&
بعد أن سمح مجلس النواب العراقي بدخول جميع النازحين من محافظة الأنبار الى العاصمة العراقية بغداد، تخوف نواب وأمنيون من تسلل إرهابيين بينهم، مطالبين الشباب منهم بالتطوع لقتال داعش.

&تتواصل أزمة نازحي محافظة الأنبار مع مواصلة القوات الأمنية العراقية المطالبة بمن يكفلهم من سكان العاصمة لتسمح لهم بدخول بغداد.
وكان البرلمان العراقي صوّت قبل يومين على إرسال قوات أمنية إلى محافظة الأنبار وتسليح العشائر وإلغاء مطالبة النازحين بالكفيل للدخول إلى العاصمة بغداد".
&
إصرار على قرار الكفيل
لكن عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان بشرى العبيدي قالت، أمس الاثنين، إن وزارتي الداخلية والدفاع تُصران على تطبيق قرار الكفيل لإدخال النازحين من الأنبار إلى محافظتي بابل بغداد.
ورأت العبيدي أن "قرار الكفيل يعتبر خرقاً للدستور، والقوات الأمنية ترفض إلغاءه وتصر على تطبيقه في محافظتي بابل وبغداد".
&
ونزح الآلاف من سكان الرمادي، مركز محافظة الأنبار، بعد سيطرة تنظيم (داعش) على جزيرة البوغانم شمالي الرمادي، (110 كم غرب بغداد)، وانسحاب القوات الأمنية المفاجئ خلق ثغرة استغلها التنظيم، الذي أعدم تسعة مدنيين بينهم أربعة من عناصر الشرطة رمياً بالرصاص، وفق ما ذكره قائمّقام قضاء الرمادي دلف الكبيسي الأربعاء الماضي.
&
تخوف من تسلل داعش
وفرّ هؤلاء النازحون الى محافظتي بغداد وبابل المجاورتين، لكن القوات الأمنية على أبوابهما طالبت من يروم دخولهما من النازحين وجود كفيل لديه من سكانهما تجنباً لتسلل مقاتلي داعش بينهم. وقد ألغى البرلمان العراقي هذا النظام فسمح بدخول في الأيام الأولى نحو عشرين ألف نازح الى العاصمة بغداد. وأصر مجلس محافظة بابل على المطالبة بنظام الكفيل، حيث قررت اللجنة الامنية العليا في محافظة بابل، يوم الاحد، منع دخول نازحي الأنبار من الرجال بسن 18 عاماً حتى الـ50، حفاظاً على الوضع الأمني، وفيما اكدت الالتزام بنظام الكفيل للدخول إلى المحافظة، دعت من منعتهم من الدخول الى التطوع للقتال من أجل استعادة مناطقهم من سيطرة تنظيم داعش.
&
رئيس اللجنة الامنية في محافظة بابل صادق مدلول السلطاني قال في مؤتمر صحافي إن المحافظة قررت لاسباب أمنية ونزولاً عند طلبات أهالي بابل عدم دخول الرجال والشباب من نازحي الانبار ومن عمر 18 سنة ولغاية 50 سنة"، داعياً اياهم الى " التوجه لحماية محافظتهم من خلال التطوع الى جانب القوات المسلحة".
&
وأضاف السلطاني أن "هناك شباباً يقاتلون الآن مع الحشد الشعبي والقوات المسلحة وعلى شباب الأنبار ايضًا القتال ضد داعش والارهاب الذي يهدد محافظتهم"، مبيناً أن " ادارة المحافظة أبلغت جميع نقاط التفتيش بالمحافظة بقرارها الخاص بنازحي الانبار".
&
متطوعون عراقيون
العوائل التي تمكنت من دخول بغداد وجدت متطوعين من الوقفين السني والشيعي في استقبالهم في المساجد والحسينيات لاسكانهم وإطعامهم. وبادر متطوعون عراقيون من بغداد ومن محافظات جنوبية الى فتح مضافات قرب حواجز الامن خارج بغداد لمساعدة النازحين.
الساسة العراقيون انقسموا كعادتهم في تصريحات نارية بين مطالب بضرورة السماح لجميع النازحين بدخول العاصمة بغداد ومطالب بتوخي الدقة في هويات من يدخل العاصمة خاصة من الشباب أو الدعوة لتجنيدهم مع القوات العراقية والحشد الشعبي لتحرير مناطقهم من قبضة داعش.
&
فعضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار فارس طه الفارس رأى أن الإجراءات الخاصة بشرط الكفيل لا تزال تقف عائقًا أمام كل التسهيلات التي يمكن أن نقدمها للنازحين؛ إذ إننا نواجه منذ يومين إشكاليات كثيرة رغم تصويت البرلمان بإلغاء شرط الكفيل أمام العوائل النازحة مع التدقيق بالهويات الخاصة بالشباب». وأضاف الفارس أن «الحجج التي تقول إن السبب في ذلك هو إمكانية دخول إرهابيين مع النازحين لا تستقيم مع واقع حال ما يجري؛ إذ إن التفجيرات تحصل في بغداد منذ أيام، ومن يفعل ذلك لا يحتاج إلى إذن للدخول.
