دخل الحوثيون البيضاء القبلية متسترين بالزيّ العسكري، لكن رجال القبائل بدأوا ردّهم بهجمات عنيفة على الحوثيين، فهل بدأت حرب ستحوّل اليمن إلى سوريا ثانية؟.


إيلاف - متابعة: يحاول الحوثيون في اليمن فك العزلة السياسية التي ساقهم إليها إعلانهم الدستوري الانقلابي، فينتهجون النهج العسكري، موجّهين حملتهم، التي يساندهم فيها بعضٌ من الجيش اليمني الذي يأتمر بإمرتهم، من خلال ولائه للرئيس السابق علي عبدالله&صالح، موجهينها نحو القبائل في مأرب والبيضاء، التي رفضت الانصياع لرغباتهم، والتي أعلنت صنعاء عاصمة محتلة.

وأكدت مصادر قبلية الثلثاء أن مسلحي القبائل وجّهوا ضربات موجعة للمسلحين الحوثيين في أكثر من منطقة في البيضاء، وقالت إن مقاتلي قبيلة ذي كالب تصدوا لهجوم شنته حملة عسكرية حوثية مساء الثلثاء، واشتبكوا معهم اشتباكات عنيفة حين حاولت اقتحام القرية من الجهة الخلفية في منطقة جبل العرين، ما أدى إلى مقتل 9 حوثيين وإصابة 15 آخرين، وأسر 6 عناصر حوثية، بينما أصيب مقاتل من أبناء القبيلة.

نكثوا بالوعد
وحصلت الاشتباكات بعدما توصلت وساطة قبلية إلى حل خلال الأيام الماضية مع الحوثيين، يلتزم فيه أبناء ذي كالب بعدم السماح بأي عناصر مسلحة قبلية من خارج قبيلتهم في مناطقهم، مقابل امتناع الحوثيين من الاقتراب من مناطق القبيلة. وأضافت المصادر أن الحوثيين نكثوا بالاتفاق الذي تم التوصل إليه، وحاولوا مهاجمة مناطق اعتقدوها مفتوحة، فكان ما كان.

وقالت مصادر أخرى إن وساطة قبلية تدخلت لفضّ الاشتباكات بطلب من الحوثيين، للمفاوضة مع أبناء القبائل لتسليم الأسرى مقابل تراجع الحملة، وعدم الاقتراب من مناطق انتشار القبيلة، إلا أن مقاتلي ذي كالب يرفضون التعاطي مع الوساطة، بعدما تأكد لهم أن لا مأمن من شر الحوثيين. وتتبع قبيلة ذي كالب الشيخ فضل عامر أبو صريمة، أحد أبرز المشايخ المتعاونين مع الحوثيين ممن قدموا لهم التسهيلات لدخول قيفة رداع.

بالخدعة
وكانت حملة من قوات الجيش والأمن ومن مسلحين حوثيين بزيّ عسكري تمكنت من دخول مدينة البيضاء، عاصمة المحافظة، من دون مقاومة في خدعة محسوبة، إذ عرف الحوثيون أن رجال القبائل لن يوجهوا فوهات بنادقهم إلى الجيش اليمني.

وأفادت مصادر من البيضاء أن مسلحين حوثيين بزيّ عسكري، بمعدات ودبابات الجيش، تقدمت من معسكر سامه في ذمار واللواء 139 مشاة في رداع وقوات الأمن الخاصة فرع رداع، ودخلت البيضاء، بمساعدة من قوات الأمن الخاصة بالبيضاء.

تمركزت عربات ودبابات عسكرية في عدد من المواقع المطلة على مدينة البيضاء من المدخل الشمالي. واستقرت الحملة في معسكر قوات الأمن الخاصة، وانتشرت دوريات عسكرية للجيش والحوثيين في عدد من شوارع المدينة من دون مقاومة.

عش الدبابير
لكن مسلحي القبائل لم ينتظروا طويلًا، فشنوا هجومًا مباغتًا على عربات وأطقم عسكرية تابعة للحوثيين داخل المدينة. وأسفر هجومهم عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الحوثيين.

وبحسب "الشرق الأوسط"، أوضح شهود عيان أن المسلحين فجّروا عربتين من نوع "هامر" وأحرقوا طاقميهما، مستخدمين عبوات ناسفة وقذائف صاروخية من نوع (آر بي جي)، واندلعت بعدها مواجهات متقطعة وسط المدينة وبالقرب من إدارة الأمن.

ونقلت الشرق الأوسط عن الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية سعيد عبيد الجمحي قوله إن الحوثيين بدخولهم البيضاء إنما دخلوا إلى عش الدبابير. أضاف: "المخطط الحوثي سيدخل اليمن في سلسلة من الحروب والاقتتال الداخلي، وستعيش البلاد أوضاعًا بالغة الخطورة، لا تقل خطورتها عما يجري في سوريا، وذلك سيستدعى مئات المقاتلين من أصقاع العالم، وستصبح اليمن بؤرة مفتوحة لصراع يهدد الأمن الخليجي، ويحقق في الوقت نفسه مصالح استراتيجية للولايات المتحدة الأميركية ولحلفائهم الإيرانيين".

غادروا
إلى ذلك، قالت مصادر دبلوماسية إن الخارجية البريطانية علقت عمل سفارتها في صنعاء، وسحبت دبلوماسييها بسبب مخاوف أمنية عقب تردي الأوضاع. وطلبت السفارة الأميركية في صنعاء من رعاياها مغادرة البلاد، في بيان رسمي موجّه إلى الأميركيين في اليمن الأربعاء، رادة السبب إلى مخاطر كبيرة وإلى تراجع الوضع الأمني في البلاد، التي تشهد مواجهات واسعة النطاق في محافظات عدة منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة واستقالة رئيس البلاد عبدربه منصور هادي، من دون أن تشير إلى خطط لتنفيذ عملية إجلاء للمواطنين الأميركيين الموجودين في اليمن في الوقت الحالي.

وقال مراقبون إن هذا القرار الأميركي بإقفال السفارة بهذا الشكل يوحي بأن واشنطن قررت حسم ترددها إزاء ما يحدث في اليمن، استجابة لضغط متزايد على الإدارة الاميركية من أعضاء في الكونغرس والصحافة الاميركية، بعدما أجمعت كل القوى الداخلية والمواقف الإقليمية والدولية على الوقوف ضد الانقلاب الحوثي.
&