تشهد دول غربية جدلًا حول معاودة الاتصالات بالرئيس السوري بشار الأسد من أجل التصدي لتنظيم الدولة الإسلامية، في وقت يدخل النزاع السوري في آذار/مارس المقبل عامه الخامس على خلفية تهديدات الجهاديين وإخفاق محاولات التوصل إلى حل. في وقت ترى واشنطن وباريس ولندن أن الأسد صار خارج معادلات المصالحة والحلول.


إيلاف - متابعة: للمرة الأولى منذ بدء النزاع في 15 آذار/مارس 2011، والذي خلف 220 ألف قتيل وأكثر من ثلاثة ملايين نازح ولاجئ، أكد وسيط الأمم المتحدة أن الرئيس السوري ينبغي أن يكون طرفًا في عملية السلام. وقال ستافان دي ميستورا في منتصف شباط/فبراير إن "الأسد جزء من الحل"، و"سأواصل إجراء محادثات مهمة معه".

تواصل أم تمرد؟
لكن هذا الموقف أثار استياء المعارضة السورية، التي ترفض فرضية أن استبعاد الرئيس السوري سيصبّ في مصلحة "الدولة الإسلامية". غير أن تصريحات موفد الأمم المتحدة فتحت كوة لدى الغربيين، الذين اكتفوا إلى الآن بالدعوة إلى تنحّي الأسد من دون جدوى.

وهذا الأسبوع، التقى ثلاثة نواب فرنسيين بشار الأسد في دمشق، رغم قطع العلاقات الدبلوماسية بين سوريا والعديد من الدول الأوروبية منذ 2012، بما فيها فرنسا. وقال أحد هؤلاء جاك ميار (من المعارضة اليمينية) إن الأسد "هو طرف سيشارك في التسوية السياسية للحرب الأهلية"، و"إن من يقول إن يديه ملطخة بالدماء فهو صائب، ولكن ليس الوحيد، بل آخرون ومنهم دول إقليمية".

وأورد عضو مجلس الشيوخ، من الوسط، فرنسوا زوكيتو، الذي زار دمشق، إن الأسد لا يتوقع أن "يبقى معزولًا في مواجهة التهديد الإرهابي". وندد الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند بهذه الزيارة ومثله الرئيس السابق وزعيم المعارضة نيكولا ساركوزي.

وتفضل فرنسا الرسمية المشاركة في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، التي تشن منذ آب/أغسطس ضربات جوية منتظمة ومحددة الهدف على الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، رغم أنها لم تحقق النتائج المرجوة حتى الآن.

خارج المستقبل
لا تغيير إذن في الموقف الرسمي، سواء في واشنطن أو باريس ولندن وبرلين. وكررت الخارجية الأميركية الخميس "كما قلنا دائمًا، بشار الأسد فقد أي شرعية منذ وقت طويل ولن يكون أبدًا شريكًا في مكافحة الإرهاب". وفي مقال نشر الجمعة في صحيفتي لوموند الفرنسية والحياة العربية، كرر وزيرا خارجية فرنسا وبريطانيا أن الرئيس السوري "لا يمكنه أن يكون مستقبل سوريا".

وكتب لوران فابيوس وفيليب هاموند إن "بشار يمثل في الوقت نفسه الظلم والفوضى والرعب. ونحن، فرنسا وبريطانيا، نقول لا للثلاثة"، معتبرين أن "خطوة تحسين صورة" الرئيس السوري تشكل "محاولة للإفادة من الرعب الذي أثاره المتطرفون، ليقدم نفسه على أنه عائق ضد الفوضى".

عبارات مموهة
لكن بعض الخبراء يرصدون مؤشرات ليونة في الغرب. وفي هذا السياق، قال شاشانك جوشي الباحث في معهد "رويال يونايتد سيرفيزس" البريطاني "إذا قرأنا بين السطور، نلاحظ أن تأكيد +وجوب رحيل الأسد+ ذاب في عبارة "ربما ليس عليه الرحيل فورًا+". وفي بريطانيا، يطالب وزير الخارجية السابق مالكولم ريفكيند والقائد السابق للجيش ريتشارد دانات بسياسة أخرى.

وفي هذه الدول الغربية، فإن المطالبة بتغيير السياسات قد تكون مصدرها أجهزة الاستخبارات، التي ترى أن التصدي للإسلام المتطرف لا يمكن أن يحصل إلا عبر تنسيق وثيق مع الرئيسين السوري والعراقي. وثمة دول أوروبية أخرى، مثل النمسا وهولندا ورومانيا، تبقي حدًا أدنى من العلاقات مع دمشق.

دعم متحفظ
بدورها، انضمت الكنيسة الكاثوليكية، التي تشكل الدولة الإسلامية عدوها المطلق، هذا الأسبوع إلى الأصوات المطالبة بتغيير في السياسة، وخصوصًا بعدما صدمها خطف الدولة الإسلامية في سوريا 220 مسيحيًا آشوريًا. وأعلن مؤتمر الأساقفة في فرنسا في بيان الجمعة أنه من الملحّ أن يؤخذ أخيرًا في "الاعتبار مصير" مسيحيي الشرق "الذين يقتلون بسبب إيمانهم".

وردًا على سؤال عن زيارة النواب الفرنسيين لدمشق، لاحظ مسؤول في الفاتيكان، لم يشأ كشف هويته، أن البابا فرنسيس يدعم "كل ما يمكن أن يسهل الحوار من أجل السلام".
وتدارك إن "هذا الأمر يجب أن يحصل أولًا على مستوى المنظمات الدولية، لا أن يكون صنيعة بعض البرلمانيين المنفردين".