نصر المجالي: نشطت الدبلوماسية الروسية في الأوان الأخير في شكل لافت، مع محاولات واضحة لفرض بعض المواقف كشروط للوصول إلى حلول سياسية للأزمات الإقليمية وفي مقدمها الأزمة السورية التي دخلت عامها الخامس.

تمثلت قمة التحركات الدبلوماسية التي شهدتها موسكو بزيارة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ثم زيارتي وزيري الخارجية السوري وليد المعلم والإيراني محمد جواد ظريف، ثم مشاركة وزير الخارجية الروسي في الاجتماع الثلاثي في الدوحة بمشاركة من وزيري الخارجية الأميركي ووزير الخارجية السعودي، والمحادثات التي أجراها مساعد وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، ثم استقبال موسكو عددا من أركان المعارضة السورية.

&الملاحظ أنه في كل هذا النشاط الدبلوماسي الروسي، لم تحاول موسكو تقديم أية تنازلات في شأن الانتقال السلمي في سوريا، وهي ظلت تصر على أن على السوريين حل مشاكلهم بعيداً عن التدخلات الخارجية، وأن مصير الرئيس السوري بشّار الأسد أمر يقرره السوريون أنفسهم.

كان الموقف الروسي من حلول أزمات الإقليم، موضع سؤال استفتاء "إيلاف" في الأسبوع الماضي، وكان نص السؤال: هل تعتقد بصفاء نية روسيا في تحركها لحل أزمات الإقليم وخاصة سوريا؟

وحيث شارك في الاستطلاع 2330 من القراء والمتابعين عبر العالم، فإن ما نسبته 71% (1644 مشاركاً) عبروا عن اعتقادهم بـ (لا) لصفاء نية روسيا في تحركها الدبلوماسي خاصة في شأن الأزمة السورية، بينما وافق بـ (نعم) على صفاء هذه النية ما نسبته 29% (686 مشاركاً) في الاستفتاء.

&يشار إلى أن روسيا ساهمت إلى حد كبير في السابق بتقديم دعم سياسي ودبلوماسي وعسكري للنظام السوري سواء من خلال استخدام حق النقض لإحباط العديد من مشاريع القرارات الدولية التي تدين ممارسات ذلك النظام ضد شعبه، أو بإرسال شحنات عسكرية بما فيها الطائرات المقاتلة لتدعيم قدراته.

على أنه رغم كل ذلك، فإن مصادر سياسية تشير من جانب آخر إلى أن موسكو التي لها مصالح في الإقليم تتجاوز بقاء بشّار الأسد في كرسي السلطة بكثير، محتمل أن تبادر إلى الضغط عليه لقبول شروط الذهاب إلى جنيف 3 استنادا لمبادئ (جنيف 1) الذي انعقد في تموز (يونيو) 2012& لتمهيد الطريق لانتقال سلمي يفضي إلى مشاركة جميع الأطراف السورية في حكومة تكون ديمقراطية وتعددية بحق، وتتيح حيزًا للجهات الفاعلة السياسية القائمة وتلك التي نشأت منذ عهد قريب لتتنافس بصورة نزيهة ومتساوية في الانتخابات.

وهذا يعني هذا أيضا أن الالتزام بديمقراطية متعددة الأحزاب يجب أن يكون التزامًا دائمًا يتجاوز مرحلة جولة أولى من الانتخابات. كما تمتثل هذه الحكومة للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، واستقلال القضاء، ومساءلة الحاكمين، وسيادة القانون. وليس كافيا أن يقتصر الأمر على مجرد صياغة التزام من هذا القبيل. فمن اللازم إتاحة آليات للشعب لكفالة وفاء الحاكمين بتلك الالتزامات.

وفي الأخير، فإنه يتعين على هذه الحكومة أن تتيح فرصًا وحظوظًا متساوية للجميع. فلا مجال للطائفية أو التمييز على أساس عرقي أو ديني أو لغوي أو غير ذلك. ويجب أن تتأكد الطوائف الأقل عددًا بأن حقوقها ستحترم.
&