&
حصان طروادة
لكن القيادي في ائتلاف دولة القانون، مستشار الأمن القومي السابق موفق الربيعي، شبّه نازحي محافظة الانبار من الشباب بـ "حصان طروادة" أحد أساطير حرب طروادة، وهو حصان ضخم جدًا مصنوع من الخشب الذي أدخله الطرواديون مدينتهم المحاصرة&على أنه هدية نهاية الحرب، وكان يختبئ داخله مقاتلون احتلوا المدينة ليلاً.
&
وطالب الربيعي في تصريح &الحكومة تدقيق أسمائهم وبصمات الأصابع، وأن يكفلهم اشخاص قاتلوا عصابات داعش الارهابية، ومازالوا يفعلون ذلك".
وبيّن الربيعي أن "دخول العوائل النازحة من الأطفال والنساء وكبار السن مصرح به، ويدخل ضمن الرأفة والرحمة التي اوقعها الله في قلوب المؤمنين، لكن دخول الشباب مع العوائل يعد أرباكاً أمنياً لأمن بغداد والمحافظات الأخرى؛ ﻷن هؤلاء الشباب عليهم واجب الجهاد وهو فرض على كل من يستطيع حمل السلاح" .
&
وعدّ "دخول الشباب من النازحين إلى بغداد، كدخول حصان طروادة حاملاً معه المندسين والمتعاملين والمتعاونين مع عصابات داعش الارهابية".
عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد سعد المطلبي قال في تصريح صحافي لوسائل إعلام عراقية، إن "القوات الامنية وخلال الايام الماضية تمكنت من اعتقال العشرات من الارهابيين الصادرة بحقهم مذكرات اعتقال من القضاء العراقي ممن حاولوا الدخول الى العاصمة بصفة نازحين من محافظة الانبار".
&
من جانبه، أوضح رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي حاكم الزاملي "من خلال التوصيات التي خرج بها مجلس النواب، بعد الاجتماع الذي عقد بين أعضاء من لجنة الأمن والدفاع البرلمانية ونواب عن محافظة الأنبار، وضعنا توصية تنص على رفع مسألة الكفيل".
&
&وأضاف الزاملي أنه "إجرى اتصالاً بقائد عمليات بغداد لرفع شرط الكفيل أمام دخول العوائل النازحة من الأنبار إلى بغداد باستثناء الشباب الذين سيخضعون إلى التدقيق بهوياتهم ومستمسكاتهم الشخصية». وأشار إلى "وجود مخاوف من استغلال عناصر (داعش) لدخول النازحين إلى بغداد عبر الاندساس مع النازحين".
&
قوات الحشد الشعبي حمّلت بعض عشائر الأنبار جانباً مما يجري في المحافظة، حيث قال قيادي في الحشد لـ"إيلاف"، إن كتائب حزب الله شنت الاسبوع الماضي هجوماً مباغتاً ضد مقاتلي داعش قرب الرمادي، لكنّ مسلحين من العشائر تصدوا لهم وقتلوا ستة وجرحوا العشرات، مما تسبب بانسحاب قوات الحشد الشعبي التي كانت تروم دخول المحافظة مع الجيش العراقي لتحريرها أسوة بمحافظة صلاح الدين.
&
تدخل الأمم المتحدة
الامم المتحدة تدخلت لمساعدة النازحين بعد تواتر مشاهد تجمعهم قرب حواجز العاصمة بغداد، حيث قالت منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في العراق ليز غراندي إن "رؤية هؤلاء الناس يحملون ما تيسر ويفرون نحو بر الأمان يفطر القلب". وأضافت: "أولويتنا هي تسليم مساعدة منقذة للحياة إلى الناس الفارين، الغذاء والمياه يتصدران قائمة أولوياتنا".وبحسب البيان، وزع برنامج الأغذية العالمي حصصًا غذائية لنحو 41 ألفاً و500 شخص في الرمادي، وثمانية آلاف و750 شخصًا نزحوا إلى بغداد. كما وزعت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين مساعدات إغاثية لنحو ألف عائلة في عامرية الفلوجة، وتنوي توزيع ألفي حصة خلال الأيام المقبلة.
لكن استعادة الجيش العراقي للمبادرة في محافظة الأنبار وتحريره مناطق من قبضة داعش ساهمت في عودة أعداد من الاسر النازحة لمنازلها.
&
فقد تمكن مقاتلو الفرقة الذهبية وعدد من ابناء العشائر، من الوصول الى وسط منطقة الصوفية شرق الرمادي، الذي احتله تنظيم داعش الاسبوع الماضي، وأكدوا شهود عيان سيطرة الفرقة الذهبية على مستشفى الولادة قرب حي الحوز.
يذكر أن تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) يحتل مناطق واسعة من محافظة الأنبار (أكبر محافظات العراقي) منذ حزيران 2014 مع محافظات نينوى وصلاح الدين وديالى، وقد استعاد الجيش العراقي ومقاتلو الحشد الشعبي محافظتي ديالى وصلاح الدين من داعش، ويحاصر الانبار ونينوى لاستعادتهما.
&