&يعيش مسلمو الولايات المتحدة الأميركية كابوسًا مشابهًا لذلك الذي عرفوه عشية اعتداءات 11 أيلول، لا سيّما في ظل تعاظم الكراهية والأعمال العدائية ضدهم بعد الاعتداءات الأخيرة في كاليفورنيا، رغم اندفاعهم الكبير نحو الإندماج والتعاطف والاستنكار ورفض هذه الممارسات التي لا تشبههم ولا تعبّر عنهم وعن معتقداتهم.

&
إعداد عبد الإله مجيد: سارعت منظمات المسلمين الاميركيين الى ادانة هجوم كاليفورنيا فور وقوعه، تمامًا كما هي الحال بعد كل هجوم ارهابي يُتهم بارتكابه متطرفون اسلاميون، وقد اصدرت هذه المنظمات بيانات تدين الهجوم بوصفه عملًا لا انسانيًا ولا يمت بصلة الى الاسلام، وأعربت عن تعازيها وتعاطفها مع الضحايا على مواقع التواصل الاجتماعي، وظهر قادتها في مؤتمرات صحافية مع ممثلين عن الديانات الأخرى ومسؤولين من قوات الشرطة والأجهزة الأمنية والى جانبهم اعلام اميركية، تأكيدًا لوطنيتهم والتزامهم بالدفاع عن بلدهم الولايات المتحدة ضد الارهاب. &
&
تعاظم الكراهية
&
واعلن رئيس مجلس الشؤون العامة للمسلمين، سلام مراياتي، في مؤتمر صحافي في لوس انجلوس، "ان جماعات مثل تنظيم داعش وتنظيم القاعدة تحاول زرع الانقسام في مجتمعنا وارهابنا"، لكن هذا كله لم يشفع لمسلمي الولايات المتحدة، بل أكد قادة منظماتهم وأئمة مساجدهم في انحاء الولايات المتحدة، ان المسلمين الاميركيين يتعرضون الى موجة من التهديدات بالقتل والاعتداءات واعمال التخريب ضد ممتلكاتهم، لم يعرفوا مثيلا لها منذ ما حدث لهم بعد هجمات 11 ايلول (سبتمبر) 2001.&
&
وشهد مسلمو الولايات المتحدة تصاعد جرائم الكراهية ضدهم في اشهر الخريف بعد التصريحات المعادية للمسلمين التي اطلقها المرشحان الجمهوريان دونالد ترامب وبن كارسون، وازدادت التهديدات وأعمال التخريب والعنف واكتسبت ابعادًا مخيفة أكثر من ذي قبل بعد اعتداءات باريس في 13 تشرين الثاني (نوفمبر)، فيما تصاعدت هذه الأعمال بحدة ملحوظة بعد الهجوم الأخير في كاليفورنيا.&
&
نحو الأسوأ
&
ويهيئ الاميركيون المسلمون أنفسهم لما هو أسوأ بعدما اعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي ان منفذ الهجوم، سيد رضوان فاروق، مسلم نشأ في الولايات المتحدة ويحمل الجنسية الاميركية ودرس في كلية اميركية ولديه وظيفة ثابتة وبيت مريح وطفل وكان يصلي في عدة مساجد تعرفه في المنطقة، وكان هذا كله بمثابة سيناريو كابوسي للمسلمين الاميركيين، بعد كل ما بذلوه من جهود للاندماج بالمجتمع الاميركي ونيل قبوله.&
&
وقال محمود ندوي، امام مسجد دار العلوم الاسلامية في مدينة برناردينو حيث وقع الهجوم، ان فاروق لا يمت بصلة الى الاسلام ولا حتى الى الانسانية، فيما أكد مساعده ماهور ندوي ان المسجد تلقى تهديدات، فيما حذر ديفيد تشيسلي، محامي عائلة فاروق، من ان عناوين بارزة مثل "مجزرة يرتكبها مسلمون" أو "قتلة مسلمون" تحرض على اللاتسامح. &
&
ولكن الاميركيين المسلمين يواجهون الآن التحدي المتمثل في ان كثيرا من الاميركيين ينظرون الى فاروق وغيره من الارهابيين على انهم يمثلون الاسلام، خاصة بعدما اظهرت الاستطلاعات جهل الغالبية العظمى من الاميركيين بالاسلام، وعدم وجود مسلمين بين معارفهم. &
&
وقالت المواطنة الاميركية المسلمة نبية مقبول، التي تدرس القانون في جامعة شيكاغو لصحيفة نيويورك تايمز: "ان هويتي وكياني كله يُمحَيان كلما تقع حوادث كهذه، ويقعان ضحية اعمال العنف هذه التي يرتكبها اشخاص ينتمون الى الجماعة التي انتمي اليها".&
&
وقالت مقبول انها فكرت في نزع الحجاب مثلها مثل كثير من الاميركيات المسلمات، خوفًا من تعرضهن الى الاعتداء، واضافت انها بعد عودتها من الاجازة الى شيكاغو قررت أن لا تتوقف وتصلي خارج مطعم على الطريق كما كانت تفعل عادة، مؤكدةً أنها باتت تخاف ان يعتدي عليها شخص يرى انها تستحق المعاملة بعنف. &
&
تصاعد العنف
&
وتبين ارقام الخدمة الاعلامية للعدالة الجنائية التابعة لمكتب التحقيقات الفيدرالي، ان جرائم الكراهية ضد الاميركيين المسلمين بلغت ذروتها في عام 2001، حين سُجلت 481 جريمة، وفي عام 2014 سُجلت 154 جريمة كراهية كان اميركيون مسلمون ضحيتها، وقال مكتب التحقيقات الفيدرالي ان الاحصاءات لا تتوفر لديه حتى الآن عن جرائم الكراهية ضد المسلمين خلال العام الحالي.
&
ولكن الأسابيع الأخيرة من عام 2015 شهدت تصاعد اعمال العنف والترهيب ضد الاميركيين المسلمين، وخاصة ضد المحجبات والأطفال المسلمين، بالإضافة إلى اطلاق النار على مساجد، أو رمي قاذروات عليها. &
&
وقال عمير صدّيقي لصحيفة نيويورك تايمز ان رجلًا تقدم نحوه حين كان يهم بركوب سيارته خارج مركز تجاري في مدينة دلاس وأشهر مسدسه ثم هدد بقتله رميًا بالرصاص، مؤكدًا أن المسلمين يعيشون اليوم أوقاتا مخيفة.&
&
وفي احدى ضواحي دلاس تجمّع نحو 12 شخصًا مُلثمًا خارج المركز الاسلامي ملوحين بأسلحة مختلفة، ونشرت المجموعة لاحقا على "فايسبوك" اسماء وعناوين عشرات المسلمين، ومن سمّتهم "متعاطفين مع المسلمين". &
&
ولاحظ خالد حميدة، المتحدث باسم الجمعية الاسلامية لشمال تكساس، ان ما حدث امام المركز الاسلامي لا يمكن تصور حدوثه امام كنيسة أو معبد يهودي، واضاف "نحن واقعيون وندرك ما يجري في البلد، ونشكر الله على اصدقائنا في اجهزة انفاذ القانون، وشركائنا من الأديان الأخرى".&
&