"سنُذبح إذا لم يمدونا بالعتاد"... هذه واحدة من نداءات الإستغاثة الكثيرة التي أرسلها جنود وحدة عراقية في قرية من قرى الأنبار التي غزاها تنظيم داعش الارهابي، لكن القيادة العسكرية العراقية لم تفعل شيئا لنجدتهم.


عبدالإله مجيد من لندن: تمكن جنود الوحدة العراقية في احدى قرى محافظة الانبار من صد محاولات داعش اجتياح قاعدتهم طيلة ايام.

ولكنهم بعد نفاد ذخيرتهم وما لديهم من ماء وغذاء قرروا ان يأخذوا زمام الأمور بأيديهم فشرعوا يطلقون نداءات الاستغاثة عبر هواتفهم الخلوية متصلين بالقيادات العسكرية والأصدقاء وحتى بإحدى المنظمات الانسانية ان يفعلوا شيئا لانقاذ الوضع.

وقال العريف حسين ثامر ان رفاقه حذروا في نداءاتهم من "اننا سنُذبح إذا لم يمدونا بالعتاد".&

ولكن القيادة لم تستجب لنداءات الجنود والامدادات لم تصل وفي النهاية اضطر الجنود الى الانسحاب والفرار في هزيمة أخرى تتكبدها القوات الحكومية على أيدي داعش بعد أيام على اجتياحه معسكر الصقلاوية في محافظة الانبار ايضا ووقوع أكثر من 100 جندي في قبضته.&

وكشفت افادات الجنود بشأن ما حدث في قاعدتهم خلال الأيام القليلة الماضية عددا من مواطن الخلل الخطيرة في الجيش العراقي.

وأكد الجنود ان هزيمتهم هذه المرة ليست بسبب انهيار المعنويات والتخاذل كما حدث في مدن مثل الموصل وتكريت ومدن اخرى عندما تبخر المدافعون عنها، بل ناجم عن ضعف مزمن في القدرات اللوجستية والاتصالات.

وقال العريف علي غازي هلال ان الجنود ما كانوا لينسحبوا من ارض المعركة لو توفر لهم العتاد.& ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن العريف هلال قوله "لم أر قط خيانة كهذه".&
&
وامتنع المتحدثون باسم القيادة العسكرية في الانبار وفي بغداد عن الرد على طلبات التعليق.
&
وكانت الوحدة العراقية تتمركز في قرية البوعيثة جنوبي مدينة الرمادي.

وقال جنود من افراد الوحدة انه رصدوا مقاتلي داعش الذين كان بعضهم يستخدمون آليات غنموها من الجيش العراقي أول مرة في 20 ايلول/سبتمبر. وانذرهم مسلحو داعش بالقاء اسلحتهم مستخدمين مكبرات الصوت.

وكان الجنود العراقيون وقتذاك يعانون اصلا نقصا في العتاد والماء والطعام واتصل آمر القاعدة بقيادة العمليات محذرا من ان جنوده يحتاجون الى مزيد من الامدادات للصمود بوجه مسلحي داعش.

وقال العريف ثامر "كنا مستعدين للقتال". ولكنّ مسلحي داعش بدأوا هجومهم ولم تصل الامدادات.

وفي البداية ارسلوا انتحاريين لتفجير الحواجز التي اقامها الجيش ثم هاجموا المواقع الأمامية مستخدمين مدافع الهاون والقاذفات الصاروخية والرشاشات الثقيلة.

ولكن الجنود بقوا في مواقعهم ما عدا اولئك الذين كانوا يتمركزون على الخطوط الأمامية.

وطيلة هذا الوقت استمروا في طلب العتاد والتموين وكان يُقال لهم دائما انها في الطريق أو يتعذر إيصالها لأن الطريق المؤدي الى قرية البوعيثة مزروع بالعبوات الناسفة. وكان الجنود يأكلون التمر ويشربون من ماء الساقية القذر.

وقال العريف ثامر ان الجنود كانوا يخشون ان يلاقوا مصير الجنود في معسكر الصقلاوية.&

وعندما استأنف مسلحو داعش هجومهم بضراوة أشد صباح الخميس 25 ايلول/سبتمبر لجأ الجنود الى هواتفهم الخلوية.

وظلوا يتصلون بكل من قد يكون له نفوذ أو علاقة، من قادة العمليات وضباط السلاح الجوي الى اعضاء البرلمان وشيوخ العشائر بل حتى الأصدقاء ليحاولوا من جهتهم.&

ويتذكر العريف حسين علي انه رُبط بقائدين عسكريين قالا له انهما سيوفران ما يحتاجه الجنود ويرسلان اسنادا جويا "ولكنهما لم يفعلا".

وعندما يئس الجنود من وصول النجدة والامدادات الموعودة قرروا الانسحاب من مواقعهم. واسفرت المعركة عن مقتل 15 جنديا واصابة 40 آخرين.

انسحب الجنود مشياً على الاقدام مستخدمين ممرات زراعية لتفادي العبوات المزروعة على الطريق الوحيد المتاح. وفي النهاية وصلوا الى موقع دفاعي بانتظار وصول تعزيزات.&

وقال اللواء الركن احمد صداك قائد شرطة الانبار الذي وصل ومعه الامدادات ان قواته تمكنت من عزل مسلحي داعش ومنعهم من التقدم نحو الرمادي مركز المحافظة.

ولكنه اضاف ان القوات الأمنية لم تتمكن من شن هجوم مضاد حتى الآن بسبب العبوات المزروعة على الطريق.&& يضاف الى ذلك ان قواته تعاني نقصا في الذخيرة.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن اللواء صداك قوله "ليس لدينا الكثير من العتاد للأسلحة الثقيلة. انها مشكلة كبيرة، وفي كل مكان".

في ليل 26 ايلول/سبتمبر نُقل الجنود الذين كانوا محاصرين في قرية البوعيثة الى قاعدة في الرمادي.

وقال العريف علي ان جنوده كانوا مستعدين للقتال لو وفرت الحكومة ما يحتاجونه في ارض المعركة "ولكننا يوم أمس بكينا وبكينا".