يعتقد عراقيون أنه من الخطأ استقدام قوات اميركية لقتال تنظيم داعش في بلدهم مهما كان عددها، مؤكدين في تصريحات لـ"إيلاف" أنّ اميركا غير صادقة في نواياها تجاه العراق وان التنظيم من صناعتها، فيما يؤكد اخرون انهم لم يعودوا يعرفون من هو صديقهم واشنطن أم طهران؟


عبد الجبار العتابي من بغداد: أعرب الكثير من العراقيين عن رفضهم لوجود اي قوات برية اميركية على الارض العراقية مشيرين الى ان العراق يرتبط باتفاقية امنية مع اميركا لكنها بنودها لم تنفذ بالشكل الصحيح، فيما آخرون ان اميركا ستعيد (غزو) العراق مجددا، مشددين على ضرورة محاربة اي قوات اميركية مسلحة قادمة للعراق، وفي الوقت نفسه متخوفون من سطوة المليشيات المدعومة ايرانيا.

استطلاع

استطلعت (ايلاف) آراء 250 عراقيا من مختلف الشرائح اغلبهم من البسطاء في العاصمة بغداد بشكل عشوائي، حول إرسال قوات أمريكية برية إلى العراق لمحاربة داعش من اجل تحرير محافظتي الانبار ونينوى.

كانت نتائج الاستطلاع ان 200 شخصا رفضوا بشكل غاضب ومطلق أي تواجد للقوات البرية الاميركية بدون أي تحفظات حتى وان كانت مشاركتها تعني الخلاص من داعش بشكل سريع، وان شككوا في هذا.

وقال عدد من هؤلاء في توضيح ارائهم انهم يعرفون انه كلما طال امد المعارك ستكون الامور سيئة لا سيما مع التقشف الذي تعيشه الدولة العراقية وهبوط اسعار النفط والفساد المستشري في البلاد، ويعرفون انه كلما طال الزمن كلما زاد الفساد وزادت مواكب الشهداء فضلا عن ان الميليشيات سيكون لها حضور اقوى في الواقع العراقي بما لا تستطيع الحكومة العراقية ان تفعل شيئا لها فيما بعد.

وأشاروا الى ان "ارتباط هذه الميليشيات بايران يزيدها قوة وشراسة"، لكنهم يرون ان "اميركا فقدت مصداقيتها وانها الام الشرعية لداعش لذلك هي لن تقدم للعراق غير المشاكل والاستمرار في اشاعة الفتن والفوضى".

فيما رأى 22 شخصا انهم مع تواجد القوات الاميركية بشرط العمل مع الحشد الشعبي واحترامه وتقديم الدعم الجوي المناسب، لكن 28 شخصا رفضوا اعطاء رأي بحجة ان الامور ضبابية ولا يعرفون الصديق من العدو للعراق.

آراء متباينة

وقال كريم السيد وهو اعلامي: "ما يجري في العراق وسوريا لعبة عالمية، فهي من وجهة نظر الدول الكبار اقتصادية نفطية. بينما الحكومات تنظر لها على أنها مطحنة سياسة. فيما تراها الشعوب مطحنة للعقائد".

ويرفض الطالب الجامعي جاسم حسن عودة القوات الاميركية.

وقال: "ارفض رفضا قاطعا أي تواجد للقوات الاجنبية ومنها الاميركية لانها غير صادقة مع العراق وانها سبب كل البلاء الذي اصاب العراق ، فنحن نعرف ان داعش هو الابن الشرعي لاميركا وانها مهما حصل لن تمحيه من الوجود بل انها قد تحتفظ به لمهاجمة دول اخرى".

واضاف: "اعتقد ان الحكومة العراقية سترتكب خطأ كبيرا اذا سمحت لقوات برية بالتواجد على الارض العراقية، فهؤلاء الاميركان اغاظتهم انتصارات الحشد الشعبي فجاءوا لاشاعة الفوضى".

اما سعد حسين رضا، موظف حكومي، فقد اكد انه ما عاد يعرف عدو العراق من صديقه.

