&
تحدثت أكثر من دراسة احصائية عن نسبة طلاق أكبر بين عائلات تربي البنات مقارنة بعائلات تربي البنين، لكن دراسة جديدة تدحض هذه الاستنتاجات، وتعزو الظاهرة إلى أسباب بيولوجية.

&
لا يختلف الأطباء حول نتائج الدراسات التي رصدت نسبة طلاق عالية بين العائلات التي ترزق ببنات، لكنهم يختلفون منذ عقود حول تفسير هذه الظاهرة. وفي حين يرى بعض الباحثين أن رغبة الأب الجامحة بالحصول على البنين بدلًا من البنات هي السبب، يتحدث آخرون عن مسؤولية نفسية عالية، تثقل الأبوين عند تربية البنت.
&
فرضيات رجعية
الباحث عمار حمودي، من جامعة ديوك الأميركية، يصف كل هذه الفرضيات بالرجعية، ويتحدث عن تشبث أكبر للأجنة الانثوية، وبالتالي للبنات حديثات الولادة، بالحياة.
وكتب الباحث في مجلة ديموغرافي الدورية أن الجنين الذكر يتعرض أكثر للسقوط بسبب توتر الحياة الزوجية أثناء فترة الحمل، في حين تتشبث الأجنة الانثوية بجدار الرحم بقوة ولا يسقطن بهذه السهولة.
ويستنتج الباحثان أن ذلك ينطبق أيضًا على الحياة الزوجية في فترة ما بعد الولادة، إذ أن استمرار التوتر في الحياة، بين الأم والأب، بعد ولادة البنت هو السبب في انفصال الزوجين، وليست البنت هي السبب. وهذا يعني أن البنات لا ينعكسن سلبًا على العلاقة الزوجية، وليست سلوكياتهن لعنة على الأب أو الأم، وإنما بيولوجيا حملهن هي السبب.
&
البنات أكثر تشبثًا بالحياة
بحث عمار حمودي وزميلته جينا نوبلز من جامعة ويسكونسن لسنوات في الظاهرة، وقررا البحث عن الأسباب البيولوجية التي تبرّئ البنات منها. واستخدما في بحثهما معطيات الحملة الوطنية الاميركية حول الولادات والعلاقات الزوجية والطلاق.
وفضلًا عن اكتشاف أن معظم الولادات الانثوية، التي اعقبها الطلاق، كانت في عائلات تعاني من التوتر مسبقًا، وقع الباحثان على احصائية عجيبة يمكن على أساسها تفسير الظاهرة بيولوجيًا. فقد لاحظا أن العائلات المضطربة، التي شهدت توترات أكبر في العلاقات بين الأم والأب أثناء الحمل، رزقت ببنات أكثر مما رزقت بصبيان. وكانت نسبة اجهاض الأجنة الذكرية أكثر بشكل واضح من اجهاض الأجنة الانثوية داخل هذه العائلات المتوترة.
لذا، رفض حمودي ونوبلز التفسيرات النفسية لظاهرة الطلاق بين العائلات التي ترزق بالبنات، وقررا أن سبب الطلاق يكمن في اختلاف بيولوجيا الحمل بالجنين الذكر عنها في الجنين الأنثى. فالبنات لا يسببن الطلاق، لكنهن "الناتج العرضي" لحياة زوجية مضطربة قبل الولادة، وهي زيجات غالبًا ما تنتهي بالطلاق بعد الولادة بأشهر.
&
الأجنة الذكرية أكثر حساسية
إذا كانت الأجنة الانثوية أكثر تشبثًا بالحياة من الأجنة الذكرية، وهو سبب زيادة نسبة ولادتها في العائلات المتوترة، فإن الأجنة الذكرية أكثر حساسية تجاه التغييرات البيولوجية والنفسية التي تعاني منها الأم في فترة الحمل. ولهذا السبب، تتعرض الأجنة الذكرية إلى السقوط أكثر من الأجنة الانثوية عند توتر الأجواء في البيت أثناء الحمل.
ولا يبدو أن لعادات الأم خلال فترة الحمل، مثل التدخين وتعاطي الكحول، تأثيراً على الحمل والاجهاض وجنس الجنين، وهو ما ظهر من الاحصائية. ولهذا، لا يمكن اتهام البنات بتحطيم عائلة محطمة من الاساس، بحسب رأي حمودي ونوبلز.
هذا يعني، بالنسبة لحمودي وزميلته، أن على من يعتمد على نتائج الدراسات الاحصائية فقط أن ينظر إلى كافة جوانبها الأخرى، وأن يقرأ الاحصائيات المرتبطة بها، وأن يدرس الظواهر البيولوجية المسببة لها أيضًا. وكتب حمودي: "هذا يعني أن عقارب الساعة لا تتحرك فقط مع لحظة الولادة".
&
أمهات البنات مبادرات بالطلاق
تزيد نسبة الطلاق بين العائلات التي ترزق ببنت بنسبة 5% عن نسبة الطلاق بين العائلات التي ترزق بصبي. ولا تختلف هذه النسبة في الولايات المتحدة عنها في ألمانيا، وهو ما قد يؤكد وجود هذه الظاهرة. والمقلق هو أن هذه النسبة ترتفع إلى 10% حينما تولد ثلاث بنات في كنف عائلة واحدة.
الحقيقة الأخرى التي قد تتناقض مع هذا المنطق هو أن الاحصائيات تكشف أيضًا بأن الأمهات اللواتي يرزقن ببنات هن المبادرات، في غالب الأحيان، بطلب الطلاق في هذه العوائل. ويفسر الباحثون هذه الحالة على أساس أن الأم تعرف بأن البنت أكثر حنيّة ولن تتركها بمفردها بسهولة بعد الطلاق.
ويذهب بعض الباحثين النفسيين إلى أن الآباء يشاركون بتربية الصبيان أكثر مما يشاركون في تربية البنات، وربما أن هذا هو سبب امتناعهم عن الطلاق عند ولادة صبي.
&