان كل قدرتها على التاثير السياسي على اسرائيل".&
&
واضاف ان الدور الداعم الوحيد الذي يمكن ان تلعبه تركيا هو التوسط بين السلطة الفلسطينية وحماس.&
&
وبدأت تركيا بالفعل تشعر بالتكلفة الدبلوماسية لنهج اردوغان. فالبلد الذي كان يتفاخر باقامة علاقة جيدة مع جميع القوى الكبرى، يبدو الان في عزلة متزايدة بعد ان بات التوتر يسود العديد من تحالفاته التقليدية.&
&
ويبدو اردوغان سعيدا في بدء شجار مع واشنطن، حيث وصفت وزارة الخارجية الاميركية انتقادات اردوغان لاسرائيل بانها "مسيئة وخاطئة"، ولكن اردوغان رد بالقول ان الولايات المتحدة يجب ان توجه نقدا ذاتيا.&
&
واقر جون باس المرشح لشغل منصب السفير الاميركي الجديد في انقرة بان تركيا تتجه نحو الحكم الاستبدادي في ظل اردوغان.&
&
وتوترت علاقات تركيا مع مصر والسعودية بعد الانقلاب الذي دعمته الرياض واطاح بالرئيس الاسلامي محمد مرسي الذي ينتمي الى جماعة الاخوان المسلمين. ويبدو ان العلاقات الوحيدة التي تزدهر هي بين تركيا وقطر.&
&
واوضح اردوغان ان عملية تطبيع العلاقات بين تركيا واسرائيل والتي تدهورت بعد هجوم الكوماندوز الاسرائيليين على سفن الاغاثة التركية التي كانت متوجهة الى غزة في 2010، متوقفة الان.&
&
الا ان من مصلحة اسرائيل وتركيا الاحتفاظ بالعلاقات بينهما، ويتوقع بعض المحللين ان التعاون بين الاجهزة الامنية في البلدين مستمر خلف الابواب المغلقة.&
&
كما ان العلاقات التجارية بين البلدين كبيرة حيث ارتفع حجم التجارة بينهما الى 5 مليارات دولار (3,7 مليار يورو) في 2013، مقارنة مع 3,4 مليارات دولار في 2008.&
&
وقال نهاد علي اوزكان من مؤسسة ابحاث السياسات الاقتصادية في تركيا انه "خلف الابواب المغلقة، لا ازال اعتقد ان الجهود لا تزال جارية لتطبيع العلاقات. ويمكن ان تزداد عقب الانتخابات مباشرة".&
&