يخيم التوتر من جديد على تونس مع محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت قياديًا بارزًا بحزب "نداء تونس"، الذي يقود الائتلاف الحكومي، ويرى محللون أنّ استهداف رضا شرف الدين يوم الخميس، مرتبط وبشدة بالتصريحات التي أطلقها مدير قناة "التاسعة" عن حقيقة الاغتيالات السياسية في تونس.


عبدالباقي خليفة من تونس: محاولة اغتيال جديدة، استهدفت سياسيًا تونسيًا، هو رئيس فريق النجم الساحلي لكرة القدم، والنائب عن حزب "نداء تونس" في مجلس نواب الشعب، والممول الأول لقناة "التاسعة" التي يديرها الاعلامي معز بن غربية.

تضاف هذه المحاولة لمسلسل الاغتيالات التي عرفتها تونس في 2013، وما تلاها من عمليات إرهابية استهدفت منشآت سياحية كمتحف باردو، وفندق امبريال في سوسة الساحلية. وتأتي هذه العملية لتعمق الأزمة السياسية، والاقتصادية، والأمنية التي تعيشها البلاد.

رضا شرف الدين، فوجئ كما أفاد في تصريحات عقب الحادثة، بتعرضه لاطلاق نار من قبل شخصين، كانا على متن سيارة رباعية الدفع، بيضاء اللون، لم يتمكن من معرفة رقمها المنجمي، أو هوية من يقودها. وذلك عندما كان يهم بالتوجه إلى مقر عمله، حيث أطلق باتجاهه 7 رصاصات أصابت بعضها السيارة.

وزارة الداخلية التونسية التي هرع أعوانها إلى عين المكان، أفادت في بيان لها تلقت "إيلاف" نسخة منه، أن الحادث جد في الساعة العاشرة والربع صباحاً بتوقيت تونس (التاسعة والربع غرينتش)، حيث اتصل رضا شرف الدين بمدير إقليم الأمن بسوسة وأخبره أن سيارة بيضاء اللون يجهل رقمها المنجمي أطلقت النار على سيارته في محاولة لاغتياله، وذلك على الطريق الرابطة بين القلعة الكبرى وسوسة (الساحل التونسي) وأن الوزارة توجهت على الفور وعاينت السيارة ولاحظت آثار اطلاق نار، آثار طلقتين (عيارين) على البلور الخلفي، آثار 3 طلقات من جهة السائق، آثار طلقتين& بالغطاء الأمامي للسيارة، آثار طلقتين، عيارين، بالبلور الأمامي للسيارة. وقد توجهت وحدات البحث من الشرطة الفنية وإدارة الأبحاث للحرس الوطني، التونسي، والإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية للشرطة الوطنية، التونسية للبحث في جرائم الإرهاب بالقرجاني حيث تمت مباشرة أعمال البحث.

وأفاد البيان أن عمليات تمشيط جرت بالمكان من قبل الوحدات الأمنية، فيما أمر وزير الداخلية بتوفير الحماية اللازمة لرضا شرف الدين ولمنزله ومكان عمله وتنقله.

وأعطى وزير الداخلية تعليماته لكل وحدات الأمن والحرس الوطنيين لمحاولة إلقاء القبض على الفاعلين وايقاف السيارة المذكورة، وقد تم التحرك في انتظار تحقيق الهدف.

وتطرح جريمة محاولة اغتيال رضا شرف الدين، الكثير من الأسئلة، دون إجابات، فشرف الدين من قيادات حزب نداء تونس.

وقالت قيادات في "الجبهة الشعبية"، عقب عملية الاغتيال، إنها "تأتي في خضم صراعات داخلية في نداء تونس"، وهو ما جاء على لسان منجي الرحوي، في مؤتمر صحفي بفندق أفريكا بالعاصمة التونسية.

واعتبر الناطق الرسمي باسم الجبهة، حمة الهمامي، محاولة الاغتيال، إضافة جديدة للسحب الداكنة، والأزمة المستفحلة على جميع المستويات الأمنية والاقتصادية والسياسية.

وقال إنّ "من شأنها أن تزيد الوضع غموضًا" وإنّ "الاغتيالات التي تمت قد تكون جريمة دولة".

إلى ذلك، اتهم الأمين العام لحزب نداء تونس، محسن مرزوق، ما وصفه بشبكات الفساد، بالوقوف وراء محاولة اغتيال رضا شرف الدين، وقال "الإرهاب والفساد وجهان لعملة واحدة، وليس بالضرورة أن يكون الارهابي ملتحياً فكل من يرفع السلاح إرهابي".

فيما استبعد قيادي آخر بالنداء وهو محمد الطرودي، وجود علاقة بين محاولة الاغتيال، وحرب تصفيات حسابات شخصية بين قيادات النداء، وتحديدًا الصراع على خلافة الباجي قايد السبسي، الذي ترجح مصادر من داخل الحزب، عدم اكماله فترة رئاسته التي تنتهي في 2019 بسبب المرض. وإمكانية إجراء إنتخابات رئاسية وبرلمانية في تونس، وهي فرضية قائمة، وإن كانت مستبعدة لأن الجميع سيكونون من الخاسرين، بحسابات الربح والخسارة الحزبية والآيديولوجية لليسار والنداء.

حزب حركة النهضة، وعلى لسان القيادي البارز عبد الكريم الهاروني، وصف المحاولة بـ"الحدث الكبير الذي يجب أن تتوقف عنده تونس، وهو فرصة لبناء الوحدة الوطنية وكشف العصابات التي تقف وراء العمليات الإرهابية".

ويربط البعض بين محاولة الاغتيال، وموقع رضا شرف الدين في قناة التاسعة، التي يملك فيها أكبر الأسهم، وكان مديرها معز بن غربية، قد تحدث عن محاولة لاغتياله، فرّ على إثرها إلى سويسرا، ومن المتوقع أن يعود إلى تونس الأحد القادم، بعد تلقيه وعودًا بالحماية. لكن الاعتقاد السائد الآن في تونس، هو أن بن غربية سيتم اعتقاله حال وصوله للمطار، وموازين القوى وحدها ستحدد مصيره.

ويرى المحلل السياسي علي اللافي في تصريحات لـ"إيلاف" أنّ العملية تهدف لإخافة رضا شرف الدين على قاعدة المثل التونسي "إخافة الذئب أفضل من قتله".

كما لم يستبعد أن تكون العملية تأكيداً لما صرح به بن غربية من وجود مخطط يستهدفه. ويخشى البعض من وجود نية لتوجيه التهمة لدولة مجاورة بأنها تقف وراء الإغتيالات. وربما لزيادة حدة الاحتقان في البلاد وداخل حزب نداء تونس.

وقد عاد الحديث في الشارع التونسي، عن تصريحات معز بن غربية، حول وجود مافيات ولوبيات تتصارع، بأساليبها الرهيبة والجهنمية، كانت وراء الإغتيالات التي شهدتها تونس، والعمليات الإرهابية، التي تم فيها توظيف القناع الديني لأعتى وأشرس وأقسى العمليات الإستخبارية، إضافة الى صراع كسر العظم داخل الحزب الأول في تونس، نداء تونس.

ما جرى يكشف أن هناك جهة لها القدرة على تنفيذ الاغتيالات والعمليات الارهابية متى أرادت وكيفما أرادت وتختفي دون ترك أثر، سوى المزيد من التوترات والمخاوف والقلق.