يواجه العلماء معضلة بعد إكتشاف الماء السائل على سطح المريخ. فالمركبة كيريوسيتي الموجودة حاليًا على الكوكب الاحمر لا يمكنها دراسة الخطوط التي خلفها تدفق الماء لانها قد تكون ملوثة وتحمل ميكروبات من الأرض.

إعداد ميسون أبو الحب: يحتفل العلماء في كل مكان باكتشاف الماء على سطح المريخ، لكن هذا الانجاز لا يمنعهم من التساؤل والقلق بشأن الطريقة التي سيعتمدونها للبحث عن الحياة على الكوكب الأحمر.

ويبدو أن السبب الأول في قلقهم هذا هو الخوف من تلويث المريخ بميكروبات أرضية.

يتلهفون لمعرفة المزيد

من الطبيعي أن يكون الباحثون في وكالة ناسا متلهفين للاقتراب من المنطقة التي عثر فيها على الماء وإلقاء نظرة أقرب وتفحص الخطوط الداكنة التي خلفها تدفق ماء سائل على سفوح الحفر والفوهات خلال أشهر الصيف.

ويمكن في هذه الحالة استخدام مركبة "كيريوسيتي" الموجودة حاليًا على سطح المريخ ولكنهم انتبهوا قبل فوات الآوان إلى أنّ هذه المركبة لم تخضع لعملية تعقيم كاملة قبل إرسالها إلى الفضاء ومن المحتمل بالتالي أن تؤدي إلى تلوث هذه المناطق الرطبة على المريخ بميكروبات ارضية ربما تحملت الرحلة إلى هناك وما تزال حية.

طبعا المركبة كيريوسيتي ظلت تتجول في المنطقة المحيطة بحفرة خلفها نيزك على سطح الكوكب وتحمل اسم غيل بحثا عن ادلة على ان المريخ كان ملائما للحياة في الماضي البعيد. وحتى الان لم تكتشف المركبة غير ادلة على وجود شبكة من الانهر وبحيرات ضخمة سابقة.

مناطق خاصة

ومع ذلك آثار التدفق التي اسماها العلماء "خطوط منحدرة متكررة" أو RSL مسألة أخرى، فلكونها مبللة ورطبة ولو لفترة معينة ستعتبر مناطق خاصة لا يمكن ان تقترب منها غير عربات او اجهزة معقمة تماما.

ولكن شرط التعقيم هذا سيحد من قدرة العلماء على التحرك والبحث عن حياة على المريخ.

الضغط كبير

اندرو كوتس من مختبرات مولارد لعلوم الفضاء ومقرها لندن توقع نقاشات حامية في الاسابيع والاشهر المقبلة بين العلماء المعنيين بشأن ما يجب ان تفعله كيريوسيتي وهل سيسمح لها بالاقتراب من مناطق التدفق والخطوط الداكنة.

وقال كوتس "هذه فرصة لكيريوسيتي مثلا للاقتراب والقاء نظرة عن قرب على هذه المنطقة دون الدخول اليها فعلا وأخذ بعض القياسات والتقاط صور بالكاميرات المتطورة التي تحملها ومحاولة معرفة التركيبة الكيميائية للتربة هناك. ادرك تماما ان العلماء يضغطون الان في هذا الاتجاه لان الاكتشاف حديث ومهم" بحسب صحيفة الغارديان.

حماية بيئة الكواكب الاخرى

يشار إلى أنّ هناك منظمة اسمها لجنة الابحاث الفضائية ومختصرها كوسبار وهي مسؤولة عن وضع قواعد ما يدعى بحماية الكواكب ومنع تلويث العوالم الاخرى بميكروبات ارضية.

ومن ضمن القواعد ان تكون المركبات التي تهبط على كواكب اخرى في غاية النظافة ولكن العربات التي تدخل مناطق "خاصة جدا" مثل المكان الذي اكتشفت فيه مياه يجب ان تكون اكثر نظافة.

ونظافة كيريوسيتي من الفئة الاولى ولذا لن يسمح لها بالدخول في تلك المناطق الخاصة وفقا لقواعد اللجنة. ومع ذلك، قد يخضع هذا للنقاش.

ويعتقد العالم جيم غرين من وكالة ناسا ان كثافة الاشعة في أجواء المريخ لا سيما ما فوق البنفسجية ربما قتلت جميع الميكروبات التي ربما تسللت إلى الكوكب مع كيريوسيتي وبالتالي فهي نظيفة للغاية وبامكانها الوصول إلى الموقع المقصود.

ولكن ماذا عن الغبار؟

ولكن تقريرا حديثا صدر عن الاكاديمية الاميركية الوطنية للعلوم والمؤسسة الاوربية للعلوم نبه إلى أنّ الاشعة فوق البنفسجية قد لا تقضي على كل الجراثيم بل قد تجعل الوضع اكثر سوءا.

وجاء في التقرير "الاشعة فوق البنفسجية المنتشرة في الغلاف الجوي للمريخ قد تقضي على كل الميكروبات والجراثيم المحمولة جوا ولكن عامل انتشار الغبار قد يقلل من فعالية هذه الاشعة ويزيد من قدرة الميكروبات والجراثيم على البقاء".

مع ذلك يعتقد علماء أنه في إمكان عربة كيريوسيتي تفحص مناطق تواجد الماء في المريخ عن بعد باستخدام أشعة الليزر المزودة بها لقياس أبعاد الخطوط الداكنة. ولكن الاهم هو أن تصل كيريوسيتي إلى منطقة منبسطة في المكان الذي ينتهي فيه أحد الخطوط الداكنة وأخذ عينة من التربة هناك لفحصها.

مركبة أخرى في 2018

في هذه الاثناء، تهيئ وكالتا الفضاء الاوربية والروسية لإرسال عربة مشتركة إلى المريخ تحمل اسم ايكسومارس. ومن المفترض ان يتم الاطلاق في عام 2018. وستكون مهمة هذه العربة حفر ارض الكوكب الاحمر على عمق مترين للبحث عن حياة حالية او سابقة.

وقال كوتس "بالنسبة لايكسومارس 2018 سيتم ايلاء اهتمام كبير بمسألة الحماية والنظافة والتعقيم كي تقوم المركبة بعملها على اكمل وجه في المناطق المهمة وذات الاهمية الخاصة".