يقول: "لم اعد اعرف صديق العراق من عدوه، اميركا هي من صنع داعش ،وايران صنعت الميليشيات فتاهت الامور علينا واعتقد ان الحكومة العراقية تعيش في موقف حرج، فهي ان قالت نريد اميركا يهددها الحشد الشعبي بالانسحاب وان قالت اريد الحشد الشعبي تغضب عليها اميركا".

من جانبه يؤكد الاعلامي مهدي العامري أن ما يجري هو لعبة الامم.

يقول: "الوﻻيات المتحدة ارسلت مخططا الى العراق من اجل نشر القوات الخاصة اﻻميركية في اراضي تحتلها داعش في اﻻنبار والموصل، وهذا صراع جديد قديم بين اميركا وايران في العراق".

واضاف: "اتساءل ما مصالح الدولتين في استمرار القتال؟"

وتابع: "تهدبدات فصائل الحشد الشعبي واعلانها النفير العام لقواتها في ضرب القوات اﻻميركية، هل ستستفيد منه داعش في توحيد صفوفها؟ اذن .. عدو عدوي صديقي، كيف يمكن مقاتلة القوات اﻻميركية وداعش في نفس الوقت ؟

وتساءل: "هل هناك اتفاق ايراني اميركي في سحق داعش وتدميره في العراق وسوريا بمشاركة فصائل مسلحة تدعمها ايران ؟، ايران رفضت ادخال ملف النووي مع ملف الشرق اﻻوسط خصوصا في الدول العربية التي مزقتها الحروب والصراعات ، هل ستدخل اميركا وايران في اتفاق وحلول امنية وسياسية لحسم معركة داعش ؟

استنزاف للدماء

يقول الكاتب احمد حميد: "العراق بات بلداً عاجزاً عن الدفاع عن نفسه، نتيجة انهيار مقومات الدولة التي انهكها النظام الطائفي الحاكم في البلاد. لذلك فإن كل معارك الارهاب التي خاضتها الحكومات العراقية المتعاقبة خلال سنوات التغيير، كانت بإسناد اميركي ودولي واضح للعيان، الامر الذي قلم من اظافر القوى الارهابية".

واضاف: "ما انفكت عن بلادنا الولايات المتحدة، نهاية العام 2011، حتى بانت حقيقة العراق وقدراته الهزيلة، عبر هزيمة جيشه الفضائي، بأبسط اختبار وجودي، ناهيك عن ضياع ثلث البلاد بيد مرتزقة عابثتين".

وتابع : "اتمنى ان تكون لدينا دولة قوية ومحورية في المنطقة، ولها استقلاليتها في الحفاظ والدفاع عن نفسها، لكن ما اراه اليوم من استنزاف لدماء لشعبي يجعلني استنجد بأي قوة اجنبية للدفاع عن ما تبقى من بلادي المستباحة".

الموقف بيد الحشد

إلى ذلك، يقول المحلل السياسي مازن الشمري: "الراي العام في العراق ينطبق عليه القول: الناس على دين ملوكهم واليوم هناك امراء حرب معترف بهم دوليا واحزاب تمثل قوى اقليمية متناظرة،ومشكلة السؤال انه بتعامل مع جهة غير مسؤولة في التاثير على ادارة البلد وهي الراي العام".

واضاف: "سيكون هناك قبول كردي وايضا موافقة ضمنية من اﻻحزاب السنية ورفض معلن من التحالف الوطني الشيعي لكن الموقف على اﻻرض سيكون بيد الحشد".

وتابع: "حتى مع وجود الاتفاقية الامنية فلا اعتقد ان اميركا ستنشر قوات برية، فاﻻتفاقية تتيح بتواجد نوعي ﻻغراض التدريب على السلاح وليس القتال".
&
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قال مؤخرا إنّ إرسال الولايات المتحدة مزيدا من القوات لمحاربة تنظيم "داعش" في العراق لا يعني أنه سيسير على نهج الغزو الأميركي للعراق في 2003، بينما شدد العبادي على ان العراق لا يحتاج الى قوات خاصة او قتالية برية أجنبية على الارض العراقية"، لافتا إلى ان الحكومة العراقية ستعتبر دخول اي قوات اجنبية البلاد بدون موافقتها امرا معاديا وستواجهه على هذا الاساس.
&